الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الاجارة

اشارة

نام کتاب: الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی- کتاب الإجارة

موضوع: فقه استدلالی

نویسنده: قمّی، سید تقی طباطبایی

تاریخ وفات مؤلف: ه ق

زبان: عربی

قطع: وزیری

تعداد جلد: 1

ناشر: انتشارات محلاتی

تاریخ نشر: 1423 ه ق

نوبت چاپ: اول

مکان چاپ: قم- ایران

[تعریف الإجارة]

کتاب الاجارة و هی تملیک عمل أو منفعة بعوض، و یمکن أن یقال: إنّ حقیقتها التسلیط علی عین للانتفاع بها بعوض، و فیه فصول: (1)

______________________________

(1) لا یخفی أنّ الاجارة بما لها من المفهوم أمر جار و متداول عند جمیع العقلاء فی أنحاء العالم و یتصدی لها کل واحد من الآحاد و مع ذلک وقع الکلام فی تحقیق مفادها و أفاد الماتن أولا أنّها تملیک عمل أو منفعة بعوض و الظاهر انّ ما أفاده تامّ فانّ المرجع فی باب تشخیص المفاهیم العرف و هو یفهم من لفظ الاجارة هذا المعنی.

و بعبارة واضحة: إنّ العرف کما یفهم من لفظ البیع بماله من المفهوم تملیک العین بعوض کذلک یفهم من لفظ الاجارة تملیک عمل أو منفعة بعوض و قد ذکرت فی مقام الاعتراض علی التعریف المذکور ایرادات:

الایراد الأول: أنّ الاجارة تقع علی العین کقوله «اجرتک الدار بکذا» و لا تقع علی المنفعة.

و الجواب أنّ اجارة العین بعوض عبارة اخری عن تملیک منفعة العین بالعوض و لذا نقول: لا مانع من إنشاء الاجارة بقوله ملکتک منفعة هذه الدار بکذا الّا أن یقال إنّه لا بد فی إنشاء الاجارة من إنشائها بهذه المادة.

و بعبارة واضحة: انّه لا اشکال بحسب الفهم العرفی أن الاجارة تملیک المنفعة بالعوض غایة الأمر یشترط فی إنشائها هذه المادة و الأمر سهل و لا دلیل علی الاشتراط المذکور.

الایراد الثانی: أنّ المنفعة کسکنی الدار مثلا عرض قائم بالمستأجر و لا یرتبط

الغایة

القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 6

______________________________

بمالک العین فکیف یملکه.

و الجواب: عن الایراد المذکور أولا أنّ تشخیص المفاهیم بید العرف و قلنا: انّ المتفاهم العرفی من الاجارة کذلک و لا دخل للفلسفة فی باب المفاهیم.

و ثانیا: أنّ سکنی الدار لها جهتان و حیثیتان الحیثیة المسکونیة و الحیثیة الساکنیة و التی ترتبط بالمستأجر الجهة الثانیة و أمّا الجهة الاولی فهی مملوکة لمالک العین.

و بعبارة اخری راجعة الی الموجر و لو لم تکن العین مملوکة له کما لو استأجر دارا ثم أجرها من آخر و الذی یوضح المدعی أنّ الغاصب لو غصب عینا کما لو غصب دابة زید و رکبها یکون ضامنا للعین و یکون ضامنا للمنفعة المستوفاة و هل یمکن أن یتصور الضمان بالنسبة الی عمل نفسه.

و ثالثا: أنّه یمکن تحقق الاجارة فی الخارج مع عدم تحقق عنوان الساکنیة کما لو استأجر دارا و لم یسکن فیها.

و رابعا: أنّ الساکنیة مترتبة علی الاجارة و معلولة لها و لا یعقل أن یکون المعلول مقوما للعلة.

الایراد الثالث: أنّه لا یتصور تملیک المنفعة فی بعض موارد الاجارة کما لو استأجر المتولی للوقف مکانا لحفظ ما یتعلق بالوقف کما لو استأجر مکانا لحفظ ما یتعلق بالمسجد ففی مثله لا تکون المنفعة مملوکة لمالک فلا یکون التعریف المذکور جامعا.

و ربما یقال فی مقام الجواب: إنّ المالک فی أمثال المقام هو المتولی بوصف کونه متولیا.

و لکن الظاهر أنّه لا ضرورة فی دفع الاشکال من التوسل الی الجواب المشار

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 7

______________________________

الیه اذ یمکن أن یقال: إنّ المالک فی أمثال المقام العین الموقوفة کالمسجد فی المثال و الأعیان الاخر فی بقیة

الموارد فان الملکیة أمر اعتباری خفیف المئونة و لا نری مانعا من الالتزام بکون المالک العین الموقوفة فلا اشکال فی التعریف.

و قال الماتن فی ذیل کلامه: «و یمکن أن یقال: إنّ حقیقتها التسلیط علی عین للانتفاع بها بعوض».

و یرد علیه اولا: أنّه ما المراد من التسلیط فان کان المراد منه التسلیط الاعتباری فلا یکون مفاد الاجارة کذلک و ان کان المراد التسلیط الخارجی فمن الظاهر أنّه من آثار الاجارة لأنفسها.

و ثانیا: أنّه لا اشکال فی أنّ الاجارة توجب کون الاجرة للموجر و کون المنفعة للمستأجر و الحال أنّ الظاهر من العبارة المذکورة أنّها مجرد حق الانتفاع بالعوض فما دام لم ینتفع المستأجر لا یکون الموجر مالکا لشی ء کما أنّ المستأجر ما دام لم ینتفع لا یکون مالکا و بعد الانتفاع لا موضوع للمالکیة و المملوکیة.

بقی شی ء و هو: أنّ المراد من لفظ الاجارة فی کلام الماتن خصوص فعل الموجر و هو الموجب أو المراد منه عقد الاجارة القائم بالطرفین أی الموجب و القابل.

أفاد سیدنا الاستاد قدّس سرّه بأنّ الظاهر من الکلام أنّ المراد خصوص فعل الموجب.

و یرد علیه: أنّ الماتن یصرح فی الفصل الآتی بأنّ من أرکانها الایجاب و القبول فیعلم أنّ المراد فی المقام عقد الاجارة المرکب من الایجاب و القبول.

و الحق أن یقال: إنّ المراد بالاجارة تارة هو العقد المرکب و اخری یکون المراد منها فعل الموجر فی مقابل البیع الذی یکون فعل البائع فان کان المراد المعنی الأوّل فمن الظاهر أنّ من أرکانها الایجاب و القبول و ان کان المراد المعنی الثانی یکون مختصا بالموجر و لا دخل للقبول فیه.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 8

[فصل فی أرکان الإجارة]

اشارة

فصل

فی أرکانها: و هی ثلاثة الأول الایجاب و القبول، و یکفی فیهما کلّ لفظ دال علی المعنی المذکور و الصریح منه آجرتک أو أکریتک الدار مثلا فیقول: قبلت أو استأجرت أو استکریت و یجری فیها المعاطاة کسائر العقود و یجوز أن یکون الایجاب بالقول و القبول بالفعل و لا یصح أن یقول فی الایجاب بعتک الدار مثلا و إن قصد الاجارة نعم لو قال بعتک منفعة الدار أو سکنی الدار مثلا بکذا لا یبعد صحته اذا قصد الاجارة.

الثانی: المتعاقدان و یشترط فیهما البلوغ و العقل و الاختیار و عدم الحجر لفلس أو سفه أو رقیّة.

الثالث: العوضان و یشترط فیهما امور: الأول المعلومیّة و هی فی کل شی ء بحسبه بحیث لا یکون هناک غرر فلو آجره دارا أو حمارا من غیر مشاهدة و لا وصف رافع للجهالة بطل و کذا لو جعل العوض شیئا مجهولا.

الثانی: أن یکونا مقدوری التسلیم فلا تصح اجارة العبد الآبق و فی کفایة ضمّ الضمیمة هنا کما فی البیع اشکال.

الثالث: أن یکونا مملوکین فلا تصح اجارة مال الغیر و لا الاجارة بمال الغیر الّا مع الاجازة من المالک.

الرابع: أن تکون العین المستأجرة ممّا یمکن الانتفاع بها مع بقائها فلا تصح اجارة الخبز للأکل مثلا و لا الحطب للإشعال و هکذا.

الخامس: أن تکون المنفعة مباحة فلا تصح اجارة المساکن لإحراز المحرمات أو الدکاکین لبیعها أو الدوابّ لحملها أو الجاریة للغناء أو العبد لکتابة الکفر و نحو ذلک و تحرم الاجرة علیها.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 9

السادس: أن تکون العین مما یمکن استیفاء المنفعة المقصودة بها فلا تصح اجارة أرض للزراعة اذا لم یمکن ایصال الماء إلیها مع

عدم امکان الزراعة بماء السماء أو عدم کفایته.

السابع: أن یتمکن المستأجر من الانتفاع بالعین المستأجرة فلا تصح اجارة الحائض لکنس المسجد مثلا (1).

قد تعرض الماتن فی المقام لجهات:

الجهة الاولی: أنّ من أرکان الاجارة الایجاب و القبول

______________________________

(1) و یتحقق ما ذکر بکل لفظ دالّ علیه صریحا کان أو ظاهرا.

و الأمر کما أفاده إذ العقد مرکب من الایجاب و القبول فهما من أرکانه و لا دلیل علی إنشائهما بلفظ مخصوص فیتحققا بکلّ لفظ.

الجهة الثانیة: أنّها تتحقّق بالمعاطاة.

و قد تقدم البحث عن المعاطاة فی کتاب البیع علی نحو التفصیل و لا فرق بین البیع و الاجارة و غیرهما من العقود و الایقاعات من هذه الجهة و ملخص الکلام أنّه یلزم فی العقود و الایقاعات الانشاء، و الانشاء کما یتحقق باللفظ کذلک یتحقق بالفعل الذی نسمیه بالمعاطاة فالمقتضی للصحة موجود.

و بعبارة واضحة: الاطلاقات الاولیة شاملة للمعاطاة انما الکلام فی المانع و الظاهر أنّه لا مانع فیتمّ الأمر فما أفاده فی المتن تام و یکفی للقول بصحة الاجارة المعاطاتیة و الالتزام بها أنّ السیرة جاریة علیها بین أهل الشرع بل بین جمیع العقلاء فی أنحاء العالم فی کل زمان و مکان فلا مجال للإشکال فیها و بعد البناء علی صحة المعاطاة لا فرق من هذه الجهة بین کون الفعل من الطرفین أو یکون الانشاء من أحد الطرفین باللفظ و من الطرف الآخر بالفعل و هذا واضح ظاهر.

الجهة الثالثة: أنّه لا یصح إنشاء الاجارة بقوله «بعتک الدار»

و أمّا اذا أوجب بقوله «بعتک منفعة الدار» لا یبعد أن یکون صحیحا.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 10

______________________________

أقول: الظاهر أنّه لا وجه للتفصیل و المعیار الکلی أنه لو قلنا بجواز ایجاب کلّ عقد بالمادة الاخری کما فی المثال یجوز و الّا فلا بلا فرق بین المثالین.

و الذی یختلج بالبال فی هذه العجالة أنّه یجوز و لا وجه للمنع إذ کل عقد عبارة عن الاعتبار النفسانی و ابرازه و إنشائه بمبرز فعلا کان أو لفظا فاذا فرض ابراز ذلک الاعتبار بلفظ و لو مجازا و صار ذلک الابراز مصداقا لذلک العقد و لو ببرکة القرینة یکون مشمولا لدلیل صحة ذلک العقد.

نعم فی بعض الموارد قد دلّ الدلیل علی لزوم لفظ خاصّ و

صیغة مخصوصة کالطلاق مثلا فیجب مراعاته و الّا لا یتحقق المطلوب و أمّا اذا لم یقم دلیل علی اشتراط الخصوصیة یکون مقتضی القاعدة الأولیة الحکم بالجواز و الصحة.

ان قلت: دلیل الصحة منصرف عن الانشاء باللفظ المجازی، قلت: لا أری وجها للانصراف.

ان قلت: لا اشکال فی أنّ اطلاق دلیل الصحة قد قید بقیود فلا بدّ من الاحتیاط للعلم الإجمالی.

قلت بالمقدار الذی قام الدلیل علی التقیید نأخذ به و أمّا الزائد فمنفی بالأصل أی أصالة الاطلاق و لا علم اجمالی بالتعبّد.

إن قلت: لا بدّ فی الایجاب من الانشاء و الابراز فاذا کان إنشاء عقد بغیر مادة ذلک العقد مستنکرا عند العرف لا یصدق علی ذلک الانشاء عنوان ذلک العقد فلا یتم الأمر.

قلت: ما المراد من الاستنکار العرفی فان کان المراد به انکار أصل إنشاء ذلک العقد فهو خلاف الوجدان و إن کان المراد نفی الأثر عن العقد الذی یتحقق بهذه الصورة، فیرد علیه أنّه خلاف اطلاق الدلیل و قد تقدم منع انصراف الدلیل عنه

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 11

______________________________

نعم اذا قام اجماع تعبدی علی عدم الجواز نأخذ به کما أنه لو لم یصدق علیه الایجاب عرفا و عند العقلاء أو نشک فیه لا مجال للقول بالصحة أمّا مع احراز عدم الصدق فواضح و أمّا مع الشک لأصالة عدم الصدق و مع عدم الصدق الموضوعی لا مجال للأخذ باطلاق الدلیل بل یکفی الشک فی الصدق لعدم جواز الأخذ بالدلیل فی الشبهة المصداقیة.

الجهة الرابعة: أنّ المتعاقدین من أرکان الاجارة

اشارة

و هذا من الواضحات إذ المفروض أنّ الاجارة من العقود و من ناحیة اخری انّ قوام العقد بالمتعاقدین و الّا یلزم الخلف

و یشترط فیهما أمور.
الأول: البلوغ

و یکفی لإثبات المدعی ما رواه محمد بن مسلم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: عمد الصبی و خطاه واحد «1».

فانّ المستفاد من الحدیث أنّ عمد الصبی کخطائه فلا یترتب علی فعله أی أثر و هذا العرف ببابک فالنتیجة أنه یعتبر فی الموجب و القابل البلوغ.

الثانی: العقل

و اشتراطه من الواضحات فانّ من لا عقل له لا قصد له و یکون فعله فی نظر العقلاء لغوا فلا یترتب علیه أثر.

الثالث: الاختیار

فلا أثر لعقد المکره و الدلیل علیه حدیث رفع الاکراه فان مقتضاه ارتفاع الآثار عن العمل الاکراهی مضافا الی اشتراط الرضا فی المعاملات.

الرابع: عدم الحجر

و هو تارة یکون ناشیا من الرقیة و اخری من التفلیس و ثالثة من السفه أما الرقیة فالبحث حولها موکول الی مکان آخر و أمّا المفلس فتصرفه فی ماله ممنوع و أمّا تصرفه فی المال أو بعنوان الوکالة عن الغیر أو الولایة علیه فلا مقتضی فیه للفساد بل أمره نافذ کبقیة العقلاء.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 11 من أبواب العاقلة الحدیث: 2.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 12

______________________________

و أمّا السفیه فالممنوع شرعا دفع ماله الیه و أمّا فساد عقده فلا دلیل علیه و أمّا حدیث الخادم بیّاع اللؤلؤ عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: سأله أبی و أنا حاضر عن الیتیم متی یجوز أمره؟ قال: حتی یبلغ أشدّه قال و ما أشدّه؟ قال: احتلامه قال: قلت: قد یکون الغلام ابن ثمان عشرة سنة أو أقلّ أو أکثر و لم یحتلم قال: إذا بلغ و کتب علیه الشی ء جاز أمره الّا أن یکون سفیها أو ضعیفا «1» و إن کان تاما من حیث الدلالة علی المدعی و أمّا من حیث السند فغیر تام فلا یعتد به.

الجهة الخامسة: انّ العوضین من أرکان الاجارة

اشارة

و کونهما من أرکانها من الواضحات إذ قد عرفت بأنّها تملیک المنفعة بعوض فقوامها بالعوضین

و یشترط فیهما امور:
الأمر الأول: المعلومیة
اشارة

بحیث لا یکون غرر فی العقد و ما یمکن أن یذکر فی تقریب الاستدلال علیه وجوه:

الوجه الأول ما أرسله الصدوق:

نهی النبی عن الغرر «2» و المرسل لا اعتبار به.

الوجه الثانی: ما عن النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم

و قد نهی رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلم عن بیع المضطر و عن بیع الغرر «3».

و یرد علیه أولا أنّ هذه الروایة لا اعتبار بها سندا نعم لو قلنا بأنّ عمل المشهور بحدیث ضعیف یجبر یکون الحدیث المشار إلیه معتبرا لأنّ الظاهر أنّ المشهور عملوا به و لکن الکبری ممنوعة فانّ عمل المشهور بحدیث ضعیف لا یوجب اعتباره.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 2 من أبواب الحجر الحدیث 5.

(2) التذکرة: ج 1 ص 266.

(3) الوسائل الباب 40 من أبواب آداب التجارة الحدیث 3.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 13

______________________________

و ثانیا: أنّ الخبر وارد فی البیع و الکلام فی الاجارة و عهدة دعوی عدم الفرق بین المقامین علی مدعیها.

الوجه الثالث: الاجماع

و فیه أنّه محتمل المدرک ان لم یکن مقطوعا فلا اثر له.

الوجه الرابع: أنّ الاجارة الغرریة کالبیع الغرری خلاف ما جرت علیه السیرة العقلائیة.

و بعبارة اخری الاجارة السفهائیة غیر داخلة فی المتداول بین عقلاء العالم فالدلیل منصرف عنها.

و یرد علیه اولا أنّه یمکن أن یکون العقد فی مورد غرریا و مع ذلک یکون عقلائیا کما لو أجّر داره بشی ء مجهول من شخص یکون مورد حبّه و علاقته بحیث لا یهمه عدم التساوی بین الاجرة و العین و لو کان التفاوت فاحشا أو أفحش.

و ثانیا: أنّه لا وجه لانصراف الدلیل عن المورد فان الاطلاق رفض القیود فیکون الدلیل شاملا لجمیع الأفراد.

الوجه الخامس: ما رواه أبو الربیع الشامی

عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: سألته عن أرض یرید رجل أن یتقبّلها فأیّ وجوه القبالة أحل قال یتقبل الأرض من أربابها بشی ء معلوم الی سنین مسماة فیعمّر و یؤدی الخراج فان کان فیها علوج فلا یدخل العلوج فی قبالته فان ذلک لا یحلّ «1».

و هذه الروایة تارة نتکلّم فیها من حیث السند و اخری من حیث الدلالة أمّا من حیث السند فربما یستشکل فیها من جهة أبی الربیع الشامی فانّ الرجل بالعنوان الشامی لم یوثق و انما وثق أبو الربیع بلا توصیفه بالشامی فلا یمکن الاعتماد بالروایة لعدم ثبوت کون الراوی فی الخبر ذلک الموثق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب المزارعة الحدیث 5.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 14

______________________________

و لا مجال لأن یقال: إن المطلق ینصرف الی الفرد المشهور و المشهور فی الروایات بلا توصیف فان هذا البیان انما یجری فی مورد یکون الاسم لشخصین کما لو کان لفظ قاسم بن عروة اسما لرجلین أحدهما موثق دون الآخر و المشهور فی الروایات هو الموثق فاذا ذکر و تردد الأمر بینهما یحمل علی الموثق و أمّا مع تغایر اللفظ و تعدده کما

فی المقام فلا یصح التقریب المذکور إذ لا جامع بین الفردین کی یؤخذ بانصراف المطلق و بعبارة اخری: لا تماثل بین الموردین لکن الذی یهون الخطب ان الصدوق نقل الحدیث باسناده عن ابن جریر و ابن جریر قال سئل أبو عبد اللّه علیه السّلام و ذکر الحدیث، و من الممکن أن خالد بن جریر روی الحدیث تارة بلا واسطة و اخری معها و مع الاحتمال المذکور لا یبقی اشکال فی البین لکن یتوقف اعتبار الحدیث علی کون خالد بن جریر موثقا و الحال أنّ الرجل لم یوثق فالحدیث غیر تامّ سندا و مجرد کون شهادة بعض فی حقّه بأنّه صالح لا یقتضی وثاقته إذ دیدن الرجالی الشهادة بالوثاقة فی مورد کون الشخص ثقة.

و بعبارة اخری: أی وجه فی عدم توثیقه صریحا و تبدیل العنوان بکونه صالحا.

و بعبارة أوضح: یمکن أن یقال إنّ التعبیر بالصلاح لا یدل الّا علی کون الشخص ظاهر الصلاح، هذا من حیث السند و أمّا من حیث الدلالة فیرد فیها أن الحدیث وارد فی مورد خاص و لا وجه لإسراء الحکم الی بقیة الموارد مضافا الی أنّ المذکور فی الخبر اشتراط معلومیة الاجرة و معلومیة المدّة و أما نفس الرقبة فلم تذکر فی الحدیث اشتراط معلومیتها و الحال أنّه لا ریب فی اختلاف الحال و الرغبات باختلاف الرقبة و یضاف الی ذلک أنّ السائل یسأل عن الاقل أی الأفضل فلا یستفاد من الجواب التعین فلاحظ.

الوجه السادس: ما رواه حسین بن زید

عن جعفر بن محمد عن آبائه علیهم السّلام فی

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 15

______________________________

حدیث المناهی قال نهی رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم أن یستعمل أجیر حتّی یعلم

ما اجرته «1».

و تقریب الاستدلال ظاهر لکن السند مخدوش فان حسین بن زید لم یوثق.

الوجه السابع: ما رواه قاسم بن سلام

باسناد متصل الی النبی صلّی اللّه علیه و آله و سلّم أنّه نهی عن المنابذة و الملامسة و بیع الحصاة «2» و الحدیث ضعیف سندا.

الوجه الثامن: ما عن الدعائم

من قوله علیه السّلام و هو غرر «3» و السند لا یعتد به.

الوجه التاسع: ما رواه سلیمان بن جعفر الجعفری

قال: کنت مع الرضا علیه السّلام فی بعض الحاجة فاردت أن انصرف الی منزلی فقال لی: انطلق معی فبت عندی اللیلة فانطلقت معه فدخل الی داره مع المغیب فنظر الی غلمانه یعملون بالطین أواری الدواب و غیر ذلک و اذا معهم أسود لیس منهم فقال: ما هذا الرجل معکم؟ قالوا:

یعاوننا و نعطیه شیئا قال: قاطعتموه علی اجرته؟ فقالوا: لا هو یرضی منّا بما نعطیه فأقبل علیهم یضربهم بالسوط و غضب غضبا شدیدا فقلت جعلت فداک لم تدخل علی نفسک فقال: إنّی قد نهیتهم عن مثل هذا غیر مرة أن یعمل معهم أجیر حتی یقاطعوه أجرته، و اعلم أنّه ما من أحد یعمل لک شیئا بغیر مقاطعة ثم زدته لذلک الشی ء ثلاثة أضعافه علی اجرته الّا ظن أنّه قد نقصته اجرته فإذا قاطعته ثمّ أعطیته أجرته حمدک علی الوفاء فان زدته حبة عرف ذلک و یری أنک قد زدته «4».

بتقریب: أنّ المستفاد من الحدیث أنّه لا یجوز استیجار أجیر الّا مع تعین اجرته.

و فیه أنّه لا یستفاد من الحدیث الحکم الشرعی الساری فی جمیع الموارد و انما

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الاجارة الحدیث 3.

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب عقد البیع و شروطه الحدیث 13.

(3) مستدرک الوسائل الباب 7 من أبواب عقد البیع و شروطه الحدیث 1.

(4) تهذیب ج 7 ص 212 الحدیث 14.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 16

______________________________

المستفاد من أنّه علیه السّلام أمر غلمانه و بعبارة واضحة: أنّه نهی علیه السّلام عن المعاونة و أمرهم بالاجارة.

الأمر الثانی: أن یکونا مقدوری التسلیم

و استدل سیدنا الاستاد علی المدعی بأنّه مع عدم القدرة لا یعتبر المنافع مملوکة لمالک العین و ذکر فی وجه مدعاه ما

لا یرجع الی محصل.

و یرد علیه أنّه لا اشکال فی أنّ مالک العین مالک للمنفعة و الدلیل علیه أنّ الغاصب للعین ضامن للمنافع و مع عدم کونها مملوکة لمالک العین کیف یتصور الضمان.

و صفوة القول: أنّ ما صدر عنه بمرتبة من الغرابة لا یکون صدوره منه مناسبا مع مقامه و لکن الذی یهون الخطب أنّ العصمة خاصة بأهلها.

و أمّا الاستدلال علی المدعی بحدیث النهی عن الغرر فقد تقدم الجواب عنه فلا وجه للإعادة.

ثم إنّه لو قلنا باشتراط القدرة فهل یکفی الضمیمة فی الحکم فی الصحة کما هو کذلک فی البیع أم لا؟

الحق هو الثانی لاختصاص دلیل الجواز بالبیع لاحظ ما رواه سماعة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فی الرجل یشتری العبد و هو آبق عن أهله قال: لا یصلح الّا أن یشتری معه شیئا آخر و یقول أشتری منک هذا الشی ء و عبدک بکذا و کذا فان لم یقدر علی العبد کان الذی نقده فیما اشتری منه «1».

إن قلت: یستفاد من التعلیل الواقع فی الحدیث أی قوله علیه السّلام «فان لم یقدر علی العبد کان الذی نقده فیما اشتری منه» الاشتراط فی المقام.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب عقد البیع و شروطه الحدیث 2.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 17

______________________________

قلت: لیس هذه الجملة تعلیلا کی یوجب عموم الحکم بل هی تفریع و العرف ببابک.

الأمر الثالث: أن یکونا مملوکین

و اشتراط الشرط المذکور من الواضحات فانّ ما لا یکون مملوکا للشخص کیف یمکنه أن یملکه من غیره و هذا من الضروریات الفقهیة بل من البدیهیات العقلائیة و یکون قوام النظام علیه و بدونه یختل النظام و یتحقق الهرج و المرج نعم لو تصرف أحد

فی مملوک غیره کما لو استأجر دار زید یکون العقد فضولیا و یکون قابلا للصحة باجازة من یکون بیده الأمر و قد تعرضنا فی بعض المباحث لما کان عندنا و قلنا: ان الفضولی لا یمکن اتمامه بتقریب أنّ الاجازة توجب صحة اسناد ما صدر عن الفضولی الی المالک! و لکن یمکن اتمامه بالنصّ الخاص و هو حدیث زرارة الوارد فی نکاح العبد بلا اذن مولاه و حیث إنّ الامام روحی فداه فی مقام الجواب قال «فانّه لم یعص اللّه و انما عصی سیده فاذا أجاز جاز» یفهم من التعلیل أنّ المیزان فی اتمام الصحة بالاجازة عبارة عن عدم عصیان اللّه.

و بعبارة أوضح: نفهم من التعلیل المذکور أنّ کل عقد أو ایقاع اذا کان فاقدا لشرط من الشروط التی ترجع الی اللّه سبحانه لا یمکن اتمامه و أمّا اذا کان فاقدا لشرط راجع الی الخلق یمکن اتمامه باجازة من بیده الأمر.

الأمر الرابع: أن تکون العین المستأجرة ممّا یمکن الانتفاع بها مع بقائها

فلا یجوز اجارة الخبز للأکل و الماء للشرب و هکذا و الوجه فیه.

ان حقیقة الاجارة عبارة عن تملیک منفعة العین فأشرب فی مفهومها الانتفاع بما تعلقت بها مع التحفظ علیها و علیه یکون الانتفاع باعدامها بالأکل أو الشرب و نحوها یضاد مفهومها فرعایة الشرط المذکور أوضح من أن یخفی.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 18

الأمر الخامس: أن تکون المنفعة محللة
اشارة

______________________________

و أمّا اذا کانت محرمة فالاجارة فاسدة و تحرم الاجرة و ما یمکن أن یذکر فی تقریب المدعی وجوه:

الوجه الأول: ما أفاده سیدنا الاستاد قدّس سرّه

علی ما فی تقریره الشریف و هو أنّ المنفعة اذا کانت محرمة لا یجوز للموجر تسلیمها للمستأجر و مع عدم جواز التسلیم کیف یجب الوفاء فوجوب الوفاء مع حرمة التسلیم متضادان فالأدلة لا تشمل محل الکلام.

و یرد علیه اولا أنّ ما أفاده علی فرض تمامیته انّما یتم فی اجارة الانسان نفسه لعمل محرم کما لو أجر نفسه لشرب الخمر أو للکذب و أمثالهما و أمّا لو آجر دابته لأن یحمل علیها الخمر فلا یتم ما ذکره اذ التسلیم من قبل الموجر لا یکون حراما و انما الحرام فعل المستأجر فلا یکون وجوب الوفاء منافیا مع حرمة العمل الصادر عن المستأجر.

و ثانیا انّ التقریب المذکور لا أساس له من أصله و الوجه فیه أنّ دلیل وجوب الوفاء بالعقد ارشاد الی لزومه و لا یکون دلیلا علی الحکم التکلیفی و لا تنافی بین لزوم العقد و عدم جواز تسلیم مورده غایة الأمر یکون للطرف المقابل خیار الفسخ فلو استأجره لفعل محرم و لم یقم الأجیر بادائه یکون للمستأجر خیار الفسخ فهذا الوجه غیر تامّ.

الوجه الثانی: انّ الممنوع شرعا کالممتنع عقلا

هذا من ناحیة و من ناحیة اخری انّه قد مرّ اشتراط الاجارة بامکان التسلیم و القدرة علیه.

و یرد علیه اولا: أنّ هذا الوجه علی فرض تمامیته انما یتم بالنسبة الی اجارة الانسان نفسه للفعل الحرام و أمّا فی غیره فلا یتم البیان المذکور فالدلیل أخصّ من المدعی.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 19

______________________________

و ثانیا: أنّه قد مرّ عدم دلیل علی الاشتراط المذکور فلا یتم الأمر.

و ثالثا: أنّه لا دلیل علی أنّ غیر المقدور الشرعی کغیر المقدور العقلی و هذه الدعوی خالیة عن البرهان فهذا الوجه کسابقه فی عدم

صلاحیته لکونه مدرکا للحکم.

الوجه الثالث: أنّ المنفعة المحرمة لا حرمة لها عند الشرع الأقدس

و لذا انّ الزانیة لا مهر لها و قس علیه بقیة المحرمات و ان شئت قلت: لا یکون الشخص بنفسه مالکا للعمل المحرم فکیف یملکه من غیره فنعم ما أفاد بعض الاساطین فی هذا المقام من أنّ اشتراط المملوکیة یغنی عن الاشتراط المذکور.

اضف الی ذلک استنکار اهل الشرع صحة المعاملة المذکورة و انّها خلاف ارتکازهم و هذا بنفسه أدل دلیل علی عدم الجواز و الصحة و یؤید المدعی ما رواه صابر أو جابر قال: سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن الرجل یؤاجر بیته فیباع فیه الخمر قال حرام أجره «1».

الأمر السادس: أن تکون العین ممّا یمکن الانتفاع بها

فلا یجوز اجارة الأرض للزراعة اذا لم یمکن ایصال الماء الیها.

و الوجه فیه أنّ مثل هذه المنفعة لا تکون مملوکة للموجر فکیف یملکها من غیره.

و بعبارة واضحة: الأمر الذی لا یمکن تحققه فی الخارج لا یکون قابلا لاعتبار کونه مملوکا فالحق أن یقال ان اشتراط المملوکیة یغنی عن الاشتراط المذکور.

الأمر السابع: تمکن المستأجر من الانتفاع بالعین المستأجرة فلا یجوز اجارة الحائض لکنس المسجد و قد ذکرت فی تقریب المدعی وجوه: الوجه الأول: أنّ

______________________________

(1) الوسائل الباب 39 من أبواب ما یکتسب به الحدیث 1.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 20

(مسألة 1): لا تصح الاجارة اذا کان الموجر أو المستأجر مکرها علیها الّا مع الاجازة اللاحقة بل الأحوط عدم الاکتفاء بها بل تجدید العقد اذا رضیا نعم تصح مع الاضطرار کما اذا طلب منه ظالم مالا فاضطرّ الی اجارة دار سکناه لذلک فانها تصح حینئذ کما انه اذا اضطرّ الی بیعها صح (1).

______________________________

الحرام لا یکون مملوکا فلا یمکن تملیکه فلا تصح الاجارة.

و فیه أنه دخول الحائض فی المسجد حرام و أما

کنسها فلا یکون حراما و لذا لو اضطرت الی الدخول یکون کنسها جائزا.

الوجه الثانی: أنّ الممنوع شرعا کالممنوع عقلا و حیث إنّ الدخول لها حرام یکون مثل من لا یقدر علی الدخول و فیه أنّه لا دلیل علی المدعی المذکور.

الوجه الثالث: ما أفاده سیدنا الاستاد من عدم امکان الجمع بین وجوب الوفاء و حرمة الدخول.

و قد تقدم الجواب عنه و قلنا: لا اساس له اذا عرفت ما ذکرنا نقول: الانصاف أنّ الجزم بالفساد مشکل إذ نفس الکنس غیر محرم فلا وجه لعدم وقوع الاجارة علیه فاذا وقعت الاجارة علیه و قامت المرأة بالعمل فهو و الّا یکون للمستأجر خیار الفسخ و له أخذ اجرة مثل العمل.

و لقائل أن یقول: اذا فرضنا صحة الاجارة یدخل المقام تحت کبری باب التزاحم اللهم الّا أن یقال: إنّ الاجارة المشار إلیها مستنکرة عند أهل الشرع فاذا ثبت فهو و الّا فالأمر کما قلنا و اللّه العالم.

[مسائل فی أرکان الإجارة]

[مسألة 1: لا تصح الاجارة اذا کان الموجر أو المستأجر مکرها علیها الّا مع الاجازة اللاحقة]

اشارة

(1) فی هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: أنّه لا تصح الاجارة اذا کان احد المتعاقدین مکرها

و ذلک لوجهین:

أحدهما أنّ المستفاد من الآیة الشریفة اشتراط التجارة بالرضا و مع الاکراه

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 21

______________________________

لا تصح الّا أن یقال: إنّ الحکم المذکور راجع الی البیع فانّ صدق عنوان التجارة علی غیر البیع أول الکلام.

ثانیهما: حدیث رفع الاکراه فإن مقتضاه عدم ترتب أثر علی العقد الاکراهی فلا اشکال فی عدم الصحة انّما الکلام فی أنّه هل یصح العقد الاکراهی بالرضا اللاحق أم لا؟

أفاد الماتن بأنّه یصحّ بالاجازة اللاحقة و أفاد سیدنا الاستاد فی وجه الصحة بالاجازة أنّ الاجازة اللاحقة توجب استناد العقد الی المجیز و علیه نقول: اذا صدر عن العاقد اکراها لکن بعد العقد اجاز ما صدر عنه یصح من زمان الاجازة اذ الاجازة کما یمکن تعلقها بالأمر الحالی کذلک تتعلق بالأمر الاستقبالی و الأمر الماضی فلا مانع من القول بالصحة بالتقریب المذکور.

و یرد علیه أولا: أنّه قد مرّ و تقدم منّا عدم امکان اسناد العقد الصادر عن الغیر الی نفسه بالاجازة و فی المقام أیضا لا یمکن لأنّ العقد کان صادرا عن المجیز سابقا و اسناده ثانیا بالاجازة تحصیل للحاصل و هو محال.

و ثانیا: سلمنا ما أفاده فی باب الفضولی بالتقریب الذی ذکره و لکن لا یمکن القول بالصحة فی المقام إذ کما ذکرنا أنّه یستلزم تحصیل الحاصل.

مضافا الی أنّ المفروض صدور العقد عن العاقد اکراها و من الظاهر أنّ الشی ء لا ینقلب عمّا هو علیه و من ناحیة اخری قد دلّ الدلیل علی بطلان العقد الاکراهی فکیف یصح العقد بالاجازة اللاحقة.

ان قلت: مقتضی التجارة عن تراض صحة العقد و المفروض تعلق الرضا به باجازته، قلت مقتضی دلیل الاکراه

فساده و مقتضی الاطلاق عدم صحته الی الأبد فیقع التعارض بین الدلیلین و الترجیح مع دلیل رفع الاکراه لأنّ دلیله حاکم و ناظر

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 22

______________________________

الی ادلة الأحکام و مع الإغماض عن هذا التقدیم یکون مقتضی التعارض التساقط و مقتضی الأصل العملی هو الفساد فلا یمکن تصحیح العقد الاکراهی بالاجازة اللاحقة علی القاعدة فما أفاده غیر تام.

و هل یمکن الحکم بالصحة ببرکة التعلیل الوارد فی نکاح العبد بغیر اذن مولاه بتقریب: أنّ العلة توجب عموم الحکم أم لا؟

الظاهر هو الثانی و الوجه فیه أنّ العلة عبارة عن عدم عصیان اللّه و فی المقام انّ العقد الاکراهی عصیان له تعالی اذ المفروض أنّ العقد صادر عن مالک الأمر و لکن حیث إنّه اکراهی حکم بالفساد هذا من ناحیة و من ناحیة اخری الشی ء لا ینقلب عما هو علیه.

و بعبارة واضحة: ما الفرق بین الاکراه و الغرر و بقیة الشروط و الحال أنّ حدوثها یکفی الفساد.

اضف الی ذلک أنّ حدیث زرارة موضوعه فعل الفضولی و عدم صدور العقد عمّن بیده الاختیار و فی المقام المفروض صدور العقد عن الذی یکون تمام الاختیار بیده فلا مجال للأخذ بعموم العلة و الذی یوضح المدعی وضوحا کاملا أنّه لو عقد الصبی عقدا کما لو باع داره فی حال صغره و بعد بلوغه أجاز ذلک البیع فهل یمکن القول بالصحة بالاجازة اللاحقة بالتقریب المتقدم أم لا یمکن؟

الظاهر هو الثانی و الحال أنّه لا فرق بین المقامین و علی مدعی الفرق بیان الفارق و لعمری ما أفدته تام لا یعتریه شک و لا ریب و علی اللّه التوکل و التکلان و ما توفیقی الّا

به هو حسبی وَ نِعْمَ الْوَکِیلُ هذا تمام الکلام فی الفرع الأول.

الفرع الثانی: أنّه لو اضطر الی اجارة داره

کما لو طلب الظالم مقدارا من المال منه فاضطر الی اجارة داره لدفع شرّ ذلک الظالم أو لو فرض أنّه اضطر الی اجارة داره

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 23

(مسألة 2): لا تصح اجارة المفلس- بعد الحجر علیه- داره أو عقاره نعم تصح اجارته نفسه لعمل أو خدمة و أمّا السفیه فهل هو کذلک أی تصح اجارة نفسه للاکتساب مع کونه محجورا عن اجارة

______________________________

لصرف مال الاجارة فی علاج مرضه تکون الاجارة صحیحة.

و لا بد من اقامة دلیل علی المدعی و الحال أنّ مقتضی حدیث رفع الاضطرار بطلانها و قد ذکر فی تقریب الاستدلال علی المدعی أنّ حدیث الرفع امتنانی و رفع الاثر عن العمل الاضطراری فی الموارد المشار الیها خلاف الامتنان اذ المکلف یحتاج الی تحصیل النقد کی یصل الی مطلوبه.

و یرد علی التقریب المذکور اولا: أنّه ما الدلیل علی أنّ حدیث الرفع امتنان علی الامة کی یتوجه البیان المتقدم فانّه من الممکن بل مقتضی الظاهر أنّ المنة بالنسبة الی رسول الإسلام حیث رفع عن امته ای هذه الکرامة لرسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم لا للامة.

و ثانیا: أنّ الرفع لا ینافی المنة فانّ ولی الأمر یری مصلحة العباد و لا یکون بصدد تحصیل رغباتهم و لذا نری أنّه نهی عن دفع مال السفیه الیه و أیضا الغی التصرفات الصادرة عن غیر البالغ و المجانین و الحال انّه خلاف رغبات المذکورین فلا بدّ فی دفع الاشکال من بیان وجه آخر فنقول: لا اشکال فی أنّ العقد فی هذه الموارد و لو کان اضطراریا یکون نافذا

شرعا و ابداء شبهة الفساد یقرع اسماع أهل الشرع.

و ان شئت قلت: البائع لداره لمعالجة نفسه أو أولاده إذا کان بیعه عن الاضطرار یراه أهل الشرع بیعا صحیحا نافذا و هذا برهان واضح علی عدم شمول دلیل رفع الاضطرار المورد المذکور و أمثاله نعم لو اضطر الی بیع داره أو اجارتها من ناحیة تعدی المتعدی بحیث لو لم یبع أو لم یؤجر یکون مورد الاستهزاء و الاهانة فاضطر الی البیع أو الاجارة لا تکون الاجارة صحیحة و الوجه فیه أنّ المقتضی للفساد و هو حدیث رفع الاضطرار موجود و المانع مفقود فلاحظ.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 24

داره مثلا أو لا؟ وجهان من کونه من التصرف المالی و هو محجور و من أنّه لیس تصرفا فی ماله الموجود بل هو تحصیل للمال و لا تعدّ منافعه من أمواله خصوصا اذا لم یکن کسوبا و من هنا یظهر النظر فیما ذکره بعضهم من حجر السفیهة من تزویج نفسها بدعوی أنّ منفعة البضع مال فانّه أیضا محل اشکال (1).

[مسألة 2: لا تصح اجارة المفلس- بعد الحجر علیه- داره أو عقاره]

اشارة

______________________________

(1) فی هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنّ المفلس لا یجوز تصرفه فی أمواله

و الوجه فیه أنّ الحجر عبارة عن عدم کون المحجور مختارا فی التصرفات المالیة و بعبارة اخری جواز التصرف مع کونه محجورا متضادان.

الفرع الثانی: أنّ تصرفه فی نفسه بأن یؤجر نفسه باجرة نافذ و جائز

و هذا علی طبق القاعدة الأولیة إذ عمله لا یعد مالا بالفعل و لذا لو حبس شخص حرا و لو کان کسوبا لا یکون ضامنا له و أیضا لا یکون القادر علی الاکتساب مستطیعا و لا یجب علیه الحج قطعا هذا من حیث القاعدة الأولیة و أمّا من حیث النصّ الخاصّ فربما یتوهم أنه یستفاد من حدیث السکونی عن جعفر عن أبیه انّ علیا علیه السّلام کان یحبس فی الدین ثم ینظر فان کان له مال اعطی الغرماء و ان لم یکن له مال دفعه الی الغرماء فیقول لهم اصنعوا به ما شئتم ان شئتم اجرّوه و إن شئتم استعملوه «1» المنع.

و یرد علیه أولا أنّ الحدیث ضعیف بالنوفلی و ثانیا: أنّه معارض بحدیث غیاث بن ابراهیم عن جعفر عن أبیه أنّ علیا علیه السّلام کان یحبس فی الدین فاذا تبیّن له حاجة و افلاس خلّی سبیله حتی یستفید مالا «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب الحجر الحدیث 3.

(2) نفس المصدر الحدیث 1.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 25

______________________________

و ثالثا: أنّ الحدیث لا یستفاد منه المدعی إذ لا دلالة فیه علی کونه محجورا عن التصرف فی بدنه فما أفاده الماتن تامّ.

الفرع الثالث: أنّ السفیه هل یکون ممنوعا عن التصرف فی بدنه

کما یکون محجورا عن التصرف فی ماله أم لا؟ لم یفت الماتن باحد الطرفین و لکن مقتضی القاعدة نفوذ تصرفه فی بدنه لوجود المقتضی من الادلة الاولیة انّما الکلام فی المانع و الذی یمکن أن یذکر فی وجه المنع حدیثان أحدهما ما رواه الخادم بیّاع اللؤلؤ «1» و قد تقدم منّا أنّ الحدیث ضعیف فانّ الرجل بالعنوان المذکور فی الحدیث لم یوثق.

ثانیهما: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن

أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: سأله أبی و أنا حاضر عن قول اللّه عزّ و جلّ «حَتّٰی إِذٰا بَلَغَ أَشُدَّهُ» قال: الاحتلام قال: فقال یحتلم فی ست عشرة و سبع عشرة و نحوها فقال: لا اذا أتت علیه ثلاث عشرة سنة کتبت له الحسنات و کتبت علیه السیئات و جاز أمره الّا أن یکون سفیها أو ضعیفا فقال: و ما السفیه فقال: الذی یشتری الدرهم باضعافه قال و ما الضعیف قال الأبله «2».

و الحدیث ضعیف بضعف اسناد الشیخ الی ابن فضال.

الفرع الرابع: أنّ السفیهة هل یجوز تزویج نفسها من غیر ولی أم لا؟

الظاهر هو الثانی للنص الخاص الوارد فی المقام لاحظ حدیث الفضلاء عن أبی جعفر علیه السّلام قال:

المرأة التی قد ملکت نفسها غیر السفیهة و لا المولی علیها تزویجها بغیر ولیّ جائز «3».

فانّ المستفاد من الحدیث عدم جواز نکاح السفیهة نفسها بدون اذن الولی

______________________________

(1) تقدم فی ص 12.

(2) الوسائل الباب 44 من أبواب الوصایا الحدیث 8.

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب عقد النکاح و أولیاء العقد الحدیث 1.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 26

(مسألة 3): لا یجوز للعبد أن یؤجر نفسه أو ماله أو مال مولاه الّا باذنه أو اجازته (1).

(مسألة 4): لا بد من تعیین العین المستأجرة فلو آجره أحد هذین العبدین أو احدی هاتین الدارین لم یصحّ و لا بد أیضا من تعیین نوع المنفعة اذا کانت للعین منافع متعدّدة نعم تصحّ اجارتها بجمیع منافعها مع التعدّد فیکون المستأجر مخیرا بینها (2).

______________________________

و لیس التقریب المذکور مبنیا علی مفهوم الوصف کی یقال قد ثبت فی الاصول أنّ الوصف لا مفهوم له بل من باب مفهوم التحدید و العرف ببابک.

[مسألة 3: لا یجوز للعبد أن یؤجر نفسه أو ماله أو مال مولاه الّا باذنه أو اجازته]

(1) هذه المسألة و نظائرها لا تکون مورد الابتلاء فی زماننا فلا نتکلّم حولها.

[مسألة 4: لا بد من تعیین العین المستأجرة]

اشارة

(2) فی هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول أنّه لا بد من تعیین العین المستأجرة
اشارة

فلا یجوز اجارة أحد عبدین أو إحدی دارین و هکذا.

أقول: هذا یتصور علی صور:

الصورة الأولی: أن یکون مورد الاجارة الفرد المردد الذی لا واقع له

و فی هذه الصورة الاجارة باطلة بلا کلام إذ المفروض أنّه لا واقع لمورد الاجارة فسالبة بانتفاء الموضوع.

الصورة الثانیة: أن یکون مورد الاجارة معلوما واقعا

و یشیر المؤجر فی مقام الانشاء الیه و لکن غیر معلوم عندهما أو عند أحدهما و فی هذه الصورة لو قلنا باشتراط عدم الغرر فی الاجارة و کان الجهل بالعین موجبا للغرر تکون الاجارة فاسدة و إن لم نقل بذلک أو لم یکن العقد غرریا تصح لوجود المقتضی و عدم المانع.

الصورة الثالثة: أن یکون مورد الاجارة کلیا فی المعین

کما یکون الأمر کذلک فی البیع إذ البیع قد یتعلق بالکلی فی المعین کبیع صاع من الصبرة المعلومة و فی هذه الصورة تارة یکون أفراد الکلی متساویة فی الصفات و اخری تکون متفاوتة أمّا فی

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 27

(مسألة 5): معلومیة المنفعة إمّا بتقدیر المدة کسکنی الدار شهرا و الخیاطة یوما أو منفعة رکوب الدابّة الی زمان کذا و إمّا بتقدیر العمل کخیاطة الثوب المعلوم طوله و عرضه و رقّته و غلظته فارسیّة أو رومیة من غیر تعرّض للزمان نعم یلزم تعیین الزمان الواقع فیه هذا العمل کأن یقول: الی یوم الجمعة مثلا و إن أطلق اقتضی التعجیل علی الوجه العرفی و فی مثل استئجار الفحل للضراب یعیّن بالمرّة و المرّتین و لو قدّر المدة و العمل علی وجه التطبیق فان علم سعة الزمان له صحّ و إن علم عدمها بطل و إن احتمل الأمران ففیه قولان (1).

______________________________

الفرض الأول فلا نری مانعا من الالتزام بالصحة لوجود المقتضی و عدم المانع و أما فی الفرض الثانی فلو لم نقل باشتراط الاجارة بعدم الغرر فالاجارة صحیحة أیضا لعین الملاک و أما اذا قلنا بالاشتراط و کانت الاجارة غرریة تفسد و هذا واضح و لا یحتاج الی البحث فان القضیة بشرط المحمول ضروریة فلاحظ.

الفرع الثانی: أنّه یشترط تعیین نوع المنفعة

و الکلام فیه هو الکلام المتقدم فی العین طابق النعل بالنعل و لا وجه للإعادة.

و یجوز فی المقام اجارة العین بجمیع منافعها إذ جمیع المنافع مملوکة لمالکها فیجوز له تملیک جمیعها کما یجوز له تملیک بعضها کما أنّ اجارة العین قد تقع علی إحدی الأعیان الخارجیة و اخری علی جمیعها کما لو آجره جمیع کتبه أو جمیع

دکاکینه، أو جمیع ألبسته و هکذا.

[مسألة 5: معلومیة المنفعة إمّا بتقدیر المدة و إمّا بتقدیر العمل]

اشارة

(1) تعرض فی هذه المسألة لفرعین:

الفرع الأول: میزان معلومیة المنفعة و الزمان الواقع فیه ذلک الانتفاع

و هذه التفاصیل التی ذکرها کلّها ناشیة من اشتراط عدم الغرر فی العقد و قد تقدم الکلام فی دلیله و الظاهر عدم تمامیة ما ذکر فی وجهه یبقی الاجماع المدعی فی المقام فان ثبت الحکم الشرعی بالإجماع الکاشف فهو و الّا یکون الحکم مبنیا علی الاحتیاط.

الفرع الثانی: أنه لو قدّر المدة و العمل علی وجه التطبیق

بأن یشرع بالعمل أول طلوع الشمس مثلا و ینتهی أول الغروب فهل تکون الاجارة بهذا النحو صحیحة أم لا؟

الذی یختلج بالبال أن یقال: الصحة و الفساد دائران مدار مقدوریة العمل علی الوجه المذکور للأجیر و عدمها فتصح علی الأول و تفسد علی الثانی و لو علق العقد علی القدرة لا یوجب بطلان الاجارة إذ التعلیق لا یکون مبطلا للعقد عقلا کی یقال لا ینفک الفساد عنه کما أنّه لا یکون مورد عموم أو اطلاق بل دلیله الاجماع و لا بد من الاقتصار فیه علی المقدار المتیقن و المقام لیس منه.

و إن شئت فقل: التعلیق علی ما یتوقف علیه شرعا غیر مفسد قطعا و لا یخفی أنّ ما أفاده فی المسألة السادسة و السابعة و الثامنة و التاسعة مبنیّ علی اشتراط عدم الغرر فی عقد الاجارة فلا وجه للإعادة فلاحظ.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 28

[مسألة 6: إذا استأجر دابة للحمل علیها لا بدّ من تعیین ما یحمل علیها بحسب الجنس]

(مسألة 6): إذا استأجر دابة للحمل علیها لا بدّ من تعیین ما یحمل علیها بحسب الجنس إن کان یختلف الأغراض باختلافه و بحسب الوزن و لو بالمشاهدة و التخمین ان ارتفع به الغرر و کذا بالنسبة الی الرکوب لا بدّ من مشاهدة الراکب أو وصفه کما لا بدّ من مشاهدة الدابّة أو وصفها حتی الذکوریة و الانوثیة ان اختلفت الأغراض بحسبهما و الحاصل أنّه یعتبر تعیین الحمل و المحمول علیه و الراکب و المرکوب علیه من کل جهة یختلف غرض العقلاء باختلافها.

[مسألة 7: اذا استأجر الدابة لحرث جریب معلوم]

(مسألة 7): اذا استأجر الدابة لحرث جریب معلوم فلا بدّ من مشاهدة الأرض أو وصفها علی وجه یرتفع الضرر.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 29

[مسألة 8: اذا استأجر دابة للسفر مسافة لا بدّ من بیان زمان السیر]

(مسألة 8): اذا استأجر دابة للسفر مسافة لا بدّ من بیان زمان السیر من لیل أو نهار الّا اذا کان هناک عادة متبعة.

[مسألة 9: إذا کانت الأجرة ممّا یکال أو یوزن لا بدّ من تعیین کیلها أو وزنها]

(مسألة 9): إذا کانت الأجرة ممّا یکال أو یوزن لا بدّ من تعیین کیلها أو وزنها و لا تکفی المشاهدة و إن کانت مما یعدّ لا بد من تعیین عددها و تکفی المشاهدة فیما یکون اعتباره بها.

[مسألة 10: ما کان معلومیته بتقدیر المدة لا بدّ من تعیینها شهرا أو سنة أو نحو ذلک]

اشارة

(مسألة 10): ما کان معلومیته بتقدیر المدة لا بدّ من تعیینها شهرا أو سنة أو نحو ذلک و لو قال آجرتک الی شهر أو شهرین بطل و لو قال آجرتک کل شهر بدرهم مثلا ففی صحته مطلقا أو بطلانه مطلقا أو صحته فی شهر و بطلانه فی الزیادة فان سکن فأجرة المثل بالنسبة الی الزیادة أو الفرق بین التعبیر المذکور و بین أن یقول: آجرتک شهرا بدرهم فان زدت فبحسابه بالبطلان فی الأول و الصحة فی شهر فی الثانی أقوال أقواها الثانی و ذلک لعدم تعیین المدة الموجب لجهالة الأجرة بل جهالة المنفعة أیضا من غیر فرق بین أن یعین المبدأ أو لا بل علی فرض عدم تعیین المبدأ یلزم جهالة اخری الّا أن یقال: إنه حینئذ ینصرف الی المتصل بالعقد هذا إذا کان بعنوان الاجارة و أما اذا کان بعنوان الجعالة فلا مانع منه لأنّه یغتفر فیها مثل هذه الجهالة و کذا اذا کان بعنوان الاباحة بالعوض (1).

______________________________

(1) فی هذه المسألة جهات من البحث:

الجهة الأولی: فی أنّه لو تردد الأمر بین مدة کشهر مثلا و أزید

کما لو قال آجرتک الدار شهرا أو شهرین هل تکون الاجارة صحیحة أم لا؟

الحق أن یقال: انّ التردید تارة یکون فی مقام الثبوت و الواقع و اخری فی مقام الاثبات أمّا فی الصورة الاولی فتکون الاجارة باطلة إذ المردد لا واقع له و أما

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 30

______________________________

الصورة الثانیة فان قلنا بأنّ الغرر یوجب فساد العقد و کان التردید موجبا له یکون فاسدا و الّا فلا.

الجهة الثانیة: أنه لو قال آجرتک الدار کل شهر بکذا فهل تکون باطلة مطلقا أو تکون صحیحة کذلک أو یفصل

بأن یقال: تصح بالنسبة الی الشهر الأول و تبطل بالنسبة الی بقیة الشهور.

و الذی یختلج بالبال أن یقال: لا اشکال فی صحة الاجارة بالنسبة الی الشهر الأول اذ لا وجه للبطلان أصلا.

و بعبارة واضحة: لو قلنا بالفساد بالنسبة الی بقیة الشهور لا نلتزم بالفساد فی الشهر الأول و الوجه فیه أنّ الاجارة بالنحو المذکور و لو کانت واحدة فی مقام الاثبات و الدلالة و لکن بحسب مقام الثبوت و الواقع تنحل الی اجارات عدیدة أی تنحل الی اجارة الدار لکل شهر باجرة مسماة فلا وجه لسریان البطلان الی اجارة الشهر الأول و أمّا بقیة الشهور فنقول: تارة یکون متعلق الاجارة مطلقا و اخری یکون محدودا و ثالثة یکون مهملا و لم یتعلق القصد بشی ء أمّا علی الأول و الثانی فلا وجه للفساد الّا الجهل بالمقدار و المدة و لا دلیل علی کون الجهل بنفسه مفسدا.

نعم اذا کان موجبا للغرر و قلنا انّ الغرر یوجب الفساد تفسد و لکن مجرد الجهل لا یوجب الفساد و أمّا حدیث أبی الربیع الشامی «1» فقد تقدم أنّه ضعیف سندا.

الجهة الثالثة: أنّه هل یمکن الوصول الی المطلوب بالجعالة أم لا؟

الحق أن یفصل فی المقام بأن یقال: ان کان الموجر هو الجاعل فی الجعالة فالظاهر عدم صحتها فانّها لا تنطبق علی ما فرض فان الجعالة عبارة عن جعل جعل فی قبال فعل صادر عن الغیر و فی المقام علی الفرض یکون الجعل للجاعل لا للفاعل و أمّا

______________________________

(1) قد تقدم فی ص 13.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 31

(مسألة 11): اذا قال ان خطت هذا الثوب فارسیا أی بدرز فلک درهم و ان کان خطته رومیا أی بدرزین فلک درهمان فان کان بعنوان الاجارة بطل لما

مرّ من الجهالة و ان کان بعنوان الجعالة کما هو ظاهر العبارة صحّ و کذا الحال إذا قال ان عملت العمل الفلانی فی هذا الیوم فلک درهمان و إن عملته فی الغد فلک درهم و القول بالصحة اجارة فی الفرضین ضعیف و أضعف منه القول بالفرق بینهما بالصحة فی الثانی دون الأول و علی ما ذکرناه من البطلان فعلی تقدیر العمل یستحق

______________________________

اذا کان الجاعل غیر الموجر بأن یجعل زید جعلا فی مقابل اسکان المالک ایّاه فی داره شهرا مثلا فلا أری مانعا من الصحة إذ الاسکان فعل من الأفعال فلا مانع عن جعل فی قباله.

الجهة الرابعة: هل یمکن تصحیح المقام بالاباحة بالعوض المسمی؟

الظاهر أنّه لا یمکن إذ لا دلیل علی تحقق المعاوضة بهذا النحو بل مقتضی الأصل عدم ترتب أثر علیه فاذا سکن فی الدار مثلا تشتغل ذمته باجرة المثل و لا دلیل علی اشتغال الذمة بالمسمی.

و أفاد سیدنا الاستاد فی المقام بأنّ الشخص مسلط علی ماله و یکون اختیار ماله بیده و مقتضاه صحة کونه راضیا بالانتفاع فی مقابل دفع هذا المقدار من الاجرة و فی غیر هذه الصورة لا یکون راضیا.

و یرد علیه أولا: أنّ قاعدة السلطنة لا دلیل علیها و علی فرض الاغماض عن السند لا تکون مشرعة بل ناظرة الی أنّ المالک له التصرف فی ماله انحاء التصرفات المالکیة المشروعة و أمّا کونه راضیا فی هذا التقدیر فلا یقتضی الضمان بالمسمی و یکون مرجعه الی الاذن فی صورة دفع هذا المقدار و أمّا کون المقدار المذکور فی ذمته فلا دلیل علیه.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 32

اجرة المثل و کذا فی المسألة السابقة اذا سکن الدار شهرا أو أقل أو أکثر (1).

[(مسألة 11): اذا قال ان خطت هذا الثوب فارسیا أی بدرز فلک درهم و ان کان خطته رومیا أی بدرزین فلک درهمان فان کان بعنوان الاجارة بطل]

______________________________

(1) فصل قدّس سرّه فی کلا الفرضین بین کون المقصود الاجارة أو الجعالة و حکم بالفساد فی الصورة الاولی و بالصحة فی الثانیة و الأمر کما أفاده فانّه لو قصد الاجارة یکون العقد باطلا لا من جهة الجهالة کما فی عبارته اذ لا دلیل علی اشتراط العلم بل کأنّ المردد لا واقع له و أما الجعالة فلا مانع من الالتزام بصحتها و الوجه فی ذلک انّ الجعالة ایقاع و لا مانع عن جعل شی ء فی مقابل عمل و جعل شی ء آخر فی مقابل عمل آخر.

إذا عرفت ما تقدم فاعلم انّه بقی فی المقام شی ء و هو

أنّه لو فرض وقوع المعاملة بالاجارة و قد فرض فسادها فحکم الماتن بأنّه اذا سکن الدار مثلا تشتغل ذمّته باجرة المثل کما أنّ العامل إذا عمل بما قرر تشتغل ذمة الطرف الآخر باجرة مثل العمل.

و قد اورد علیه سیدنا الاستاد بأنّه لا وجه لضمان المثل بتقریب أنّ مال المسلم أو عمله و إن کان محترما و احترامه یقتضی تحقق الضمان لکنه مراعی بعدم کون المالک بنفسه مقدما علی الغائه و اسقاطه و سلب احترامه و أمّا لو ألغی حرمة ماله أو عمله لا یکون وجه للضمان و لذا لو أمر غیره أن یعمل عملا مجانا و المأمور عمل ذلک العمل لا یکون الآمر ضامنا فالمیزان فی عدم الضمان و وجوده الالغاء و عدمه فتارة یلغی حرمة عمله أو ماله علی الاطلاق کما لو عمل عملا مجانا و أخری یلغی مقدارا منه کما لو آجر داره فی کلّ شهر مائة دینار و الحال أنّ اجرة الدار ألف و علی هذا الاساس نقول لو فرض کون الاجارة فاسدة فتارة تکون الاجرة المسماة مطابقة مع اجرة المثل و اخری تکون أقل و ثالثة تکون أکثر أمّا علی الأول فیکون ما فی الذمة الاجرة المسماة المطابقة مع اجرة مثل و أما علی الثانی

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 33

(مسألة 12): إذا استأجره أو دابته لیحمله أو یحمل متاعه الی مکان معین فی وقت معین باجرة معیّنة کأن استأجر منه دابة لإیصاله الی کربلاء قبل لیلة النصف من شعبان و لم یوصله فان کان ذلک لعدم سعة الوقت و عدم امکان الایصال فالاجارة باطلة و ان کان الزمان واسعا و مع هذا قصّر و لم

یوصله فان کان ذلک علی وجه العنوانیة

______________________________

فلا بد من الاقتصار علی الاجرة المسماة لأنّ المالک ألغی الزائد و أمّا علی الثالث فلا بدّ من أخذ اجرة المثل إذ المفروض أنّ الاجارة باطلة فلا مقتضی لثبوت الاجرة المسماة و أمّا ثبوت اجرة المثل فهو علی طبق القاعدة هذا ملخص کلامه.

و یرد علیه اولا: بالنقض فی المأخوذ بالعقد الفاسد فی باب البیع حیث قالوا بضمان المثل فی المثلی و القیمة فی القیمی و الظاهر أنّه قدّس سرّه أمضی ما علیه المشهور فیسئل ما الفارق بین المقامین.

و ثانیا: بالحل و هو أنّ الموجر فی المقام لم یلغ احترام ماله فلا یقاس بباب المجانیة بل بدل ماله بشی ء آخر و المفروض أنّ ما صدر عنه باطل شرعا فلا وجه لإمضاء عقده بالمقدار الخاص.

و لما انجر الکلام الی هنا لا بأس بالاشارة الاجمالیة الی وجه الضمان فی المقام و فی باب المأخوذ بالعقد الفاسد اذ المفروض أنّ ما قصده غیر ممضی فلا بد إمّا من اقامة دلیل علی الضمان بالمثل و إمّا الالتزام بعدم الضمان اصلا و لا مجال للقول الأخیر فانّه خلاف الارتکاز المتشرعی و قد تعرضنا فی بحث المقبوض بالعقد الفاسد الوجوه التی یمکن ذکرها فی مقام الاستدلال علی الضمان و ناقشنا فی جمیع تلک الوجوه الّا فی الوجه التاسع الذی کان خاتم الوجوه المذکورة و قلنا الارتکاز المتشرعی یقتضی الضمان.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 34

و التقیید لم یستحق شیئا من الاجرة لعدم العمل بمقتضی الاجارة اصلا نظیر ما اذا استأجره لیصوم یوم الجمعة فاشتبه و صام یوم السبت و إن کان ذلک علی وجه الشرطیة بأن یکون متعلق الاجارة الایصال الی

کربلاء و لکن اشترط علیه الایصال فی ذلک الوقت فالاجارة صحیحة و الاجرة المعینة لازمة لکن له خیار الفسخ من جهة تخلف الشرط و معه یرجع الی اجرة المثل و لو قال ان لم توصلنی فی وقت کذا فالاجرة کذا أقلّ مما عیّن أولا فهذا أیضا قسمان قد یکون ذلک بحیث یکون کلتا الصورتین من الایصال فی ذلک الوقت و عدم الایصال فیه موردا للإجارة فیرجع الی قوله آجرتک باجرة کذا إن أوصلتک فی الوقت الفلانی و باجرة کذا إن لم أوصلک فی ذلک الوقت و هذا باطل للجهالة نظیر ما ذکر فی المسألة السابقة من البطلان إن قال ان عملت فی هذا الیوم فلک درهمان الخ و قد یکون مورد الاجارة هو الایصال فی ذلک الوقت و یشترط علیه أن ینقص من الاجرة کذا علی فرض

______________________________

ان قلت: إذا کان الأمر کذلک فلو کان المقبوض بالعقد الفاسد من العقود التی لا یقتضی صحیحها الضمان کالهبة الفاسدة یلزم القول بالضمان اذ المفروض أنّ العقد فاسد و من ناحیة اخری التسلیط علی المال یکون مبنیا علی ذلک العقد الفاسد فیلزم الضمان و الحال أنّ المقرر عندهم أنّ ما لا یضمن بصحیحه لا یضمن بفاسده.

قلت: إذا کان مدرک الضمان منحصرا فی الارتکاز و السیرة فلا اطلاق للدلیل و لا عموم له فلا بد من الاقتصار علی القدر المتیقن و مورد الکلام أی الهبة لیس منه فلاحظ.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 35

عدم الایصال و الظاهر الصحة فی هذه الصورة لعموم المؤمنون عند شروطهم و غیره مضافا الی صحیحة محمد الحلبی و لو قال ان لم توصلنی فلا اجرة لک فان کان علی وجه

الشرطیة بأن یکون متعلق الاجارة هو الایصال الکذائی فقط و اشترط علیه عدم الاجرة علی تقدیر المخالفة صحّ و یکون الشرط المذکور مؤکدا لمقتضی العقد و إن کان علی وجه القیدیّة بأن جعل کلتا الصورتین موردا للإجارة الا أنّ فی الصورة الثانیة بلا اجرة یکون باطلا و لعل هذه الصورة مراد المشهور القائلین بالبطلان دون الأولی حیث قالوا و لو شرط سقوط الأجرة إن لم یوصله لم یجز (1).

[مسألة 12: إذا استأجره أو دابته لیحمله أو یحمل متاعه الی مکان معین فی وقت معین باجرة معیّنة]

اشارة

______________________________

(1) فی هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنّه لو أجره لعمل فی زمان

کمّا آجره لقراءة سورة البقرة فی نصف ساعة أو أقلّ و لا یکون الأجیر قادرا علیها تکون الاجارة باطلة إذ ما دام لم یکن الشخص قادرا علی عمل لا یمکنه أن یملکه من غیره بالاجارة و هذا واضح ظاهر.

الفرع الثانی: أنّه لو کان مورد الاجارة مقدورا للأجیر

و کان الزمان واسعا و قابلا لوقوع العمل فیه لکن الأجیر لم یفعله و کان مورد الاجارة مقیدا بذلک الزمان کما لو استأجره لقراءة سورة من القرآن فی اللیل علی نحو التقیید و الأجیر لم یأت بالعمل فی وقته تکون الاجارة صحیحة لکن بمقتضی الشرط الضمنی یکون للمستأجر خیار الفسخ کما أنّه یمکنه عدم الفسخ و أخذ اجرة مثل العمل الذی فوته علیه هذا بحسب القاعدة.

و فی عبارة الماتن مسامحة حیث قال لم یستحق شیئا فانّ استحقاقه الاجرة فی الاجارة بنفس العقد لا بالعمل الخارجی.

الفرع الثالث: ان یستأجره لإیصاله الی کربلاء و لکن یشترط فی ضمن عقد الاجارة أن یوصله لیلة عرفة و الأجیر أوصله الی کربلاء بعد عرفة

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 36

______________________________

و فی هذه الصورة الاجارة صحیحة غایة الأمر یکون للشارط خیار فسخ العقد إذ اشتراط أمر علی الطرف المقابل ینحل الی أمرین أحدهما جعل ذلک الأمر علی عهدة المشروط علیه، ثانیهما ثبوت الخیار للشارط فی ظرف تخلف الشرط.

و إن شئت قلت: مرجع الاشتراط المذکور الی شرطین شرط الفعل و شرط الخیار و کلاهما تامان و نافذان أما شرط الفعل أی الایصال الی کربلاء فی لیلة عرفة فحیث انّه أمر جائز یشمله عموم المؤمنون عند شروطهم و مفاد کل شرط نافذ الّا ما خالف کتاب اللّه أو سنة رسوله و أما شرط الخیار فلما علم من الشریعة المقدسة أنّ المتعاقدین لهما جعل الخیار فی البیع و الاجارة و الصلح.

و لو لا وضوح الأمر لدی الأصحاب لکان للنقاش فی شرط الخیار مجال واسع لأنّ دلیل الشرط لا یکون مشرعا بل لا بد من کون مورد الشرط جائزا فی وعاء الشریعة و علیه لو شک فی صحة جعل الخیار و أنّه هل یکون مشروعا أم لا یکون مقتضی الأصل عدم المشروعیة و

لکن قد علم من الشرع جواز جعل الخیار فی جملة من الموارد و الاجارة منها و علی هذا الاساس لو لم یفسخ من له الخیار فهو و أما لو فسخ العقد ینحل عقد الاجارة و تنتقل الاجرة الی ملک الموجر و یکون علیه دفع اجرة مثل ذلک العمل أی الایصال الی کربلاء.

و کنّا نورد علی سیدنا الاستاد بأنّ الشرط لا یکون مشرعا و معه کیف یشترط الخیار مع الشک فی مشروعیته و أجاب عن الاشکال بجواز الاقالة.

و یرد علیه أنّ الاقالة أمر قائم بالطرفین و الحال أنّ الخیار أمر قائم بالطرف الواحد و هو ملک فسخ العقد فلا یقاس أحد المقامین بالمقام الآخر فالجواب الصحیح ما تقدم منّا من أنّ جعل الخیار بالشرط جائز فی الشریعة بلا اشکال و لا کلام

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 37

الفرع الرابع: أنه لو استأجره للإیصال الی کربلاء و لکن علی أنّه لو أوصله لیلة عرفة فکذا مقدار من الاجرة

______________________________

و ان أوصله بعد عرفة یکون له أقلّ و القاعدة فی هذه الصورة تقتضی التفصیل بأن یقال ان کان التردید تردیدا فی متعلق الاجارة یکون العقد باطلا لا للجهالة، بل لأنّ المردد غیر قابل للإجارة إذ لا واقع له و أمّا ان کان العقد علی نحو الجعالة یکون صحیحا.

الفرع الخامس: أنه لو استأجره للإیصال الی کربلاء لیلة عرفة و لکن یشترط علیه أنّه لو لم یوصله فی تلک اللیلة ینقص من الاجرة کذا مقدار

و فی هذه الصورة تارة نتکلم علی طبق القاعدة الأولیة و اخری علی ضوء النص الخاص أما بحسب القاعدة فالشرط المذکور باطل إذ کما تقدم قریبا أنّ دلیل الشرط لا یکون مشرعا فلا بد من مشروعیة مورد الشرط فی الرتبة السابقة و لا وجه لنقصان الاجرة بالتخلف فالشرط باطل لکونه خلاف المقرر الشرعی.

و قد صرح سیدنا الاستاد- علی ما فی تقریره الشریف- بکون الشرط المذکور شرعیا و لا أدری بأی مستند استند فی مقالته إذ الشرط المذکور إمّا یرجع الی نقصان الاجرة بلا موجب و إمّا یرجع الی أنّ المستأجر یشترط عدم الدفع مع کون الدفع واجبا علیه و إمّا یرجع الی شرط الاسقاط علی الطرف المقابل أمّا علی الأول فیکون الشرط منافیا مع الشرع إذ لا وجه لنقصان الاجرة بلا سبب و أمّا علی الثانی فأیضا یکون الشرط عبارة عن عدم قیام المستأجر بواجبه الّا أن یرجع الی اذن الموجر للمستأجر فی عدم الدفع و لکن لازمه أنّه لو عصی و لم یأذن یجب علی المستأجر الدفع اللهم الّا أن یقال إنّ الاذن حین الشرط یصیر لازما و لا یمکنه الرجوع لکن الاذن فی عدم الدفع لا یستلزم السقوط عن العهدة فغایة ما یترتب علیه عدم وجوب الدفع مع اشتغال الذمة و الحال أنّ المقصود فراغ الذمة

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب

الإجارة، ص: 38

______________________________

و الخلاص من الدین.

و أمّا علی الثالث فتارة یراد من الاشتراط شرط النتیجة أی یسقط من الآن و اخری یراد شرط الفعل أی اشتراط الاسقاط بعد الثبوت أمّا علی الأول فیتوقف جوازه علی جواز اسقاط ما لم یجب و مع الشک فی الجواز یکون مقتضی الأصل عدمه.

و بعبارة واضحة: ان کان المراد من الاسقاط الدفع أی باسقاطه یمنع عن الثبوت فهو خلاف المقرر الشرعی و إن کان المراد اسقاطه بعد ثبوته فیکون جوازه متوقفا علی جواز اسقاط ما لم یجب.

و أمّا علی الثانی فغایته وجوب الاسقاط علیه و أمّا لو عصی و لم یسقط تکون الذمة مشغولة له نعم لا اشکال فی أن الشرط یوجب ثبوت حق للشارط علی المشروط علیه و یمکنه احقاق حقّه باجبار الطرف المقابل علی العمل بالشرط و علی فرض عدم امکانه ینوب عنه الحاکم الشرعی فانّ المورد من الامور الحسبیة هذا کله بحسب القاعدة الأولیة فلاحظ.

و أمّا بحسب النصّ الخاصّ فقد ورد فی المقام حدیث رواه محمد الحلبی قال:

کنت قاعدا الی قاض و عنده أبو جعفر علیه السّلام جالس فجاءه رجلان فقال أحدهما: إنی تکاریت ابل هذا الرجل لیحمل لی متاعا الی بعض المعادن فاشترطت علیه أن یدخلنی المعدن یوم کذا و کذا لأنّها سوق أخاف أن یفوتنی فإن احتبست عن ذلک حططت من الکراء لکلّ یوم احتبسته کذا و کذا و انّه حبسنی عن ذلک الیوم کذا و کذا یوما فقال القاضی: هذا شرط فاسد وفه کراه فلما قام الرجل أقبل إلیّ أبو جعفر علیه السّلام فقال: شرطه هذا جائز ما لم یحط بجمیع کراه «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب الاجارة الحدیث 2.

الغایة القصوی فی التعلیق

علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 39

(مسألة 13): اذا استأجر منه دابة لزیارة النصف من شعبان مثلا و لکن لم یشترط علی المؤجر ذلک و لم یکن علی وجه العنوانیة أیضا و اتفق أنّه لم یوصله لم یکن له خیار الفسخ و علیه تمام المسمّی من الاجرة و إن لم یوصله الی کربلاء أصلا سقط من المسمّی بحساب ما بقی و استحق بمقدار ما مضی و الفرق بین هذه المسألة و ما مرّ فی

______________________________

و یستفاد منه خلاف مقتضی القاعدة و لکن الکلام فی سنده و الظاهر أنّ السند تام فانّ الروایة و ان کان فی بعض اسنادها نقاش لکن فی بعضها الآخر کفایة فانّ الصدوق روی الحدیث باسناده الی منصور بن یونس و اسناده الیه معتبر فالقاعدة الأولیة و ان کانت مقتضیة للفساد و لکن مقتضی الحدیث صحة الاجارة علی النحو المذکور فلاحظ.

الفرع السادس: أنّه لو استأجره لأن یوصله الی کربلاء لیلة عرفة و اشترط علیه أنّه ان لم یوصله لا تکون له اجرة

و قد حکم الماتن فی هذه الصورة بأنّ الشرط المذکور صحیح و مؤکد للعقد.

و یرد علیه أنّ ما أفاده مبنی علی ترتب استحقاق الاجرة علی العمل المستأجر علیه و الحال أنّ الامر لیس کذلک و الاستحقاق یتحقق بنفس الاجارة فالحقّ أنّ الشرط المذکور فاسد إذ خلاف المقرر الشرعی لکن فساده لا یسری الی العقد لما حقق فی محله من أنّ الشرط الفاسد لا یفسد العقد.

الفرع السابع: أن یستأجره باجارتین و علی عملین

احدهما ایصاله الی کربلاء لیلة عرفة باجرة ثانیهما ایصاله الی کربلاء بلا قید و بلا اجرة و لا أری مانعا من الصحة فی هذا الفرض إذ کلا العملین مقدوران للأجیر فلا مانع من ایجار نفسه لکلیهما لکن الاشکال من ناحیة اخری و هی أنّ الاجارة تتوقف علی الاجرة و الاجارة بلا اجرة باطلة.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 40

المسألة السابقة أنّ الایصال هنا غرض و داع و فیما مرّ قید أو شرط (1).

[مسألة 13: اذا استأجر منه دابة لزیارة النصف من شعبان مثلا و لکن لم یشترط علی المؤجر ذلک]

اشارة

______________________________

(1) فی هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنّه لو استأجر دابته لزیارة النصف من شعبان و کان غرضه و داعیه زیارة النصف

لکن لا یکون مورد الاجارة لا قیدا و لا شرطا و فی هذا الفرض اذا لم یوصله ذلک الوقت لا خیار للمستأجر و الوجه فیه واضح لأنّه لا یکون تخلف هناک اصلا.

الفرع الثانی: أنّه یستأجر دابته لأن یوصله الی کربلاء و لم یوصله

بل أوصله الی بلدة قریبة من کربلاء و کان عدم الایصال لعدم قدرة مورد الاجارة کما لو لم تکن الدابة قابلة لهذا المقدار من الحمل فی المسافة المفروضة فربما یقال بأنّ الاجارة تکون باطلة فی مقدار و صحیحة فی المقدار الآخر و یکون للمستأجر خیار تبعض الصفقة کما یکون الامر کذلک فی البیع فانّه اذا اشتری مصرعی الباب فبان أنه احد المصرعین مغصوب یکون البیع صحیحا بالنسبة الی غیر المغصوب و باطلا بالنسبة الی المغصوب و یکون للمشتری خیار تبعض الصفقة.

و یرد علیه أنّ ما افید مبنی علی انحلال العقد الواحد الی عقود متعددة و الحال أنّه لا یمکن تصدیقه فانّه لو باع داره یلزم أن یکون هناک بیوع الی ما لا نهایة له اذ قد حقق فی محله استحالة الجزء الذی لا یتجزی و یترتب علیه أنّ خیار المجلس یکون للطرفین بالنسبة الی کل جزء جزء الی ما لا نهایة له و هل یمکن الالتزام به؟

کلا ثم کلا.

فالقاعدة تقتضی بطلان العقد بلا فرق بین البیع و الاجارة إذ ما قصد لم یقع و ما وقع لم یقصد.

و بعبارة واضحة: انّ العقد واقع علی مجموع العین فی البیع و علی مجموع المنفعة فی الاجارة و المفروض عدم القابلیة فالنتیجة هی البطلان نعم فی باب البیع قد دلّ

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 41

______________________________

النصّ الخاصّ علی صحة البیع فیما یملک و عدمها فیما لا یملک و أمّا فی الاجارة

فلا دلیل علی التبعیض فیکون المقام مقبوضا بالقبض الفاسد و یلزم علی المستأجر دفع الاجرة فی مقابل المقدار من المسافة الذی استفاد.

و ممّا ذکرنا ظهر أنه لا اصل و لا اساس لخیار التبعض الصفقة إذ لا موضوع للتبعیض.

الفرع الثالث: أنه لو فرض الاجارة للإیصال الی کربلاء مثلا و کان مورد الاجارة قابلا لحصول تلک المنفعة

و لکن الموجر قصر و لم یوصل المستأجر الی المقصد و فی هذه الصورة یمکن للمستأجر ابقاء العقد بحاله و مطالبة الموجر باجرة المثل فی مقابل ما أتلفه علیه من مقدار المسافة و هل یکون له الخیار فی فسخ العقد و أخذ الاجرة الظاهر أنّه یمکنه للشرط الارتکازی الضمنی.

و هل یکون علیه دفع اجرة المثل بالنسبة الی المقدار الذی استفاد أم لا، اختار سیدنا الاستاد وجوب الدفع و للنقاش فیه مجال لأن المفروض وحدة العقد کما تقدم و من ناحیة اخری قد فرض انفساخ العقد باعمال الخیار فلا وجه لثبوت اجرة المثل فی ذمته، و لکن هل یمکن الالتزام بهذا اللازم الذی یکون مستنکرا عند أهل الشرع فلاحظ.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 42

[فصل فی أحکام الإجارة]

اشارة

فصل الاجارة من العقود اللازمة لا تنفسخ الّا بالتقایل أو شرط الخیار لأحدهما أو کلیهما إذا اختار الفسخ نعم الاجارة المعاطاتیّة جائزة یجوز لکل منهما الفسخ ما لم تلزم بتصرفهما أو تصرف أحدهما فیما انتقل إلیه (1).

______________________________

فی المقام فروع:

الفرع الأول: أنّ الاجارة عقد لازم

و یمکن الاستدلال علیه بعموم وجوب الوفاء بالعقود فانّ المستفاد من الآیة الشریفة الارشاد الی لزوم العقود.

و یؤید المدّعی ما رواه محمد بن عیسی الیقطینی أنّه کتب الی أبی الحسن علی بن محمد العسکری علیهما السّلام فی رجل دفع ابنه الی رجل و سلّمه منه سنة باجرة معلومة لیخیط له ثمّ جاء رجل فقال: سلّم ابنک منّی سنة بزیادة هل له الخیار فی ذلک و هل یجوز له أن یفسخ ما وافق علیه الاول أم لا؟ فکتب علیه السّلام: یجب علیه الوفاء للأول ما لم یعرض لابنه مرض أو ضعف «1».

أضف الی ذلک السیرة الجاریة بین أهل الشرع بل الجاریة بین العقلاء و یضاف الی جمیع ذلک أنّ الخیار علی خلاف الاصل الاولی فان الموجر یملک المنفعة من المستأجر عشر سنوات مثلا فاذا فسخ أحدهما نشک فی انفساخ العقد و عدمه

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الاجارة.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 43

______________________________

فیکون مقتضی الأصل عدم تأثیر الفسخ.

و بعبارة واضحة: الشک لیس فی مقدار الملکیة کی یقال استصحاب الحکم الکلی معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد بل مقدار الملکیة معلوم انّما الشک فی الرافع و دائما الشک فی الرافع مورد لأصالة العدم بلا فرق بین کون الشبهة حکمیة أو موضوعیة فلاحظ.

الفرع الثانی: أنه یجوز فیها التقایل

و القول به یتوقف علی قیام دلیل معتبر علیه إذ مقتضی القاعدة الاولیة عدم جوازه فانّ الوفاء بالعقد لازم علی کلّ واحد من المتعاقدین و علیه یکون فسخ العقد و جعله کالعدم یضاد وجوب الوفاء.

و ربما یقال: ان العقد عبارة عن الالتزام و بالتقایل یرفع کلّ واحد من المتعاقدین یده عن التزامه فجوازه علی القاعدة.

و یرد علیه أولا: أنّ وجوب

الوفاء من قبل الشارع فلا اثر لرفع ید المتعاقدین عن التزامهما.

و بعبارة اخری: بعد المعاقدة الشارع الأقدس یحکم بأنّ العقد یکون باقیا و غیر قابل للفسخ فالتقریب غیر تام و ثانیا: أنّه یترتب علی التقریب المذکور أنّ رفع الید من قبل أحدهما یکفی و لا یحتاج الی التقایل إذ المفروض انّ الالتزام ارتفع من أحد الطرفین و الحال أنّ العقد قائم بهما فرفع الید من طرف واحد یستلزم انهدام العقد.

و ربّما یستدل علی جوازه بما رواه سماعة بن مهران عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال:

أربعة ینظر اللّه عزّ و جلّ الیهم یوم القیامة: من أقال نادما أو أغاث لهفان أو أعتق نسمة أو زوّج عزبا «1».

و الحدیث ضعیف بالعلوی المذکور فی السند اللهم الّا أن یقال: یمکن اثبات

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب آداب التجارة الحدیث 5.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 44

______________________________

استحبابه بقاعدة من بلغ فانّا ذکرنا سابقا أنه لو بلغ ثواب علی عمل و السند کان غیر معتبر یمکن اثبات استحبابه.

بتقریب: أن المستفاد من حدیث من بلغ هو محبوبیة العمل و المراد بالاستحباب کون العمل محبوبا.

و فی الباب المشار إلیه جملة من النصوص تدل علی جواز الاقالة فی البیع فلا ترتبط بالمقام مضافا الی ضعف اسنادها فلاحظ إذا عرفت ما تقدم نقول:

الظاهر أنّه لا اشکال فی جریان السیرة العقلائیة و الارتکاز المتشرعی علی اجراء الاقالة فی الاجارة کجریانها فی البیع فلا وجه للتأمل فی جوازها.

الفرع الثالث: أنّه هل یجوز جعل الخیار فیه بالشرط فی ضمن العقد لأحدهما أو لکلیهما؟

و القاعدة الأولیة تقتضی عدم الجواز اذ مع الشک فی نفوذ الشرط یکون مقتضی الاصل عدمه و لا مجال للاستدلال علی جوازه بدلیل الشرط إذ دلیل الشرط لا یکون مشرعا فلا بد

من کونه أمرا جائزا فی وعاء الشرع کی یلزم بالشرط فبهذا التقریب لا یمکن اثباته.

و بعبارة أوضح: انّه لو شک فی جواز جعل الخیار لأحدهما أو لکلیهما یکون مقتضی الأصل عدمه أی عدم جواز جعله فشرط الخیار یکون مصداقا لشرط مخالف للشرع و الشرط المخالف للشرع لا یکون جائزا و نافذا بل لنا أن نقول بأنّ شرط الخیار مخالف مع عموم وجوب الوفاء بالعقد لکن الظاهر أنه لا اشکال فی جواز اشتراط الخیار فی الاجارة کما أنّه یجوز جعله فی البیع و هل یجوز جعل الخیار لثالث کما یظهر من کلام سیدنا الاستاد قدّس سرّه علی ما فی تقریره الشریف أم لا؟ الحق هو الثانی لعدم دلیل علی جوازه و لا سیرة جاریة علی الجواز.

الفرع الرابع: أنّ الاجارة المعاطاتیة لازمة أو جائزة؟

الحق هو الأول اذ مقتضی

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 45

(مسألة 1): یجوز بیع العین المستأجرة قبل تمام مدة الاجارة و لا تنفسخ الاجارة به فتنتقل الی المشتری مسلوبة المنفعة مدة الاجارة نعم للمشتری مع جهله بالاجارة خیار فسخ البیع لأنّ نقص المنفعة عیب و لکن لیس کسائر العیوب ممّا یکون المشتری معه مخیّرا بین الردّ و الارش فلیس له أن لا یفسخ و یطالب بالارش فانّ العیب الموجب للأرش ما کان نقصا فی الشی ء فی حد نفسه مثل العمی و العرج و کونه مقطوع الید أو نحو ذلک لا مثل المقام الذی العین فی حد نفسها لا عیب فیها و أما لو علم المشتری أنها مستأجرة و مع ذلک أقدم علی الشراء فلیس له الفسخ أیضا نعم لو اعتقد کون مدة الاجارة کذا مقدارا فبان انّها أزید له الخیار أیضا و لو فسخ المستأجر

الاجارة رجعت المنفعة فی بقیة المدة الی البائع لا الی المشتری نعم لو اعتقد البائع و المشتری بقاء مدة الاجارة و أنّ العین مسلوبة المنفعة الی زمان کذا و تبیّن أنّ المدة منقضیة فهل منفعة تلک المدة للبائع حیث إنّه کأنّه شرط کونها مسلوبة المنفعة الی زمان کذا أو للمشتری لأنها تابعة للعین ما لم تفرز بالنقل الی الغیر أو بالاستثناء و المفروض عدمها و جهان و الأقوی الثانی نعم لو شرطا کونها مسلوبة المنفعة الی زمان کذا بعد اعتقاد بقاء المدة کان لما ذکر وجه ثمّ بناء علی ما هو الاقوی من رجوع المنفعة فی الصورة السابقة الی المشتری فهل للبائع الخیار أولا و جهان لا یخلو أولهما من قوة خصوصا اذا أوجب ذلک له الغبن هذا اذا بیعت العین

______________________________

دلیل وجوب الوفاء لزوم کل عقد بلا فرق بین العقد اللفظی و الفعلی مضافا الی أنّ القاعدة الأولیة تقتضی اللزوم و لو مع قطع النظر عن دلیل وجوب الوفاء کما تقدم قریبا.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 46

المستأجرة علی غیر المستأجر أما لو بیعت علیه ففی انفساخ الاجارة و جهان أقواهما العدم و یتفرّع علی ذلک امور: منها اجتماع الثمن و الاجرة علیه حینئذ و منها بقاء ملکه للمنفعة فی مدة تلک الاجارة لو فسخ البیع باحد أسبابه بخلاف ما لو قیل بانفساخ الاجارة و منها ارث الزوجة من المنفعة فی تلک المدة لو مات الزوج المستأجر بعد شرائه لتلک العین و ان کانت ممّا لا ترث الزوجة منه بخلاف ما لو قیل بالانفساخ بمجرد البیع و منها رجوع المشتری بالأجرة لو تلفت العین بعد قبضها و قبل انقضاء مدة

الاجارة فانّ تعذّر استیفاء المنفعة یکشف عن بطلان الاجارة و یوجب الرجوع بالعوض و ان کان تلک العین علیه (1).

[(مسألة 1): یجوز بیع العین المستأجرة قبل تمام مدة الاجارة]

______________________________

(1) أفاد قدّس سرّه انّ العین المستأجرة یجوز بیعها و ما أفاده تام فانّ اجارة العین لا تکون مانعة عن بیعها کما انّ بیعها لا یوجب بطلان اجارتها و هذا علی طبق القاعدة الأولیة إذ المالک للعین مالک لمنافعها فبمقتضی کونه مالکا لها یجوز له بیعها و بمقتضی کونه مالکا لمنافعها یجوز له اجارتها و لا دلیل علی التضاد بین الأمرین فاذا فرض أنه باع العین المستأجرة تنتقل العین الی ملک المشتری مسلوبة المنفعة فان کان المشتری عالما بالحال و مع ذلک أقدم علی الشراء یکون العقد لازما و لا خیار له و ان کان جاهلا بالحال یکون له خیار الفسخ.

و قد عبّر الماتن عن هذا الخیار بخیار العیب لکن أفاد بأنه لیس من العیوب التی تکون موجبة للأرش فی بعض الصور و یکون ذو الخیار مخیرا بین الفسخ و أخذ الأرش احیانا و علیه یسئل عن مدرک الخیار فانّ ثبوت الخیار متوقف علی الدلیل کما تقدم فالمتعین الاستدلال علی الخیار بالشرط الارتکازی الضمنی.

و ان شئت قلت: ان الارتکاز یقتضی ان العین اذا کانت مسلوبة المنفعة یکون

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 47

______________________________

للطرف المقابل الخیار.

ثمّ انه لو فرض أنّ المستأجر فسخ الاجارة فهل المنفعة تنتقل الی البائع أو الی المشتری حکم الماتن بانتقالها الی البائع و الحقّ معه إذ المفروض أنّ المنفعة کانت للبائع و هو ملکها من غیره و الفسخ عبارة عن حلّ العقد بقاء فلو لا دلیل یدل علی الانتقال الی غیر البائع تنتقل إلیه.

و ربما یقال: مقتضی

القاعدة انتقالها الی المشتری إذ المنفعة تابعة للعین و لازم التبعیة الانتقال الیه إذ هو مالک للعین فمالک لما هو تابع لها.

و یرد علیه أنّه لا دلیل علی التبعیة علی نحو الاطلاق بل مقتضی السیرة و الارتکاز أنّه لو ملک لشخص لعین و لم تکن منفعة تلک العین لأحد تکون مملوکة لمالک العین فالحق ما أفاده فی المتن.

ثم انه لو اعتقد البائع و المشتری أنّ العین مسلوبة المنفعة و بعد العقد تبین أنها لا تکون کذلک فهل المنفعة للمشتری أو للبائع؟ اختار الماتن الأول بتقریب: أنّ المنفعة تابعة للعین الّا بالافراز بالنقل الی الغیر أو بالاستثناء و المفروض أنّ شیئا من الأمرین لم یکن.

و الذی یختلج بالبال فی هذه العجالة أن یقال المنفعة للبائع و الوجه فیه أنّ البائع للعین اما أن یقصد بیع العین مسلوبة المنفعة و اما بوصف کونها ذا منفعة و لا ثالث و المفروض أنّ البائع معتقد أنّها مسلوبة المنفعة و طبعا مع هذا الاعتقاد لا یبیع العین متصفة بالوصف بل یبیعها مسلوبة فالنتیجة أنّ المنفعة تبقی فی ملکه و لا مقتضی لدخولها فی ملک المشتری و یؤکد ما ذکرناه ما أفاده بعد اختیاره للوجه الثانی بأنّه لو شرطا کونها مسلوبة المنفعة بعد اعتقاد البقاء کان لما ذکر أی للانتقال الی البائع وجه و الوجه المشار إلیه عبارة عن انّ البائع لم یقصد تملیک العین مع المنفعة بل

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 48

______________________________

ملکها مسلوبة المنفعة و هذا الملاک بعینه موجود فی صورة الاعتقاد بکونها مسلوبة المنفعة و الحال أنّ الواقع لا یکون کذلک.

ثم انّه لو قلنا برجوع المنفعة الی المشتری کما اختاره الماتن فهل یکون

للبائع الخیار أم لا؟ الظاهر ثبوته و الوجه فیه أنّ البائع یبیع العین مسلوبة المنفعة فطبعا فی ارتکازه أنّه لو لم یبقی الامر علی طبق اعتقاده یکون له الخیار بلا فرق بین کونه مغبونا و عدمه إذ علی ما قلنا یکون الخیار مشروطا ضمنا و لکن قد تقدم منّا أنّ الحق انتقال المنفعة الی البائع لا الی المشتری.

ثم انّ المشتری للعین اذا کان نفس المستأجر فهل یوجب البیع انفساخ الاجارة من زمن البیع أم لا؟ الحق هو الثانی و الوجه فیه أنه لا مقتضی للانفساخ و لا دلیل علیه و یتفرع علی المختار من عدم الانفساخ أحکام.

منها: أنّه یجب علی المشتری کلا الأمرین الثمن و الاجرة أمّا الثمن فلتملکه العین و أما الاجرة فلتملکه المنفعة و منها: بقاء المنفعة فی ملکه لو فسخ البیع باحد أسبابه بخلاف القول الأول و هو الانفساخ فانّه علیه تکون المنفعة تابعة للعین و تنتقل الی البائع.

و منها: ارث الزوجة من المنفعة اذا کانت المنفعة مما لا ترث الزوجة منه لأنّ المفروض أن المنفعة مملوکة للزوج بالاستقلال لا بتبع العین کی یقال دلیل عدم ارث الزوجة من العقار یقتضی عدم ارثها من المنفعة التابعة للعین و بعبارة واضحة:

دلیل عدم الارث باطلاقه یقتضی عدم الارث من الأصل و مما یکون تابعا له و صفوة القول: أن المستفاد من النصوص أن الزوجة لا ترث من العقار و المنفعة التابعة لها أی قابلیّة السکنی و أما اذا لم تکن مملوکة بالتبع بل کانت مملوکة بالاستقلال فلا مانع عن الارث لوجود المقتضی و عدم المانع.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 49

(مسألة 2): لو وقع البیع و الاجارة فی زمان

واحد کما لو باع العین مالکها علی شخص و آجرها وکیله علی شخص آخر و اتفق وقوعهما فی زمان واحد فهل یصحان معا و یملکها المشتری مسلوبة المنفعة کما لو سبقت الاجارة أو یبطلان معا للتزاحم فی ملکیة المنفعة أو یبطلان معا بالنسبة الی تملیک المنفعة فیصح البیع علی أنها مسلوبة المنفعة تلک المدة فتبقی المنفعة علی ملک البائع وجوه اقواها الأول لعدم التزاحم فانّ البائع لا یملک المنفعة و انّما یملک العین و ملکیة العین توجب ملکیة المنفعة للتبعیة و هی متأخرة عن الاجارة (1).

______________________________

و منها: أنّه لو تلفت العین قبل انتهاء مدة الاجارة فعلی القول بعدم الانفساخ یمکن للمشتری الذی استأجر العین أن یأخذ بخیار تبعض الصفقة و یفسخ الاجارة و یدفع الی الموجر اجرة المثل بالنسبة الی المقدار الذی استوفی من العین کما أنّ له ابقاء العقد بحاله و استرداد المقدار المقابل لبقیة المدة إذ بالانفساخ ینکشف بطلان الاجارة بالنسبة الی بقیة المدة و أمّا علی القول بالانفساخ فیسترد المشتری الاجرة من البائع من زمان البیع.

هذا ما یری فی بعض الکلمات کما فی عبارة سیدنا الاستاد فی تقریره الشریف و لکن قد تقدم منّا أنّ الاجارة لا تنحل الی اجارات عدیدة و عقود متعددة بل اجارة واحدة و بتلف العین ینکشف بطلان الاجارة فیرجع العوض الی ملک المستأجر بل لم یخرج عن ملکه لفرض کون الاجارة باطلة و علیه یدفع اجرة المثل للمقدار الذی استوفی من العین الّا أن یقوم اجماع تعبدی کاشف عن رأی المعصوم علیه السّلام علی صحة الاجارة و انفساخها من زمان التلف.

[مسألة 2: لو وقع البیع و الاجارة فی زمان واحد]

(1) یظهر من کلامه أن الوجوه المتصورة فی المقام ثلاثة: الوجه الأول صحة کلا الامرین بتقریب:

انّ تملیک العین یجتمع مع تملیک المنفعة و لا تزاحم بین الأمرین

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 50

______________________________

فبیع العین من أحد و تملیک المنفعة من آخر لا تنافی بینهما فیصح کلاهما.

و یرد علیه أن البیع تملیک للعین مع منافعها فیقع التزاحم بالنسبة الی المنفعة فبمقتضی التبعیة تکون المنفعة للمشتری و بمقتضی الاجارة تکون للمستأجر.

ان قلت: تملیک المنفعة فی البیع متأخر رتبة عن تملیک العین و الحال أنّ تملیک تلک المنفعة بالاجارة فی عرض البیع فلا یکون تملیک المنفعة فی البیع فی رتبة تملیک المنفعة فی الاجارة فلا تزاحم بین الموردین.

قلت: لا وجه للتقدم الرتبی فی المقام فانّ التقدم الرتبی متقدم بملاک التقدم و لولاه لم یکن وجه له فاذا فرضنا أن تملیک المنفعة فی البیع متأخر رتبة عن تملیک العین فلا وجه لکونه متأخرا کذلک عن الاجارة إذ لا ملاک للتقدم.

و ثانیا: انّا نسلّم التقدم و التأخر الرتبی فی المقام لکن لا اثر له اذ المفروض أنّ تملیک المالک للمنفعة من شخص و تملیک وکیله المنفعة من شخص آخر متنافیان و لا مرجح لأحدهما علی الآخر الّا أن یقال مع تسلم التأخر الرتبی لا مجال للإشکال فانّ المتقدم الرتبی لا یبقی مجالا للمتأخر.

الوجه الثانی: أن یبطلا بالنسبة الی تملیک المنفعة للتزاحم فیها و أمّا بالنسبة الی تملیک نفس العین فلا مانع عن الصحة مع وجود المقتضی.

و یرد علیه أنه لو کان البیع تملیکا للعین و تملیکا للمنفعة و کان التملیکان مستقلین کان لما ذکر وجه لکن الأمر لیس کذلک فإن البائع یملک العین بوصف کونها ذا منفعة و المفروض عدم امکان صحة تملیک المنفعة للتزاحم المفروض و لا مجال للتبعیض

بأن یصحّ البیع بالنسبة الی العین و یفسد بالنسبة الی تملیک المنفعة و الّا یلزم تخلف العقد عن القصد و الحال أنّ العقود تابعة للقصود.

ان قلت: کیف یمکن تعلق البیع بالعین الموصوفة اذ یسئل أنّ البیع معلق علی

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 51

(مسألة 3): لا تبطل الاجارة بموت المؤجر و لا بموت المستأجر علی الأقوی نعم فی اجارة العین الموقوفة اذا آجر البطن السابق تبطل بموته بعد الانتقال الی البطن اللاحق لأنّ الملکیة محدودة و مثله ما لو کانت المنفعة موصی بها للمؤجر ما دام حیا بخلاف ما اذا کان المؤجر هو المتولی للوقف و آجر لمصلحة البطون الی مدّة فإنها لا تبطل بموته و لا بموت البطن الموجود حال الاجارة و کذا تبطل اذا آجر نفسه للعمل بنفسه من خدمة أو غیرها فانّه اذا مات لا یبقی محلّ للإجارة و کذا اذا مات المستأجر الذی هو محل العمل من خدمة أو عمل آخر متعلق به بنفسه، و لو جعل العمل فی ذمته لا تبطل الاجارة بموته بل یستوفی من ترکته و کذا بالنسبة الی المستأجر اذا لم یکن محلا للعمل بل کان مالکا له علی المؤجر کما اذا آجره للخدمة من غیر تقیید بکونها له فانّه اذا مات تنتقل الی وارثه فهم یملکون علیه

______________________________

وجود الوصف أو یکون المبیع مقیدا بکونه موصوفا و کلا الشقین باطلان أما الأول فلبطلان التعلیق فی العقود و أمّا الثانی فلعدم قابلیة الجزئی الحقیقی للتقیید.

قلت: لا هذا و لا ذاک بل یشار الی الخارج الموصوف مثلا اذا فرضنا أنّ المتعاقدین اعتقدا أنّ العبد الفلانی متّصف بالکتابة و قصدا فی مقام البیع تملیک العبد المشار

الیه المتصف بالصفة لا یکون التملیک معلقا علی شی ء و لا یکون الوصف قیدا للمبیع و المقام کذلک فلا اشکال الّا أن یقال: لا یکون الأمر خارجا عن النحوین المذکورین أی إما معلق و إمّا یکون المتعلق مقیدا فهذا الوجه هو الصحیح.

الوجه الثالث: بطلان کلیهما و الوجه فی البطلان أنّ المالک یملک العین موصوفة بکونها مع المنفعة و الحال أنّه لا یمکن صحة تملیک المنفعة لوجود المزاحم و عدم المرجح فالنتیجة بطلان کلا العقدین أمّا عقد الاجارة فللتزاحم و أمّا عقد

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 52

ذلک العمل و اذا آجر الدار و اشترط علی المستأجر سکناه بنفسه لا تبطل بموته و یکون للموجر خیار الفسخ نعم اذا اعتبر سکناه علی وجه القیدیة تبطل بموته (1).

______________________________

البیع فلأنّ العقود تابعة للقصود و حیث إنه البیع واقع علی العین الموصوفة و المفروض أنّه لم یمض و من ناحیة اخری لا دلیل علی التبعیض فتکون النتیجة بطلان کلیهما.

و قد تقدم قریبا أنّ القاعدة تقتضی التبعیض أی یکون مقتضی القاعدة صحة البیع و بطلان الاجارة أما صحة البیع فلوجود المقتضی و عدم المانع و لا مجال لأن یقال: البائع قصد العین المقیدة فانّ الجزئی الخارجی غیر قابل للتقیید هذا من ناحیة و من ناحیة اخری أنّ التعلیق یفسد العقد.

[مسألة 3): لا تبطل الاجارة بموت المؤجر و لا بموت المستأجر علی الأقوی]

اشارة

(1) فی هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنّ الاجارة لا تبطل لا بموت المؤجر و لا بموت المستأجر

و الکلام فی المقام یقع تارة فی مقتضی القاعدة الأولیة و اخری فیما یقتضیه النصّ الخاصّ أما المقام الأول فالأمر کما أفاده فی المتن فانّه لا مقتضی للبطلان.

و بعبارة اخری: العقد صادر من أهله و واقع فی محله و لا موجب لبطلانه لا حدوثا و لا بقاء.

و أمّا المقام الثانی فربما یقال: یستفاد من حدیث ابراهیم بن محمد الهمدانی قال:

کتبت الی أبی الحسن علیه السّلام و سألته عن امرأة اجرت ضیعتها عشر سنین علی أن تعطی الاجارة فی کل سنة عند انقضائها لا یقدم لها شی ء من الاجارة ما لم یمض الوقت فماتت قبل ثلاث سنین أو بعدها هل یجب علی ورثتها انفاذ الاجارة الی الوقت أم تکون الاجارة منقضیة بموت المرأة؟ فکتب: ان کان لها وقت مسمی لم یبلغ فماتت فلورثتها تلک الاجارة فان لم تبلغ ذلک الوقت و بلغت ثلثه أو نصفه أو

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 53

______________________________

شیئا منه فتعطی ورثتها بقدر ما بلغت من ذلک الوقت ان شاء اللّه «1» بطلان الاجارة بموت الموجر و لکن التوهم المذکور فی غیر محله فانّ الحدیث المشار الیه ضعیف سندا لعدم ثبوت وثاقة ابراهیم و مجرد کونه وکیل الناحیة لا یستلزم الوثاقة فی القول مضافا الی أنّه غیر واضح الدلالة علی المدعی فلاحظ، و الحدیث بسنده الآخر أیضا ضعیف.

الفرع الثانی: أنّه لو آجر البطن الموجود الوقف مدة سنة مثلا و قبل تمام المدة مات

و انتقل الوقف الی البطن اللاحق ینکشف أنّ الاجارة بالنسبة الی بقیة المدة فضولیة و هل تکون صحیحة بالنسبة الی مدة الحیاة أم لا؟

الظاهر هو الأول اذ القاعدة و ان کانت مقتضیة للبطلان لکن مقتضی مکاتبة الصفار، انّه کتب الی أبی محمد الحسن ابن علی العسکری علیه السّلام فی رجل

باع قطاع أرضین فیحضره الخروج الی مکة و القریة علی مراحل من منزله و لم یکن له من المقام ما یأتی بحدود أرضه و عرف حدود القریة الأربعة فقال للشهود: اشهدوا أنی قد بعت فلانا یعنی المشتری جمیع القریة التی حدّ منها کذا و الثانی و الثالث و الرابع و انّما له فی هذه القریة قطاع أرضین فهل یصلح للمشتری ذلک و انّما له بعض هذه القریة و قد أقرّ له بکلّها فوقع علیه السّلام: لا یجوز بیع ما لیس یملک و قد وجب الشراء من البائع علی ما یملک «2» الصحة بالنسبة الی مدة حیاة البطن السابق الذی آجر فانّ الحدیث و ان کان واردا فی البیع لکن لا یبعد أنّ العرف یفهم منه عدم الفرق بین المقامین فتأمّل و مما ذکر یظهر الحال فیما لو آجر الموصی له العین أزید من زمان حیاته فانّ الملاک فی کلا المقامین واحد.

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب الاجارة.

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب عقد البیع و شروطه.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 54

الفرع الثالث: أنّه لو آجر المتولی للوقف الوقف أزید من مدة حیاته

______________________________

لا تبطل الاجارة بموته.

و الوجه فیه انّ الأمر بیده فتکون اجارته مثل اجارة مالک العین و لا مقتضی للبطلان بموته.

الفرع الرابع: أنّه لو آجر نفسه لعمل مباشرة فی مدة و مات الموجر أثناء المدة

تبطل الاجارة من حین الموت و الکلام فیه الکلام و مثله ما لو آجر نفسه لعمل بالنسبة الی المستأجر بحیث یکون محل العمل نفس المستأجر فمات المستأجر أثناء المدة تبطل الاجارة و أمّا لو کانت الاجارة واقعة علی العمل علی الاطلاق و لا تکون مقیدة بالمباشرة و لا یکون المستأجر محلا للعمل فلا تبطل لا بموت الموجر و لا بموت المستأجر بل ینتقل ما فی ذمة الأجیر الی ورثة المستأجر ان کان المیت هو المستأجر و أما لو کان المیت هو الموجر یکون المستأجر مالکا لما فی ذمته و یکون من دیونه.

الفرع الخامس: أنّه لو آجر داره من غیره و شرط علیه أن یسکن بنفسه فیها

لا تبطل الاجارة بموت المستأجر لعدم وجه للبطلان غایة الأمر یکون للموجر خیار تخلف الشرط هذا ما أفاده الماتن.

و للمناقشة فیه مجال إذ لا تخلف فی مفروض الکلام و مع عدم التخلف لا مقتضی للخیار نعم إذا کان مرجع الشرط الی کون الساکن فیها نفس المستأجر و یکون مرجع الشرط الزام الطرف بأن یسکنه أی یکون المستأجر ملزما بالسکونة فی الدار یکون الشرط باطلا لعدم امکان العمل به و لکن قد حقق فی محله أنّ الشرط الفاسد لا یفسد العقد و یثبت للموجر خیار التخلف إذ المفروض أنّه تخلف الشرط و لا یختص الخیار بالتخلف الشرط الصحیح و لذا لو باع داره من أحد و اشترط

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 55

(مسألة 4): اذا آجر الولی أو الوصی الصبی المولی علیه مدة تزید علی زمان بلوغه و رشده بطلت فی المتیقن بلوغه فیه بمعنی أنّها موقوفة علی اجازته، و صحت واقعا و ظاهرا بالنسبة الی المتیقن صغره و ظاهرا بالنسبة الی المحتمل فاذا بلغ له أن یفسخ علی

الأقوی أی لا یجیز خلافا لبعضهم فحکم بلزومها علیه لوقوعها من أهلها فی محلها فی وقت لم یعلم لها مناف و هو کما تری نعم لو اقتضت المصلحة اللازمة المراعاة اجارته مدة زائدة علی زمان البلوغ بحیث تکون اجارته أقلّ من تلک المدة خلاف مصلحته تکون لازمة لیس له فسخها بعد بلوغه و کذا الکلام فی اجارة أملاکه (1).

______________________________

علیه أن یشرب الخمر و المشتری لم یشرب یکون للبائع الخیار و الوجه فیه أنّ الخیار فی المقام بالاشتراط الارتکازی و لا فرق فیه بین الموارد فلاحظ.

الفرع السادس: انّه لو آجر داره من زید لخصوص سکناه مدة سنة

فمات المستأجر أثناء المدة تبطل الاجارة لعدم قابلیة مورد الاجارة للتحقق الخارجی.

[مسألة 4: اذا آجر الولی أو الوصی الصبی المولی علیه مدة تزید علی زمان بلوغه و رشده]

(1) قد فصّل الماتن فی تصرف الولی أو الوصی فی نفس الصبی أو ماله مدة تزید علی زمان بلوغه بین أن یکون التصرف بهذا النحو علی مصلحة الصبی و ما لم یکن کذلک فحکم بالصحة و اللزوم فی الصورة الاولی و بالبطلان بالنسبة الی زمان بلوغه و افتقاده الی اجازته بعد بلوغه.

و الذی یختلج بالبال أن یقال: لا بد من التفصیل بین التصرف فی ماله و التصرف فی نفسه بأن یقال: اذا کان التصرف مالیا یقع و یلزم و لیس له بعد البلوغ ردّه اذ بمقتضی اطلاق الدلیل الدال علی جواز التصرف المالی فیما یکون علی طبق المصلحة یحکم بصحة تصرفه المالی و لو بالنسبة الی زمان البلوغ و أمّا اذا کان التصرف فی نفسه کإجارته مثلا فلا یکون نافذا الّا بالنسبة الی زمان صغره لعدم الدلیل علی

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 56

(مسألة 5): اذا آجرت امرأة نفسها للخدمة مدة معینة فتزوجت قبل انقضائها لم تبطل الاجارة و إن کانت الخدمة منافیة لاستمتاع الزوج (1).

______________________________

نحو الاطلاق کی یؤخذ به و مع عدم الدلیل تکون اصالة عدم ولایة احد علی غیره محکما.

إن قلت: المفروض انّ التصرف بالنحو المشار الیه علی طبق صلاحه فکیف لا یصح؟ قلت مجرد الصلاح لا یقتضی جواز التصرف و مع عدم الدلیل لا بد من الاقتصار علی القدر المتیقن.

و صفوة القول: ان الولایة تحتاج الی الدلیل و مجرد کون التصرف صلاحا لا یقتضی الجواز نعم اذا کان الأمر و اصلا الی حدّ بحیث یلزم التصرف لا بدّ من دخالة الحاکم اذ المفروض أنه مرجع

فی جمیع الامور الحسبیة فلاحظ.

بقی شی ء و هو: انّ عقد الاجارة لا یبعض علی متعلقه و علیه یشکل الحکم بصحة بعض المدة الّا أن یقال: یفهم من الحکم بالصحة فی بیع ما یملکه و ما لا یملکه عدم الفرق بین البیع و الاجارة فتأمل.

[مسألة 5: اذا آجرت امرأة نفسها للخدمة مدة معینة فتزوجت قبل انقضائها لم تبطل الاجارة]

(1) الأمر کما أفاده اذ المفروض أنّ المرأة فی زمان اجارتها لم تکن مزوجة و کان اختیارها بیدها و ملکت منفعتها من المستأجر ثمّ زوجت مسلوبة المنفعة فکأنّها غیر قابلة للاستمتاع.

ان قلت: للمناقشة فیما ذکر مجال إذ المفروض أنّ الاجارة توجب و تلزم صرف زمانها لذلک العمل الذی آجرت نفسها له و من ناحیة اخری التزویج یوجب وجوب تمکینها للزوج و مع التنافی یقع التزاحم بین الامرین فلا بدّ من اعمال قانون ذلک الباب و مجرد تقدم احد السببین علی الآخر زمانا لا یقتضی الترجیح.

قلت: المفروض أنّ الاجارة توجب صیرورة تلک المنفعة للمستأجر و لا یکون مجرد حکم تکلیفی کی یقال بوقوع التزاحم بین الالزامین بل المنفعة مملوکة للغیر و مع کونها مملوکة للغیر لا یعقل تعلق الوجوب و الالزام بصرفها بالنسبة الی الزوج فلاحظ.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 57

[مسألة 6: اذا آجر عبده أو امته للخدمة ثمّ أعتقه]

(مسألة 6): اذا آجر عبده أو امته للخدمة ثمّ أعتقه لا تبطل الاجارة بالعتق و لیس له الرجوع علی مولاه بعوض تلک الخدمة فی بقیة المدة لأنّه کان مالکا لمنافعه ابدا و قد استوفاها بالنسبة الی تلک المدة فدعوی أنّه فوّت علی العبد ما کان له حال حریته کما تری نعم یبقی الکلام فی نفقته فی بقیة المدة ان لم یکن شرط کونها علی المستأجر و فی المسألة وجوه أحدها: کونها علی المولی لأنه حیث استوفی بالاجارة منافعه فکأنّه باق علی ملکه، الثانی أنه فی کسبه ان امکن له الاکتساب لنفسه فی غیر زمان الخدمة و إن لم یمکن فمن بیت المال و ان لم یکن فعلی المسلمین کفایة، الثالث أنه ان لم یمکن اکتسابه فی غیر زمان الخدمة

ففی کسبه و إن کان منافیا للخدمة، الرابع أنه من کسبه و یتعلق مقدار ما یفوت منه من الخدمة بذمته، الخامس أنه من بیت المال من الأول و لا یبعد قوة الوجه الأول.

[مسألة 7: اذا وجد المستأجر فی العین المستأجرة عیبا سابقا علی العقد و کان جاهلا به]

اشارة

(مسألة 7): اذا وجد المستأجر فی العین المستأجرة عیبا سابقا علی العقد و کان جاهلا به فان کان مما تنقص به المنفعة فلا اشکال فی ثبوت الخیار له بین الفسخ و الابقاء و الظاهر عدم جواز مطالبته الارش فله الفسخ أو الرضا بها مجانا نعم لو کان العیب مثل خراب بعض بیوت الدار فالظاهر تقسیط الأجرة لأنه یکون حینئذ من قبیل تبعّض الصفقة و لو کان العیب ممّا لا تنقص معه المنفعة کما اذا تبین

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 58

کون الدابّة مقطوعة الأذن أو الذنب فربما یشکل فی ثبوت الخیار معه لکن الأقوی ثبوته اذا کان ممّا یختلف به الرغبات و تتفاوت به الاجرة و کذا له الخیار اذا حدث فیها عیب بعد العقد و قبل القبض بل بعد القبض أیضا و إن کان استوفی بعض المنفعة و مضی بعض المدة هذا اذا کانت العین شخصیة و أمّا اذا کانت کلیة و کان الفرد المقبوض معیبا فلیس له فسخ العقد بل له مطالبة البدل نعم لو تعذر البدل کان له الخیار فی أصل العقد (1).

______________________________

(1) فی هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه لو وجد المستأجر عیبا فی العین المستأجرة

و کان العیب سابقا علی العقد و کان المستأجر جاهلا به و کان العیب بحیث تنقص به المنفعة المقصودة بواسطة ذلک العیب کما لو استأجر غرفة للسکنی فانکشف انّها مرطوبة یکون للمستأجر خیار الفسخ.

و الوجه فیه الاشتراط الارتکازی الضمنی و لا حقّ له فی مطالبة الارش لعدم الدلیل علیه و دلیله یختص بالبیع فلا وجه لإسراء ذلک الحکم الی باب الاجارة.

الفرع الثانی: أنّه لو کان العیب مثل خراب بعض بیوت الدار

فحکم الماتن بالتقسیط کما أنّ الامر کذلک فی تبعض الصفقة فی باب البیع کما لو باع مصرعی الباب فانکشف أنّ العین الموجودة فی الخارج مصراع واحد.

و یرد علیه أنّه لا بد من التفصیل إذ ربما تقع الاجارة علی کل واحد من البیوت بحیاله و استقلاله و یکون مورد الاجارة متعددا و اخری یکون موردها واحدا غایة الامر تکون الاجارة مشروطة بشرط فان کانت من القسم الأول فما أفاده من التقسیط تامّ اذ المفروض تعدد الاجارة غایة الامر یثبت للمستأجر خیار الشرط اذ الارتکاز یقتضی اشتراط الانضمام و مع التخلف یکون للمشروط له خیار الفسخ.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 59

______________________________

و أمّا إن کانت من القسم الثانی فالاجارة صحیحة و لا مجال للتقسیط اذ المفروض انّ مورد الاجارة امر واحد و لا تعدد للإجارة غایة الأمر یکون للمستأجر خیار تخلف الشرط فله الفسخ و له ابقاء العقد و صرف النظر عن الاشتراط.

الفرع الثالث: انّه لو کان العیب لا یوجب نقصا فی الانتفاع

کما لو کانت الدابة مقطوعة الاذن أو الذنب فهل یکون موجبا للخیار أم لا؟ الحق أن یفصل بأن یقال:

تارة یکون العیب موجبا لنقصان القیمة و قلة الرغبة و اخری لا یوجب شیئا أما علی الأول فالحقّ ثبوت الخیار بعین ذلک التقریب أی الاشتراط الارتکازی و أمّا علی الثانی فلا وجه للخیار کما هو ظاهر.

الفرع الرابع: أنّه لو وجد العیب بعد العقد بل بعد القبض یکون للمستأجر خیار الفسخ

و الوجه فیه ذلک الاشتراط الارتکازی و بعبارة واضحة: المقصود من الاجارة الانتفاع من العین مع اشتراط کونها صحیحة قابلة للانتفاع بها فاذا لم تکن کذلک یدخل فی باب تخلف الشرط و من ناحیة اخری تخلف الشرط یوجب الخیار فلا فرق بین العیب السابق و الحادث بعد القبض.

ان قلت: ما الفرق بین البیع و الاجارة من هذه الجهة و أی موجب للقول بثبوت الخیار فی المقام و عدم القول به فی باب البیع؟

قلت: البیع یوجب انتقال العین الی المشتری فاذا فرض کون العین فی حال الانتقال الی المشتری کانت صحیحة و حدث العیب فیها بعد القبض فلا وجه و لا موجب للخیار اذ المفروض أنّ العین مملوکة للمشتری و العیب حادث فی ملکه فلا وجه لتزلزل العقد و أمّا فی باب الاجارة فالعین مملوکة للموجر و العیب حادث فی ملکه و المفروض أنّ العیب الحادث فی العین موجب لانتفاء الفائدة المرغوبة

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 60

(مسألة 8): اذا وجد المؤجر عیبا سابقا فی الاجرة لم یکن عالما به کان له فسخ العقد و له الرضا به و هل له مطالبة الأرش معه لا یبعد ذلک بل ربما یدّعی عدم الخلاف فیه لکن هذا اذا لم تکن الاجرة منفعة عین و الّا فلا ارش فیه مثل

ما مرّ فی المسألة السابقة من کون العین المستأجرة معیبة هذا اذا کانت الاجرة عینا شخصیة و أمّا اذا کانت کلیة فله مطالبة البدل لا فسخ اصل العقد الّا مع تعذر البدل علی حذو ما مر فی المسألة السابقة (1).

______________________________

فبمقتضی الشرط الارتکازی تحقق الخیار.

الفرع الخامس: أنّ مورد الاجارة ان کان کلیا و العیب فی الفرد الخارجی لا یکون للمستأجر الخیار

بل له تبدیل العین بعین اخری نعم لو لم یکن التبدیل قابلا کان له الخیار بالشرط الارتکازی فلاحظ.

[مسألة 8: اذا وجد المؤجر عیبا سابقا فی الأجرة لم یکن عالما به]

(1) اذا وجد المؤجر عیبا سابقا فی الاجرة و لم یکن عالما به حین العقد فتارة تکون الاجرة أمرا کلیا و اخری شخصیا و علی الثانی تارة تکون عینا و اخری منفعة أمّا علی الأول فلا خیار له بل له التبدیل نعم لو تعذر یکون له الخیار فی فسخ العقد للاشتراط الارتکازی کما سبق.

و أمّا علی الثالث فله الخیار کما مر نظیره فی المسألة السابقة و أما علی الثانی فیکون له الخیار بالاشتراط الارتکازی و هل یکون له مطالبة الارش کما فی المتن أم لا؟ الحق أنّ الالتزام به مشکل لعدم الدلیل علیه و کما مرّ نظیره اذ الارش علی خلاف القاعدة الاولیة و الدلیل الدالّ علیه یختص بالبیع و دعوی عدم الفرق عهدتها علی مدعیها.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 61

(مسألة 9): إذا أفلس المستأجر بالاجرة کان للمؤجر الخیار بین الفسخ و استرداد العین و بین الضرب مع الغرماء نظیر ما اذا أفلس المشتری بالثمن حیث إنّ للبائع الخیار اذا وجد عین ماله (1).

(مسألة 10): إذا تبین غبن المؤجر أو المستأجر فله الخیار اذا لم یکن عالما به حال العقد الّا اذا اشترطا سقوطه فی ضمن العقد (2).

[مسألة 9): إذا أفلس المستأجر بالاجرة کان للمؤجر الخیار بین الفسخ و استرداد العین و بین الضرب مع الغرماء]

______________________________

(1) قد حکم قدّس سرّه بثبوت الخیار عند افلاس المستأجر و الحق أنّ الالتزام به فی غایة الاشکال لعدم الدلیل علیه و ما یمکن أن یذکر فی تقریبه أمران: أحدهما عدم الخلاف و أنّ الاصحاب فهموا من النصوص الواردة فی باب البیع عدم الخصوصیة.

ثانیهما: استفادة الاطلاق من بعض النصوص لاحظ ما رواه عمر بن یزید عن أبی الحسن علیه السّلام قال: سألته عن الرجل یرکبه الدین فیوجد متاع رجل عنده بعینه

قال: لا یحاصه الغرماء «1».

بتقریب أنّ مقتضی الاطلاق فی کلام المعصوم علیه السّلام عدم الفرق بین البیع و الاجارة.

و یرد علی الوجه الأول أنّ عدم الخلاف لا یکون من الادلة و فهم الاصحاب لا یکون حجة علینا، و أما الوجه الثانی فالانصاف أنّه غیر تام فانّ المتاع فی باب البیع مملوک للمشتری فعلی القاعدة یکون داخلا فیما یحجر بالنسبة الیه و أمّا فی الاجارة فتکون العین مملوکة للمؤجر و لا مقتضی للحجر فیها.

مضافا الی أنّ الظاهر من الخبر أنّه وجد ملک الغیر فی أموال المحجور و الامام علیه السّلام حکم بعدم محاصته فیکون المراد أنّه لا یدخل مال الغیر فی أمواله لعدم المقتضی و لا یکون المراد اثبات الخیار کی یجری فی باب الاجارة أیضا فلاحظ.

[مسألة 10: إذا تبین غبن المؤجر أو المستأجر فله الخیار اذا لم یکن عالما به حال العقد]

(2) کما ثبت فی باب البیع بعین الملاک و هو الاشتراط الارتکازی عند العقلاء

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الحجر الحدیث 2.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 62

(مسألة 11): لیس فی الاجارة خیار المجلس و لا خیار الحیوان بل و لا خیار التأخیر علی الوجه المذکور فی البیع و یجری فیها خیار الشرط حتی للأجنبی و خیار العیب و الغبن کما ذکرنا بل یجری فیها سائر الخیارات کخیار الاشتراط و تبعض الصفقة و تعذر التسلیم و التفلیس و التدلیس و الشرکة و ما یفسد لیومه و خیار شرط ردّ العوض نظیر شرط ردّ الثمن فی البیع (1).

(مسألة 12): اذا آجر عبده أو داره مثلا ثم باعه من المستأجر لم تبطل الاجارة فیکون للمشتری منفعة العبد مثلا من جهة الاجارة قبل انقضاء مدتها لا من جهة تبعیة العین و لو فسخت الاجارة رجعت الی

______________________________

الممضی عند

الشرع الأقدس بشرط الجهل و عدم اشتراط خلافه.

و بعبارة اخری: خیار الغبن متقوم بالاشتراط فاذا فرض عدمه فلا مقتضی لثبوته و الحق فی التعبیر أن یقال خیار الغبن ثابت مع الاشتراط و غیر ثابت عند عدمه و لا مجال لأن یقال الّا مع الاسقاط إذ مع عدم الاشتراط لا مقتضی لثبوته کی یسقط بالاسقاط.

[مسألة 11: لیس فی الاجارة خیار المجلس و لا خیار الحیوان]

(1) المیزان الکلی أنّ کلّ خیار یکون ثبوته فی البیع بواسطة النص الخاصّ فلا یجری فی الاجارة لعدم المقتضی لجریانه فیها و أما ما یثبت فی البیع بلحاظ الشرط الارتکازی فیجری فی الاجارة بعین الملاک و الخیار الثابت بالشرط من هذا القبیل.

________________________________________

قمّی، سید تقی طباطبایی، الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، در یک جلد، انتشارات محلاتی، قم - ایران، اول، 1423 ه ق الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة؛ ص: 62

ثم إنّه هل یجوز جعل الخیار للأجنبی کما فی المتن أم لا؟ الحق هو الثانی لعدم الدلیل علیه و بعبارة واضحة: لو فرض اشتراط الخیار للأجنبی نشک فی جوازه و مضیه شرعا و عدمه یکون مقتضی الاصل عدم نفوذه و یکون عموم وجوب الوفاء بالعقد محکما و لا مجال للأخذ بدلیل نفوذ الشرط إذ دلیل الشرط لا یکون مشرعا کما هو ظاهر فلا یمکن الأخذ به لا ثبات الجواز.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 63

البائع و لو مات بعد القبض رجع المشتری المستأجر علی البائع بما یقابل بقیة المدة من الاجرة و إن کان تلف العین علیه و اللّه العالم (1).

[مسألة 12: اذا آجر عبده أو داره مثلا ثم باعه من المستأجر لم تبطل الإجارة]

______________________________

(1) الأمر کما أفاده فی هذه المسألة و علی طبق القاعدة فانّ مالک العین کمالک الدار اذا آجر داره مدة سنة مثلا و بعد مضیّ شهر باع الدار من المستأجر یکون المستأجر مالکا للعین بالبیع و مالکا للمنفعة فی تلک المدة بالاجارة و یترتب علی کلّ واحد من العقدین حکمه فاذا فرض تلف العین بعد القبض یکون التلف من المشتری اذ المفروض أنّ التلف بعد القبض فلا یشمله دلیل «کل مبیع

تلف قبل قبضه فهو من مال بایعه» و أمّا الاجارة فعلی ما هو المشهور عند القوم تبطل بالنسبة الی بقیة المدة و قد مرّ حکم المسألة سابقا و تکلمنا حوله علی نحو التفصیل فلا وجه للإعادة.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 64

[فصل فی أحکام العوضین]

اشارة

فصل یملک المستأجر المنفعة فی اجارة الأعیان و العمل فی الاجارة علی الأعمال بنفس العقد من غیر توقف علی شی ء کما هو مقتضی سببیة العقود کما أنّ المؤجر یملک الأجرة ملکیة متزلزلة به کذلک و لکن لا یستحق المؤجر مطالبة الأجرة الّا بتسلیم العین أو العمل کما لا یستحق المستأجر مطالبتهما الّا بتسلیم الاجرة کما هو مقتضی المعاوضة و تستقرّ ملکیة الأجرة باستیفاء المنفعة أو العمل أو ما بحکمه فاصل الملکیة للطرفین موقوف علی تمامیة العقد و جواز المطالبة موقوف علی التسلیم و استقرار ملکیة الاجرة موقوف علی استیفاء المنفعة أو اتمام العمل أو ما بحکمهما فلو حصل مانع عن الاستیفاء أو عن العمل تنفسخ الاجارة کما سیأتی تفصیله (1).

______________________________

(1) لا إشکال فی أن عقد الاجارة توجب ملکیة المنفعة للمستأجر و ملکیة الاجرة للموجر و یجب علی کل واحد منهما تسلیم ما علیه و لا یکون لأحدهما حقّ مطالبة تسلیم ما علی الآخر الّا فی صورة تسلیم نفسه ما علیه و الوجه فی ذلک الشرط الارتکازی الضمنی ان قلت: لو شرط عدم حق المطالبة فانه یرجع الی شرط النتیجة فیکون مخالفا للشرع إذ لکل أحد حق مطالبة مملوکه و لا مجال للأخذ بدلیل الشرط لان دلیله لا یکون مشرعا و شرط الفعل جائز لکن لو عصی المشروط علیه یلزم الدفع عند عصیانه و مطالبته فما الحیلة؟

الغایة القصوی فی

التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 65

[مسألة 1: لو استأجر دارا مثلا و تسلمها و مضت مدة الإجارة استقرت الأجرة علیه سواء سکنها أم لم یسکنها باختیاره]

اشارة

(مسألة 1): لو استأجر دارا مثلا و تسلمها و مضت مدة الاجارة استقرت الاجرة علیه سواء سکنها أم لم یسکنها باختیاره و کذا اذا استأجر دابة للرکوب أو لحمل المتاع الی مکان کذا و مضی زمان یمکن له ذلک وجب علیه الاجرة و استقرت و ان لم یرکب أو لم یحمل بشرط أن یکون مقدرا بالزمان المتصل بالعقد، و أما اذا عینا وقتا فبعد مضی ذلک الوقت، هذا اذا کانت الاجارة واقعة علی عین معینة شخصیة من وقت معین، و أما ان وقعت علی کلی و عین فی فرد و تسلمه فالأقوی أنه کذلک مع تعیین الوقت و انقضائه نعم مع عدم تعیین الوقت فالظاهر عدم استقرار الاجرة المسماة و بقاء الاجارة

______________________________

قلت: السیرة العقلائیة جاریة علی الالتزام باشتراط عدم الحق و الشارع الأقدس قد أمضی هذه السیرة. و لا فرق بین المؤجر و المستأجر فی أنّ استقرار الملکیة بالنسبة الی کلّ واحد منهما یتوقف علی عدم ما یوجب انفساخ العقد و اذا فرضنا أنّه حدث مانع عن الاستیفاء فهل تنفسخ الاجارة کما فی عبارة الماتن أم لا، الظاهر أنّه لا وجه للقول بالانفساخ بل الأمر دائر بین انکشاف بطلان الاجارة و بین جواز الفسخ.

توضیح المدعی: أنّه تارة لا یکون الاستیفاء قابلا کما لو آجر دارا سنة و فی علم اللّه تلک الدار تنهدم بعد شهر و اخری یکون الاستیفاء قابلا لکن حدث ما یوجب عدم الامکان بقاء کما لو آجر نفسه لقراءة سورة من القرآن و کان یمکنه القراءة و لم یقرأ حتی مات أو صار غیر قادر علیها ففی الصورة الأولی ینکشف بطلان الاجارة بالنسبة

الی زمان الانعدام و یثبت للمستأجر خیار تبعض الصفقة و أمّا فی الثانیة فالاجارة صحیحة غایة الأمر یکون المستأجر مخیرا بین الفسخ و بین الصبر و أخذ اجرة المثل بالنسبة الی المقدار الفائت فلاحظ.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 66

و ان کان ضامنا لأجرة المثل لتلک المدة من جهة تفویته المنفعة علی المؤجر (1).

______________________________

(1) قد تعرض فی هذه المسألة لفروع:

الفرع الأول: أنّه لو استأجر دارا مثلا و تسلّمها استقرت الأجرة علی المستأجر

بلا فرق بین أن یستفید الفائدة المقصودة کأن یسکن الدار أو یرکب الدابة أم لا؟ و الوجه فیه أنّ المفروض تسلّم مورد الاجارة و عدم الاستیفاء باختیار المستأجر لا لعدم امکانه و لا فرق فیما ذکر بین کون الزمان الذی عین لاستیفاء تلک المنفعة متصلا بالعقد أو منفصلا بشرط مضیّ ذلک الزمان و عدم الاستیفاء هذا اذا کانت الاجارة واقعة علی العین الشخصیة.

الفرع الثانی: أنّه لو وقعت الاجارة علی الکلی و عین الوقت و لم یستوفی المستأجر مع تسلم فرد من أفراد ذلک الکلی

فالأمر کما سبق فی الفرع الأول و الوجه فیه ما تقدم فی ذلک الفرع بلا فرق و بعبارة اخری: ملاک الحکم واحد فی کلا الفرعین.

الفرع الثالث: أنّه لو وقعت الاجارة علی الکلی بلا تعیین للوقت

فلا تستقر الاجرة المسماة علی المستأجر و إن کان ضامنا لأجرة المثل للموجر.

و یرد علیه أولا: أنّه ما الفرق بین الفرع الثانی و الثالث مع وحدة الملاک فانّ مقتضی القاعدة استقرار الاجرة المسماة و لا وجه لضمانه لأجرة المثل.

و ثانیا: أنّه کیف یمکن الجمع بین قوله بعدم استقرار الاجرة المسماة و قوله ببقاء الاجارة فانّ الجمع بین الامرین جمع بین المتنافیین اذ الاجارة إن کانت باقیة فلازمها ثبوت الاجرة المسماة و إن لم تکن باقیة فکیف یحکم ببقائها، و ثالثا أنّه کیف یتصور عدم تعیین الوقت فانّ الاهمال غیر معقول فی الواقع فلاحظ.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 67

(مسألة 2): إذا بذل الموجر العین المستأجرة للمستأجر و لم یتسلّم حتی انقضت المدة استقرّت علیه الأجرة و کذا اذا استأجره لیخیط له ثوبا معینا مثلا فی وقت معین و امتنع من دفع الثوب الیه حتی مضی ذلک الوقت فانّه یجب علیه دفع الاجرة سواء اشتغل فی ذلک الوقت مع امتناع المستأجر من دفع الثوب الیه بشغل آخر لنفسه أو لغیره أو جلس فارغا (1).

(مسألة 3): إذا استأجره لقلع ضرسه و مضت المدة التی یمکن إیقاع ذلک فیها و کان المؤجر باذلا نفسه استقرت الاجرة سواء کان المؤجر حرا أو عبدا باذن مولاه و احتمال الفرق بینهما بالاستقرار فی الثانی دون الأول لأنّ منافع الحرّ لا تضمن الّا بالاستیفاء لا وجه له لأنّ منافعه بعد العقد علیها صارت مالا للمستحق فاذا بذلها و لم یقبل کان تلفها

منه مع انّا لا نسلم أنّ منافعه لا تضمن الّا بالاستیفاء بل تضمن بالتفویت أیضا اذا صدق ذلک کما اذا حبسه و کان کسوبا فانّه یصدق فی العرف أنّه فوّت علیه کذا مقدارا هذا و لو استأجره لقلع ضرسه فزال الألم بعد العقد لم تثبت الأجرة لانفساخ الاجارة حینئذ (2).

[مسألة 2: إذا بذل الموجر العین المستأجرة للمستأجر و لم یتسلّم حتی انقضت المدة]

______________________________

(1) الأمر کما أفاده فانّ مقتضی صحة العقد لزوم العوض علی طرف العقد و انّما لا یلزم تسلیمه مع فرض امتناع الطرف المقابل عن التسلیم و أما الزائد علی هذا المقدار فلا دلیل علیه و هذا العرف العقلائی فی قبالک و من ناحیة اخری البذل فی حکم التسلیم فما أفاده فی الصورتین المذکورتین تامّ لا خدشة فیه.

[مسألة 3: إذا استأجره لقلع ضرسه و مضت المدة التی یمکن إیقاع ذلک فیها و کان المؤجر باذلا نفسه استقرت الأجرة]

اشارة

(2) فی هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: أنّه لو استأجره لقلع ضرسه و مضت المدة التی یمکن ایقاع العمل فیها و کان المؤجر باذلا نفسه

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 68

(مسألة 4): إذا تلفت العین المستأجرة قبل قبض المستأجر بطلت الاجارة و کذا اذا تلفت عقیب قبضها بلا فصل و أمّا اذا تلفت بعد استیفاء منفعتها فی بعض المدة فتبطل بالنسبة الی بقیة المدة فیرجع من الأجرة بما قابل المتخلّف من المدة إن نصفا فنصف و إن ثلثا فثلث مع تساوی الاجزاء بحسب الأوقات و مع التفاوت تلاحظ النسبة (1).

______________________________

تستقر الاجرة علی المستأجر و هذا ظاهر واضح و یکون من مصادیق المسألة السابقة و لا فرق بین أن یکون المؤجر عبدا أو حرا إذ الحرّ بعد ایجار نفسه لعمل یکون عمله مملوکا للمستأجر و یملک ما یقابله من الاجرة فلا مجال لأن یقال عمل الحرّ قبل الاستیفاء لا یضمن فانّه بعد ایجاره نفسه لعمل یکون عمله مضمونا بالعوض.

و أضاف الماتن أنّه لو کان الحرّ کسوبا و حبسه حابس و فوّت علیه المنفعة یکون الحابس ضامنا.

و یمکن أن یرد علیه: انّ الضمان یحتاج الی الدلیل و السیرة قائمة علی الضمان فی اتلاف المال و أمّا التفویت فلا سیرة علی الضمان فیه و لا أقل من الشک و حکمه البراءة من الضمان.

الفرع الثانی: أنّه لو استأجره لقلع الضرس و بعد العقد زال الألم تنفسخ الاجارة

أفاد السید الحکیم فی تقریب الاستدلال علی الحکم المذکور بأنّ قلع الضرس مع عدم الألم حرام و لا اجرة علی الحرام.

و یرد علیه أولا: أنّه علی فرض تمامیة المدعی لا بدّ من الالتزام ببطلان الاجارة من أول الأمر و لا مجال للقول بالانفساخ و ثانیا: أنّه لا وجه للحکم بالحرمة فانّ قلع الضرس لا یکون حراما کی یقال بأنّ الاجارة علیه باطلة.

[مسألة 4: إذا تلفت العین المستأجرة قبل قبض المستأجر بطلت الإجارة]

(1) الأمر کما أفاده لکن الحق فی التعبیر أن یقال: یکشف عن بطلان الاجارة

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 69

(مسألة 5): إذا حصل الفسخ فی أثناء المدة بأحد أسبابه تثبت الاجرة المسماة بالنسبة الی ما مضی و یرجع منها بالنسبة الی ما بقی کما ذکرنا فی البطلان علی المشهور و یحتمل قریبا أن یرجع تمام المسمی و یکون للموجر اجرة المثل بالنسبة الی ما مضی لأنّ المفروض انّه یفسخ العقد الواقع أولا و مقتضی الفسخ عود کل عوض الی مالکه بل یحتمل أن یکون الأمر کذلک فی صورة البطلان أیضا لکنه بعید (1).

______________________________

من أول الأمر لا أنّها کانت صحیحة ثم بطلت کما هو ظاهر العبارة و الوجه فی البطلان انّ الاجارة عبارة عن تملیک المنفعة و مع عدم المنفعة لا موضوع للتملیک.

و إن شئت قلت: الاجارة مع عدم المنفعة کالبیع بلا مبیع و هل یتصور البیع بلا مبیع و علیه لو فرض التلف من أول الأمر تکون الاجارة باطلة بالکلیة و إن تلفت العین بعد مضیّ مدة تکون الاجارة تامة الی بعض المدة و باطلة بالنسبة الی بعضها الآخر و فی الصورة الثانیة مع تساوی الاضرار بحسب الأوقات تحسب الاجرة بالتساوی و مع التفاوت تلاحظ النسبة هذا علی

تقدیر القول بالتبعیض فی مثل هذه الموارد فلاحظ.

[مسألة 5: إذا حصل الفسخ فی أثناء المدة بأحد أسبابه تثبت الأجرة المسماة بالنسبة إلی ما مضی]

(1) وقع الکلام بین القوم فی أنّ الفسخ من الأصل أو من الحین و الحق هو الثانی فانّ الفسخ فی البیع و الاجارة و أمثالهما کالطلاق فی باب النکاح فکما أنّ الطلاق لا یکون رافعا للزوجیة من أول الأمر کذلک الفسخ فی البیع مثلا لا یکون رافعا لعلقة الملکیة من أول الأمر.

ثم إنّه وقع الکلام أیضا فی أنّ الفسخ کالبطلان الحادث یوجب بقاء العقد بالنسبة الی ما مضی فی باب الاجارة و تبطل بالنسبة الی ما بقی من المدة أو أنّ الفسخ یوجب انعدام العقد من أول الامر و کأنّه لم یتحقق العقد فتکون النتیجة

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 70

______________________________

ثبوت اجرة المثل بالنسبة الی المدة الماضیة.

و القول الأول هو المشهور بین الأصحاب و اختاره الماتن و ذهب سیدنا الاستاد قدّس سرّه الی القول الثانی و استدل علی مدعاه بأنّ العقد من أول الأمر منوط و متوقف علی عدم الفسخ فاذا فرض الفسخ ینکشف عدم العقد و الالتزام من أول الامر فلا مقتضی للأجرة المسماة.

و یرد علیه أولا أنّه علی هذا لا مجال للنزاع فی أنّ الفسخ من الأصل أو من الحین اذ المفروض کون العقد معلقا علی عدم الفسخ و معه لا عقد فلا موضوع للنزاع المزبور و هو کما تری.

و ثانیا: أنّ التعلیق فی العقد یوجب بطلانه فکیف یلتزم بما یکون موجبا لانهدام الموضوع.

و ثالثا: انّ ما أفاده مخدوش من أصله و أساسه فانّ وزان الفسخ وزان الطلاق فکما أنّ الطلاق لا یتصور الّا مع بقاء الزوجیة کذلک لا یتصور الفسخ الّا مع بقاء العلقة الملکیة.

و بعبارة اخری: الفسخ لا

یکون غایة للعلقة الملکیة بل رافع لها و کم فرق بین الأمرین و إن شئت قلت: الفسخ یتوقف علی بقاء العلقة الملکیة فاذا فرض أنّ العلقة الملکیة تتوقف علی عدم الفسخ فمرجع هذا الکلام الی الجمع بین النقیضین إذ من ناحیة نقول موضوع الفسخ بقاء العلقة و الفسخ قاطع لها و من ناحیة اخری نقول بالفسخ تنتهی مدة العلقة فما أفاده فی مقام الاستدلال علی المدعی غیر تام بل فیه وجوه من الاشکال و الایراد.

و ربما یقال: إنّ قول المشهور یستلزم التبعض فلا بد من أن یکون رافعا بالکلیة.

و هذا البیان غیر تامّ فانّ المقام من الامور الاعتباریة و لعل ما ذهب الیه المشهور

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 71

______________________________

موافق للارتکاز بل التناسب بین الحکم و الموضوع یقتضی ذلک.

و یؤید المدعی بل یدل علیه أنّ بنائهم فی الفسخ فی باب البیع موافق لمذهب المشهور مثلا لو فرض أنّه باع دارا من زید و بعد سنة فسخ المشتری العقد لا یکون ضامنا للأجرة بالنسبة الی المدة التی استوفی من الدار و الحال أنّ الفسخ لو کان موجبا لفرض عدم العقد و عدم تحقق البیع کان اللازم اشتغال ذمته باجرة المثل إذ لو فرض العقد بعد الفسخ کالعدم کان تصرف المشتری فی الدار تصرفا فی ملک الغیر الذی یوجب الضمان باجرة المثل فالحق ما أفاده المشهور.

و یضاف الی ذلک کله أنّه لو قلنا بخلاف مقالة المشهور أی لو قلنا بأنّ الفسخ یجعل العقد کالعدم و یوجب رفع العلقة من الاساس فما معنی النزاع فی أنّ الفسخ من الأصل أو من الحین.

و بعبارة واضحة: لو لم نقل بمقالة المشهور یکون الفسخ من الاصل،

و الماتن بعد اختیاره مذهب المشهور أفاد بأنّه یحتمل قریبا أن یرجع تمام الاجرة المسماة الی المستأجر و یکون للموجر اجرة المثل و قال بعد ذلک بل یحتمل أن یکون الأمر کذلک فی صورة البطلان أی لو انفسحت الاجارة فی أثناء المدة بواسطة انهدام الدار مثلا یحتمل رجوع الاجرة بتمامها الی المستأجر و یکون للموجر أجرة المثل.

و أورد علیه سیدنا الاستاد قدّس سرّه بأنّه لا مجال للاحتمال المذکور فی مورد التلف إذ الاجارة و إن کانت واحدة صورة و لکن تنحلّ بحسب قطعات الزمان الی اجارات عدیدة و البطلان فی بعض الأفراد لا یقتضی البطلان فی الفرد الآخر بل غایته ثبوت الخیار للمستأجر خیار تبعض الصفقة الثابت بالشرط الارتکازی.

و یرد علیه أنّ الاجارة إن کانت متعددة و لا یرتبط بعض مصادیقها بالمصداق الآخر و فرض وجود ما یوجب ثبوت الخیار یلزم تعدد خیارات عدیدة بحسب

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 72

(مسألة 6): إذا تلف بعض العین المستأجرة تبطل بنسبته و یجئ خیار تبعض الصفقة (1).

(مسألة 7): ظاهر کلمات العلماء أنّ الاجرة من حین العقد مملوکة للموجر بتمامها و بالتلف قبل القبض أو بعده أو فی أثناء المدة ترجع الی المستأجر کلا أو بعضا من حین البطلان کما هو الحال عندهم فی تلف المبیع قبل القبض لا أن یکون کاشفا عن عدم

______________________________

تعدد الاجارات و هل یلتزم هو بهذا اللازم الفاسد؟

مضافا الی ما سبق منّا من استلزام القول المذکور الالتزام بالعقود الی ما لا نهایة لها و لکن مع ذلک فی صورة حدوث التلف لا اشکال بحسب الظاهر فی أنّ الحکم الشرعی صحة الاجارة بالنسبة الی ما مضی و البطلان بالنسبة الی

زمان التلف فانّ السیرة العقلائیة علیه و هذه السیرة ممضاة عند الشرع الأقدس فلا مجال للإشکال بأن یقال ما قصد لم یقع و ما وقع لم یقصد فلاحظ.

أضف الی ذلک أنّه یمکن الاستدلال علی المدعی ببعض النصوص لاحظ حدیث محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السّلام قال: سمعته یقول: کنت جالسا عند قاض من قضاة المدینة فأتاه رجلان فقال أحدهما انّی تکاریت هذا یوافی بی السوق یوم کذا و کذا و انّه لم یفعل قال: فقال: لیس له کراء قال فدعوته و قلت یا عبد اللّه لیس لک أن تذهب بحقّه و قلت للآخر لیس لک أن تأخذ کل الذی علیه اصطلحا فترادا بینکما «1» و حدیث الحلبی «2».

[مسألة 6: إذا تلف بعض العین المستأجرة تبطل بنسبته]

(1) تقدم بیان المدعی و تقریب الاستدلال علیه من حیث البطلان و من حیث ثبوت خیار تبعض الصفقة فلا وجه للإعادة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من الاجارة الحدیث 1.

(2) قد تقدم فی ص 38.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 73

ملکیتها من الأول و هو مشکل لأنّ مع التلف ینکشف عدم کون المؤجر مالکا للمنفعة الی تمام المدة فلم ینتقل ما یقابل المتخلف من الأول الیه و فرق واضح بین تلف المبیع قبل القبض و تلف العین هنا لأنّ المبیع حین بیعه کان مالا موجودا قوبل بالعوض و أمّا المنفعة فی المقام فلم تکن موجودة حین العقد و لا فی علم اللّه الّا بمقدار بقاء العین و علی هذا فاذا تصرف فی الاجرة یکون تصرفه بالنسبة الی ما یقابل المتخلّف فضولیا و من هذا یظهر أنّ وجه البطلان فی صورة التلف کلا أو بعضا انکشاف عدم الملکیة للمعوّض (1).

(مسألة 8): اذا آجر

دابة کلیة و دفع فردا منها فتلف لا تنفسخ الاجارة بل ینفسخ الوفاء فعلیه دفع فرد آخر (2).

[مسألة 7: ظاهر کلمات العلماء أنّ الأجرة من حین العقد مملوکة للموجر بتمامها]

______________________________

(1) الأمر کما أفاده فانّه فرق بین البیع و الاجارة إذ المعوض فی الاجارة المنفعة و مع فرض التلف لا یکون الموجر مالکا للأجرة لعدم ما یقابلها فیکون التصرف فیها فضولیا و أمّا فی البیع فانّ العین موجودة حین العقد غایة الامر بالتلف ینفسخ العقد فکان التصرف الصادر من المشتری فی مملوکه و لم یکن فضولیا فما أفاده فی المتن تامّ لا خدشة فیه من حیث الفرق بین الاجارة و البیع لکن لا بدّ أن یعلم أنّ الاجارة تارة تنحلّ من حیث المدة الی اجارات متعددة و أخری تکون واحدة ففی الصورة الاولی یکون الأمر کما ذکر و أما فی الصورة الثانیة فتکون باطلة من أصلها إذ ما قصد لم یقع فیکون التصرف فضولیا إذ الاجرة مملوکة للمستأجر نعم لا بدّ من دفع اجرة المثل بالنسبة الی المقدار الذی تصرف المستأجر فی العین.

[مسألة 8: اذا آجر دابة کلیة و دفع فردا منها فتلف لا تنفسخ الإجارة]

(2) الأمر کما أفاده إذ المفروض أنّ العقد واقع علی کلی الدابة فلا وجه لبطلان الاجارة بل البطلان عارض علی الفرد الخارجی الذی لا یکون مصداقا لمورد العقد فیلزم علی المؤجر دفع فرد آخر و هذا ظاهر واضح.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 74

(مسألة 9): اذا آجره دارا فانهدمت فان خرجت عن الانتفاع بالمرّة بطلت فان کان قبل القبض أو بعده قبل أن یسکن فیها اصلا رجعت الاجرة بتمامها و الّا فبالنسبة و یحتمل تمامها فی هذه الصورة أیضا و یضمن اجرة المثل بالنسبة الی ما مضی لکنه بعید و إن أمکن الانتفاع بها مع ذلک کان للمستأجر الخیار بین الابقاء و الفسخ و اذا فسخ کان حکم الاجرة ما ذکرنا و یقوی هنا رجوع تمام المسمی

مطلقا و دفع اجرة المثل بالنسبة الی ما مضی لأنّ هذا هو مقتضی فسخ العقد کما مرّ سابقا و إن انهدم بعض بیوتها بقیت الاجارة بالنسبة الی البقیة و کان للمستأجر خیار تبعض الصفقة و لو بادر المؤجر الی تعمیرها بحیث لم یفت الانتفاع اصلا لیس للمستأجر الفسخ حینئذ علی الاقوی خلافا للثانیین (1).

[مسألة 9: اذا آجره دارا فانهدمت فإن خرجت عن الانتفاع بالمرّة بطلت]

اشارة

______________________________

(1) قد تعرض فی هذه المسألة لفروع:

الفرع الأول: أنه لو آجره دارا فانهدمت قبل القبض أو بعده بلا مهلة

رجعت الاجرة بتمامها الی المستأجر کما مرّ.

و الوجه فیه أنّ الاجارة باطلة علی الفرض.

الفرع الثانی: انّه لو عرضت العارضة الموجبة لخرابها

ترجع الاجرة بالمقدار الذی لا یمکن الانتفاع بها و یحتمل رجوعها بتمامها و هذا الذی تقدم لکن هذا متفرع علی تعدد الاجارة و أما علی تقدیر وحدتها فیشکل ما أفاده کما تقدم نظیره قریبا.

الفرع الثالث: أنّه لو کانت قابلة للانتفاع لکن صارت معیبة یکون للمستأجر خیار العیب

فاذا فسخ یکون الحکم کما تقدم و قوی هنا رجوع تمام الاجرة و وصول النوبة الی دفع اجرة المثل و قد علل بأنّه مقتضی فسخ العقد.

و یرد علیه أنه لو کان ما أفاده مقتضی الفسخ فبایّ ملاک اختار مسلک المشهور فی المسألة المتقدمة و الظاهر أنّه تهافت فی الکلام و الحق رجوع الاجرة بالنسبة

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 75

(مسألة 10): اذا امتنع المؤجر من تسلیم العین المستأجرة یجبر علیه و إن لم یمکن اجباره للمستأجر فسخ الاجارة و الرجوع بالاجرة و له الابقاء و مطالبة عوض المنفعة الفائتة و کذا ان أخذها منه بعد التسلیم بلا فصل أو فی أثناء المدة و مع الفسخ فی الاثناء یرجع بما یقابل المتخلف من الاجرة و یحتمل قویا رجوع تمام الاجرة و دفع اجرة المثل لما مضی کما مرّ نظیره سابقا لأنّ مقتضی فسخ العقد عود تمام کلّ من العوضین الی مالکهما الأول لکن هذا الاحتمال خلاف فتوی المشهور (1).

______________________________

و هذا موافق للسیرة و الارتکاز و التناسب بین الحکم و الموضوع.

الفرع الرابع: أنه لو انهدم بعض بیوت الدار تبطل الاجارة بالنسبة

و یکون للمستأجر خیار تبعض الصفقة بمقتضی الشرط الارتکازی العقلائی.

الفرع الخامس: أنّه لو بادر المؤجر الی تعمیرها لا یکون للمستأجر الخیار لعدم المقتضی.

و الذی یختلج بالبال أن یفصل فی المسألة بأن یقال: ان کان الخراب بحیث یعد عیبا فی العین و لم ینقص منها شی ء من حیث الوجود و العین هی العین السابقة لکن مع العیب فالظاهر عدم الخیار لعدم الارتکاز فی هذا الفرض و أما مع انهدام الکل أو البعض فلا مجال للقول المزبور إذ مع الانهدام لا منفعة کی تملک بالاجارة و البناء الجدید لا یؤثر بالنسبة الی ما

قبل و بعبارة اخری: المؤجر لم یکن مالکا لمنفعة البناء الحادث فکیف یملکها من غیره فیلزم التفصیل.

[مسألة 10): اذا امتنع المؤجر من تسلیم العین المستأجرة یجبر علیه]

اشارة

(1) فی هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنّه لو امتنع المؤجر من تسلیم العین المستأجرة یجبر علیه.

و الوجه فیه انّ الانتفاع من العین حقّ و مملوک للمستأجر و المؤجر بامتناعه

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 76

(مسألة 11): إذا منعه ظالم عن الانتفاع بالعین قبل القبض تخیّر بین الفسخ و الرجوع بالاجرة و بین الرجوع علی الظالم بعوض ما فات و یحتمل قویا تعیّن الثانی و إن کان منع الظالم أو غصبه بعد القبض یتعیّن الوجه الثانی فلیس له الفسخ حینئذ سواء کان بعد

______________________________

متعد و غاصب و من الظاهر جواز اجبار الغاصب علی تسلیم مال الغیر و منعه عن غصبه.

الفرع الثانی: أنّه لو لم یمکن للمستأجر اجباره یکون له الخیار بین الفسخ و أخذ الاجرة و الصبر و أخذ عوض المنفعة

و الخیار المذکور ثابت بالاشتراط الارتکازی الضمنی بل یمکن أن یقال إنّه مع فرض امتناعه عن التسلیم یکون له الخیار بالشرط الارتکازی.

الفرع الثالث: أنه لو أخذها منه بعد التسلیم بلا مهلة أو مع الفصل الزمانی

یکون للمستأجر الخیار المشار الیه لعین الملاک و التقریب.

الفرع الرابع: أنّه لو فسخ اثناء المدة یرجع بما یقابل المتخلف

کما سبق و هذا هو القول المشهور و فی قباله القول الآخر و هو ارجاع جمیع الاجرة و دفع اجرة المثل للمقدار الذی استوفاه بتقریب أنّ الفسخ یقتضی العود بتمام معنی الکلمة.

و یرد علیه أنّ الفسخ نحو ان اذ تارة یکون متعلقا بالعقد من حین صدوره و اخری یکون متعلقا به من حین الفسخ فعلی الأول یکون مقتضیا للعود علی الاطلاق و أمّا علی الثانی فلیس کذلک.

إن قلت: المفروض أنّ العقد عقد واحد فامّا یفسخ و إمّا لا أمّا علی الأول و هو المفروض فلازمه العود علی الاطلاق قلت: لا تنافی بین کون العقد واحدا و بین تعلق الفسخ و رفعه من حینه فانّ وزانه وزان الطلاق فهل یتوهم احد ممّن یکون خبیرا بالصناعة أنّ الطلاق یرفع الزوجیة من أول الأمر کلّا ثمّ کلّا فقس علیه المقام و لعمری ما أفدته تامّ لا خدشة فیه و علی اللّه التوکّل و التکلان.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 77

القبض فی ابتداء المدة أو فی اثنائها ثمّ لو أعاد الظالم العین المستأجرة فی أثناء المدة الی المستأجر فالخیار باق لکن لیس له الفسخ الّا فی الجمیع و ربما یحتمل جواز الفسخ بالنسبة الی ما مضی من المدة فی ید الغاصب و الرجوع بقسطه من المسمی و استیفاء باقی المنفعة و هو ضعیف للزوم التبعیض فی العقد و إن کان یشکل الفرق بینه و بین ما ذکر من مذهب المشهور من ابقاء العقد فیما مضی و فسخه فیما بقی إذ اشکال تبعیض العقد مشترک بینهما (1).

[مسألة 11): إذا منعه ظالم عن الانتفاع بالعین قبل القبض تخیّر بین الفسخ و الرجوع بالاجرة و بین الرجوع علی الظالم بعوض ما فات]

اشارة

______________________________

(1) فی هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنّه لو منعه ظالم عن الانتفاع بالعین قبل القبض تخیر بین الفسخ و الرجوع الی الظالم و أخذ اجرة المثل منه

و یحتمل قویا تعین الثانی هذا ما أفاده الماتن.

و یمکن أن یقال: الحق هو التفصیل بأن یقال: تارة یکون الظالم مانعا عن التصرف فی العین علی الاطلاق کما لو غصب الدابة المستأجرة و اخری یکون مانعا للمستأجر و یمنعه عن تسلم العین ففی الصورة الاولی یکون مخیّرا بین الامرین المذکورین فی المتن و الوجه فیه أنّ الموجر لا یمکنه التسلیم و بمقتضی الشرط الارتکازی یثبت الخیار و من ناحیة اخری الظالم جائر و أتلف مال المستأجر بمنعه فله الرجوع الیه.

و أمّا فی الصورة الثانیة فلا وجه للخیار بل المتعین الرجوع الی الظالم بتقریب أنّه لیس فی الفرض شرط ارتکازی للخیار إذ المفروض أنّ المؤجر سلم و المستأجر لا یقدر علی التسلم و اذا وصلت النوبة الی الشک فی الشرط الارتکازی و عدمه یکون مقتضی الاصل عدمه فانّ الخیار أمر حادث مسبوق بالعدم و مقتضی الاستصحاب عدمه.

الفرع الثانی: أنّه لو کان المنع بعد القبض فلا خیار قطعا

و ذلک لعدم وجه له اذ

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 78

(مسألة 12): لو حدث للمستأجر عذر فی الاستیفاء کما لو استأجر دابة لتحمله الی بلد فمرض المستأجر و لم یقدر فالظاهر البطلان ان

______________________________

المفروض تسلم العین و لا شرط ارتکازی للخیار بالنسبة الی ما بعد القبض و لا فرق فیما ذکر بین الصورتین أی بین کون المنع فی ابتداء المدة أو فی الأثناء لوحدة الملاک و الدلیل.

الفرع الثالث: أنّه لو رفع الظالم یده عن منعه و سلم العین الی المستأجر بعد مدة و کان منعه مطلقا

لا یسقط الخیار إذ لا فرق بین الصورتین بالنسبة الی الشرط الارتکازی المقتضی للخیار و علیه هل یمکن اعمال الخیار بالنسبة الی ما مضی و ابقاء العقد بالنسبة الی باقی المدة أم لا؟ الحق هو الثانی لعدم الدلیل علیه.

و بعبارة اخری: المفروض أنّ العقد واحد فامّا یبقی و إمّا یفسخ و لا دلیل علی ابقائه فی الشهر الثانی و فسخه فی الشهر الأول.

ان قلت: ما الفرق بین المقام و بین ما لو ظهر عیب فی العین حیث ذکرتم أنّه یجوز الفسخ بالنسبة الی باقی المدة و ابقائه بالنسبة الی السابق.

قلت: المفروض کما قلنا سابقا أن وزان الفسخ وزان الطلاق فکما أنّ الطلاق یقطع الزوجیة من زمانه و لا یسری الانقطاع الی ما قبله لعدم المقتضی کذلک الفسخ.

و بعبارة واضحة لا تبعیض فی تلک المسألة و أنه الفسخ فی الشهر الثانی بلحاظ تخلف الوصف رفع الید عن العقد من زمان الفسخ و أمّا فی المقام فالمراد رفع الید عن قطعة من الزمان و قطعه لا دلیل علیه.

و بعبارة أوضح: لا دلیل علی الوصل بعد القطع و ان القطع الموقت لا دلیل علیه و هل یمکن أن یقال: أنّ الزوج یطلق زوجته فی قطعة من

الزمان الماضی و یبقی الزوجیة بالنسبة الی الزمان الحاضر؟ کلّا ثمّ کلّا.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 79

اشترط المباشرة علی وجه القیدیة و کذا لو حصل له عذر آخر و یحتمل عدم البطلان نعم لو کان هناک عذر عام بطلت قطعا لعدم قابلیة العین للاستیفاء حینئذ (1).

[مسألة 12: لو حدث للمستأجر عذر فی الاستیفاء]

اشارة

______________________________

(1) فی هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: أنّه لو حدث حادث عامّ مانع عن استیفاء المنفعة تکون الاجارة باطلة

لعدم کون المؤجر مالکا للمنفعة کی یملکها من غیره و بعبارة اخری لا تکون المنفعة المرغوبة منفعة لها فلا تصح الاجارة و هذا ظاهر فلو کانت الجادة بین بلد و بلد آخر غیر قابلة لمشی الدابة تکون الاجارة للمرکوب بین البلدین باطلة.

الفرع الثانی: أنّه لو حدث للمستأجر عارض لا یمکنه الاستیفاء

فتارة تکون المباشرة شرطا و اخری تکون قیدا أمّا علی الأول فالاجارة صحیحة و الشرط فاسد و من المقرر فی محله أنّ الشرط الفاسد لا یفسد العقد لکن یثبت للموجر الخیار لتخلف الشرط و لا تنافی بین فساد الشرط و بین ثبوت الخیار لتخلفه کما هو واضح عند التأمل.

و أمّا علی الثانی فأفاد سیدنا الاستاد بأنّ الاجارة صحیحة لأنّ ما کان مربوطا به و قائما به تامّ انّما القصور من ناحیة المستأجر فلا وجه للبطلان.

و بعبارة اخری: الاجارة واقعة علی الحیثیة المسکونیة التی راجعة الی الموجر و أمّا الحیثیة المسکونیة التی تکون راجعة الی المستأجر فهی اجنبیة عن مورد الاجارة.

و ما أفاده غیر تامّ و الوجه فیه انا نسأل أن المؤجر هل یکون مالکا لهذه المنفعة أم لا؟ أمّا علی الأول فکیف یکون مالکا لأمر محال و غیر قابل للوقوع و أمّا علی الثانی فکیف یملکها من غیره فالحق بطلان الاجارة و لا فرق من هذه الجهة بین المانع العام و الخاص فلاحظ.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 80

(مسألة 13): التلف السماوی للعین المستأجرة أو لمحل العمل موجب للبطلان و منه اتلاف الحیوانات و اتلاف المستأجر بمنزلة القبض و اتلاف المؤجر موجب للتخییر بین ضمانه و الفسخ و اتلاف الاجنبی موجب لضمانه و العذر العامّ بمنزلة التلف و أمّا العذر الخاص بالمستأجر کما اذا استأجر دابة لرکوبه بنفسه

فمرض و لم یقدر علی المسافرة أو رجلا لقلع سنّه فزال ألمه أو نحو ذلک ففیه اشکال و لا یبعد أن یقال: إنّه یوجب البطلان اذا کان بحیث لو کان قبل العقد لم یصح معه العقد (1).

[مسألة 13): التلف السماوی للعین المستأجرة أو لمحل العمل موجب للبطلان]

اشارة

______________________________

(1) فی هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنّه لو تلف مورد الاجارة بتلف سماویّ تکون الاجارة باطلة

لأنّ الاجارة متقومة بوجود المنفعة و مع فرض عدمها لا یکون المؤجر مالکا لتلک المنفعة کی یملکها من غیره.

الفرع الثانی: أنّه لو أتلف المستأجر العین التی مورد الاجارة تکون الاجارة صحیحة

و علیه الاجرة و الوجه فیه أنّ اتلاف المستأجر فی نظر العقلاء بمنزلة قبض ماله و بعبارة اخری: لا وجه لبطلان الاجارة کما انّه لا وجه للخیار ان قلت: ما الفرق بین الفرع السابق و هذا الفرع حیث قلتم بالبطلان فی ذلک الفرع و بالصحة فی هذا الفرع مع اشتراکهما فی تلف العین.

قلت: المقام و أمثاله من الأمور الاعتباریة و لا تکون هذه الامور امورا عقلیة بل امرها بید العقلاء و بنائهم فی مورد الکلام کذلک.

الفرع الثالث: أن یکون المتلف نفس المؤجر

و فی هذا الفرض یکون المستأجر مخیرا بین فسخ العقد و ابقائه و أخذ اجرة المثل أمّا الفسخ فلأن مقتضی الشرط الارتکازی الخیار عند عدم التسلیم و من الظاهر أنّ اتلافه بمنزلة عدم التسلیم فیکون للمستأجر الخیار و أمّا اخذ أجرة المثل و ابقاء العقد فلأنّ المفروض أنّه

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 81

(مسألة 14): إذا آجرت الزوجة نفسها بدون اذن الزوج فیما ینافی حقّ الاستمتاع وقفت علی اجازة الزوج بخلاف ما اذا لم یکن منافیا فانّها صحیحة و اذا اتّفق ارادة الزوج الخط علی الکتابة للاستمتاع کشف عن فسادها (1).

______________________________

مالک لتلک المنفعة و من ناحیة اخری: المالک اتلف تلک المالیة و من أتلف مال الغیر فهو له ضامن.

الفرع الرابع: أنّه لو أتلف الأجنبیّ العین یکون للمستأجر مراجعته

و أخذ اجرة المثل منه لأنّه أتلف ماله و من أتلف مال الغیر فهو له ضامن.

الفرع الخامس: أن یحدث عذر و مانع عن الانتفاع

کما تقدم و هذا یوجب بطلان الاجارة من أول الامر و قد مرّ بیانه.

الفرع السادس: أن یکون العذر خاصّا بالمستأجر

و قد تقدم أنّه لا فرق بین المانع العام و بین المانع الخاصّ و مقتضی القاعدة البطلان فی کلتا الصورتین و أما ما تعرض له من اجارة أحد لقلع ضرسه و بعد العقد زال الالم فالحق التفصیل بأن یقال: تارة استأجره لإزالة الالم و اخری لقلع الضرس بداعی زوال الألم أمّا علی الأول فالاجارة باطلة لعدم الموضوع و أمّا الثانی فلا وجه لبطلانها کما تقدم.

[مسألة 14): إذا آجرت الزوجة نفسها بدون اذن الزوج فیما ینافی حقّ الاستمتاع]

اشارة

(1) فی هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: أنّه لو آجرت المرأة نفسها بدون اذن الزوج لأمر مناف لحقّ الزوج

حکم قدّس سرّه بفساد الاجارة و توقف صحتها علی اجازته اذ قد علم من حدیث زرارة بلحاظ التعلیل الواقع فیه أنّ اجازة من بیده الامر توجب صحة العقد الفضولی و بدون الاجازة غیر صحیح.

و لنا أن نقول إنّه ایّ مانع من الالتزام بالصحة فی صورة العصیان فاذا فرضنا أنّ الزوجة ناشزة و آجرت نفسها لعمل مباح فای مانع من الصحة؟

و أفاد سیدنا الاستاد قدّس سرّه بأنّ الاجارة باطلة اذ یلزم أن تکون الاجارة واقعة

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 82

(مسألة 15): قد ذکر سابقا أنّ کلا من المؤجر و المستأجر یملک ما انتقل الیه بالاجارة بنفس العقد و لکن لا یجب تسلیم احدهما الّا بتسلیم الآخر و تسلیم المنفعة بتسلیم العین و تسلیم الاجرة بإقباضها الّا اذا کانت منفعة أیضا فبتسلیم العین التی تستوفی منها و لا یجب علی واحد منهما الابتداء بالتسلیم و لو تعاسرا أجبرهما الحاکم و لو کان أحدهما باذلا دون الآخر و لم یمکن جبره کان للأول الحبس الی أن یسلّم الآخر هذا کله اذا لم یشترط فی العقد تأجیل التسلیم فی أحدهما و الّا کان هو المتبع هذا و امّا تسلیم العمل فان کان مثل الصلاة و الصوم و الحج و الزیارة و نحوها فباتمامه فقبله لا یستحقّ المؤجر المطالبة و بعده لا یجوز للمستأجر المماطلة الّا أن یکون هناک شرط أو عادة فی تقدیم الأجرة فیتبع و الّا فلا یستحقّ حتی لو لم یمکن له العمل الّا بعد أخذ الاجرة کما فی الحج الاستئجاری اذا کان المؤجر معسرا و کذا فی مثل بناء جدار داره أو حفر بئر فی

داره أو نحو ذلک فانّ اتمام العمل تسلیم و لا یحتاج الی شی ء آخر و أمّا فی

______________________________

علی المباح فلا تصح الاجارة علی الحرام.

و یرد علیه: انّ الامر و ان کان کذلک لکن قد ثبت فی الاصول أنّ الأمر بشی ء لا یقتضی النهی عن ضده و المفروض أنّ اطاعة الزوج واجبة فاذا اشتغلت الزوجة بفعل مباح فی حال عصیانها للزوج لا یکون فعلها حرام بل تارکة للواجب و کم فرق بین الأمرین.

الفرع الثانی: أنه لو آجرت نفسها لفعل غیر مناف لحقّ الزوج تصحّ الاجارة

و لکن اذا اتّفق التنافی و الزوج لم یرض یکشف عن فساد الاجارة و الکلام فیه هو الکلام.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 83

مثل الثوب الذی اعطاه لیخیطه أو الکتاب الذی یکتبه أو نحو ذلک ممّا کان العمل فی شی ء بید المؤجر فهل یکفی اتمامه فی التسلیم فمجرد الاتمام یستحق المطالبة أولا الّا بعد تسلیم مورد العمل فقبل أن یسلّم الثوب مثلا لا یستحق مطالبة الأجرة قولان أقواهما الأوّل لأنّ المستأجر علیه نفس العمل و المفروض انّه قد حصل لا الصفة الحادثة فی الثوب مثلا و هی المخیطیة حتی یقال إنّها فی الثوب و تسلیمها بتسلیمه و علی ما ذکرنا فلو تلف الثوب مثلا بعد تمام الخیاطة فی ید المؤجر بلا ضمان یستحقّ اجرة العمل بخلافه علی القول الآخر و لو تلف مع ضمانه أو أتلفه وجب علیه قیمته مع وصف المخیطیة لا قیمته قبلها و له الاجرة المسماة بخلافه علی القول الآخر فانّه لا یستحق الاجرة و علیه قیمته غیر مخیط و أما احتمال عدم استحقاقه الاجرة مع ضمانه القیمة مع الوصف فبعید و ان کان له وجه و کذا یتفرّع علی ما ذکر أنّه لا یجوز حبس

العین بعد اتمام العمل الی أن یستوفی الاجرة فانّها بیده أمانة اذ لیست هی و لا الصفة التی فیها موردا للمعاوضة فلو حبسها ضمن بخلافه علی القول الآخر (1).

[مسألة 15: قد ذکر سابقا أنّ کلا من المؤجر و المستأجر یملک ما انتقل الیه بالاجارة بنفس العقد]

______________________________

(1) الأمر کما أفاده فانّه لا یجب فی باب الاجارة تسلیم العوض قبل تسلم المعوّض المقابل و لا تنافی بین ما ذکر و أنّ الملکیة تحصل بنفس العقد مثلا لو آجر دارا سنة بمائة دینار یملک المستأجر منفعة الدار و یملک المؤجر مأئة دینار و لکن مع ذلک لا یجب علی أحدهما التسلیم قبل تسلیم الآخر.

ان قلت: کیف لا یجب مع تحقق الملکیة و من ناحیة اخری یجب تسلیم مال الغیر؟ قلت: بناء المعاوضات علی هذا و السیرة جاریة علیه و هذه السیرة ممضاة عند الشارع و بعبارة اخری: هذا شرط ضمنی ارتکازی جائز و سار بین عقلاء

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 84

______________________________

العالم بل یمکن أن یتمّ الامر بالصناعة بأن نقول: کلّ واحد من المتعاقدین یرخص فی ضمن العقد للطرف المقابل فی الامساک عن التسلیم قبل تسلیم الآخر و الشرط نافذ و لو امتنعا عن التسلیم أجبرهما الحاکم فانّه ولی الممتنع و لو امتنع احدهما یکون للآخر حق الامتناع هذا کله مع عدم اشتراط التأجیل بالنسبة الی احدهما أو کلیهما و أمّا مع اشتراط التأجیل یجوز عدم المبادرة الی التسلیم.

إن قلت: اذا کان مفاد الشرط کونه ذا حق فی الامتناع وضعا یکون الشرط باطلا إذ مقتضی الحکم الشرعی عدم جواز تأخیر مال الغیر و حبسه.

قلت: أولا انّه مع احراز الجواز الشرعی کما هو کذلک لا یبقی مجال للإشکال المذکور فان جعل الخیار مخالف لوجوب الوفاء بالعقد و مع ذلک یجوز

جعله لقیام الدلیل علیه.

و ثانیا: یمکن تصحیح التأجیل بأن یمهل الدائن المدیون بالشرط فی ضمن العقد و مع الشرط یلزم الامهال فانّ المؤمن عند شرطه و لا ینفک عنه فالنتیجة أنّه یجب علی المستأجر تسلیم الاجرة للمؤجر و یجب علی الاجیر تسلیم ما یجب علیه من العمل فان کان الواجب علیه الفعل کالصلاة و الصوم و أمثالهما یکون تسلیمه باتمامه ذلک العمل فاذا صام ما یجب علیه بالاجارة یتحقّق التسلیم و اذا کان أجیرا فی حفر بئر فی دار المستأجر أو بناء جدار فی غرفته تحقق التسلیم باتمام ذلک الفعل کما هو ظاهر.

و أمّا اذا آجره لخیاطة ثوب أو عباء و أمثال ذلک و الجامع بین الکل أن یکون مورد الاجارة فعلا متعلقا بموضوع خارجی فأعطاه الثوب للخیاطة فهل یکون اتمام ذلک العمل کافیا فی صدق التسلیم أو یتوقف علی اعطاء الثوب المخیط مثلا؟

یظهر من کلام الماتن انّ فیه قولین القول الأول کفایة اتمام العمل إذ الواجب علیه

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 85

______________________________

ذلک العمل و المفروض تحققه فی الخارج و القول الثانی عدم الکفایة و اختار الماتن القول الأول.

بتقریب: انّ مورد الاجارة نفس العمل و المفروض تحققه کما أنّ الأمر کذلک فی اجارة الاعمال العبادیة و لا تکون الصفة المخیطیة موردا للإجارة کی یقال تسلیم تلک الصفة یتوقف علی تسلیم العین.

أقول: التقریب المذکور نفرض کونه صحیحا و نسلم أنّ مورد الاجارة نفس العمل و لکن الظاهر أنّ السیرة العقلائیة علی عدم الاکتفاء و یرون لزوم تسلیم العین.

و بعبارة اخری: یشترط فی ضمن العقد تسلیم الموصوف مضافا الی أنّه کیف یمکن أن یقال بأنّ الصفة المخیطیة مثلا لا تکون مورد

الاجارة و الحال أنّه مجال لسؤال فی المقام و هو أنّ مورد الاجارة و المطلوب فیها مجرد الخیاطة لا بشرط بالنسبة الی المخیطیة أو بشرط لا منها أو بشرطها أو علی نحو الاهمال أمّا الاهمال فغیر معقول و أما بشرط لا فمرجعه الی الاجارة الواقعة علی المحال و أمّا الاطلاق فهو غیر مطلوب فلا بدّ من القول بکونه بشرط شی ء و لا یستلزم ما ذکر من أنّ الصفة بنفسها مملوکة لأحد و یفترق القول الأول عن القول الثانی فی موارد:

المورد الأول أنّه لو تلفت العین فی ید الاجیر بلا موجب للضمان تکون له الاجرة و یستحق مطالبتها اذا قلنا بالکفایة إذ الأجیر سلّم ما کان علیه و أمّا علی القول الآخر فلا یستحق المطالبة لعدم تسلیم ما علیه.

و یظهر من عبارة الماتن انّ استحقاق الاجرة یتوقف علی التسلیم و الحال أنّ الملکیة تحصل بنفس العقد.

و یمکن أن یقال بأنّه لا تنافی بین الأمرین إذ الکلام فی استحقاق مطالبة الاجرة

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 86

______________________________

و الحال أنّه لا یستحق المطالبة الّا بعد التسلیم فاذا فرضنا تلفت العین کما هو المفروض تبطل الاجارة و تفرض کالعدم و الظاهر انّه لا وجه له إذ بعد الاجارة صار المستأجر مالکا للعمل و الاجیر صار مالکا للأجرة و حیث إنّه لا مجال للتسلیم یتحقق للمستأجر الخیار بین فسخ العقد و ابقائه و أخذ اجرة مثل العمل و دفع الاجرة المسماة.

المورد الثانی: أنّه لو تلف فی ید الاجیر مع الضمان أو أتلفها یکون ضامنا للعین الموصوفة و یکون مستحقا للأجرة هذا علی القول الأول و أمّا علی القول الثانی فیکون ضامنا لنفس العین و لا

یکون مستحقا للأجرة.

و یرد علیه انّ ما افید یتوقف علی أحد أمرین: أحدهما: استحقاق الاجرة بعد تسلیم مورد الاجارة و عدم تملکه لها الّا عنده، ثانیهما: انفساخ الاجارة عند عدم التسلیم و کلا الامرین فاسدان أما الأول فانّ الاستحقاق یتحقق بنفس عقد الاجارة و أمّا الثانی فلا وجه للبطلان و فرض کونها کالعدم بل مقتضی القاعدة الالتزام بضمان الاجرة للعین الموصوفة بالصفة الکذائیة و ضمان المستأجر للأجرة المسماة.

المورد الثالث: أنّه لو قلنا بالقول الأول لا یجوز للأجیر حبس العین الی أن یستوفی الاجرة إذ المفروض أنّ مورد الاجارة نفس العمل و أمّا العین أو الصفة المخیطیة مثلا فلا تکون موردا للإجارة فتکون العین امانة فی یده و لا بد من ردّ الامانة الی مالکها و أمّا علی القول الثانی فیکون له الحبس إذ المفروض أنّ الصفة داخلة فی الاجارة و یرد علیه أولا انّا اثبتنا أنّ الصفة دخیلة فی مورد الاجارة و ثانیا أنّه قد تقدم أن مقتضی السیرة العقلائیة جواز الحبس فلا تنافی بین الأمرین فلاحظ.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 87

[مسألة 16): إذا تبیّن بطلان الإجارة رجعت الأجرة الی المستأجر]

(مسألة 16): إذا تبیّن بطلان الاجارة رجعت الأجرة الی المستأجر و استحقّ المؤجر اجرة المثل بمقدار ما استوفاه المستأجر من المنفعة أو فاتت تحت یده اذا کان جاهلا بالبطلان خصوصا مع علم المستأجر و أمّا إذا کان عالما فیشکل ضمان المستأجر خصوصا اذا کان جاهلا لأنّه بتسلیمه العین الیه قد هتک حرمة ماله خصوصا اذا کان البطلان من جهة جعل الاجرة مالا یتموّل شرعا أو عرفا، أو اذا کان آجره بلا عوض و دعوی أنّ اقدامه و اذنه فی الاستیفاء انّما هو بعنوان الاجارة و المفروض عدم

تحققها فاذنه مقید بما لم یتحقق، مدفوعة بأنّه إن کان المراد کونه مقیدا بالتحقق شرعا فممنوع إذ مع فرض العلم بعدم الصحة شرعا لا یعقل قصد تحققه الّا علی وجه التشریع المعلوم عدمه و إن کان المراد تقیده بتحققها الانشائی فهو حاصل و من هنا یظهر حال الاجرة أیضا فانّها لو تلفت فی ید المؤجر یضمن عوضها الّا إذا کان المستأجر عالما ببطلان الاجارة و مع ذلک دفعها الیه نعم إذا کانت موجودة له أن یستردها هذا و کذا فی الاجارة علی الأعمال إذا کانت باطلة یستحق العامل اجرة المثل لعمله دون المسماة إذا کان جاهلا بالبطلان و أمّا اذا کان عالما فیکون هو المتبرع بعمله سواء کان بأمر من المستأجر أولا فیجب علیه ردّ الاجرة المسماة أو عوضها و لا یستحق اجرة المثل و اذا کان المستأجر أیضا عالما فلیس له مطالبة الاجرة مع تلفها و لو مع عدم العمل من المؤجر (1).

______________________________

(1) الأمر کما أفاده إذ لو انکشف بطلان الاجارة ترجع الاجرة الی المستأجر

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 88

(مسألة 17): یجوز اجارة المشاع کما یجوز بیعه و صلحه و هبته و لکن لا یجوز تسلیمه الّا باذن الشریک اذا کان مشترکا نعم إذا کان المستأجر جاهلا بکونه مشترکا کان له خیار الفسخ للشرکة و ذلک کما اذا آجره داره فتبین أنّ نصفها للغیر و لم یجز ذلک الغیر فانّ له خیار الشرکة بل و خیار التبعض و لو آجره نصف الدار مشاعا و کان

______________________________

و یکون ضامنا لأجرة المثل بالمقدار الذی استوفی من مورد الاجارة أو تلفت المنفعة تحت یده و الوجه فیه أنّه بعد فرض البطلان لا

مقتضی لکون الاجرة للمؤجر بل ترجع الی المستأجر و أمّا ضمان المستأجر فلقاعدة «من أتلف مال الغیر فهو له ضامن» و أمّا مع عدم الاستیفاء فلقاعدة الید المقتضیة للضمان کما أنّ المؤجر ضامن للأجرة اذا أتلفها أو تلفت تحت یده لعین الملاک و وحدة الدلیل و لا فرق فیما ذکر بین کونهما عالمین بالفساد و عدم علمهما به.

إن قلت: مع العلم ألغی المالک احترام ماله فلا وجه للضمان قلت: کیف الغی احترام ماله و الحال انّه اعتبر المعاوضة بین الأمرین؟

و إن شئت قلت: مقتضی السیرة العقلائیّة هو الضمان الّا فی صورة واحدة و هی صورة قصد المجانیة و التبرع و أمّا فی غیر هذه الصورة فالقاعدة تقتضی الضمان و لذا اشتهر بین القوم «انّ ما یضمن بصحیحه یضمن بفاسده» و الوجه فیه ما ذکر و لا اثر للعلم أی لا فرق بین العلم بالفساد و عدمه.

و بعبارة واضحة: إذا قصد المجانیة و عدم العوض لا مقتضی للضمان سواء کان جاهلا بالفساد أو لم یکن و إذا لم یقصد المجانیة یکون الضمان مقتضی القاعدة بلا فرق بین العلم و الجهل أیضا و هذا الذی نقول لا فرق فیه بین اجارة الأعیان و بین اجارة الأفعال إذ مقتضی السیرة العقلائیة الضمان الّا فی صورة واحدة و هی قصد التبرع و المجانیة.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 89

المستأجر معتقدا أنّ تمام الدار له فیکون شریکا معه فی منفعتها فتبین أنّ النصف الآخر مال الغیر فالشرکة مع ذلک الغیر ففی ثبوت الخیار له حینئذ و جهان لا یبعد ذلک اذا کان فی الشرکة مع ذلک الغیر منقصة له (1).

[مسألة 17: یجوز إجارة المشاع کما یجوز بیعه و صلحه و هبته]

______________________________

(1) لا إشکال و لا

کلام فی جواز اجارة المشاع لإطلاق دلیل الاجارة و لعل السیرة جاریة علیها و لکن لا یجوز تسلیمه الی المستأجر إذا کانت العین مشترکة بین المؤجر و غیره لعدم جواز التصرف الخارجی فی المال المشترک الّا مع اذن الشریک و إذا فرضنا أنّ المستأجر جاهلا و آجره المؤجر دارا مشترکة بینه و بین غیره فان اجاز الشریک تم العقد و أما اذا لم یجز و فرض جهل المستأجر بالموضوع یثبت له الخیار من ناحیتین أحدهما الشرکة و ثانیهما تبعض الصفقة فانّ مقتضی الشرط الارتکازی جعل الخیار للجاهل بالموضوع و أمّا اذا آجره نصف الدار المشترکة بینه و بین غیره و کان المستأجر جاهلا فهل یکون له الخیار أم لا؟ الحق هو التفصیل بأن یقال: ان کانت الشرکة مع ذلک الغیر منقصة له کما لو کان المستأجر من مراجع التقلید کالشیخ الانصاری و کان الشریک من السراق المعروفین فیمکن أن یقال إنّ للمستأجر خیار فسخ العقد فلاحظ.

بقی شی ء فی المقام و هو أنّ مقتضی القاعدة الاولیّة أنّه لو فرض الفضولیة و عدم اجازة الشریک یلزم أن تکون الاجارة فاسدة إذ المفروض أنّ الاجارة واقعة علی الدار اجارة واحدة و المفروض بطلانها و الالتزام بالتبعض لا دلیل علیه نعم فی البیع ورد النص علی صحة البیع فی الحصة المملوکة و علیه ان قام اجماع تعبدی أو سیرة علی جواز التبعیض فهو و الّا یشکل الجزم بالحکم فلاحظ.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 90

[مسألة 18: لا بأس باستئجار اثنین دارا علی الاشاعة ثم یقتسمان مساکنها بالتراضی أو بالقرعة]

اشارة

(مسألة 18): لا بأس باستئجار اثنین دارا علی الاشاعة ثم یقتسمان مساکنها بالتراضی أو بالقرعة و کذا یجوز استئجار اثنین دابة للرکوب علی التناوب ثمّ یتفقان علی قرار بینهما

بالتعیین بفرسخ فرسخ أو غیر ذلک و اذا اختلفا فی المبتدئ یرجعان الی القرعة و کذا یجوز استئجار اثنین دابة مثلا لا علی وجه الاشاعة بل نوبا معینة بالمدة أو بالفراسخ و کذا یجوز اجارة اثنین نفسهما علی عمل معین علی وجه الشرکة کحمل شی ء معیّن لا یمکن الّا بالمتعدّد (1).

______________________________

(1) فی هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: انّه یجوز أن یستأجر اثنان دارا علی نحو الاشاعة

و هذا یتصور علی نحوین اذ تارة مرجع العقد المذکور الی نحوین و اجارتین بأن یؤجر المالک نصف الدار من شخص و النصف الآخر من غیره و اخری أن تکون الاجارة واحدة.

امّا الصورة الاولی فالظاهر أنّه لا مانع فیها و تقدم قریبا جواز ایجار المشاع و یترتب علی کلّ اجارة حکمها و لا ترتبط إحداهما بالاخری و أمّا الصورة الثانیة فالظاهر عدم امکان اتمامها بالدلیل إذ أولا تکون خارجا عن المفروض أی الاشاعة و ثانیا یکون مرجع الکلام الی کون کلا الشخصین من حیث المجموع مالکین و بعبارة اخری یکون المملوک الواحد مملوکا لمجموع شخصین و الدلیل لا یفی به و الظاهر أنّ المراد هی الصورة الاولی.

الفرع الثانی: انّهما یقتسمان الامکنة بالتراضی أو بالقرعة

أمّا بالتراضی فهو علی القاعدة و لا اشکال فیه و أمّا التعیین بالقرعة فالظاهر أنّه لا دلیل علیه إذ یرد علیه اولا أنّه لا واقع فی مفروض الکلام کی یتمحض و یعین و یشخص بالقرعة و انّما نلتزم بها فی بعض الموارد المنصوصة لأجل النص و لولاه لم نقل به.

و ثانیا: انّه قد قررنا فی بحث القرعة انّه لا دلیل لنا فی القرعة علی نحو العموم أو

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 91

(مسألة 19): لا یشترط اتصال مدة الاجارة بالعقد علی الاقوی فیجوز أن یؤجره داره شهرا متأخرا عن العقد بشهر أو سنة سواء کانت مستأجرة فی ذلک الشهر الفاصل أو لا و دعوی البطلان من جهة عدم القدرة علی التسلیم کما تری اذ التسلیم لازم فی زمان الاستحقاق لا قبله هذا و لو آجره داره شهرا و أطلق انصرف الی الاتصال بالعقد نعم لو لم یکن انصراف بطل (1).

______________________________

الاطلاق بل اللازم الاقتصار

علی الموارد المنصوصة.

و ثالثا: انّ القرعة انما تجری فیما لا طریق الی الوصول الی الحقّ و فی المقام الطریق الشرعی المصالحة و لو مع دخالة ولی الأمر و هو الحاکم.

الفرع الثالث: أنّه یجوز استئجار اثنین دابّة للرکوب علی التناوب ثم یتفقان بالتراضی بینهما

و الکلام فیه الکلام و لا وجه للإعادة.

الفرع الرابع: أنّه لو اختلفا یرجع الی القرعة

و الاشکال هو الاشکال و لا بدّ فی رفع النزاع من دخالة الحاکم الشرعی.

الفرع الخامس: أنّه یجوز استئجار اثنین دابة لا علی وجه الاشاعة بل نوبا معینة أو بالفراسخ

و هذا لا اشکال فیه لوجود المقتضی و عدم المانع.

الفرع السادس: أنّه یجوز اجارة اثنین نفسهما لعمل علی وجه الشرکة

و هذا یتصور علی نحوین: النحو الأول أن یؤجر کل منهما نفسه بالنسبة. النحو الثانی: أن یؤجر کلاهما نفسهما باجارة واحدة أمّا النحو الأول فلا اشکال فیه و یجوز بمقتضی اطلاق الدلیل و أمّا النحو الثانی فان ثبت جوازه بالإجماع التعبدی الکاشف أو السیرة فهو و الّا یشکل الحکم بالجواز لعدم الدلیل علیه و دلیل الاجارة لا یشمله و لا أقلّ من انصرافه عنه.

[مسألة 19: لا یشترط اتصال مدة الإجارة بالعقد علی الأقوی]

(1) ما أفاده تام فانّ المقتضی للصحة موجود و المانع مفقود، ان قلت: اذا کان

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 92

______________________________

زمان الانتفاع متأخرا عن العقد لا یمکن تسلیم مورد الاجارة فتکون باطلة قلت:

یرد علیه اولا أنّ القدرة علی التسلیم ان کانت معتبرة فی الصحة فانّما تکون کذلک فی زمان الاستحقاق لا قبله و المفروض أنّ زمان الاستحقاق منفصل عن العقد.

و ثانیا: انّه لا دلیل علی اشتراط الصحة بالقدرة علی التسلیم و مع عدم الدلیل یکون اطلاق دلیل الصحة محکما.

إن قلت: یلزم انفکاک المنشأ عن الانشاء قلت یرد علیه اولا انّ انفکاک الانشاء عن المنشأ غیر معقول فانهما متلازمان فی الوجود و التحقق و ثانیا نفرض الانفکاک لکن أی دلیل دلّ علی بطلانه فانّ المبطل التعلیق فی العقد فاذا کان الانشاء علی نحو الوجوب المشروط یشکل من باب التعلیق و أمّا ان کان من قبیل الوجوب المعلق فلا اشکال فیه فالنتیجة هو الجواز و الصحة.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 93

[فصل فی ضمان المستأجرة]

اشارة

فصل العین المستأجرة فی ید المستأجر امانة فلا یضمن تلفها أو تعیبها الّا بالتعدیّ أو التفریط و لو شرط المؤجر علیه ضمانها بدونهما فالمشهور عدم الصحة لکن الأقوی صحته و أولی بالصحة اذا اشترط علیه اداء مقدار مخصوص من ماله علی تقدیر التلف أو التعیب لا بعنوان الضمان و الظاهر عدم الفرق فی عدم الضمان مع عدم الأمرین بین أن یکون التلف فی أثناء المدة أو بعدها اذا لم یحصل منه منع للمؤجر عن عین ماله اذا طلبها بل خلّی بینه و بینها و لم یتصرّف بعد ذلک فیها ثم هذا اذا کانت الاجارة صحیحة

و أمّا اذا کانت باطلة ففی ضمانها أقواهما العدم خصوصا اذا کان المؤجر عالما بالبطلان حین الاقباض دون المستأجر (1).

فی المقام فروع:

الفرع الأول: أنّ العین المستأجرة امانة فی ید المستأجر

______________________________

(1) فلا یضمن تلفها أو تعیبها الّا بالتعدی أو التفریط و أفاد الماتن أولا بأنّ العین المستأجرة فی ید المستأجر و حکم ثانیا بأنّه لا یکون علی المستأجر ضمان الّا مع التعدی أو التفریط.

أقول: أمّا کونها امانة فلأنّ المراد بالامانة المالکیة أنّ المالک یضع ماله عند غیره باختیاره و من الظاهر أنّ لازم استئجار العین کالدار مثلا وضعها فی ید المستأجر فتکون العین امانة عنده و أمّا حکمه بعدم الضمان فلوجوه: الوجه الأول

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 94

______________________________

الاجماع و التسالم بین الأصحاب.

الوجه الثانی: جملة من النصوص منها ما رواه أبو ولاد الحناط قال اکتریت بغلا الی قصر ابن هبیرة ذاهبا و جائیا بکذا و کذا و خرجت فی طلب غریم لی فلمّا صرت قرب قنطرة الکوفة خبّرت أنّ صاحبی توجّه الی النیل فتوجهت نحو النیل فلمّا أتیت النیل خبّرت انّ صاحبی توجه الی بغداد فاتبعته و ظفرت به و فرغت ممّا بینی و بینه و رجعنا الی الکوفة و کان ذهابی و مجیئی خمسة عشر یوما فأخبرت صاحب البغل بعذری و أردت أن اتحلل منه ممّا صنعت و أرضیه فبذلت له خمسة عشر درهما فأبی أن یقبل فتراضینا بأبی حنیفة فأخبرته بالقصة و أخبره الرجل فقال لی ما صنعت بالبغل؟ فقلت قد دفعته الیه سلیما قال: نعم بعد خمسة عشر یوما قال فما ترید من الرجل فقال: ارید کراء بغلی فقد حبسه علیّ خمسة عشر یوما فقال ما أری لک حقا لأنّه اکتراه الی قصر ابن هبیرة فخالف و

رکبه الی النیل و الی بغداد فضمن قیمة البغل و سقط الکراء فلمّا ردّ البغل سلیما و قبضته لم یلزمه الکراء، قال: فخرجنا من عنده و جعل صاحب البغل یسترجع فرحمته ممّا أفتی به أبو حنیفة فأعطیته شیئا و تحللت منه و حججت تلک السنة فأخبرت أبا عبد اللّه علیه السّلام بما أفتی به أبو حنیفة فقال فی مثل هذا القضاء و شبهه تحبس السماء ماءها و تمنع الأرض برکتها، قال: فقلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام فما تری أنت فقال أری له علیک مثل کراء بغل ذاهبا من الکوفة الی النیل و مثل کراء بغل راکبا من النیل الی بغداد و مثل کراء بغل من بغداد الی الکوفة توفیه ایّاه قال فقلت جعلت فداک قد علفته بدراهم فلی علیه علفه فقال لا، لأنّک غاصب قال فقلت له: أ رأیت لو عطب البغل و نفق أ لیس کان یلزمنی قال: نعم قیمة بغل یوم خالفته قلت فان أصاب

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 95

______________________________

البغل کسر أو دبر أو غمز فقال علیک قیمة ما بین الصحة و العیب یوم ترده علیه فقلت من یعرف ذلک قال انت و هو الحدیث «1».

فانّ المستفاد من الحدیث أنّ الضمان متفرع علی التعدی و العرف ببابک.

و منها ما رواه الحلبی قال: سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام (عن رجل) تکاری دابة الی مکان معلوم فنفقت الدابة قال: ان کان جاز الشرط فهو ضامن و ان دخل وادیا لم یوثقها فهو ضامن و ان سقطت فی بئر فهو ضامن لأنّه لم یستوثق منها «2».

فانّه علیه السّلام علق الضمان علی التعدی و بالمفهوم یدل علی عدمه عند

انتفاء الشرط.

و منها ما رواه علی بن جعفر عن أخیه قال: سألته عن رجل اکتری دابة الی مکان فجاز ذلک المکان فنفقت ما علیه؟ فقال: اذا کان جاز المکان الذی استأجر الیه فهو ضامن «3».

و التقریب هو التقریب و منها ما رواه محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام قال:

قال أمیر المؤمنین علیه السّلام فی حدیث و لا یغرم الرجل اذا استأجر الدابة ما لم یکرهها أو یبغها غائلة «4» و المستفاد من الحدیث أنّ الضمان مترتب علی التعدی.

و منها ما رواه الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: صاحب الودیعة و البضاعة مؤتمنان. و قال: لیس علی مستعیر عاریة ضمان و صاحب العاریة و الودیعة

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب الاجارة الحدیث 1.

(2) نفس المصدر الحدیث 3.

(3) نفس المصدر الحدیث 6.

(4) الوسائل الباب 32 من أبواب الاجارة الحدیث 1.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 96

______________________________

مؤتمن «1».

و منها ما رواه أیضا عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: سئل عن القصّار یفسد فقال: کل اجیر یعطی الاجرة علی أن یصلح فیفسد فهو ضامن «2».

و منها ما رواه أیضا عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال فی الغسال و الصباغ ما سرق منهم من شی ء فلم یخرج منه علی أمر بیّن أنّه قد سرق و کلّ قلیل له أو کثیر فان فعل فلیس علیه شی ء و ان لم یقم البینة و زعم أنّه قد ذهب الذی ادعی علیه فقد ضمنه ان لم یکن له بینة علی قوله «3».

و منها ما رواه أیضا مثله و زاد قال: و عن رجل استأجر أجیرا فاقعده علی متاعه فسرقه قال: هو مؤتمن «4».

و

منها ما رواه أیضا عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: کان أمیر المؤمنین علیه السّلام یضمن القصّار و الصائغ احتیاطا للناس و کان أبی یتطول علیه اذا کان مأمونا «5».

و منها ما رواه خالد بن الحجاج قال: سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن الملاح احمله الطعام ثم اقبضه منه فینقص قال ان کان مأمونا فلا تضمّنه «6».

الوجه الثالث: أنّ الحکم بالضمان یحتاج الی الدلیل و لا دلیل علیه الّا قاعدة الید و الخبر الدال علیه ضعیف سندا فلا یعتد به و مقتضی الاستصحاب عدم الضمان.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب العاریة الحدیث 6.

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب الاجارة الحدیث 1.

(3) نفس المصدر الحدیث 2.

(4) نفس المصدر الحدیث 3.

(5) نفس المصدر الحدیث 4.

(6) الوسائل الباب 30 من أبواب الاجارة الحدیث 3.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 97

______________________________

الوجه الرابع: السیرة العقلائیة و الارتکاز المتشرعی فانّهما یقتضیان عدم الضمان فلا اشکال فی الحکم.

الفرع الثانی: أنه لو اشترط الموجر علی المستأجر الضمان و لو مع عدم الاتلاف و التفریط فالمشهور حکموا بعدم اثر للشرط

و لا یتحقق الضمان و الماتن حکم بالصحة و تحقق الضمان.

و الحق ما أفاده المشهور إذ دلیل الشرط لا یکون مشرعا بل لا بد من کون مورده شرعیا کی یلزم بالشرط و الحال أنّ مقتضی القاعدة فی المقام عدم الضمان فاشتراطه مخالف للشرع فلا یصح.

هذا فیما یکون الاشتراط راجعا الی اشتغال ذمة المستأجر و أمّا اذا اشترط علیه الفعل و هو تدارک الضرر فلا مانع عنه و مقتضی الاشتراط وجوب التدارک علی المشروط علیه فالنتیجة صحة الشرط فی الصورة الثانیة دون الصورة الأولی و فی صورة عدم الضمان لا فرق فی عدمه بین کون التلف أثناء المدة أو بعد انقضائها إذا لم یتعد المستأجر عن حده و

خلی بین المال و مالکه.

الفرع الثالث: أنّه لا فرق فی عدم الضمان بین کون الاجارة صحیحة أو باطلة

و الوجه فیه أنّ الضمان کما تقدم یحتاج الی الدلیل و الدلیل المتوهم فی أمثال المقام إمّا قاعدة الاتلاف و إمّا قاعدة علی الید و إمّا السیرة و إمّا الاجماع و شی ء من الوجوه المذکورة لا مجال للاستدلال به علی المدعی أمّا قاعدة الاتلاف فلعدم الموضوع فانّ المفروض تلف العین أو تعیبها و أمّا قاعدة علی الید فلا دلیل معتبر علیها و أمّا السیرة فیمکن أن یقال بقیامها و جریانها علی عدم الضمان و أمّا الاجماع فالظاهر بل الواقع عدمه مضافا الی الاشکال فی اعتباره.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 98

[مسألة 1: العین التی للمستأجر بید المؤجر الذی آجر نفسه لعمل فیها کالثوب آجر نفسه لیخیطه امانة فلا یضمن تلفها أو نقصها]

(مسألة 1): العین التی للمستأجر بید المؤجر الذی آجر نفسه لعمل فیها کالثوب آجر نفسه لیخیطه امانة فلا یضمن تلفها أو نقصها الّا بالتعدی أو التفریط أو اشتراط ضمانها علی حذو ما مرّ فی العین المستأجرة و لو تلفت أو أتلفها المؤجر أو الاجنبی قبل العمل أو فی الاثناء بطلت الاجارة و رجعت الأجرة بتمامها أو بعضها الی المستأجر بل لو أتلفها مالکها المستأجر کذلک أیضا نعم لو کانت الاجارة واقعة علی منفعة المؤجر بان یملک منفعته الخیاطی فی یوم کذا یکون اتلافه لمتعلق العمل بمنزلة استیفائه لأنه باتلافه إیّاه فوّت علی نفسه المنفعة ففرق بین أن یکون العمل فی ذمته أو أن یکون منفعته الکذائیة للمستأجر ففی الصورة الأولی التلف قبل العمل موجب للبطلان و رجوع الاجرة الی المستأجر و إن کان هو المتلف و فی الصورة الثانیة اتلافه بمنزلة الاستیفاء و حیث انّه مالک لمنفعة المؤجر و قد فوّتها علی نفسه فالاجرة ثابتة علیه (1).

______________________________

(1) أفاد قدّس سرّه انّ مال المستأجر فی ید المؤجر کالثوب الذی دفعه

للخیاطة و أمثاله لا یکون فیه ضمان لأنّه امانة فی یده.

و قد تقدم انّه لا ضمان فی الامانة الّا مع التعدی أو التفریط و قد تقدم أیضا أنّ اشتراط الضمان لا یصح لکن فی المقام حدیث رواه موسی بن بکر عن أبی الحسن علیه السّلام قال: سألته عن رجل استأجر سفینة من ملاح فحملها طعاما و اشترط علیه ان نقص الطعام فعلیه قال جائز قلت: إنه ربما زاد الطعام قال فقال: یدّعی الملاح أنّه زاد فیه شیئا؟ قلت: لا قال: هو لصاحب الطعام الزیادة و علیه النقصان اذا کان قد

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 99

(مسألة 2): المدار فی الضمان علی قیمة یوم الأداء فی القیمیات لا یوم التلف و لا أعلی القیم علی الأقوی (1).

______________________________

اشترط ذلک «1».

و هذه الروایة من حیث الدلالة علی المدعی تامة و أمّا من حیث السند فیظهر من کلام القمی فی تفسیره توثیق الرواة الواردة فی اسناد روایته و الرجل منهم فالحدیث تام سندا و دلالة.

و قد رجعنا عن المسلک المشار إلیه و بنینا علی عدم تمامیة وثاقة رجال التفسیر أی لا یتم وثاقتهم بشهادته و لهذه الجهة کلام موکول الی محله.

ثم إنّه حکم بأنّه لو تلفت العین أو أتلفها المؤجر أو الاجنبی قبل العمل أو فی الأثناء تبطل الاجارة بل لو أتلفها المستأجر المالک للعین یکون کذلک نعم لو کانت الاجارة واقعة علی منفعة المؤجر بأن یملک منفعة الخیاطة فی یوم کذا یکون اتلافه متعلق العمل بمنزلة الاستیفاء.

و یرد علیه أولا: انّه مناف لما أفاده سابقا حیث فرق بین التلف و الاتلاف و ثانیا: أنّ الصحیح ما أفاده سابقا فانّ التلف اذا کان سماویا

أو حیوانیا یکون موجبا لبطلان الاجارة بالتقریب المتقدم سابقا و أمّا اذا کان باتلاف المؤجر أو المستأجر أو الأجنبی فلا وجه لبطلان الاجارة کما تقدم.

و ثالثا: أنه لا نری فارقا بین الصورتین و لا وجه لتفریقه بینهما مضافا الی أنّه لا نفهم الفرق بین الصورتین موضوعا فلاحظ.

[مسألة 2: المدار فی الضمان علی قیمة یوم الأداء فی القیمیات]

(1) قد تکلمنا حول الفرع المذکور فی کتابنا عمدة المطالب عند تعرض الشیخ قدّس سرّه للمسألة و صفوة القول: أنّ مقتضی القاعدة الأولیة أن المدار یوم الاداء بتقریب: أنّ التالف بنفسه فی عهدة الضامن غایة الأمر اذا لم یمکن رده بعینه کما هو

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب الاجارة الحدیث 5.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 100

(مسألة 3): اذا أتلف الثوب بعد الخیاطة ضمن قیمته مخیطا و استحق الأجرة المسماة و کذا لو حمل متاعا الی مکان معین ثم تلف مضمونا أو أتلفه فانّه یضمن قیمته فی ذلک المکان لا أن یکون المالک مخیّرا بین تضمینه غیر مخیط بلا أجرة أو مخیطا مع الأجرة و کذا لا أن یکون فی المتاع مخیرا بین قیمته غیر محمول فی مکانه الأول بلا اجرة أو فی ذلک المکان مع الاجرة کما قد یقال (1).

______________________________

المفروض تصل النوبة الی مثله ان کان له المثل و الّا تصل النوبة الی القیمة و علی هذا الاساس لا موضوع للمثلی و القیمی و لا مجال لهذا البحث و تقسیم التالف الی هذین القسمین بل جمیع الموارد التالف بنفسه فی عهدة الضمان.

و تدل علی المدعی قاعدة علی الید فانّ المستفاد من جملة «علی الید ما أخذت» أنّ التالف بعینه فی العهدة مثلا لو فرضنا أنّه وضع یده علی کتاب زید و کانت

ید ضمان یکون مفاد الحدیث أنّ الکتاب بعینه فی عهدة الواضع الی أن یرده فالنتیجة أنّ المدار یوم الاداء لکن لا بدّ من رفع الید عن القاعدة بحدیث أبی الولاد «1» حیث فصل الامام علیه السّلام بین تلف العین و بین تعیبها فبالنسبة الی الأول قال علیه السّلام: «قیمة بغل یوم خالفته» أی یوم الغصب و أمّا بالنسبة الی التعیب حکم بلزوم القیمة أی قیمة یوم الاداء.

[مسألة 3: اذا أتلف الثوب بعد الخیاطة ضمن قیمته مخیطا]

(1) الأمر کما أفاده إذ المفروض أنّ الثوب موصوفا بوصف المخیطیّة مملوک للمستأجر فیکون اتلافه موجبا لضمانه موصوفا بالوصف و کذا لو کان التلف فی زمن الضمان و قد تقدم منّا قریبا أنّ المدار فی الضمان بیوم الغصب.

______________________________

(1) قد تقدم فی ص 94.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 101

[مسألة 4: إذا أفسد الأجیر للخیاطة أو القصارة أو التفصیل الثوب ضمن]

(مسألة 4): إذا أفسد الأجیر للخیاطة أو القصارة أو التفصیل الثوب ضمن و کذا الحجّام اذا جنی فی حجامته أو الختان فی ختانه و کذا الکحّال أو البیطار و کلّ من آجر نفسه لعمل فی مال المستأجر اذا أفسده یکون ضامنا اذا تجاوز عن الحدّ المأذون فیه و إن کان بغیر قصده لعموم من أتلف و للصحیح عن أبی عبد اللّه علیه السّلام «فی الرجل یعطی الثوب لیصبغه فقال علیه السّلام کل عامل أعطیته أجرا علی أن یصلح فأفسد فهو ضامن» بل ظاهر المشهور ضمانه و إن لم یتجاوز عن الحدّ المأذون فیه و لکنه مشکل فلو مات الولد بسبب الختان مع کون الختان حاذقا من غیر أن یتعدی عن محل القطع بأن کان أصل الختان مضرّا به فی ضمانه إشکال (1).

______________________________

(1) الأمر کما أفاده إذ المفروض أنّه مصداق للإتلاف الموجب للضمان مضافا الی أنّ المستفاد من النص کذلک لاحظ ما رواه الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فی الرجل یعطی الثوب لیصبغه فیفسده فقال کل عامل اعطیته اجرا علی أن یصلح فافسد فهو ضامن «1».

فلا بد من الالتزام بالضمان فیما یکون العامل متجاوزا عن حدّ الاذن و أمّا مع الاذن فالظاهر أنّه لا ضمان علیه لعدم المقتضی له فانّ السیرة العقلائیة علی عدمه و الحدیث الدال علی الضمان لا

یشمل الفرض و مقتضی تناسب الحکم و الموضوع عدمه کما أنّ مقتضی الأصل العملی عدمه أیضا.

بقی شی ء و هو أنّه هل یمکن القول بعدم الضمان حتی فی مورد موت الولد کما فی المختون الانصاف أنّ الالتزام بعدم الضمان مشکل إذ حدیث السکونی غیر تام سندا

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب الاجارة الحدیث 19.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 102

(مسألة 5): الطبیب المباشر للعلاج اذا أفسد ضامن و إن کان حاذقا و أمّا اذا لم یکن مباشرا بل کان آمرا ففی ضمانه اشکال الا أن یکون سببا و کان أقوی من المباشر و أشکل منه اذا کان واصفا للدواء من دون أن یکون آمرا کأن یقول إنّ دواءک کذا و کذا بل الأقوی فیه عدم الضمان و إن قال الدواء الفلانی نافع للمرض الفلانیّ فلا ینبغی الاشکال فی عدم ضمانه فلا وجه لما عن بعضهم من التأمل فیه و کذا لو قال: لو کنت مریضا بمثل هذا المرض لشربت الدواء الفلانی (1).

______________________________

و مقتضی دلیل وجوب الدیة وجوبها بل لو کان ترتب الموت ممکنا و محتملا یکون أصل جواز التصدی للعمل محلا للإشکال و تحقیق جهات الفرع و بسط الکلام فیه موکول الی مجال آخر.

[مسألة 5: الطبیب المباشر للعلاج اذا أفسد ضامن]

(1) لأنّه مصداق للإتلاف الموجب للضمان و استدل علی المدعی أیضا بحدیث السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: قال أمیر المؤمنین علیه السّلام من تطبب أو تبیطر فلیأخذ البراءة من ولیّه و الّا فهو له ضامن «1».

و الحدیث ضعیف بالنوفلی إذ هو لم یوثق و وقوعه فی اسناد کامل الزیارات لا اثر له کما حقق فی محله و لکن یکفی لإثبات المدعی قاعدة من اتلف

و کذلک یکون ضامنا اذا کان سببا فی مورد و کان السبب أقوی من المباشر کما أمر صبیا غیر ممیز بعمل یوجب الاتلاف نعم مع أخذ البراءة من المریض لا ضمان علی الطبیب لعدم الدلیل علی الضمان و یؤیده خبر السکونی.

هذا فیما اذا کان مباشرا للعلاج أو کان سببا و کان أقوی من المباشر و أمّا فی غیر الموردین فلا ضمان علیه کما فی المتن لعدم الدلیل علیه و مقتضی الأصل عدمه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب موجبات الضمان الحدیث 1 من کتاب الدیات.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 103

(مسألة 6): اذا تبرّأ الطبیب من الضمان و قبل المریض أو ولیه و لم یقصّر فی الاجتهاد و الاحتیاط برأ علی الأقوی (1).

(مسألة 7): إذا عثر الحمّال فسقط ما کان علی رأسه أو ظهره مثلا ضمن لقاعدة الاتلاف (2).

[مسألة 6: اذا تبرّأ الطبیب من الضمان و قبل المریض أو ولیه و لم یقصّر فی الاجتهاد و الاحتیاط]

______________________________

(1) استدل علی المدعی بحدیث السکونی و قد مرّ الاشکال فی اعتباره سندا «1» و ربما یرد علی الحکم بأنّه داخل فی اسقاط ما لم یجب و لا دلیل علیه و الجواب عن الاشکال المذکور أنّ عدم الضمان لیس من باب الاسقاط کی یرد الاشکال المزبور بل لا مقتضی للثبوت مع أخذ البراءة ممن بید الأمر و یکون المقام کنظائره مثلا لو اذن أحد لغیره فی اتلاف ماله کما لو أذن له أن یأکل طعامه فهل یکون الاذن فی الأکل مصداقا لإسقاط ما لم یجب أو أنّ الدلیل الدال علی الضمان لا یشمل لمورد الاذن فلا تغفل.

[مسألة 7: إذا عثر الحمّال فسقط ما کان علی رأسه أو ظهره مثلا ضمن]

(2) قد استدل قدّس سرّه علی الضمان بقاعدة الاتلاف. و یرد علیه أولا أنّ الاستدلال بالتقریب المذکور یتوقف علی صدق عنوان الاتلاف و الحال أنّ العنوان المذکور لا یصدق فی الفرض الذی فرضه فی المتن فانّ التلف فی الفرض لا یستند الی الحمال.

هذا اولا و ثانیا انّ قاعدة الاتلاف غیر مستفادة من عموم أو اطلاق بل الدلیل علیها السیرة العقلائیة الممضاة عند الشارع و الانصاف أنّه لا سیرة علی الضمان فی الصورة المفروضة بل یمکن أن یقال إنّ الحکم بالضمان فی الفرض مستنکر عند العقلاء فلا یتم الامر بالقاعدة.

ثم انّه هل یمکن أن یستدل علی الضمان بحدیث داود بن سرحان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فی رجل حمل متاعا علی رأسه فأصاب انسانا فمات أو انکسر منه شی ء فهو ضامن «2».

______________________________

(1) قد تقدم فی ص 102.

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب الاجارة الحدیث 11.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 104

______________________________

و الظاهر انّ الحدیث تام سندا و مقتضی اطلاق قوله علیه السّلام أو

انکسر منه شی ء عدم الفرق بین کون ذلک الشی ء من اعضاء بدنه أو من أمواله فلا موقع للمناقشة فی الحدیث من هذه الناحیة لکن الاشکال من ناحیة اخری و هی أنّ الظاهر من الحدیث أنّ الفعل مستند الی حامل المتاع اذ المذکور فی الحدیث أنّه اصاب غایة الامر تکون الاصابة غیر اختیاریة و فی المقام لا یکون الفعل مستندا الی الحمال کما سبق.

مضافا الی أنّ المستفاد من الحدیث أنّ الحامل للمتاع أصاب شخصا آخر و الکلام فی المقام ضمانه بالنسبة الی المتاع الذی حمله اضف الی ما تقدم أنّ لفظ «أو انکسر منه شی ء» لا یشمل الاموال بل الظاهر من الجملة أنّه مات أو انکسر من اعضائه عضو فمورد الحدیث لا یشمل المقام الّا مع القطع بعدم الفرق و لا قطع بل و لا ظن فالنتیجة أنّه لا دلیل علی الضمان و مقتضی الاصل الأولی عدمه فلاحظ.

فائدة: و لما انجر الکلام الی عدم تمامیة دلیل قاعدة «من أتلف» ناسب أن نشیر الی ما یکون قابلا للاستدلال به علی کلیّة القاعدة فنقول: یمکن الاستدلال علی الکلّیة بجملة من النصوص: منها ما رواه الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: سألته عن المملوک بین شرکاء فیعتق أحدهم نصیبه فقال: انّ ذلک فساد علی أصحابه (فلا یستطیعون) بیعه و لا مؤاجرته فقال: یقوم قیمة فیجعل علی الذی أعتقه عقوبة و انما جعل ذلک علیه لما أفسده «1».

فانّ المستفاد من الحدیث انّ الافساد الذی هو مصداقا للإتلاف یوجب ضمان المتلف.

و منها ما رواه حمران عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: سئل عن رجل تزوج جاریة

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب العتق الحدیث 1.

الغایة القصوی فی التعلیق علی

العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 105

(مسألة 8): إذا قال للخیاط مثلا إن کان هذا یکفینی قمیصا فاقطعه فقطعه فلم یکف ضمن فی وجه و مثله لو قال هل یکفی قمیصا فقال نعم فقال اقطعه فلم یکفه و ربما یفرق بینهما فیحکم بالضمان فی الأول دون الثانی بدعوی عدم الاذن فی الأول دون الثانی و فیه أنّ فی الأول أیضا الأذن حاصل و ربما یقال بعدم الضمان فیهما للإذن فیهما و فیه أنّه مقید بالکفایة الّا أن یقال إنّه مقید باعتقاد الکفایة و هو حاصل و الأولی الفرق بین الموارد و الأشخاص بحسب صدق الغرور و عدمه أو تقیّد الاذن و عدمه و الأحوط مراعاة الاحتیاط (1).

______________________________

بکرا لم تدرک فلما دخل بها اقتضها فأفضاها؟ فقال: ان کان دخل بها حین دخل بها و لها تسع سنین فلا شی ء علیه و ان کانت لم تبلغ تسع سنین أو کان لها أقل من ذلک بقلیل حتی دخل بها فاقتضّها فانه قد أفسدها و عطلها علی الأزواج فعلی الامام أن یغرمه دیتها و ان امسکها و لم یطلقها حتی تموت فلا شی ء علیه «1».

و تقریب الاستدلال بالحدیث علی المدعی هو التقریب.

و منها: ما رواه سدیر عن أبی جعفر علیه السّلام قال: الرجل یأتی البهیمة قال: یجلد دون الحدّ و یغرم قیمة البهیمة لصاحبها لأنّه أفسدها علیه الحدیث «2».

و تقریب الاستدلال علی المدّعی هو التقریب فلاحظ.

[مسألة 8: إذا قال للخیاط مثلا إن کان هذا یکفینی قمیصا فاقطعه فقطعه فلم یکف]

(1) تعرّض الماتن قدّس سرّه لحکم صورتین: الصورة الأولی: ما لو علق الاذن فی القطع علی الکفایة و الظاهر أنّ مقتضی القاعدة هو الضمان إذ المفروض أنّ الاذن

______________________________

(1) الوسائل الباب 45 من أبواب مقدمات النکاح الحدیث 9.

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب نکاح

البهائم الحدیث 4.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 106

______________________________

معلق علی الکفایة و المفروض عدمها و من ناحیة اخری اتلاف مال الغیر یقتضی الضمان نعم لو استفید من کلام المالک تعلیق الاذن علی اعتقاد الکفایة و الخیاط کان معتقدا بها لا یکون وجه للضمان و لو کان الکلام مجملا و لم یکن ظاهرا فی أحد الطرفین یکون مقتضی قاعدة من أتلف هو الضمان.

الصورة الثانیة: ما لو سأل المالک الخیاط عن الکفایة و عدمها و الخیاط أجاب بأنّه یکفی و بعد القطع صار معلوما عدمها و الظاهر أنّه لا وجه للضمان فی هذه الصورة إذ المفروض أنّ قطع الثوب باذن المالک غایة الأمر أنّ داعی المالک فی الاذن أخبار الخیاط بالکفایة و من الظاهر أنّ تخلف الداعی لا یوجب الضمان بالنسبة الی الخیاط لعدم الدلیل علیه نعم لو کان الخیاط غارّا للمالک یمکن الالتزام بالضمان لقاعدة الغرور.

و لما انجر الکلام الی هنا ینبغی الاشارة الی مدرک هذه القاعدة فنقول: ما یمکن أن یکون مدرکا للقاعدة وجوه:

الوجه الأول: النبوی المشهور و هو قوله صلّی اللّه علیه و آله و سلّم «المغرور یرجع الی من غرّه»، و هذه الروایة لا اعتبار بها.

الوجه الثانی: الاجماع. و فیه أنّه قد ثبت فی محله عدم حجیة الاجماع لا منقولا و لا محصلا الّا أن یکون اجماعا کاشفا عن رأی المعصوم علیه السّلام و انّی لنا باثبات ذلک مع احتمال استناد المجمعین الی النبوی أو الی وجه آخر من الوجوه المذکورة فی المقام.

الوجه الثالث: أنّ الغارّ سبب لوقوع المغرور فی الضرر فیکون ضامنا.

و یرد علیه أنّه ما المراد من السبب فان کان المراد من السبب کونه متلفا و

هو الذی یکون الفعل مستندا الیه فهو خلاف الواقع و الحقیقة إذ الاتلاف تحقق بأمر المالک و الخیاط وسیلة له و إن شئت فقل من اتلف مال الغیر فهو له ضامن لا یشمل

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 107

______________________________

الاتلاف الذی یکون بأمر المالک و ارادته.

و بعبارة أوضح: الکلام فی صدق التغریر و من الظاهر أنّ اخبار الخیاط لا یکون سببا للتلف و إن کان المراد من السبب کونه معدا من المعدات فلا دلیل علی الضمان بمجرد کونه معدا.

الوجه الرابع: السیرة العقلائیة الممضاة عند الشارع الأقدس فانّ الظاهر أنّ العقلاء تکون سیرتهم جاریة علی تغریم الغار و ارجاع المغرور إلیه هذا من ناحیة و من ناحیة اخری انّ الشارع لم یردع عن السیرة المذکورة و عدم الردع یکفی للإثبات کبقیة موارد السیر مثل اعتبار ظهور الألفاظ و الوجه فیه أنّ الشارع الأقدس لا طریق خاص له فی محاوراته و أحکامه الّا فی موارد نبّه علیها و إلّا فلو خلی و طبعه تکون الأحکام العقلائیة ممضاة عنده و هذا من تلک الموارد و هذا الوجه حسن و لا إشکال فیه.

الوجه الخامس: النصوص الخاصّة الواردة فی باب التدلیس منها ما رواه رفاعة بن موسی قال: سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام الی أن قال: و سألته عن البرصاء فقال: قضی أمیر المؤمنین علیه السّلام فی امرأة زوّجها ولیها و هی برصاء أنّ لها المهر بما استحل من فرجها و أنّ المهر علی الذی زوّجها و انّما صار علیه المهر لأنّه دلّسها و لو أنّ رجلا تزوج امرأة و زوّجه إیّاها رجل لا یعرف دخیلة أمرها لم یکن علیه شی ء و کان المهر یأخذه

منها «1».

و هذه الروایة تامة للاستدلال بها علی المدعی سندا و دلالة أمّا من حیث السند فتامة بأحد سندیها فانّ ابن ادریس یرویها من نوادر البزنطی عن الحلبی فلا اشکال

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب العیوب و التدلیس الحدیث 2.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 108

(مسألة 9): اذا آجر عبده لعمل فأفسد ففی کون الضمان علیه أو علی العبد یتبع به بعد عتقه أو فی کسبه اذا کان من غیر تفریط و فی ذمته یتبع به بعد العتق اذا کان بتفریط أو فی کسبه مطلقا وجوه و أقوال أقواها الأخیر للنصّ الصحیح هذا فی غیر الجنایة علی نفس أو طرف و الّا فیتعلّق برقبته و للمولی فداؤه باقلّ الأمرین من الأرش و القیمة (1).

(مسألة 10): اذا آجر دابة لحمل متاع فعثرت و تلف أو نقص لا ضمان علی صاحبها الّا إذا کان هو السبب بنخس أو ضرب (2).

(مسألة 11): اذا استأجر سفینة أو دابة لحمل متاع فنقص أو سرق لم یضمن صاحبها نعم لو اشترط علیه الضمان صحّ لعموم دلیل الشرط و للنصّ (3).

______________________________

فی السند و أمّا من حیث الدلالة فانّ المستفاد منها أنّ التدلیس یوجب ضمان المدلس و بعموم العلة یحکم بأنّ کل مدلّس ضامن فلاحظ.

[مسألة 9: اذا آجر عبده لعمل فأفسد]

(1) هذه المسألة کنظائرها لا تکون محلا للابتلاء فی زماننا.

[مسألة 10: اذا آجر دابة لحمل متاع فعثرت و تلف أو نقص]

(2) لعدم المقتضی للضمان فی مفروض الکلام و بعبارة اخری: لا یکون صاحب الدابة متلفا للمال فلا ضمان علیه فلاحظ.

[مسألة 11: اذا استأجر سفینة أو دابة لحمل متاع فنقص أو سرق لم یضمن صاحبها]

(3) فصل الماتن فی هذه المسألة بین صورة اشتراط الضمان و عدمه ففی الصورة الثانیة حکم بعدم الضمان و الحقّ معه إذ لا وجه للضمان بعد کون ید المستأجر ید امانة و لیس علی الأمین الّا الیمین و فی الصورة الاولی حکم بالضمان لنفوذ دلیل الشرط.

و أورد علیه سیدنا الاستاد قدّس سرّه بأنّ الضمان فعل المولی و لا یکون اختیاریا للعبد فلا أثر للاشتراط.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 109

(مسألة 12): اذا حمّل الدابة المستأجرة أزید من المشترط أو المقدار المتعارف مع الاطلاق ضمن تلفها أو عوارها و الظاهر ثبوت اجرة المثل لا المسمی مع عدم التلف لأنّ العقد لم یقع علی هذا المقدار من الحمل نعم لو لم یکن ذلک علی وجه التقیید ثبت علیه المسماة و اجرة المثل بالنسبة الی الزیادة (1).

______________________________

و یرد علیه: أنّ الضمان تارة یکون إلهیّا و اخری یکون خلقیا فلا مانع عن اشتراطه من هذه الجهة بعد جواز الضمان الخلقی انّما الاشکال من ناحیة اخری و هو أنّ جواز الاشتراط مشروط بعدم کون الشرط مخالفا للشرع و فی المقام یکون الاشتراط المذکور مخالفا للشرع إذ مقتضی الاستصحاب عدم کونه مشروعا.

و صفوة القول: أنّ دلیل الشرط لا یکون مشرعا و لا بدّ من عدم کونه مخالفا للشرع فالنتیجة أنّ الشرط المذکور غیر جائز هذا بحسب القاعدة الاولیة و أمّا الاستدلال علی الجواز بحدیث موسی بن بکر «1».

فیرد علیه اولا: أنّ الحدیث ضعیف سندا بموسی بن بکر حیث إنّه لم یوثّق و ثانیا: أنّه لا یبعد

أن یکون الظاهر من الحدیث اشتراط الفعل لا النتیجة و ان أبیت فلا أقل من احتماله فلا مجال للاستدلال.

[مسألة 12: اذا حمّل الدابة المستأجرة أزید من المشترط أو المقدار المتعارف مع الاطلاق]

(1) إذا فرضنا أنّه حمل الدابة المستأجرة أزید من المقدار المقرر یکون ضامنا لتلفها أو عوارها و الوجه فیه أنّ ید المستأجر فی مفروض الکلام لا تکون ید امانة بل تکون ید عدوان و لازمه الضمان و هذا فیما لا یکون العدوان موجبا للتلف أو العوار و الّا یکون الضمان بمقتضی قاعدة الاتلاف هذا بالنسبة الی التلف أو حدوث العوار.

______________________________

(1) قد تقدم فی ص 98.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 110

(مسألة 13): إذا اکتری دابة فسار علیها زیادة عن المشترط ضمن و الظاهر ثبوت الاجرة المسماة بالنسبة الی المقدار المشترط و اجرة المثل بالنسبة الی الزائد (1).

______________________________

و أمّا بالنسبة الی الاجرة فقد فصل قدّس سرّه بین التقیید و الاشتراط ففی الصورة الاولی حکم بثبوت اجرة المثل و فی الثانیة بثبوت کلتا الاجرتین إحداهما بمقتضی الاجارة و الثانیة بمقتضی الضمان فانّه فی الصورة الاولی المفروض أنّ الاجارة وقعت علی المقید بما هو مقید و من ناحیة اخری أنّ المستأجر انتفع من العین نفعا غیر ما وقع علیه العقد.

و یرد علیه أنّ مقتضی القاعدة ثبوت کلتیهما فی صورة التقیید أیضا و الوجه فیه أنّ الاجارة علی المقید تامة و أوجب استحقاق الاجرة المسماة و من ناحیة اخری الانتفاع العدوانی یوجب الضمان بمقتضی القاعدة فلا فرق بین الصورتین نعم یمکن التفریق بینهما بأنّ اجرة المثل فی الصورة الثانیة فی مقابل الزائد علی مورد الاجارة و أمّا فی الصورة الاولی فتکون الاجرة المسماة فی مقابل تمام الانتفاع.

و بعبارة واضحة: فی صورة التقیید یکون المؤجر مالکا

للأجرة المسماة بسبب عقد الاجارة و أیضا مالک لأجرة المثل إذ المفروض أنّ انتفاعه عدوانی فیکون ضامنا.

[مسألة 13: إذا اکتری دابة فسار علیها زیادة عن المشترط]

(1) ما أفاده تامّ اذ المفروض أنّ المؤجر آجر مملوکه بازاء المنفعة الخاصة فیملک الاجرة المسماة و أیضا یملک اجرة المثل لأنّ المستأجر استوفی تلک المنفعة الزائدة و هذا ظاهر واضح انّما الاشکال فی تعبیر الماتن حیث یقول زیادة عن المشترط و الحال أنّه لا اشتراط بل العقد واقع علی المقدار الخاص فلا یکون مجال للمستأجر فی التصرف الزائد و بعبارة واضحة عدم جواز السیر الزائد لا یتوقف علی الاشتراط بل هو مقتضی القاعدة الاولیة.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 111

(مسألة 14): یجوز لمن استأجر دابة للرکوب أو الحمل أن یضربها اذا وقفت علی المتعارف أو یکبحها باللجام أو نحو ذلک علی المتعارف الّا مع منع المالک من ذلک أو کونه معها و کان المتعارف سوقه هو و لو تعدّی عن المتعارف أو مع منعه ضمن نقصها أو تلفها أمّا فی صورة الجواز ففی ضمانه مع عدم التعدی اشکال بل الاقوی العدم لأنّه مأذون فیه (1).

(مسألة 15): اذا استؤجر لحفظ متاع فسرق لم یضمن الّا مع التقصیر فی الحفظ و لو لغلبة النوم علیه أو مع اشتراط الضمان و هل یستحق الاجرة مع السرقة الظاهر لا لعدم حصول العمل المستأجر علیه الّا أن یکون متعلق الاجارة الجلوس عنده و کان الفرض هو الحفظ لا أن یکون هو المستأجر علیه (2).

[مسألة 14: یجوز لمن استأجر دابة للرکوب أو الحمل أن یضربها اذا وقفت علی المتعارف]

اشارة

______________________________

(1) قد تعرض قدّس سرّه فی هذه المسألة لفروع:

الفرع الأول: أنّه یجوز للمستأجر للدابة أن یضربها بالمقدار المتعارف

أی المقدار الذی تعارف کونه مأذونا فیه من قبل المالک و هذا ظاهر واضح اذ من المفروض أنّ ضرب الحیوان فی حد نفسه أمر جائز و أمّا بلحاظ کونه مال الغیر فیجوز أیضا اذ المفروض انّه مأذون فیه.

الفرع الثانی: أنّه لا یجوز مع منع المالک أو کان المتعارف عند الناس عدمه و لو بلحاظ قرینة الحال

و هذا أیضا تامّ إذ التصرف فی مال الغیر لا یجوز بغیر اذنه.

الفرع الثالث: أنّه فی فرض الجواز لو أوجب الضرب خسارة لا یکون الضارب ضامنا

اذ المفروض ان الضرب کان باذن المالک و مع اذنه لا وجه للضمان.

الفرع الرابع: أنّه لو حصلت الخسارة فی صورة المنع و عدم الجواز یکون الضارب ضامنا

و ما أفاده تامّ لقاعدة الاتلاف.

[مسألة 15: اذا استؤجر لحفظ متاع فسرق لم یضمن]

(2) أفاد قدّس سرّه أنّه لو استوجر لحفظ متاع فسرق لا یکون الاجیر ضامنا الّا مع

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 112

(مسألة 16): صاحب الحمام لا یضمن الثیاب الّا إذا أودع و فرط أو تعدی و حینئذ یشکل صحة اشتراط الضمان أیضا لأنّه أمین محض فانّه انّما أخذ الأجرة علی الحمام و لم یأخذ علی الثیاب نعم لو

______________________________

التقصیر أو اشتراط الضمان.

و ما أفاده بالنسبة الی عدم الضمان تام إذ لا وجه له بعد کون یده امانة و لیس علی الأمین الّا الیمین و أمّا الضمان مع التقصیر فلتبدل الید عن الامانیة الی العدوانیة فیحکم بالضمان لقاعدة علی الید فاذا فرض أنّه بعد غلبة النوم نام اختیارا یکون ضامنا لأنّ وظیفته عدم النوم نعم لو غلب علیه النوم بلا اختیار لم یکن وجه للضمان.

و أما اشتراط الضمان علیه فکما تقدم قریبا فلا بد من التفصیل بأن نقول: ان کان الاشتراط علی نحو شرط النتیجة لا یکون صحیحا و إن کان علی نحو اشتراط الفعل فلا مانع عنه و یکون صحیحا.

ثم أنّه هل یکون مستحقا للأجرة فی صورة السرقة فصل قدّس سرّه بین کون الاجارة واقعة علی الحفظ و بین وقوعها علی الجلوس و حکم بعدم الاستحقاق فی الصورة الاولی و بالاستحقاق فی الثانیة بدعوی: أنّ فی الصورة الاولی لم یقم بما یجب علیه فلا یستحق شیئا و أما فی الصورة الثانیة فیستحق إذ المفروض أنّ مورد الاجارة الجلوس و المفروض تحققه و انّما التخلف فی الداعی.

و یرد علیه: أنّ الاستحقاق یحصل بمجرد العقد لا بالعمل الخارجی غایة الأمر مع فرض عدم العمل یکون للمستأجر خیار

الفسخ نعم یمکن اثبات عدم الاستحقاق بتقریب آخر و هو: أنّ الشخص المشار إلیه لم یکن مالکا لتلک المنفعة و مع عدم کونه مالکا لها لا مجال لتملیکها من الغیر فالاجارة من أول الأمر باطلة و لا وجه للاستحقاق و التعبیر بالانفساخ کما فی عبارة سیدنا الاستاد غیر تام.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 113

استوجر مع ذلک للحفظ أیضا ضمن مع التعدی أو التفریط و مع اشتراط الضمان أیضا لأنّه حینئذ یأخذ الأجرة علی الثیاب أیضا فلا یکون أمینا محضا (1).

[مسألة 16: صاحب الحمام لا یضمن الثیاب الّا إذا أودع و فرط أو تعدی]

اشارة

______________________________

(1) قد تعرض قدّس سرّه فی هذه المسألة لفروع:

الفرع الأول: أنّ صاحب الحمام لا یضمن الثیاب إذا کان أخذ الاجرة بلحاظ الانتفاع من الماء.

و هذا ظاهر واضح إذ لا وجه للضمان فی الفرض المذکور.

الفرع الثانی: انّه لو أودع الثیاب عنده لم یکن ضامنا فی صورة التلف الّا مع التعدی أو التفریط.

و هذا واضح أیضا إذ الودعی محسن و أمین و لا موجب لکونه ضامنا الّا مع التعدی أو التفریط.

الفرع الثالث: أنّه لا یجوز اشتراط الضمان فی هذه الصورة

لأنّه أمین محض.

و یرد علیه أنّه لا تنافی بین کونه أمینا و بین اشتراط الضمان علیه و بعبارة واضحة: انّ الودعی لا یکون ضامنا فی حد نفسه و هذا لا ینافی صیرورته ضامنا بالشرط إذا کان شرطا جائزا هذا إذا کان اشتراط الضمان علی نحو الفعل و أمّا اذا کان علی نحو النتیجة فقد تقدم عدم صحته لکونه مخالفا للشرع.

الفرع الرابع: أنّه لو وقعت الاجارة بازاء حفظ الثیاب أیضا یکون الأجیر ضامنا فی صورة التعدی أو التفریط

و هذا من مصادیق المسألة السابقة و الکلام فیه هو الکلام.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 114

[فصل فی الإجارة الثانیة]

اشارة

فصل یکفی فی صحة الاجارة کون المؤجر مالکا للمنفعة أو وکیلا عن المالک لها أو ولیا علیه و إن کانت العین للغیر کما إذا کانت مملوکة بالوصیة أو بالصلح أو بالاجارة فیجوز للمستأجر أن یؤجرها من المؤجر أو من غیره لکن فی جواز تسلیمه العین الی المستأجر الثانی بدون اذن المؤجر اشکال فلو استأجر دابة للرکوب أو لحمل المتاع مدة معینة فآجرها فی تلک المدة أو فی بعضها من آخر یجوز و لکن لا یسلمها الیه بل یکون هو معها و إن رکبها ذلک الآخر أو حملها متاعه فجواز الاجارة لا یلزم تسلیم العین بیده فان سلمها بدون اذن المالک ضمن هذا إذا کانت الاجارة الاولی مطلقة و أمّا اذا کانت مقیدة کأن استأجر الدابة لرکوبه نفسه فلا یجوز اجارتها من آخر کما أنّه اذا اشترط المؤجر عدم اجارتها من غیره أو اشترط استیفاء المنفعة بنفسه لنفسه کذلک أیضا أی لا یجوز اجارتها من الغیر نعم لو اشترط استیفاء المنفعة بنفسه و لم یشترط کونها لنفسه جاز أیضا اجارتها من الغیر بشرط أن یکون هو المباشر للاستیفاء لذلک الغیر ثم لو خالف و آجر فی هذه الصورة ففی الصورة الأولی و هی ما اذا استأجر الدابة لرکوبه نفسه بطلت لعدم کونه مالکا الّا رکوبه نفسه فیکون المستأجر الثانی

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 115

ضامنا لأجرة المثل للمالک ان استوفی المنفعة و فی الصورة الثانیة و الثالثة فی بطلان الاجارة و عدمه و جهان مبنیان علی أنّ التصرف المخالف

للشرط باطل لکونه مفوّتا لحق الشرط أولا، بل حرام و موجب للخیار و کذا فی الصورة الرابعة إذا لم یستوف هو بل سلّمها الی ذلک الغیر (1).

قد تعرض فی هذا المقام لفروع:

الفرع الأول: أنّه یکفی فی جواز الاجارة کون المؤجر مالکا للمنفعة أو وکیلا عنه أو ولیا علیه

______________________________

(1) و لا یلزم کون الموجر مالکا للعین.

و الوجه فیه مضافا الی التسالم و کونه امرا ظاهرا أنّ الاجارة تملیک للمنفعة فاذا کان المؤجر مالکا لها یجوز له تملیکها من غیره فکما أنّه یجوز لمالک العین البیع کذلک یجوز لمالک المنفعة الاجارة.

ان قلت: لا اشکال فی جواز اجارة الانسان نفسه لعمل و الحال أنه لا یکون مالکا لها بالملکیة الاعتباریة و لذا یصدق علی من لا مال له أنّه فقیر.

قلت: الجواب عن هذه الشبهة یظهر من نفس السؤال و الاشکال إذ قد ذکر فی الایراد أنّه لا اشکال فی جواز اجارة الانسان نفسه لعمل و الأمر کذلک فانّه من ضروریات الدین و من الامور الجاریة بین جمیع العقلاء فی کل صقع.

و إن شئت قلت: الأحکام الشرعیة لا تکون امورا علی مقیاس العقل البشری بل الشارع الأقدس العالم بجمیع الجهات یحکم بشی ء فی مورد و فی جهة من الأحکام تکون المصلحة فی نفس الجعل.

اضف الی ذلک أنّه لا اشکال فی أنّ اضافة عین أو فعل الی الذمة یوجب مالیة ذلک الشی ء و حصول المضاف و تحققه فی وعاء الذمة و قد یجوز بیع الکلّی فی الذمة و الحال أنّه لا یکون له مصداق فی الخارج.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 116

الفرع الثانی: أنّه یجوز للمستأجر لعین أن یؤجرها ثانیا من المالک

______________________________

و أیضا یجوز ایجارها من الاجنبی و لکن هل یجوز تسلیمها الی ذلک الغیر بلا اذن من المالک أم لا؛ اختار الماتن عدم الجواز و حکم بتحقق الضمان إذا سلّمها بلا اذن مالکها بدعوی عدم تلازم بین صحة الاجارة و جواز تسلیم موردها.

و یرد علیه أولا بالنقض و ثانیا بالحل أمّا الأول فنقول هل یمکن للمالک للعین الموجر لها من

الغیر أن یمنعه من التصرف فیها و هل یتفوه أحد حتی الماتن بهذا الکلام؟ کلا ثمّ کلا و الحال أنّه ما الفرق بین المستأجر الأول و المستأجر الثانی و أمّا الحل فلأنّ الاستیجار قوامه بجواز التصرف فی العین.

و بعبارة واضحة: انّ المالک باجارته العین من الغیر یجعله کنفسه و یقیمه مقامه بالنسبة الی التصرف فی المنفعة و هذا السوق العقلائی أکبر شاهد علی ما نقول فلا مجال للتردید فی الجواز فضلا عن الجزم بعدمه فالنتیجة هو الجواز و عدم وجه للضمان فانّ المستأجر الثانی کالأول أمین و أمّا المستأجر الأول فلم یتعد عن الحد فلا وجه لکونه ضامنا نعم فی صورة التعدی عن الحدّ المقرر یکون ضامنا لتبدل عنوان الید عن الامانیة الی العدوانیة کما لو کان المستأجر الثانی سارقا من السراق المعروفین الذین لا یبالون بشی ء فانّه لا یجوز تسلیم العین الیه إذ یصدق علی التسلیم فی الفرض عنوان الخیانة و التعدی.

الفرع الثالث: أنّه لو آجره و ملکه المنفعة الخاصة

کما لو آجر الدار من زید لسکونة نفسه فهل یجوز اجارتها من الغیر لسکونته فیها أم لا؟ حکم قدّس سرّه بعدم الجواز تکلیفا و وضعا و قد امضی کلامه سیدنا الاستاد قدّس سرّه.

أقول: لا أدری وجها للحرمة التکلیفیة فانّ مجرد الانشاء و التصدی للعقد لا یکون دلیل علی حرمته نعم قد ثبت فی بعض الموارد کما فی بیع الخمر و شرائه فانّ

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 117

______________________________

بیعه حرام و کذلک الشراء و أمّا من حیث الحکم الوضعی فالأمر کما أفاده اذ المفروض أنّه لا یکون مالکا لتلک المنفعة فکیف یملکها من غیره فلا بد من التفصیل بین الوضع و التکلیف بأن نقول تجوز الاجارة تکلیفا و

تحرم وضعا و یترتب علیه أنّه لو استوفی المستأجر الثانی المنفعة یکون ضامنا للمالک باجرة المثل.

الفرع الرابع: أنّه لو اشترط علیه أن لا یوجرها من الغیر لا یجوز التصدی للإیجار من الغیر و یحرم

بمقتضی دلیل الشرط فانّه یجب علی المشروط علیه أن یقوم بالعمل بالشرط و هذا واضح و أمّا من حیث الوضع فلا مقتضی للبطلان و لا دلیل علی أنّ الاشتراط یوجب محدودیة السلطنة و علیه نفصل بین الجهة التکلیفیة و الوضعیة غایة ما فی الباب ثبوت خیار تخلف الشرط للشارط عند تخلف المشروط علیه هذا اذا کان متعلق الشرط فعل الطرف المقابل و أمّا اذا کان متعلقه عدم حق الایجار فالشرط فاسد لأنّه مخالف للشرع و هل یکون موجبا لفساد العقد؟ الحق عدمه إذ قد بیّنا فی محله أنّه الشرط الفاسد لا یفسد العقد.

الفرع الخامس: أنّه لو اشترط المالک علی المستأجر استیفاء المنفعة بنفسه لنفسه

فحکم قدّس سرّه بعدم الجواز تکلیفا لأنّه مخالف مع الشرط و أمّا وضعا فالکلام فیه هو الکلام و لا نعید.

و یرد علیه ما أوردناه فی الصورة السابقة و أفاد سیدنا الاستاد قدّس سرّه فی المقام أنّ الاجارة الثانیة باطلة و لا یمکن جوازها و الوجه فیه أنّ مقتضی وجوب الوفاء بالعقد الأول و الاجارة الأولی حرمة تسلیم العین الی المستأجر و مقتضی وجوب الوفاء بالعقد الثانی و الاجارة الثانیة وجوب التسلیم و من الواضح عدم امکان الجمع بین الوجود و العدم فالنتیجة هو فساد العقد الثانی.

و یرد علیه: انّ مفاد آیة وجوب الوفاء بالعقود لا یکون تکلیفا بل المستفاد منها

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 118

(مسألة 1): یجوز للمستأجر مع عدم اشتراط المباشرة و ما بمعناها أن یؤجر العین المستأجرة بأقل مما استأجر و بالمساوی له مطلقا أی شی ء کانت بل بأکثر منه أیضا إذا أحدث فیها حدثا أو کانت الأجرة من غیر جنس الأجرة السابقة بل مع عدم الشرطین أیضا فیما عدا البیت و الدار و

الدکان و الاجیر و أمّا فیها فاشکال فلا یترک

______________________________

الارشاد الی اللزوم و أنّ الفسخ لا یؤثر و علیه لا مجال للبیان المذکور و أمّا ما أفاده من بطلان الاجارة علی الحج النیابی بالنسبة الی من یکون مستطیعا إذ الاجارة المطلقة تنافی وجوب الحج و الاجارة بشرط العصیان یکون مرجعه الی التعلیق الذی یوجب فساد العقد، فیرد علیه انّا نلتزم بالصحة علی نحو الترتب و التعلیق و لا یضر التعلیق فی المقام و لا یوجب فساد عقد الاجارة و الوجه فیه أنّه لا اجماع علی بطلان التعلیق فیما یکون المعلق علیه مقوما لصحة العقد و المقام کذلک إذ الاجارة علی الحج النیابی إمّا مطلقة بالنسبة الی الاتیان بحجة الإسلام و إمّا مقیدة بصورة الاتیان بها و إمّا مهملة من هذه الجهة و إمّا مقیدة بصورة عدم الاتیان بها أمّا الصورة الاولی و الثانیة فلا یمکن الالتزام بالصحة إذ یلزم الأمر بالضدین فی زمان واحد و هو کما تری.

و أمّا الصورة الثالثة فانّ المهملة فی قوة الجزئیة و أمّا الصورة الرابعة فلا اشکال فیها فلاحظ.

الفرع السادس: أنّه لو اشترط المالک علی المستأجر الأول الاستیفاء بنفسه لکن لم یشترط کونه لنفسه یمکن

و یجوز الاجارة من الغیر بشرط أن یکون الاستیفاء قائما بالمستأجر الأول کما لو آجره حیوانا لحمل المتاع بشرط أن یکون المستوفی المستأجر الأول فیجوز اجارة الحیوان من الغیر بشرط الوفاء بالشرط و قد ظهر ممّا تقدم ما هو الحق فی المقام أیضا و لا وجه للإعادة.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 119

الاحتیاط بترک اجارتها بالأکثر بل الاحوط الحاق الرحی و السفینة بها أیضا فی ذلک و الأقوی جواز ذلک مع عدم الشرطین فی الأرض علی کراهة و إن کان الأحوط الترک فیها أیضا بل الأحوط الترک

فی مطلق الاعیان الّا مع احداث حدث فیها هذا و کذا لا یجوز أن یؤجر بعض أحد الاربعة المذکورة بأزید من الاجرة کما اذا استأجر دارا بعشرة دنانیر و سکن بعضها و آجر البعض الآخر بأزید من العشرة فانّه لا یجوز بدون احداث حدث و أمّا لو آجر باقلّ من العشرة فلا اشکال و الأقوی الجواز بالعشرة أیضا و إن کان الأحوط ترکه (1).

[مسألة 1): یجوز للمستأجر مع عدم اشتراط المباشرة و ما بمعناها أن یؤجر العین المستأجرة بأقل مما استأجر و بالمساوی له مطلقا]

اشارة

______________________________

(1) فی هذه المسألة جهات من البحث:

الجهة الأولی: أنّه یجوز للمستأجر أن یؤجر العین المستأجرة بالمساوی و بالاقلّ بلا قید و لا شرط

و هذا الحکم علی طبق القاعدة الأولیة و لا یحتاج الی اقامة دلیل إذ المفروض أنّ المستأجر مالک لمنفعة العین و للمالک التصرف فی مملوکه بأی نحو یرید.

الجهة الثانیة: أنّه یجوز له ایجارها بالأکثر الّا فی موارد خاصة

و هذا أیضا کالحکم الأول علی طبق القاعدة الأولیة بلا توقف علی اقامة دلیل علیه.

الجهة الثالثة: أنّه وقع الکلام فی جملة من الموارد فی أنّه هل یجوز ایجارها بالأکثر أو لا یجوز

فلا بد من ملاحظة کل مورد من تلک الموارد فنقول:

منها: البیت و یمکن الاستدلال علی عدم الجواز بما رواه أبو الربیع الشامی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: سألته عن الرجل یتقبّل الأرض من الدهاقین ثم یؤاجرها بأکثر مما تقبلها به و یقوم فیها بحظ السلطان فقال: لا بأس به ان الأرض

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 120

______________________________

لیست مثل الأجیر و لا مثل البیت ان فضل الأجیر و البیت حرام «1».

و هذه الروایة ضعیفة بخالد بن جریر حیث انّه لم یوثق و أمّا أبو الربیع فالظاهر انّه ثقة بشهادة القمی فی تفسیره فانّ المستفاد من کلامه فی المقدمة توثیق جمیع الأفراد الواقعة فی الاسناد لکن انما یتم الامر اذا کان المذکور فی تفسیره عنوان أبی الربیع الشامی و الّا لا یمکن الجزم بکون المراد منه هو الشامی.

و لا یخفی انا رجعنا عن تمامیة وثاقة رجال التفسیر و لم نقبل تحقق التوثیق و التفصیل موکول الی مجال آخر.

و مثله فی الاشکال ما رواه ابراهیم بن میمون انّ ابراهیم بن المثنی سأل أبا عبد اللّه علیه السّلام و هو یسمع عن الأرض یستأجرها الرجل ثم یؤاجرها بأکثر من ذلک قال: لیس به بأس انّ الأرض لیست بمنزلة الأجیر و البیت انّ فضل البیت حرام و فضل الاجیر حرام «2».

فانّ هذه الروایة ضعیفة بسهل بل و بغیره و أفاد سیدنا الاستاد انّه یمکن الاستدلال علی المدعی بالنسبة الی البیت بما یدل من النصوص علی المنع بالنسبة الی الدار إذ ربما لا یکون للإنسان الّا البیت فالبیت داره.

و

یرد علیه اولا: انّ هذا الدلیل علی فرض تمامیته اخص من المدعی.

و ثانیا: انّ الاستدلال من أصله مخدوش إذ الاطلاق یتوقف علی صدق الموضوع و المفروض عدم صدق عنوان الدار علی البیت و عدم وجدان شخص الدار لا یوجب صحة صدق عنوان الدار علی بیته و فی المقام حدیث و هو ما رواه عبد اللّه بن الحسن عن جدّه علی بن جعفر، عن أخیه موسی بن جعفر علیه السّلام قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب الاجارة الحدیث 2.

(2) نفس المصدر الحدیث 5.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 121

______________________________

سألته عن رجل استأجر بیتا بعشرة دراهم فأتاه الخیّاط أو غیر ذلک فقال:

اعمل فیه و الأجر بینی و بینک و ما ربحت فلی و لک فربح أکثر من أجر البیت أ یحل ذلک؟ قال: لا بأس «1».

و هذه الروایة تامة سندا إذ علی بن جعفر رواها فی کتابه و أمّا من حیث الدلالة فلا ترتبط بالمقام مضافا الی أنّ الظاهر أنّ مفادها لا ینطبق علی القاعدة إذ لازم العمل بها الالتزام بجواز جعل الاجرة أمرا مجهولا و القوم قائلون باشتراط کونه معلوما و انّا ناقشنا فی الادلة التی یستدل بها علی المدعی فراجع ما ذکرناه فی ذلک البحث.

و منها: الدار و تدل علی المدعی جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما علیهما السّلام قال: سألته عن الرجل یستکری الأرض بمائة دینار فیکری نصفها بخمسة و تسعین دینارا و یعمر هو بقیتها قال: لا بأس «2».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمّار عن جعفر عن أبیه علیهما السّلام أنّ أباه کان یقول:

لا بأس أن یستأجر الرجل الدار أو الأرض أو

السفینة ثم یؤاجرها بأکثر مما استأجرها به اذا اصلح فیها شیئا «3».

و منها ما رواه الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: لو أنّ رجلا استأجر دارا بعشرة دراهم فسکن ثلثیها و آجر ثلثها بعشرة دراهم لم یکن به بأس و لا یؤاجرها بأکثر مما استأجرها به الّا أن یحدث فیها شیئا «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب الاجارة الحدیث 7.

(2) نفس المصدر الحدیث 1.

(3) نفس المصدر الحدیث 2.

(4) نفس المصدر الحدیث 3.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 122

______________________________

و الروایة الثانیة و ان کانت ضعیفة سندا لکن فی الحدیثین الآخرین غنی و کفایة.

و منها: الدکان و یدل علیه من النصوص ما رواه أبو المعزا عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فی الرجل یؤاجر الارض ثم یؤاجرها بأکثر مما استأجرها قال: لا بأس انّ هذا لیس کالحانوت و لا الأجیر انّ فضل الحانوت و الأجیر حرام «1».

فانّ المستفاد من هذه الروایة حرمة فضل اجرة الحانوت و الأجیر و لا یکون الحکم فی هذه الروایة مقیدا بعدم احداث الحدث و لیکن هذا فی ذکرک ینفعک فیما بعد إن شاء اللّه تعالی.

و منها: الأجیر و قد دلت روایة أبی المعزا علیه و یؤید المدعی حدیث أبی الربیع الشامی المتقدم ذکره «2».

و منها: الرحی و ربما یستدل علی الحکم بحدیثین أحدهما ما رواه سلیمان بن خالد عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: انی لأکره أن أستأجر الرحی وحدها ثم اؤاجرها بأکثر مما استأجرتها الا أن احدث فیها حدثا أو اغرم فیها غرما «3».

و هذه الروایة انما تدل علی أنّ الامام علیه السّلام کان یکره الاجارة بالاکثر و من الظاهر أنّ الکراهة بل

الحرمة لا تلازم الفساد.

ثانیهما: ما رواه أبو بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: انی لأکره أن استأجر رحی وحدها ثم اؤاجرها بأکثر مما استأجرتها به الّا أن یحدث فیها حدثا أو یغرم فیها غرامة «4» و الکلام فیه هو الکلام.

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب أحکام الاجارة الحدیث 4.

(2) قد تقدم فی ص 119.

(3) نفس المصدر الحدیث 1.

(4) الوسائل الباب 22 من أبواب أحکام الاجارة الحدیث 5.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 123

______________________________

و منها: السفینة و یدل علی الحکم فیها ما رواه اسحاق بن عمار «1» و الحدیث ضعیف سندا فلا یعتد به.

و منها: الأرض و تدل علی المدعی جملة من النصوص منها ما رواه الحلبی قال:

قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام أتقبل الأرض بالثلث أو الربع فاقبلها بالنصف قال:

لا بأس به قلت فاتقبلها بألف درهم و اقبلها بالفین قال: لا یجوز قلت: لم؟ قال:

لأنّ هذا مضمون و ذلک غیر مضمون «2».

و منها ما رواه اسحاق بن عمّار عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: اذا تقبلت ارضا بذهب أو فضة فلا تقبلها بأکثر مما تقبلتها به و ان تقبلتها بالنصف و الثلث فلک أن تقبلها بأکثر مما تقبلتها به لأنّ الذهب و الفضة مضمونان «3».

و منها: ما رواه أبو بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: اذا تقبلت ارضا بذهب أو فضة فلا تقبلها بأکثر مما قبلتها به لأنّ الذهب و الفضة (مصمتان لا یزیدان) «4».

فانّ المستفاد من هذه النصوص عدم الجواز و یعارضها حدیثا الشامی «5» و ابن میمون «6» و حیث انّ الحدیثین المعارضین ساقطان من حیث السند لا تصل النوبة الی ملاحظة النسبة

بین الطرفین بل یتعین العمل بالطائفة الاولی الدالة علی المنع لکن لا بد من التفصیل بأن یقال: ان کان بالذهب و الفضة لا یکون جائزا و إن کان بالنصف أو الثلث یجوز و لا یخفی انّ التفصیل المذکور انما یجری فی صورة

______________________________

(1) قد تقدم فی ص 121.

(2) الوسائل الباب 21 من أحکام الاجارة الحدیث 1.

(3) نفس المصدر الحدیث 2.

(4) نفس المصدر الحدیث 6.

(5) قد تقدم فی ص 119.

(6) قد تقدم فی ص 120.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 124

______________________________

استیجار الارض للزراعة فلا یستفاد من هذه النصوص حکم الارض علی نحو الاطلاق فتکون النتیجة جواز الاجارة بازید فیما لا تکون للزراعة.

الجهة الرابعة: أنّه هل یجری الحکم المذکور بالنسبة الی أبعاض هذه الامور

مثلا لو استجار دارا بعشرة دراهم هل یجوز أن یوجر نصفها بعشرین دینارا أم لا؟

الظاهر أنّه لا وجه للإشکال اذ الاحکام الشرعیة امور تعبدیة و لا یقاس مورد بمورد آخر و الذی قام الدلیل علیه الاجارة بالأکثر اذا کان متعلقها نفس العین و أیضا فی نفس تلک المدة.

إن قلت: اجارة الدار بعشرة دنانیر فی شهر مثلا ینحل الی اجارات متعددة فیترتب الحکم المذکور علی کل فرد من الأفراد فلا وجه للإشکال.

قلت: یرد علیه اولا أنّ الانحلال لا دلیل علیه بل الدلیل قائم علی عدمه و قد ذکرنا سابقا أنّ بیع الدار مثلا بیع واحد و لا ینحل الی بیوع متعددة و الّا یلزم تعدد الخیار بتعدد البیوع و هو کما تری و أیضا یلزم التسلسل و ثبت فی الفلسفة عدم امکان الجزء الذی لا یتجزأ و ثانیا انّه لو سلمنا التعدد بحسب الدقة لکن العرف محکّم فی باب استفادة المعانی من الألفاظ و المتفاهم العرفی عدم الانحلال.

و إن شئت قلت:

ان المستفاد من الدلیل فی المقام بحسب الفهم العرفی أنّ المنع عن اجارة مجموع العین بالأکثر فی تلک المدة أی عشرة أیام مثلا اضف الی ذلک أنّ العقود تابعة للقصود و الذی یبیع داره مثلا یرید بیع المجموع بما هو أی العام المجموعی لا الاستغراقی فیکون الانحلال غیر مقصود فکیف ینحل الی بیوع متعددة فالنتیجة هو الجواز فی جمیع الفروض التی ذکرها فی المتن و المنع مخصوص بصورة واحدة و فی المقام حدیث رواه الحلبی «1» یستفاد منه انه لا یجوز فانّ مقتضی

______________________________

(1) قد تقدم فی ص 121.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 125

________________________________________

قمّی، سید تقی طباطبایی، الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، در یک جلد، انتشارات محلاتی، قم - ایران، اول، 1423 ه ق الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة؛ ص: 125

______________________________

مفهوم الشرطیة عدم الجواز.

الجهة الخامسة: أنّه لو أحدث فی تلک الموارد حدثا

کما لو أصلح الدرج أو صبغ حیطان البیوت لا مانع عن جعل الاجرة أکثر و هذا بالنسبة الی بعض الموارد تامّ کالدار مثلا فانّ ما رواه الحلبی «1» و ما رواه أیضا عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فی الرجل یستأجر الدار ثم یؤاجرها بأکثر مما استأجرها به قال: لا یصلح ذلک الّا أن یحدث فیها شیئا «2» یدلان علی المدعی.

و أمّا بالنسبة الی الدکان و الأجیر فالظاهر انّه لا وجه لهذا التقیید بل مقتضی اطلاق دلیل المنع عدم الصحة و لو مع احداث الحدث فیهما لاحظ حدیث أبی المغراء «3» فان مقتضی اطلاق الحکم عدم الصحة مطلقا و أمّا الأرض فیدل علی عدم الجواز فیها علی الاطلاق حدیثا الحلبی «4» و أبی بصیر «5» و

مثلهما فی الدلالة علی المدعی حدیث ابن عمّار «6».

و أمّا حدیث الهاشمی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: سألته عن رجل استأجر من السلطان من أرض الخراج بدراهم مسماة أو بطعام مسمّی ثم آجرها و شرط لمن یزرعها أن یقاسمه النصف أو أقلّ من ذلک أو أکثر و له فی الأرض بعد ذلک فضل أ یصلح له ذلک؟ قال: نعم اذا حفر لهم نهرا أو عمل لهم شیئا یعینهم

______________________________

(1) قد تقدم فی ص 121.

(2) الوسائل الباب 22 من أبواب الاجارة الحدیث 4.

(3) قد تقدم فی ص 122.

(4) قد تقدم فی ص 123.

(5) قد تقدم فی ص 122.

(6) قد تقدم فی ص 121.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 126

______________________________

بذلک فله ذلک «1» فمخدوش سندا به لکن یکفی لتحقق التعارض حدیث أبی المغراء «2» فانّ المستفاد من هذه الروایة الجواز بالنسبة الی الأرض علی الاطلاق و کلا طرفی المعارضة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فیکون المقام داخلا فی اشتباه الحجة بغیرها و المحکم دلیل الصحة فالنتیجة أنّ مقتضی الصناعة التفصیل بین الموارد.

الجهة السادسة: أنّ الحرمة تختص بما یکون الأکثر من جنس الأجرة السابقة

و أمّا اذا لم یکن کذلک کما لو کانت الاجرة السابقة الریال الایرانی و الاجرة الثانیة الدینار العراقی و هکذا فلا بأس بها فالظاهر أنّه لا وجه لما أفاده سیدنا الاستاد قدّس سرّه فی المقام حیث فصل بین کون الاجرة الثانیة کالأولی من الاثمان و النقود و بین ما لا یکون کذلک فلو استأجر دارا بعشرة دنانیر ثم آجرها بمقدار کثیر من الحنطة تصح الاجارة و لو کانت الحنطة اکثر قیمة من عشرة دنانیر و أمّا لو استأجرها بعشرة دنانیر ثم آجرها بمائة دولار لا تصح الاجارة لأنّ

النقود و الاثمان أمر واحد من حیث المالیة و لا خصوصیة لا للدینار و لا الدولار فیصدق الزیادة.

و بعبارة اخری: اذا کان کلاهما من الأثمان و النقود یصدق عرفا عنوان الأکثر الذی هو موضوع للحرمة و عدم الصحة فلا بد من التفصیل.

إذ یرد علیه أولا أنّه لو فرضنا أنّ کلیهما کانا من غیر النقود کما لو کانت الاجرة الاولیة الحنطة و الاجرة الثانیة الفرش لکن لوحظ فی کل منهما المالیة یلزم أن یلتزم بتحقق الحکم لحصول موضوعه و هل یلتزم بهذا اللازم؟

و ثانیا: أنّ المتفاهم عرفا من الدلیل بحسب الظهور لزوم التماثل فی الجنس بلا فرق بین الموارد و ان أبیت عن هذا فلا أقل من الاجمال من هذه الجهة و المرجع اطلاق دلیل الصحة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب الاجارة الحدیث 3.

(2) قد تقدم فی ص 122.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 127

[مسألة 2: اذا تقبّل عملا من غیر اشتراط المباشرة و لا مع الانصراف إلیها]

اشارة

(مسألة 2): اذا تقبّل عملا من غیر اشتراط المباشرة و لا مع الانصراف إلیها یجوز أن یوکّله الی عبده أو صانعه أو أجنبی و لکن الأحوط عدم تسلیم متعلّق العمل کالثوب و نحوه الی غیره من دون اذن المالک و الّا ضمن و جواز الایکال لا یستلزم جواز الدفع کما مرّ نظیره فی العین المستأجرة فیجوز له استئجار غیره لذلک العمل بمساوی الاجرة التی قرّرها فی اجارته أو اکثر و فی جواز استئجار الغیر باقل من الاجرة اشکال الا أن یحدث حدثا أو یأتی ببعض فلو آجر نفسه لخیاطة ثوب بدرهم یشکل استئجار غیره لها باقل منه الّا أن یفصّله أو یخیط شیئا منه و لو قلیلا بل یکفی أن یشتری الخیط أو الإبرة فی جواز

الاقل و کذا لو آجر نفسه لعمل صلاة سنة أو صوم شهر بعشر دراهم مثلا فی صورة عدم اعتبار المباشرة یشکل استئجار غیره بتسعة مثلا الّا أن یأتی بصلاة واحدة أو صوم یوم واحد مثلا (1).

______________________________

(1) فی هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنّه لو استوجر لعمل بلا تقیید بالمباشرة و بلا اشتراطهما یجوز ایکاله الی غیره

و هذا لا کلام فیه اذ المفروض أنّ المطلوب منه الجامع بین المباشرة و الایکال انّما الکلام فی جواز تسلیم مورد الاجارة کالثوب للخیاطة الی ذلک الغیر.

و أفاد سیدنا الاستاد قدّس سرّه فی المقام انّه جائز بتقریب: أنّ الاجارة الواقعة علی العین أو الفعل المتعلق بها کالخیاطة الواقعة علی الثوب إذا کانت علی نحو الاطلاق یجوز للمستأجر التصرف فی العین و یجوز أیضا تسلیم مورد العمل للأجیر الثانی و انّ الاجارة تستلزم الاذن الضمنی فیجوز کلا الامرین، و ما أفاده تام و لتوضیح

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 128

______________________________

المدعی نقول:

إذا فرضنا انّه استأجر دارا مثلا فلا یحتاج التصرف فیها الی اذن المالک إذ قد مرّ منّا أنّ الاجارة قوامها بجواز التصرف فیها و بعبارة اخری: انّ المستأجر لعین انّما یستأجر الدار مثلا لأن یسکن فیها أو یتصرف فیها تصرفا آخر و الشارع الأقدس قد أمضی هذا الحکم العقلائی فلا یتوقف التصرف علی اذن المالک و هکذا الکلام فی المقام فانّه لو لم تقع الاجارة علی العمل المباشری تکون اجارة الغیر جائزا و یترتب علیه جواز تسلیم مورد العمل.

و یشهد لما ذکرنا انّه لو استأجر احد دارا بمدة عشر سنوات و بعد سنة مات لا اشکال فی أنّ بقیة المدة تنتقل الی وارث المستأجر و هل یمکن أن یقال: إنّ جواز تصرف الوارث فی الدار المستأجرة یتوقف علی اذن مالکها؟ کلا

ثم کلا.

مضافا الی النص الخاص الوارد فی المقام لاحظ ما رواه الصفار قال: کتبت الی الفقیه علیه السّلام فی رجل دفع ثوبا الی القصّار لیقصّره فدفعه القصّار الی قصّار غیره لیقصّره فضاع الثوب هل یجب علی القصار أن یردّه اذا دفعه الی غیره و إن کان القصّار مأمونا فوقع علیه السّلام هو ضامن له الّا أن یکون ثقة مأمونا إن شاء اللّه «1».

فانّ هذه الروایة تدل علی جواز تسلیم العین الی الأجیر الثانی و لا ضمان علی القصّار إن کان مورد الامانة و الوثوق.

الفرع الثانی: أنّه لو تقبل عملا مقیدا بالمباشرة لا یجوز ایکاله الی غیره و طبعا لا یجوز تسلیم مورد العمل الیه

و هذا واضح ظاهر إذ المفروض أنّ مورد المعاملة محصور و محدود و لا یجوز التجاوز عن الحدّ فاذا تجاوز یکون ضامنا هذا فیما لو کان مورد التقبل عنوان المباشرة و أمّا لو فرضنا الاطلاق و عدم التقیید بالمباشرة لکن

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أحکام الاجارة الحدیث 18.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 129

______________________________

اشترط المباشرة لا یجوز للمتقبل ایکاله الی الغیر تکلیفا لأنّه خلاف الاشتراط و المؤمنون عند شروطهم فلو خالف الشرط و سلم العین الی الأجیر الثانی فهل یکون ضامنا أم لا؟

لا یبعد الضمان إذ الظاهر أنّ الشرط المذکور یوجب سلب حقّه عن الایکال الی الغیر و تسلیم العین الیه کما لو آجر زید داره من احد و شرط علیه أن لا یسکن فیها غیره فلو خالف و أسکن فی الدار غیره و سلمها الیه یکون ضامنا.

الفرع الثالث: أنّه هل یجوز للمتقبل أن یقبل باقل من الأجرة الأولی بعد جوازه بالأکثر و بالمساوی

أفاد قدّس سرّه «فیه اشکال» و الحال أنّ جملة من النصوص تدل علی المنع بالنصوصیة منها ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما علیهما السّلام أنّه سئل عن الرجل یتقبل بالعمل فلا یعمل فیه و یدفعه الی آخر فیربح فیه قال: لا الا أن یکون قد عمل فیه شیئا «1».

و منها ما رواه أبو حمزة عن أبی جعفر علیه السّلام قال: سألته عن الرجل یتقبل العمل فلا یعمل فیه و یدفعه الی آخر یربح فیه قال: لا «2».

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما علیهما السّلام قال: سألته عن الرجل الخیاط یتقبل العمل فیقطعه و یعطیه من یخیطه و یستفضل؟ قال: لا بأس قد عمل فیه «3».

و منها ما رواه مجمع قال: قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام: أتقبل الثیاب

اخیطها ثم أعطیها الغلمان بالثلثین فقال: أ لیس تعمل فیها؟ فقلت: اقطعها و اشتری لها

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب الاجارة الحدیث 1.

(2) نفس المصدر الحدیث 4.

(3) نفس المصدر الحدیث 5.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 130

(مسألة 3): اذا استؤجر لعمل فی ذمته لا بشرط المباشرة یجوز تبرّع الغیر عنه و تفرغ ذمته بذلک و یستحق الاجرة المسماة نعم لو أتی

______________________________

الخیوط قال: لا بأس «1».

و منها ما رواه علی الصائغ قال: قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام: أتقبل العمل ثم أقبله من غلمان یعملون معی بالثلثین فقال: لا یصلح ذلک الا أن تعالج معهم فیه قال: قلت فانی اذیبه لهم فقال: ذاک عمل فلا بأس «2».

الفرع الرابع: انّه لا یجوز اجارة الغیر لذلک العمل بالاقل من الاجرة الاولی الّا مع الاتیان بمقدار من ذلک العمل

علی ما هو مقتضی صریح النصوص و هل یجوز اذا أحدث فی العین حدثا کما فی المتن الظاهر عدم الجواز و ذلک لعدم الدلیل علیه و المرجع دلیل المنع.

و بعبارة واضحة: انّ المستفاد من النصوص الواردة فی المقام عدم الجواز الّا فیما عمل شیئا و اتی ببعض العمل و أما لو لم یکن کذلک فمقتضی اطلاق دلیل المنع عدم الجواز و لو مع احداث حدث فی مورد العمل و صفوة القول: أنّه یلزم أن یعمل عملا یکون دخیلا فی العمل الذی وقع مورد التقبل.

الفرع الخامس: أنّه هل یکفی للجواز شراء الخیوط و الابرة أم لا؟

الحق هو الثانی لأنّ اللازم بمقتضی النصوص لزوم عمل و اشتراء الخیوط و الابرة لا یکون مصداقا لهذا الموضوع و لا مجال للاستدلال علی المدعی بحدیث مجمع «3» فانّه لم یوثق مضافا الی أنّ المذکور فیه عنوان القطع و شراء الخیوط و القطع بنفسه عمل یکفی للجواز فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحدیث 6.

(2) نفس المصدر الحدیث 7.

(3) قد تقدم فی ص 129.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 131

[مسألة 3: اذا استؤجر لعمل فی ذمته لا بشرط المباشرة یجوز تبرّع الغیر عنه و تفرغ ذمته بذلک]

بذلک العمل المعین غیره لا بقصد التبرّع عنه لا یستحق الاجرة المسماة و تنفسخ الاجارة حینئذ لفوات المحلّ نظیر ما مرّ سابقا من الاجارة علی قلع السن فزال ألمه أو لخیاطة ثوب فسرق أو حرق (1).

______________________________

(1) أفاد قدّس سرّه أنّه لو استؤجر لعمل لا بشرط المباشرة و أتی به غیره فتارة یقصد ذلک الغیر التبرّع عن الأجیر و بقصد افراغ ذمته و اخری لا یقصد التبرّع عنه فعلی الاول یستحق الاجرة المسماة و علی الثانی تبطل الاجارة و لا یستحق شیئا.

أقول: الذی یختلج بالبال أن یقال: تارة تکون الاجارة واقعة علی العمل مقیدا بکونه صادرا عن الأجیر و اخری تکون الاجارة واقعة علی العمل الجامع بین المباشرة و عدمها و علی الثانی تارة یشترط المباشرة و اخری لا فهنا صور ثلاثة:

أمّا الصورة الاولی فلا اثر لفعل المتبرّع بالنسبة الی دین الاجیر اذ ما أتی به و تبرّع عنه لا یکون مورد الاجارة و حیث إنّ مورد الاجارة غیر قابل لأن یتحقق بفعل الغیر فیکون للمستأجر خیار الفسخ فله ابقاء الاجارة بحالها و تسلیم الاجرة الی الأجیر و له فسخ الاجارة.

الصورة الثانیة: و هی صورة الاشتراط فالظاهر أنّه لو أتی بالعمل غیر الأجیر بقصد

التبرّع عنه یتم الامر اذ المفروض أنّ ذمة الأجیر مشغولة بالجامع و المتبرّع قد أتی بفرد من ذلک الجامع تبرعا عن الأجیر غایة الأمر یتحقق للمستأجر خیار الفسخ لتخلف الشرط.

و صفوة القول: أنّه لا نری مانعا و اشکالا فی هذه الصورة فانّ اداء دین الغیر جائز و لو مع عدم علم المدین بل مع عدم رضاه للسیرة العقلائیة القطعیة الممضاة عند الشارع هذا من ناحیة و من ناحیة اخری المفروض فی المقام تحقق مورد الاجارة فالأمر تامّ الّا من ناحیة تخلف الشرط.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 132

(مسألة 4): الأجیر الخاصّ و هو من آجر نفسه علی وجه یکون جمیع منافعه للمستأجر فی مدة معینة أو علی وجه تکون منفعته الخاصة کالخیاطة مثلا له أو آجر نفسه لعمل مباشرة مدة معینة أو کان اعتبار المباشرة أو کونها فی تلک المدة أو کلیهما علی وجه

______________________________

الصورة الثالثة: هی صورة وقوع الاجارة علی العمل علی نحو الاطلاق و علی نحو رفض القیود و بلا اشتراط المباشرة و فی هذه الصورة اذا قصد ذلک الغیر التبرّع عن الأجیر فالکلام هو الکلام طابق النعل بالنعل و أمّا اذا لم یکن کذلک فتارة یکون اتیانه علی نحو لا یکون قابلا لفعل الأجیر کما لو تصدی للخیاطة بلا فصل بحیث لا یسع الزمان لتصدی الاجیر للخیاطة و اخری لا یکون کذلک أما علی الأول فتارة یکون المتصدی غیر المستأجر و اخری یکون هو نفسه أمّا اذا کان المتصدی غیر المستأجر یکون تصدیه کاشفا عن بطلان الاجارة اذ علی الفرض لا یکون التصدی مقدورا للأجیر و الاجارة علی غیر المقدور باطلة فالحقّ أن یعبر بالبطلان لا بالانفساخ فانّ

الانفساخ متفرع علی تحقق العقد ثم انفساخه و الحال أنّ الاجارة فی مفروض الکلام باطلة من أول الأمر.

و أمّا اذا کان المتصدی نفس المستأجر لا یکون تصدیه کاشفا عن البطلان اذ المفروض أن العمل کان مقدورا للمکلف و لکن المستأجر من تلقاء نفسه أعدم الموضوع فالاجارة تامة بلا تحقق الخیار.

و أمّا علی الثانی: أی مع إمکان التصدی للأجیر وسعة الزمان فاذا لم یقصد الغیر التبرع عن الأجیر لا تفرغ ذمة الأجیر. و لا کاشف عن بطلان الاجارة نعم یحصل للمستأجر الخیار لأجل عدم قیام الأجیر بما علیه فله ابقاء الاجارة بحالها و تسلیم الاجرة الی الأجیر و له فسخ الاجارة و استرداد الاجرة ان سلمها الی الأجیر و اللّه العالم.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 133

الشرطیة لا القیدیة لا یجوز له أن یعمل فی تلک المدة لنفسه أو لغیره بالاجارة أو الجعالة أو التبرّع عملا ینافی حقّ المستأجر الّا مع اذنه و مثل تعیین المدة تعیین أول زمان العمل بحیث لا یتوانی فیه الی الفراغ نعم لا بأس بغیر المنافی کما اذا عمل البناء لنفسه أو لغیره فی اللیل فانّه لا مانع منه اذا لم یکن موجبا لضعفه فی النهار و مثل إجراء عقد أو ایقاع أو تعلیم أو تعلم فی اثناء الخیاطة و نحوها لانصراف المنافع عن مثلها هذا و لو خالف و أتی بعمل مناف لحق المستأجر فان کانت الاجارة علی الوجه الأول بأن یکون جمیع منافعه للمستأجر و عمل لنفسه فی تمام المدة أو بعضها فللمستأجر أن یفسخ و یسترجع تمام الاجرة المسماة أو بعضها أو یبقیها و یطالب عوض الفائت من المنفعة بعضا أو کلا و

کذا ان عمل للغیر تبرعا و لا یجوز له علی فرض عدم الفسخ مطالبة الغیر المتبرع له بالعوض سواء کان جاهلا بالحال أو عالما لأنّ المؤجر هو الذی أتلف المنفعة علیه دون ذلک الغیر و إن کان ذلک الغیر آمرا له بالعمل الّا اذا فرض علی وجه یتحقق صدق الغرور و الّا فالمفروض أنّ المباشر للإتلاف هو المؤجر و ان کان عمل للغیر بعنوان الاجارة أو الجعالة فللمستأجر أن یجیز ذلک و یکون له الاجرة المسماة فی تلک الاجارة أو الجعالة کما أنّ له الفسخ و الرجوع الی الاجرة المسماة و له الابقاء و مطالبة عوض المقدار الذی فات فیتخیر بین الامور الثلاثة و إن کانت الاجارة علی الوجه الثانی و هو کون منفعته الخاصة للمستأجر فحاله کالوجه الأول الّا اذا کان العمل للغیر

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 134

علی وجه الاجارة أو الجعالة و لم یکن من نوع العمل المستأجر علیه کأن تکون الاجارة واقعة علی منفعة الخیاطی فآجر نفسه للغیر للکتابة أو عمل الکتابة بعنوان الجعالة فانّه لیس للمستأجر اجازة ذلک لأنّ المفروض أنّه مالک لمنفعة الخیاطی فلیس له اجازة العقد الواقع علی الکتابة فیکون مخیرا بین الأمرین من الفسخ و استرجاع الاجرة المسماة و الابقاء و مطالبة عوض الفائت و إن کانت علی الوجه الثالث فکالثانی الّا أنّه لا فرق فیه فی عدم صحة الاجازة بین ما اذا کانت الاجارة أو الجعالة واقعة علی نوع العمل المستأجر علیه أو علی غیره اذ لیست منفعة الخیاطة مثلا مملوکة للمستأجر حتّی یمکنه اجازة العقد الواقع علیها بل یملک عمل الخیاطة فی ذمة المؤجر و إن کانت علی الوجه الرابع

و هو کون اعتبار المباشرة أو المدة المعینة علی وجه الشرطیّة لا القیدیّة ففیه و جهان یمکن أن یقال بصحة العمل للغیر بعنوان الاجارة أو الجعالة من غیر حاجة الی الاجازة و إن لم یکن جائزا من حیث کونه مخالفة للشرط الواجب العمل غایة ما یکون أنّ للمستأجر خیار تخلّف الشرط و یمکن أن یقال بالحاجة الی الاجازة لأنّ الاجارة أو الجعالة منافیة لحقّ الشرط فتکون باطلة بدون الاجازة (1).

[مسألة 4: الأجیر الخاصّ و هو من آجر نفسه علی وجه یکون جمیع منافعه للمستأجر فی مدة معینة]

اشارة

______________________________

(1) أفاد قدّس سرّه أنّه لو آجر نفسه لعمل کالخیاطة مثلا فلا یجوز له الاشتغال بعمل ینافی ما وجب علیه و أما غیر المنافی فیجوز و ما أفاده تامّ لا غبار علیه إذ یجب علی کل احد أن یؤدی ما علیه و ایصال الحق الی ذیه و المناسب أن یعبر بوجوب

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 135

______________________________

الاشتغال بما علیه لا بعدم الجواز بالنسبة الی المنافی فانّ الأمر بالشی ء لا یقتضی النهی عن ضدّه فالواجب علیه الخیاطة فاذا اشتغل بما ینافیها یکون تارکا للواجب و لا یکون مرتکبا للحرام و الّا یلزم أن یعاقب بعقابین: أحدهما علی ترک الواجب و الآخر علی ارتکاب الحرام و هو کما تری.

هذا علی تقدیر التنافی و أمّا مع عدمه فلا مانع عن الاشتغال کما لو آجر نفسه أیضا لقراءة الفاتحة إذ لا تنافی بین الخیاطة و القراءة.

و أما مع فرض التنافی و التضاد فلو آجر نفسه لکلیهما کما لو آجر نفسه للصلاة و لغسل الملابس فتارة تکون الاجارتان واقعتین فی زمان واحد و اخری تکون إحداهما متأخرة عن الاخری من حیث الزمان أمّا علی الأول فتکون کلتاهما باطلتین لعدم امکان صحتهما معا و لا وجه

لترجیح بعض علی غیره و الوجه فی البطلان عدم امکان الجمع لا انّ الانسان لا یکون مالکا للمنافع المتضادة.

و بعبارة واضحة: مجرد کون الشخص مالکا لمنفعة لا یقتضی جواز اجارتها و إن شئت قلت: الانتفاع إذا لم یکن قابلا للتحقق الخارجی فلا مجال لتملیکه و یوضح المدعی أنّ الانسان لا یمکنه أن یوجر نفسه للطیران الی السماء و حیث إنّ الشخص بنفسه لا یمکنه الجمع بین الضدین لا یمکن تملیکهما من الغیر.

و أمّا اذا فرضنا التأخر الزمانی فلا اشکال فی صحة الاولی لوجود المقتضی و عدم المانع و أمّا الثانیة فلا اشکال فی بطلانها اذا وقعت فی عرض الاولی لما تقدم آنفا لکن هل یتصور فی المقام الترتب؟ فی هذه العجالة لا أری مانعا عن الالتزام بالصحة فانّ التارک للصلاة یمکنه الکنس و من ناحیة اخری الأمر بالشی ء لا یقتضی النهی عن ضدّه.

إن قلت: علی هذا البیان هل یمکن اجارة الدار لمستأجر ثان بعد الاجارة

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 136

______________________________

الاولی علی نحو الترتب و العصیان؟

قلت: القیاس مع الفارق إذ منفعة الدار أی السکنی مثلا مملوکة للمستأجر و لا یجوز التصرف فی مال الغیر و لذا لا یجوز للمؤجر أن یستفید من الدار فائدة مضادة فکیف بأن یملکها من غیره إذا عرفت ما تقدم

ففی المقام جهات من البحث:

الجهة الأولی: أنّه لو آجر نفسه بلحاظ جمیع منافعه فی مدة یکون المستأجر مالکا لجمیع المنافع المترقبة منه

و لا یخفی أنّ ذمة الأجیر لا تکون مشغولة فی الصورة المفروضة و فی هذه الصورة اذا خالف الأجیر و تصرف فی سلطان المستأجر فتارة یعمل لنفسه و اخری یعمل للغیر تبرعا و ثالثة یعمل للغیر بالاجارة.

أمّا فی الصورة الاولی فیکون الأجیر ضامنا للفائت لقاعدة «من أتلف مال الغیر فهو له ضامن» فیمکن للمستأجر أن یبقی

العقد بحاله و یأخذ اجرة مثل العمل و هل له أن یفسخ العقد؟

قد حکم الماتن بأنّ المستأجر له أن یفسخ و علل فی کلام سیدنا الاستاد و کلام سید المستمسک بعدم التسلیم و تعذره.

و لقائل أن یقول: إنّه لو لا أنّ المستأجر طالبا من الأجیر العمل کالخیاطة مثلا و عمل لنفسه یمکن أن یقال انه امتنع عن تسلیم ما علیه فیتحقق الخیار بلحاظ الاشتراط الارتکازی و أمّا اذا لم یطالبه بشی ء و قد عمل لنفسه عملا فبأی تقریب یمکن اثبات الخیار و مجرد تعذر التسلیم لا یقتضی الخیار.

و بعبارة واضحة: الأجیر اذا خالف ما علیه یتحقق الخیار للمستأجر فاذا فرضنا أنّه اشترط علیه بعدم اشتغاله بغیر ما أمره یمکن اثبات الخیار بلحاظ تخلف الشرط و أمّا مع عدم هذا الاشتراط لا وجه للخیار.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 137

______________________________

و مثل المقام ما لو آجر داره من زید للسکونة و المستأجر لم یطلب تسلیم الدار لا اشکال فی أنّ تصرف المؤجر فی الدار بأن یسکن فیها غیره حرام تکلیفا و موجب للضمان وضعا و لکن لا وجه للخیار الّا فی صورة اشتراط عدم انتفاعه منها فیحصل الخیار لتخلف الشرط.

و علی الجملة: تارة یشترط المستأجر علی المؤجر أن لا یتصرف فی سلطانه و اخری لا یشترط هذا الشرط و فی کلتا الصورتین یحرم التصرف بلا اشکال و أمّا اثبات الخیار بلحاظ الشرط ففی غایة الاشکال و علیه ینحصر الامر فی أخذ بدل الفائت نعم مع الاشتراط أو مع عدم التسلیم عند المطالبة یحصل للمستأجر خیار الفسخ فله ابقاء العقد بحاله و أخذ البدل کما أنّ له الفسخ أی فسخ العقد و استرجاع

الاجرة بتمامها الا أن یقال الارتکاز العقلائی شاهد علی الاشتراط المذکور غایة الأمر یکون ضمنیا.

و بعبارة اخری: یکون المقدر کالمذکور فانّ من استأجر دارا من زید یشترط علیه أن لا یسکن فیها غیره و المقام کذلک فنعم الوفاق.

و هل له أن یفسخ و یسترجع بعض الاجرة حکم الماتن بالجواز و یرد علیه انّ ما أفاده مبنی علی أنّ العقد الواحد ینحلّ الی عقود متعددة و یترتب علی کل واحد من أفراده حکمه.

و قد ذکرنا کرارا أنّه غیر صحیح و یؤیدنا ما صرح سیدنا الاستاد فی المقام حیث قال ما مضمون کلامه: لا ینحل عقد الاجارة بلحاظ أجزاء الزمان کما أنّه لا ینحل عقد البیع بلحاظ أبعاض العین ثمّ إنّه هل یجوز للأجیر اجارة ذمته بأن یملک بالاجارة ثانیا عملا مضافا الی الذمة بتقریب: أنّ الاجارة الأولی واقعة علی الأفعال الخارجیة و الاجارة الثانیة واقعة علی العمل الذمی فلا یتحد احدهما مع

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 138

______________________________

الآخر کی یشکل غایة الامر یمکن أن یقال إنّه مخالف و مناف لحق المستأجر و یمکن دفعه باجازته الاجارة الثانیة فکأنّ الاجارة الثانیة فضولیة و قابلة للإجازة.

و ربما یقال: إن التقریب المذکور غیر تامّ و الوجه فیه أنّه یشترط فی تمامیة الاجارة القدرة علی تسلیم ما اعتبره فی الذمة مثلا اذا آجر نفسه للطیران الی السماء هل یمکن أن یقال إنّها تامة؟ کلّا فعلی هذا الاساس نقول: الاجارة الاولی موجبة لکون کلّ فعل صادر عن الأجیر مملوکا للمستأجر فلا یکون مالکا لشی ء.

و بعبارة واضحة: هل یمکن أن یقال إنّ زیدا بعد اجارة داره من بکر یجوز له اجارتها من خالد؟ کلّا و المقام کذلک

أی لا مجال للإجازة إذ الاجازة متوقفة علی تمامیة أرکان العقد و المفروض أنّ الشی ء لا ینقلب عمّا هو علیه بالاجازة.

اللهم الّا أن یقال إنّ تمام الاشکال عدم القدرة علی الاتیان بمتعلق الاجارة الثانیة و هذا مانع خلقی لا مانع خالقی و علیه فای مانع من الأخذ بحدیث زرارة حیث قال الامام أرواحنا فداه «انه لم یعص اللّه و انّما عصی سیده فاذا اجاز جاز».

و لذا لو آجر داره من زید ثم آجرها من بکر و زید أجاز الاجارة الثانیة لا نری مانعا عن الصحة و العجب کل العجب ممن یمنع عن الاجازة فی المقام و یجوز الاجازة فی بیع مال الغیر کما أنّه یجوز تزویج المرأة بلا اذنها و صحته مع الاجازة و الحال ان الجمیع من واد واحد و تحت دلیل فارد اعاذنا اللّه من الزلل و العثرة، هذا تمام الکلام فی الصورة الاولی.

و أمّا الصورة الثانیة و هی أن یعمل الأجیر للغیر تبرعا فلا اشکال فی حرمته لعین الملاک المتقدم حیث إنّه تصرف فی سلطان المستأجر المالک لمنافعه و الکلام من حیث الضمان هو الکلام و أمّا من حیث الخیار فلا بد من التفصیل الذی تقدم فی

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 139

______________________________

الوجه الأول مع الاشکال فیه و لا وجه للإعادة.

و هل یکون وجه لرجوع المستأجر الی ذلک الغیر الذی تبرع منه الأجیر؟

الظاهر أنّه لا وجه له بلا فرق بین علمه بالحال و جهله و بلا فرق بین کونه آمرا و عدمه إذ المتلف هو الأجیر غایة ما فی الباب أنّ الآمر یکون معینا للإثم و قد قلنا کرارا أنّه لا دلیل علی حرمتها نعم یجب علیه

أن ینهی الأجیر من باب وجوب النهی عن المنکر و اذا فرضنا أنّه غارّ للأجیر یکون للأجیر الرجوع الیه من باب قاعدة الغرور و قد بیّنا قریبا أنّ هذه القاعدة تامة من حیث الدلیل لکن مقتضی القاعدة المذکورة رجوع الأجیر الیه لا رجوع المستأجر الیه.

و أمّا الصورة الثالثة: و هی ما لو آجر نفسه للغیر بالنسبة الی بعض منافعه أو مطلقا فحکم قدّس سرّه بأنّ المستأجر الأول له أن یجز الاجارة الثانیة و یأخذ الاجرة المسماة بمقتضی صحة الفضولی مع الاجازة و له أن لا یجیز و یأخذ عوض الفائت بمقتضی قانون الاتلاف الموجب للضمان و له فسخ الاجارة الواقعة اولا و أخذ الاجرة بمقتضی ثبوت الخیار عند تخلف الشرط و الظاهر ان ما أفاده تام لا غبار علیه.

الجهة الثانیة: فی أنّ الاجارة الاولی اذا کانت واقعة علی المنفعة الخاصة

فاذا وقعت الثانیة علی ما تعلقت به الاولی یجری الکلام فیها کما تقدم طابق النعل بالنعل کما أنّ الامر کذلک لو عمل لنفسه أو لغیره تبرعا و أمّا اذا فرض أنّ متعلق الاجارة الاولی یغایر متعلق الثانیة کما لو آجر اولا من حیث الخیاطة و آجر ثانیا من حیث الکتابة فقد حکم الماتن بعدم جواز الاجازة فی الفرض لأنّ الاجازة لا بد من صدورها ممن یکون الأمر بیده فالأمر منحصر فی الفسخ و ارجاع الاجرة و بین الابقاء و اخذ اجرة الفائتة و الحق فساد الاجارة الثانیة لمنافتها مع الاولی و عدم

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 140

______________________________

امکان الجمع بین الامرین.

أقول: قد تقدم منّا أنّه أی مانع یمنع عن الصحة بتقریب الترتب و لا وجه للإعادة مضافا الی أنّا نسأل أنّ المستأجر الاول اذا رضی من أول الأمر بفعل الأجیر و

اجارته ما یکون منافیا للإجارة الاولی فهل تصح الثانیة أم لا؟ الظاهر هی الصحة و علیه کیف یمکن القول بتأثیر الرضا فی بادی الأمر و لا یکون أثر لإجازته بعد وقوعها و بعبارة اخری: المانع خلقی لا خالقی فتؤثر اجازة المستأجر الاول نظیر عقد الزواج علی البنت بعد الزواج مع عمتها أو خالتها فکما أنّ اجازتهما بعد العقد الفضولی الواقع علی البنت مؤثرة کذلک تؤثر فی المقام بلا اشکال.

الجهة الثالثة: فی أنّه لو آجر ذمته لعمل کالخیاطة مثلا

علی نحو التقیید بالمباشرة فی مدة معینة ثم آجر ذمته لعمل مناف للعمل الأول فما حکمه؟ حکم الماتن بالفساد و لا یمکن تصحیح الاجارة الثانیة باجازة المستأجر الأول اذ لا یکون مورد الاجارة الثانیة مملوکا للمستأجر الاول کی یمکنه الاجازة.

أقول: یرد علیه: أولا أنّه یمکن لنا القول بصحة الثانیة علی نحو الترتب کما تقدم و ثانیا انّه کیف لا یمکنه الاجازة و الحال أنّ المانع من ناحیته فیجری التقریب المتقدم.

الجهة الرابعة: فی أنّه لو آجر اولا ذمته لفعل غیر مقید بالمباشرة و لا بالمدة المعینة

لکن یشترط المستأجر علی الأجیر أن یباشر العمل بنفسه أو فی المدة المعینة ففی هذه الصورة لو خالف الأجیر فما حکمه؟

احتمل قدّس سرّه الفساد بتقریب: انّ الاشتراط یوجب تضیق السلطة.

و یرد علیه: أنّه لا دلیل علی المدعی المذکور و الاصل عدمه و المحکم اطلاق

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 141

(مسألة 5): اذا آجر نفسه لعمل من غیر اعتبار المباشرة و لو مع تعیین المدة أو من غیر تعیین المدة و لو مع اعتبار المباشرة جاز عمله للغیر و لو علی وجه الاجارة قبل الاتیان بالمستأجر علیه لعدم منافاته له من حیث امکان تحصیله لا بالمباشرة أو بعد العمل للغیر لأنّ المفروض عدم تعیین المباشرة أو عدم تعیین المدة و دعوی أنّ اطلاق العقد من حیث الزمان یقتضی وجوب التعجیل ممنوعة مع أنّ لنا أن نفرض الکلام فیما لو کانت قرینة علی عدم ارادة التعجیل (1).

(مسألة 6): لو استأجر دابة لحمل متاع معین شخصی أو کلّی علی وجه التقیید فحملها غیر ذلک المتاع أو استعملها فی الرکوب لزمه الاجرة المسماة و أجرة المثل لحمل المتاع الآخر أو للرکوب و کذا لو استأجر عبدا للخیاطة فاستعمله فی الکتابة بل و کذا لو

استأجر حرّا لعمل معین فی زمان معین و حمله علی غیر ذلک العمل مع تعمده و غفلة ذلک الحرّ و اعتقاده أنّه العمل المستأجر علیه و دعوی ان لیس للدابة فی زمان واحد منفعتان متضادتان و کذا لیس للعبد فی زمان

______________________________

الادلة الاولیة نعم الاشتراط یوجب توجه التکلیف بمقتضی عموم دلیل الشرط و أیضا یحصل للشارط حقّ اجبار الأجیر علی العمل بالشرط و علیه لا یترتب علی ترک العمل بما اشترط الّا جواز فسخ الاجارة الاولی بمقتضی تخلف الشرط فلاحظ.

[مسألة 5): اذا آجر نفسه لعمل من غیر اعتبار المباشرة و لو مع تعیین المدة]

(1) ما أفاده تامّ اذ بعد فرض عدم التنافی بین الأمرین من حیث المباشرة و عدمها أو من حیث الزمان الخاصّ و عدمه لا وجه للتزاحم بین الأمرین و أمّا اطلاق العقد فهل یقتضی الفوریة أم لا؟ الظاهر أنّه لا یمکن القول به علی الاطلاق بل الموارد مختلفة و الأمر سهل.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 142

واحد الّا احدی المنفعتین من الکتابة أو الخیاطة فکیف یستحق اجرتین؟ مدفوعة بأنّ المستأجر بتفویته علی نفسه و استعماله فی غیر ما یستحق کأنّه حصل له منفعة اخری (1).

[مسألة 6: لو استأجر دابة لحمل متاع معین شخصی أو کلّی علی وجه التقیید]

______________________________

(1) الظاهر أنّ ما أفاده تام إذ المفروض أنّ المالک للعین مالک لجمیع منافع تلک العین و فی مقام الثبوت هذا أمر ممکن و لا اشکال فیه.

و بعبارة واضحة: الذی یستحیل أنّه لا یمکن الجمع بین الضدین من المنافع فانّه لا یمکن أن یستفید مالک الدابة منها للذهاب الی الشرق و فی عین الوقت یستفید منها للذهاب الی الغرب لکن یکون مالک العین مالکا لجمیع المنافع المتضادة و لا یکون فیه اشکال لا فی مقام الثبوت و لا فی مقام الاثبات أمّا فی مقام الثبوت فکما قلنا بأنّه لا مانع عقلا و أما فی مقام الاثبات فالأمر کذلک فی السیرة العقلائیة و یستفاد من الشرع الأقدس أنّ الامر کذلک فی وعائه و فی اعتبار الشارع و الدلیل علی المدعی حدیث الحناط «1».

فانّ المستفاد من الحدیث أنّ الاجرة الثابتة بعقد الاجارة امر لا اشکال فیه انّما الکلام فی التصرفات الواقعة عدوانا و الامام روحی فداه حکم بکونها موجبة للضمان خلافا لأبی حنیفة.

اضف الی ذلک أنّ القاعدة الاولیة تقتضی ذلک فانّ المالک للعین مالک لجمیع المنافع حسب

نظر العقلاء و الشارع الأقدس لم یردع و لم یرد هذا الاعتبار العقلائی و المفروض أنّ المالک یملک الاجرة المسماة بالاجارة علی منفعة و أیضا المفروض أنّ المستأجر استفاد من العین ما لیس له و لا وجه لذهاب حقّ المالک هدرا فما أفاده فی المتن علی طبق القاعدة الأولیة و علی مقتضی النص الوارد فی المقام.

یبقی فی المقام اشکال و هو أنّه لو غصب الغاصب دابة زید مثلا شهرا یلزم أن

______________________________

(1) قد تقدم فی ص 94.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 143

______________________________

یکون ضامنا لأجرة المثل لجمیع المنافع المترقبة من الدابّة و هل یمکن القول به؟

و یمکن الجواب عن هذه الشبهة بأنّ دلیل الضمان لیس دلیلا لفظیا کی یؤخذ باطلاقه أو عمومه بل عمدة الدلیل فی هذا الباب السیرة العقلائیة الحاکمة بالضمان و لا یستفاد من السیرة الضمان بالنسبة الی جمیع المنافع بل العقلاء یرون الغاصب ضامنا لبدل أعلی المنافع و أمّا الزائد علیه فلا و أمّا النصوص الواردة فی موارد خاصة فلا تدل علی المدعی بل یمکن أن یقال: إن المستفاد من حدیث أبی ولاد عدم الضمان بالنسبة الی غیر ما استوفاه و لو کان الغصب موجبا لضمان بدل جمیع المنافع کان الحق أن یعلم الامام روحی فداه بذلک و الحال أنّه علیه السّلام کان فی مقام البیان و لم یبین و من الظاهر أنّ الاطلاق المقامی حجة عقلائیة فلا تغفل فتحصل انّ مقتضی القاعدة أنّ مالک العین مالک بالفعل لجمیع المنافع المتضادة و لا یتوجه اشکال.

و النتیجة أنّ ما أفاده الماتن تام لکن لا لما ذکره من أنّ المستأجر بعد ما فوت ما کان مستحقا له و تصرف تصرفا

لم یکن له کأنّه حصل منفعة اخری إذ یرد علیه أنّ المنفعة الاخری ان لم تکن مملوکة له من أول الامر کیف تصیر مملوکة بعد ذلک مضافا الی انّ الماتن أفاد بقوله «کأنّه» فیعلم أنّ المدعی أمر شبیه بما أراد لا عینه الّا أن یقال إن النتیجة واحدة.

و فی قبال هذا القول قول بعدم کون مالک العین مالکا للمنافع المتضادة و نقل فی هذا المقام أقوال: الأول أنّ مالک العین مالک للجامع بین المنافع و له الخیار فی أیّ منها فاذا ملک واحدة منها تکون البقیة غیر مملوکة له فلا وجه لتصور الضمان.

و یرد علیه اولا انّا نسأل ما المراد من الجامع فانّه ان کان المراد به الفرد المردد فلا واقع له و إن کان المراد أنّ الخصوصیات کلها خارجة عن دائرة مملوکاته و المملوک هو الجامع بین الخصوصیات فیلزم أنّ الغاصب لو استوفی من العین أعظم

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 144

______________________________

المنافع یکون ضمانه بمقدار اجرة المثل فی قبال أقلّ المنافع و أحقرها إذ المفروض أنّ المالک مالک للجامع فلا وجه لضمان الأکثر و هل یمکن الالتزام به؟

و ثانیا: أنّه لا مجال للاجتهاد فی قبال النصّ هذا من ناحیة و من ناحیة اخری قد استفید من حدیث الحناط الضمان بالنسبة الی غیر مورد الاجارة.

و ثالثا: أنّه یلزم جواز استیفاء اعظم المنافع من العین للمستأجر بعد ما استأجر العین لأقل منافعها و هو کما تری فانّ القول به ینافی السوق العقلائی و یعاند مع الارتکاز المتشرعی.

الثانی: أنّ المستأجر اذا تخلف و استوفی منفعة اخری ینفسخ عقد الاجارة الاول و تکون علی المستأجر اجرة المثل للمنفعة التی استوفاها و یدل علی

المدعی حدیث الحناط بتقریب: أنّ الامام علیه السّلام کان فی مقام البیان و لم یحکم بالضمان بالنسبة الی الاجرة المسماة فلا تجب.

و یرد علیه أولا: أنّه أی دلیل دلّ علی انفساخ العقد الأول و الحال أنّ دلیل وجوب الوفاء بالعقود یدلّ علی لزومها کما أنّ مقتضی الاصل العملی کذلک إذ غایة ما فی الباب أنّه یشک فی أنّ الانتفاع الغصبی هل یکون موجبا للانفساخ أم لا و الاصل عدم کونه موجبا له و أمّا الحدیث فلا یدلّ علی هذا المدعی إذ الظاهر أنّ النظر الی اجرة ما استوفاه من البغل عدوانا و أمّا الاجرة المسماة فهی أمر غیر قابل للنقاش.

و بعبارة اخری: ثبوتها مفروغ عنه فالحدیث دالّ علی خلاف المدعی و علیه نقول: القول بانفساخ العقد اجتهاد فی مقابل النصّ.

و أورد علی الوجه الثانی سیدنا الاستاد قدّس سرّه بأنّ لازم القول المذکور أنّه لو کانت الاجرة المسماة مائة دینار مثلا و استوفی المستأجر منفعة یکون اجرتها دینارا واحد

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 145

(مسألة 7): لو آجر نفسه للخیاطة مثلا فی زمان معین فاشتغل بالکتابة للمستأجر مع علمه بأنّه غیر العمل المستأجر علیه لم یستحق شیئا أمّا الاجرة المسماة فلتفویتها علی نفسه بترک الخیاطة و أمّا اجرة المثل للکتابة مثلا فلعدم کونها مستأجرا علیها فیکون کالمتبرع بها بل یمکن أن یقال بعدم استحقاقه لها و لو کان مشتبها غیر متعمد خصوصا مع جهل المستأجر بالحال (1).

______________________________

یلزم براءة ذمة المستأجر و الحال أنّه لا مقتضی لبراءته منها.

و الانصاف أنّ الایراد المذکور غیر وارد علی القائل إذ هو یدعی انفساخ العقد و من الظاهر أنّه بعد الانفساخ لا موضوع للاشتغال فالعمدة ما

ذکرناه فلاحظ.

الثالث: أنّه یفصل فی المقام بأن یقال إن کانت اجرة العمل المضاد مساویة مع الاجرة المسماة أو کانت أقل فلا یکون علی المتعدی شی ء و إن کانت أکثر یکون علیه أداء ما به التفاوت بین الاجرتین.

و یرد علیه: انّ المنفعة المتضادة مع ما یکون الاجارة واقعة علیه إمّا مملوکة لمالک العین و إمّا لا، أمّا علی الأول فلا وجه للتفصیل إذ المفروض أنّ المنافع المتضادة مملوکة له فیجب علی المستأجر کلتا الاجرتین إحداهما بالعقد و الثانیة بالاستیفاء من مملوک الغیر و لا یذهب حقه هدرا و أمّا علی الثانی فأیضا لا وجه للقول المذکور إذ مع فرض عدم الملکیة لا وجه لأداء ما به التفاوت.

و یضاف الی ذلک أنّ الحدیث أی حدیث الحناط مناف للقول المذکور اذ لم یفصل بما فصله القائل مع أنّ الامام علیه السّلام کان فی مقام البیان فیعلم أنّ التفصیل المذکور لا دلیل علیه بل الدلیل قائم علی عدمه فتحصل انّ الحقّ الالتزام بکونها مملوکة لمالک العین و لا اشکال فیه ثبوتا و الدلیل تامّ فی مقام الاثبات کما تقدم.

[مسألة 7: لو آجر نفسه للخیاطة مثلا فی زمان معین فاشتغل بالکتابة للمستأجر]

(1) أفاد قدّس سرّه: لو عمل الاجیر عملا للمستأجر و کان عمله مغایرا مع مورد

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 146

(مسألة 8): لو آجر دابته لحمل متاع زید من مکان الی آخر فاشتبه و حملها متاع عمرو لم یستحق الاجرة علی زید و لا علی عمرو (1)

(مسألة 9): لو آجر دابته من زید مثلا فشردت قبل التسلیم إلیه أو بعده فی أثناء المدة بطلت الاجارة و کذا لو آجر عبده فابق و لو غصبها غاصب فان کان قبل التسلیم فکذلک و إن کان بعده یرجع

المستأجر علی الغاصب بعوض المقدار الفائت من المنفعة و یحتمل التخییر بین الرجوع علی الغاصب و بین الفسخ فی الصورة الاولی و هو ما اذا کان الغصب قبل التسلیم (2).

______________________________

الاجارة کما لو آجر نفسه للخیاطة فاشتغل بالکتابة لا یستحق شیئا لا اجرة المثل و لا الاجرة المسماة أمّا الاول فلأنّ عمله لم یکن بأمر المستأجر فیکون بلا عوض و أمّا الثانی فلعدم قیامه بما علیه.

و یرد علیه: انّ ما افاده مبنی علی تحقق الاستحقاق فی الاجارة بالعمل الخارجی و الحال أنّ الاجرة المسماة تتحقق بنفس عقد الاجارة نعم للمستأجر الخیار بین ابقاء العقد بحاله و أخذ اجرة مثل الفائت و بین فسخ عقد الاجارة و ارجاع الاجرة المسماة.

[مسألة 8: لو آجر دابته لحمل متاع زید من مکان الی آخر فاشتبه و حملها متاع عمرو]

(1) أفاد قدّس سرّه بأنّه لو آجر دابته لحمل متاع زید ثم اشتبه فحمل متاع عمرو لا یستحق شیئا لا من زید و لا من عمرو أمّا من زید لعدم قیامه بما علیه و أمّا من عمرو فلعدم أمره بالعمل.

و قد ظهر مما تقدم فی المسألة السابقة أنّ الحق أن یقال: إنّ العقد باق بحاله و الأجیر مستحق للأجرة المسماة غایة الأمر یکون للمستأجر الخیار بین ابقاء العقد بحاله و أخذ اجرة المثل بالنسبة الی الفائت و بین فسخ الاجارة و ارجاع الاجرة المسماة.

[مسألة 9: لو آجر دابته من زید مثلا فشردت قبل التسلیم إلیه أو بعده فی أثناء المدة]

(2) أفاد قدّس سرّه بأنّه لو آجر دابته من زید أو آجر عبده منه فشردت الدابة او آبق

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 147

______________________________

العبد قبل التسلیم أو بعده فی أثناء المدة تبطل الاجارة.

و استدل سیدنا الاستاد علی المدعی بأنّه یلزم فی صحة الاجارة کون المؤجر مالکا للمنفعة و امّا اذا لم یکن مالکا لها فکیف یمکنه التملیک من الغیر هذا من ناحیة و من ناحیة اخری أنّ الشخص اذا لم یکن قادرا علی الانتفاع من مملوکه لا یکون مالکا لتلک المنفعة و من ناحیة ثالثة أنّ من ملک الدابة الشاردة لا یمکنه الانتفاع منها کما انّه لا یمکنه الانتفاع من عبده الآبق فلا یکون مالکا لمنافعهما فالنتیجة بطلان الاجارة.

و یرد علیه اولا أن الدلیل المشار إلیه علی فرض تمامیته أخصّ من المدعی إذ ربما یمکن أن یکون المالک بعد تسلیم العین کالدابة مثلا قادرا علی تسلمها و المستأجر غیر قادر فیلزم التفصیل بین صورة قدرة المالک و عدمها بأن یقال بالصحة فی الصورة الاولی و بالبطلان فی الصورة الثانیة.

و ثانیا: أنّه یلزم علی هذا الاساس الذی

أسّسه أنّ المالک لو لم یکن قادرا علی الانتفاع من العین لو استوفی احد منها أعظم المنافع لا یکون ضامنا إذ المفروض أنّ المالک لا یمکنه الانتفاع من العین و هل یرضی بهذا اللازم الباطل؟ کلا ثم کلا.

و ثالثا: أنّه لا دلیل علی المدعی المذکور اصلا فانّ الملکیة لا تتقوم بالقدرة علی المملوک و لذا لو القی جوهر من الجواهر الثمینة فی البحر و کان ذلک الجوهر مملوکا لزید یکون باقیا علی ملکه و إن لم یکن قادرا علیه.

و الذی یدل علی المدعی المذکور بوضوح حکم الشارع فی اللقطة من التعریف اولا و التصدق بعد الیأس عن مالکه ثانیا و الحال أنّ عدم القدرة إذا کان موجبا لعدم الملکیة فکیف یتصور کونه مالکا و کیف یجوز التصدق عنه بعنوان أنّه مالکه.

و نظیر ما أفاده فی المقام ما أفاده فی الأراضی المغصوبة من قبل حکام الجور

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 148

______________________________

فانّه قدّس سرّه یقول یجوز التصرف فی الاملاک المغصوبة التی صارت شوارع و أسواق بتقریب آنها صارت تالفة إذ لا یرجی رجوعها الی مالکها.

و ما أفاده فی کمال الغرابة إذ یرد علیه اولا أنّه لو فرض أنّ الغاصب العنود غصب جوهرا تعادل قیمته آلاف من الدنانیر و لم یرج الرجوع یجوز لکلّ واحد من الآحاد اشترائه اذ المفروض انّه لا یرجی رجوعه الی مالکه و هل یمکن الالتزام به؟

و ثانیا: انّه لا دلیل علی المدعی المذکور اصلا فانّ عدم امکان الرجوع لا یکون مخرجا عن الملکیة و لذا یصدق أنّ یقال الدار الفلانیة التی أخذها الغاصب و جعلها ادارة من الاداراة الحکومیة تکون لفلان المسکین فالحق فی کلا الموردین انّ

الملکیة باقیة بحالها إذ لا دلیل علی زوالها و مقتضی القاعدة الاولیة اجتهادا و فقاهة بقائها.

و صفوة القول: انّ خروج المملوک عن ملک مالکه یتوقف علی قیام الدلیل علیه ثم لو تنزلنا و قلنا ببطلان الاجارة فان کانت الدابة شاردة من أول الأمر و کذلک لو کان اباق العبد کذلک تکون الإجارة باطلة علی ذلک المسلک المردود و أمّا اذا فرضنا انّها شردت بعد مضیّ زمان من المدة أو ابق العبد کذلک فهل تکون الاجارة من اصلها باطلة کما هو ظاهر عبارة المتن أو تکون باطلة من حین الاباق کما هو صریح عبارة سیدنا الاستاد فی المقام؟

الحق هو البطلان من أول الامر فانّ التجزیة و التبعض خلاف التحقیق و قد ذکرنا سابقا و قلنا إنّه لا دلیل علی التبعّض بل الدلیل قائم علی عدمه.

و ما أفاده سیدنا الاستاد فی المقام یناقض ما أفاده سابقا من أنّ العقد الواحد لا ینحل بالفسخ بالنسبة الی اجزاء الزمان کما لا یمکن التبعض فی الفسخ بالنسبة الی اجزاء المبیع فنقول إنّ العقد إن کان واحدا کما هو کذلک فلا مجال للتبعض فی

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 149

(مسألة 10): إذا آجر سفینته لحمل الخلّ مثلا من بلد الی بلد فحملها المستأجر خمرا لم یستحق المؤجر الّا الاجرة المسماة و لا یستحق أجرة المثل لحمل الخمر لأنّ أخذ الاجرة علیه حرام فلیست هذه المسألة مثل مسألة اجارة العبد للخیاطة فاستعمله المستأجر فی الکتابة لا یقال فعلی هذا اذا غصب السفینة و حملها خمرا کان اللازم عدم استحقاق المالک اجرة المثل لأنّ اجرة حمل الخمر حرام لأنّا نقول انّما یستحق المالک اجرة المثل للمنافع المحللة الفائتة

فی هذه المدة و فی المسألة المفروضة لم یفوّت علی المؤجر منفعة لأنّه اعطاه الاجرة المسماة لحمل الخلّ بالفرض (1).

______________________________

اصل المعاملة أی إمّا یکون صحیحا فی الکل و إمّا یکون باطلا کذلک و إن کان العقد متعددا فی مقام اللب و الواقع فما وجه عدم جواز التبعض فی اعمال الخیار بالنسبة الی الأجزاء زمانا فی الاجارة و عینا فی البیع.

ثم انّه لو فرضنا أنّ الغاصب غصب العین المستأجرة فتارة یکون الغصب بعد الاقباض و اخری یکون قبله أمّا علی الأول فأفاد قدّس سرّه بأنّ المستأجر یرجع الیه و أمّا علی الثانی فحکم اولا ببطلان الاجارة و احتمل اخیرا کون المستأجر مخیرا بین الفسخ و بین الرجوع الی الغاصب.

أقول: یرد علیه أولا: أنّه ما الفرق بین الغصب و الاباق و الشرد، فانّ المیزان ان کان عدم القدرة علی الانتفاع فربما یکون الغصب موجبا لسلب القدرة فعلی مدعی الفرق بیان الفارق.

و ثانیا: أنّه لا وجه للقول بالبطلان فیما یکون الغصب قبل الاقباض بل الأمر دائر بین الفسخ و ارجاع الاجرة المسماة و بین الابقاء و الرجوع الی الغاصب فلاحظ.

[مسألة 10: إذا آجر سفینته لحمل الخلّ مثلا من بلد الی بلد فحملها المستأجر خمرا]

(1) الظاهر أنّ ما افاده تام إذ لا وجه لاشتغال ذمة الغاصب أزید من الاجرة

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 150

(مسألة 11): لو استأجر دابة معینة من زید للرکوب الی مکان فاشتبه و رکب دابة اخری له لزمه الاجرة المسماة للأولی و اجرة المثل للثانیة کما اذا اشتبه فرکب دابة عمرو فانّه یلزمه اجرة المثل لدابة عمرو و المسماة لدابة زید حیث فوّت منفعتها علی نفسه (1).

______________________________

المسماة فانّ المتصرف انّما استوفی منفعة محرمة و لا ثمن للحرام شرعا و أمّا من حیث التفویت

فالمفروض أنّه لم یفوت إذ المفروض أنّه عوض الفائت بالاجرة المسماة.

و لقائل أن یقول: ای دلیل علی حرمة حمل الخمر فانّ شرب الخمر حرام کما أنّ مقتضی النصّ کون جملة من التقلبات الواقعة فیه حراما و أما حمله فبای وجه یکون حراما اذا لم ینص علیها فی الدلیل الشرعی و فی المقام حدیث رواه زید بن علی عن آبائه علیهم السّلام قال: لعن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله و سلّم الخمر و عاصرها و معتصرها و بائعها و مشتریها و ساقیها و آکل ثمنها و شاربها و حاملها و المحمولة الیه «1».

و هذا الحدیث علی تقریب تمامیة سنده یشکل الاستدلال به علی المدعی للنقاش فی دلالته إذ یمکن أن یقال: إن تذییل الجملة بقوله ارواحنا فداه «و المحمولة الیه» بحسب الظهور العرفی ظاهر فی أنّ المراد بالحامل الذی یحمل الخمر لشاربه و ان أبیت عن الظهور فلا أقلّ من احتفاف الکلام بما یصلح للقرینیة فلا یبقی الظهور الاولی سالما و الحدیثان الآخران الواردان فی الباب المشار الیه فکلاهما ساقطان عن الاعتبار سندا.

[مسألة 11: لو استأجر دابة معینة من زید للرکوب الی مکان فاشتبه و رکب دابة أخری له لزمه الأجرة المسماة للأولی و أجرة المثل للثانیة]

(1) الأمر کما أفاده فانّ الاجرة المسماة تتحقق بالعقد الاول و اجرة المثل تتحقق باستیفائه المنفعة من مال الغیر فکلتا الاجرتین علی طبق القاعدة بلا اشکال و لا کلام.

______________________________

(1) الوسائل الباب 55 من أبواب ما یکتسب به الحدیث 3.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 151

[مسألة 12: لو آجر نفسه لصوم یوم معین عن زید مثلا ثم آجر نفسه لصوم ذلک الیوم عن عمرو]

(مسألة 12): لو آجر نفسه لصوم یوم معین عن زید مثلا ثم آجر نفسه لصوم ذلک الیوم عن عمرو لم تصح الاجارة الثانیة و لو فسخ الأولی بخیار أو اقالة قبل ذلک الیوم لم ینفع فی صحتها بل و لو أجازها ثانیا بل لا بد له من تجدید العقد لأنّ الاجازة کاشفة و لا یمکن الکشف هنا لوجود المانع حین الاجارة فیکون نظیر من باع شیئا ثم ملک بل أشکل (1).

______________________________

(1) أفاد قدّس سرّه أنه لو آجر نفسه لصوم یوم معین عن زید ثم آجر نفسه ثانیا لصوم ذلک الیوم عن عمرو تکون الاجارة الثانیة باطلة و لا تصح بالاجازة بعد فسخ الاجارة الاولی إذ یکون نظیر من باع شیئا ثم ملک بل الأمر فی المقام اشکل.

و أفاد سیدنا الاستاد فی هذا المقام علی ما فی تقریره الشریف: أنّ الوجه فی کون المقام أشکل أنّ الأمر فی مثل من باع شیئا ثم ملکه لیس فی الاشکال مثل المقام إذ یمکن تصحیح البیع بالاجازة مالک العین و أمّا فی المقام فلا یکون لأحد اجازة الاجارة الثانیة لا الاجیر و لا المستأجر أمّا الأجیر فلا یکون مالکا و لیس له بعد الاجارة الاولی اجارة نفسه لضده و أمّا المستأجر فلا شأن له و هو اجنبی عن العقد الثانی فلا اثر لإجازته.

ثم أورد علی المتن و قال ما

حاصل کلامه: إنّه قد تقدم جواز کون الشخص مالکا للمنافع المتضادة فالموجر مالک لصوم الواقع تحت الاجارة الثانیة غایة الأمر لا یمکنه من باب المانع لا من حیث عدم المقتضی فاذا ارتفع المانع یصح العقد مع الاجازة بل بدونها لأنّ العقد صادر عن أهله و المفروض ارتفاع المانع و مع وجود المقتضی و عدم المانع یتحقق الأثر المطلوب.

أقول: أمّا ما افاده فی وجه کون المقام أشکل من عدم وجود شخص قابل للإجازة فیرد علیه أنّه قد تقدم منا أنّ اجازة المستأجر الأول للإجارة الثانیة تؤثر

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 152

______________________________

فی الصحة کما أنّ اذنه فی بادی الامر مؤثر بلا اشکال و أمّا ما أفاده من تأثیر الاجازة من المؤجر بعد فسخ العقد الأول فیرد علیه أولا النقض و ثانیا الحل أما الأول فنقول: علی هذا الاساس لو باع الفضولی مال المجنون و المجنون بعد افاقته اجاز العقد الفضولی لا بد من القول بالصحة اذ المفروض أنّ المقتضی و هی الملکیة موجود و المانع و هو الجنون مرتفع و کذلک الحال فی الصبی و أمّا الثانی فنقول: نسأل أنّ المانع عن الاجارة الثانیة علی ما رامه خلقی أو الهی؟ لا اشکال فی أنّه الهی إذ صرح بأنّه لیس لأحد حقّ الاجازة قبل الفسخ و من الظاهر انّ الشی ء لا ینقلب عما هو علیه و المستفاد من حدیث زرارة أنّ المیزان فی القابلیة للإجازة و عدمها عصیان اللّه و عصیان مخلوقه أی إن کان عصیانا للخالق فغیر قابل للإجازة و إن کان عصیانا للخلق فقابل لها و المقام علی مسلکه عصیان للخالق.

و أما ما أفاده من صحة العقد بلا اجازة فهو

من الغرائب إذ یلزم أنّ زیدا لو باع ماله غرورا و بعد ساعة ارتفع الغرر یکون البیع تاما إذ المقتضی موجود و المانع مفقود و هو کما تری إذا عرفت ما تقدم نقول: الحقّ فی المقام التفصیل و هو أنّه تارة یوجر نفسه ثانیا بلا قید و لا شرط و اخری یوجر نفسه بشرط العصیان و ترک العمل للمستأجر الأول فعلی الأول تبطل إذ لا یمکن تصحیح الشارع الضدین فانّه غیر معقول نعم اذا أجاز المستأجر الأول العقد الفضولی یصح و أمّا من الثانی فتصح لعدم المانع.

إن قلت: اذا کان الوجه الثانی مصححا یمکن أن یقال فی صورة الاطلاق أیضا بالصحة لکن بالمقدار الممکن فانّ الضرورات تقدر بقدرها أی نقول بالصحة فی فرض العصیان قلت: لا یمکن القول به إذ العقود تابعة للقصود فاذا فرض تحقق العقد مقیدا یدخل فی کبری ما قصد لم یقع و ما وقع لم یقصد فلاحظ.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 153

[فصل فی عدم جواز إجارة الأرض لزرع الحنطة و الشعیر بما یحصل منها]

اشارة

فصل لا یجوز اجارة الأرض لزرع الحنطة أو الشعیر بما یحصل منها من الحنطة أو الشعیر لا لما قیل من عدم کون مال الاجارة موجودا حینئذ لا فی الخارج و لا فی الذمة و من هنا یظهر عدم جواز اجارتها بما یحصل منها و لو من غیر الحنطة و الشعیر بل عدم جوازها بما یحصل من أرض اخری أیضا لمنع ذلک فانّهما فی نظر العرف و اعتباره بمنزلة الموجود کنفس المنفعة و هذا المقدار کاف فی الصحة نظیر بیع الثمار سنتین أو مع ضم الضمیمة فانّها لا تجعل غیر الموجود موجودا مع أنّ البیع وقع علی المجموع بل للأخبار الخاصة و أمّا اذا

آجرها بالحنطة أو الشعیر فی الذمة لکن بشرط الأداء منها ففی جوازه اشکال و الأحوط العدم لما یظهر من بعض الأخبار و إن کان یمکن حمله علی الصورة الأولی و لو آجرها بالحنطة أو الشعیر من غیر اشتراط کونهما منها فالأقوی جوازه نعم لا یبعد کراهته و أمّا اجارتها بغیر الحنطة و الشعیر من الحبوب فلا اشکال فیه خصوصا اذا کان فی الذمة مع اشتراط کونه منها أولا (1).

______________________________

یقع الکلام فی ثلاثة مواضع:

اشارة

الموضع الأول فی مقتضی الأصل العملی و الدلیل الفقاهی الموضع الثانی فیما یستفاد من النصوص الخاصة، الموضع الثالث فیما هو مقتضی العمومات الاولیة و المطلقات الواردة فی باب الاجارة.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 154

[الموضع الأول مقتضی الأصل العملی و الدلیل الفقاهی]

______________________________

فنقول: أمّا الموضع الأول فمقتضی الأصل الاولی هو الفساد فانّ الصحة فی الامور الوضعیة اذا شک فیها یکون مقتضی الاستصحاب عدمها.

و أما الموضع الثانی فاللازم ملاحظة النصوص

فنقول من تلک الروایات ما رواه أبو بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: لا تستأجر الأرض بالتمر و لا بالحنطة و لا بالشعیر و لا بالاربعاء و لا بالنطاف قلت: و ما الاربعاء؟ قال: الشرب و النطاف فضل الماء و لکن تقبلها بالذهب و الفضة و النصف و الثلث و الربع «1».

و هذه الروایة تامة سندا لکن لا تدل علی المدعی فانّ النهی الوارد فیها متعلق باجارة الأرض فیما اذا کانت الاجرة مقدارا معینا من حاصل الأرض کالمن و أمثاله و اما اذا کانت الاجرة کسرا مشاعا کالثلث أو الربع من حاصل الأرض فلا بأس و علیه لا بدّ من التفصیل.

و منها ما رواه فضیل بن یسار قال: سألت أبا جعفر علیه السّلام عن اجارة الأرض بالطعام قال إن کان من طعامها فلا خیر فیه «2».

و هذه الروایة لا بأس بدلالتها علی المدعی لکن السند مخدوش.

و منها ما رواه أبو بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: لا تؤاجر الأرض بالحنطة و لا بالتمر و لا بالشعیر و لا بالاربعاء و لا بالنطاف «3».

و الحدیث دالّ علی النهی عن اجارة الأرض بالامور المذکورة فیه لکن یمکن تخصیصه بما دلّ علی الجواز فیما تکون الاجرة کسرا مشاعا من حاصل الأرض کما تقدّم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب الاجارة.

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب المزارعة الحدیث 5.

(3) نفس المصدر الحدیث 6.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 155

______________________________

و منها ما رواه أبو بردة قال: سألت أبا عبد اللّه علیه

السّلام عن اجارة الأرض المحدودة بالدراهم المعلومة قال: لا بأس قال: و سألته عن اجارتها بالطعام فقال: إن کان من طعامها فلا خیر فیه «1» و الحدیث لا اعتبار به سندا.

و منها ما رواه غیر واحد عن أبی جعفر و أبی عبد اللّه علیهما السّلام أنهما سئلا ما العلة التی من اجلها لا یجوز أن تؤاجر الأرض بالطعام و تؤاجرها بالذهب و الفضة قال: العلة فی ذلک أنّ الذی یخرج منها حنطة و شعیر و لا تجوز اجارة حنطة بحنطة و لا شعیر بشعیر «2».

و الحدیث مرسل و المرسل لا اعتبار به و عنوان غیر واحد لا یوجب تواتر الخبر.

و منها ما رواه أبو بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: لا تؤاجر الأرض بالحنطة و لا بالشعیر و لا بالتمر و لا بالاربعاء و لا بالنطاف و لکن بالذهب و الفضة لأنّ الذهب و الفضة مضمون و هذا لیس بمضمون «3».

و هذه الروایة واردة فی الامور الخاصة و لا وجه لإسراء الحکم الی غیرها مضافا الی انّه لا بدّ من تخصیصها بما دلّ علی الجواز فیما اذا کانت الاجرة کسرا مشاعا من حاصل الأرض.

و منها ما رواه الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: لا تستأجر الأرض بالحنطة ثم تزرعها حنطة «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحدیث 9

(2) نفس المصدر الحدیث 11.

(3) نفس المصدر الحدیث 2.

(4) نفس المصدر الحدیث 3.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 156

______________________________

و هذه الروایة تدل علی المنع عن استیجار الأرض بالحنطة ثم زراعتها بالحنطة و لا ترتبط بالمدعی و بعبارة اخری: المستفاد من الحدیث حرمة زرع الحنطة فی الصورة المفروضة و منها ما رواه أبو

المغراء قال: سأل یعقوب الأحمر أبا عبد اللّه علیه السّلام و أنا حاضر فقال: أصلحک اللّه انّه کان لی أخ قد هلک و ترک فی حجری یتیما ولی أخ یلی ضیعة لنا و هو یبیع العصیر ممن یصنعه خمرا و یؤاجر الأرض بالطعام فامّا ما یصیبنی فقد تنزهت فکیف اصنع بنصیب الیتیم؟ فقال: أما اجارة الأرض بالطعام فلا تأخذ نصیب الیتیم منه الّا أن تؤاجرها بالربع و الثلث و النصف الحدیث «1».

و هذه الروایة تدل علی التفصیل بین المعین و الکسر المشاع و لا تدل علی المنع علی نحو الاطلاق فتحصل أنّ هذه الروایات لا تفی بما ادعی فی المتن.

[الموضع الثالث فیما هو مقتضی العمومات الاولیة و المطلقات الواردة فی باب الاجارة]

و فی المقام جملة من الروایات یستفاد منها الجواز و لو فی الجملة منها ما رواه الحلبی قال: قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام أتقبل الأرض بالثلث أو الربع فاقبلها بالنصف قال: لا بأس به، قلت: فاقبلها بألف درهم و اقبلها بألفین قال: لا یجوز قلت: لم؟ قال: لأنّ هذا مضمون و ذلک غیر مضمون «2».

فانّه یستفاد من الحدیث جواز اجارة الأرض بما یخرج عنها إن قلت: الحدیث مربوط بباب المزارعة قلت: یستفاد منه جواز التقبیل بالدرهم و عدم جواز تقبیلها باکثر و الحال انّ المزارعة لا تصح الّا بالکسر المشاع و یؤیدنا انّ صاحب الوسائل ذکر الحدیث فی أبواب الاجارة.

و منها ما رواه اسحاق بن عمّار عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: إذا تقبلت ارضا بذهب أو فضة فلا تقبلها بأکثر مما تقبلتها به و إن تقبلتها بالنصف و الثلث فلک أن تقبلها

______________________________

(1) نفس المصدر الحدیث 7.

(2) الوسائل الباب 21 من أبواب الاجارة الحدیث 1.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب

الإجارة، ص: 157

______________________________

باکثر مما تقبلتها به لأنّ الذهب و الفضة مضمونان «1».

و یؤید المدعی حدیثا الهاشمی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: سألته عن رجل استأجر من السلطان من أرض الخراج بدراهم مسماة أو بطعام مسمی ثم آجرها و شرط لمن یزرعها أن یقاسمه النصف أو أقل من ذلک أو أکثر و له فی الأرض بعد ذلک فضل أ یصلح له ذلک قال: نعم اذا حفر لهم نهرا أو عمل لهم شیئا یعینهم بذلک فله ذلک «2» و الفیض قال قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام: جعلت فداک ما تقول فی الأرض أتقبلها من السلطان ثم اؤاجرها من آخرین علی أن ما أخرج اللّه منها من شی ء کان لی من ذلک النصف و الثلث أو أقل من ذلک أو أکثر قال: لا بأس «3».

و اذا فرضا التعارض لا بد من الالتزام بالتساقط لعدم تمیز الحادث عن الاحدث و المتأخر عن المتقدم فلا یمکن استفادة الحکم منها.

ثم انّه هل یمکن اثبات المدعی بالادلة العامة کقوله تعالی: یٰا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لٰا تَأْکُلُوا أَمْوٰالَکُمْ بَیْنَکُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَکُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ «4» أو قوله تعالی: یٰا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ «5» أم لا؟

الظاهر هو الثانی أمّا آیة التجارة فشمولها للإجارة أول الکلام و لا یجوز الأخذ بالدلیل فی الشبهة المصداقیة و أمّا آیة الوفاء بالعقود فقد ذکرنا کرارا أنّها دلیل اللزوم لا الصحة و أمّا الاطلاقات الواردة فی أبواب الاجارة فلا یمکن اثبات الصحة بها إذ بحسب السیرة و الارتکاز قد أخذ فی صحة الاجارة کون المستأجر

______________________________

(1) نفس المصدر الحدیث 2.

(2) الوسائل الباب 21 من الاجارة الحدیث 3.

(3) نفس المصدر: ح 5.

(4) النساء: 29.

(5)

المائدة: 1.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 158

(مسألة 1): لا بأس باجارة حصة من أرض معینة مشاعة کما لا بأس باجارة حصة منها علی وجه الکلی فی المعین مع مشاهدتها علی وجه یرتفع به الغرر و أما اجارتها علی وجه الکلی فی الذمة فمحل اشکال بل قد یقال بعدم جوازها لعدم ارتفاع الغرر بالوصف و لذا لا یصح السلم فیها و فیه أنّه یمکن وصفها علی وجه یرتفع فلا مانع منها اذا کان کذلک (1).

______________________________

مالکا للأجرة کی یمکنه تملیکها من المؤجر کما أنّه یجب کون المؤجر مالکا للمنفعة کی یمکنه تملیکها من المستأجر و المفروض فی المقام عدم کون المستأجر مالکا للحاصل من الأرض فی المستقبل و علیه إمّا یعلق التملیک علی ذلک الوقت و إمّا یملکه من الان أمّا علی الأول فیکون مصداقا للتعلیق المبطل للعقد و أمّا علی الثانی فیکون فاقدا لأحد الرکنین فی الاجارة فالنتیجة هو البطلان فلاحظ.

هذا کله فیما اذا کانت الاجرة عبارة عن حاصل الأرض و أمّا اذا آجره بالحنطة أو الشعیر فی الذمة و اشترط ادائها من الأرض المستأجرة فحکم بالاشکال.

و لا وجه له اصلا اذ یکون خارجا عن دائرة النهی و من ناحیة اخری الاضافة الی الذمة توجب الملکیة الفعلیة فیرتفع المانع الذی ذکرناه فالمقتضی للصحة موجود و المانع مفقود و الاولی بالجواز صورة عدم الاشتراط و الاداء من حاصل الأرض فانّه جائز و لا وجه للکراهة فما أفاده فی المتن غیر تام.

[فی مسائل متفرقة]

[مسألة 1: لا بأس باجارة حصة من أرض معینة مشاعة]

(1) الظاهر أنّ ما أفاده فی هذه المسألة من الفروع تامّ لا خدشة فیه فانّ اجارة حصة من الأرض علی نحو الاشاعة أو الکلی فی المعین جائز لوجود المقتضی و

عدم المانع کما أنّ اجارة الکلی فی الذمة أمر جائز و لا فرق من هذه الجهة بین البیع و الاجارة غایة الأمر مع رعایة اشتراط عدم الجهالة و الغرر علی ما هو المقرر عندهم من اعتبار الاشتراط المذکور.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 159

[مسألة 2: یجوز استئجار الأرض لتعمل مسجدا]

(مسألة 2): یجوز استئجار الأرض لتعمل مسجدا لأنّه منفعة محللة و هل یثبت لها آثار المسجد من حرمة التلویث و دخول الجنب و الحائض و نحو ذلک قولان أقواهما العدم نعم اذا کان قصده عنوان المسجدیة لا مجرّد الصلاة فیه و کانت المدة طویلة کمائة سنة أو أزید لا یبعد ذلک لصدق المسجد علیه حینئذ (1).

______________________________

(1) حکم قدّس سرّه بجواز جعل الارض المستأجرة لمدة مسجدا بتقریب: أنّ هذا من جملة الانتفاعات الجائزة فتجوز الاجارة لأجل جعل الأرض مسجدا مدة سنة مثلا.

و أورد علیه سیدنا الاستاد قدّس سرّه بأنّ التأبید مقوم لعنوان المسجد و غیر قابل للزوال و بعبارة اخری: جعل ارض مسجدا تحریر لها و من ناحیة اخری المساجد للّه تعالی و ما کان له لا یرجع کما ان الرجوع ینافی التأبید.

و یرد علیه اولا: أنّ المسجد من جملة الاوقاف کما بیّنا المدعی فی محله من کتابنا «عمدة المطالب فی التعلیق علی المکاسب» و علیه اذا قلنا بأنّ الوقوف علی حسب ما أوقفها أهلها یمکن جعل أرض مسجدا موقتا و أمّا ما أفاده من أنّ ما کان له لا یرجع فیرد علیه أولا أنّه لا اشکال فی کون مساجد العامة داخلة فی عنوان المساجد و یترتب علیها أحکام المسجد مع أنّ قصد القربة لا تصحّ منهم لعدم و لا یتهم کما أنّه لا اشکال فی أنّ

الشیعی لو بنی مسجدا بلا قصد القربة یترتب علیه الأحکام فکیف یکون المسجد له تعالی و لا یرجع.

و ثانیا: أنّه لا تنافی بین الأمرین فانّه ما دام یکون مسجدا لا یرجع و أما کون المسجد ابدیا فهو أول الکلام و الاشکال کما تقدم فما أفاده فی مقام الاشکال علی المتن غیر تام بل الحق أن یقال- فی مقام الاشکال-: إنّ الاجارة تنافی عنوان الوقف ذاتا إذ الوقف إمّا اخراج عن الملک و تملیک الی ناحیة خاصة أو عامة

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 160

(مسألة 3): یجوز استئجار الدراهم و الدنانیر للزینة أو لحفظ الاعتبار أو غیر ذلک من الفوائد التی لا تنافی بقاء العین (1).

(مسألة 4): یجوز استئجار الشجر لفائدة الاستظلال و نحوه کربط

______________________________

کالوقوف الخاصة و العامة و إمّا اخراج عن الملک بلا تملیک من ناحیة بل ایقاف عن الحرکة.

و إن شئت قلت: تحریر رقبة الملک و جعله ساکنا کالمساجد و علی جمیع التقاریر اخراج للعین عن الملک و الحال أنّ الاجارة انتفاع عن المنافع و لا مجال للتصرف فی العین بأن ینقلها و یخرجها عن ملک المؤجر فالتنافی بین الأمرین من الواضحات فعلی تقدیر جواز جعل أرض مسجدا و لو لمدة لا یمکن القول بالجواز فی المقام إذ لا یمکن و لا یجوز إخراج العین المستأجرة عن ملک المؤجر فلاحظ و الظاهر أنّ المرکوز فی أذهان اهل الشرع أنّ عنوان المسجد یلازم الابدیة و کون ارض مسجدا مدة و لو طویلة بعید عن الارتکاز المتشرعی فلا مجال لجعل أرض مسجدا مدة.

ثم إنّ الماتن فصل بین المدة القصیرة و الطویلة فعلی الأول لا یترتب أحکام المساجد و علی الثانی یترتب.

و

هذا التفصیل بمکان من الغرابة لأنّه إمّا یجوز جعل الأرض مسجدا فی المدة القلیلة و إمّا لا یجوز أمّا علی الأول فلا اشکال فی ترتب الأحکام فانّ ترتب الحکم علی موضوعه ضروری و أمّا علی الثانی فلا موضوع و مع عدم الموضوع لا مجال لترتب الحکم فهذا التفصیل فی غیر محلّه و الأمر دائر بین الجواز علی الاطلاق و عدمه کذلک و الحق هو الثانی کما تقدم بیانه مستوفی.

[مسألة 3: یجوز استئجار الدراهم و الدنانیر للزینة أو لحفظ الاعتبار أو غیر ذلک من الفوائد التی لا تنافی بقاء العین]

(1) ما أفاده علی طبق القاعدة الاولیة فانّ الاجارة عقد یتعلق بالعین لتملیک المالک المنفعة من المستأجر و ما ذکر من فوائد و منافع الدینار و الدرهم فیجوز ایجارهما بلحاظ هذه المنفعة.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 161

الدابة به أو نشر الثیاب علیه (1).

(1).

(مسألة 4): یجوز استئجار الشجر لفائدة الاستظلال و نحوه (مسألة 5): یجوز استئجار البستان لفائدة التنزّه لأنّه منفعة محللة عقلائیة (2).

(مسألة 6): یجوز الاستئجار لحیازة المباحاة کالاحتطاب و الاحتشاش و الاستقاء فلو استأجر من یحمل الماء له من الشط مثلا ملک ذلک الماء بمجرّد حیازة السقاء فلو أتلفه متلف قبل الایصال الی المستأجر ضمن قیمته له و کذا فی حیازة الحطب و الحشیش نعم لو قصد المؤجر کون المحوز لنفسه فیحتمل القول بکونه له و یکون ضامنا للمستأجر عوض ما فوّته علیه من المنفعة خصوصا اذا کان المؤجر آجر نفسه علی وجه یکون تمام منافعه فی الیوم الفلانی للمستأجر أو یکون منفعته من حیث الحیازة له و ذلک لاعتبار النیة

[مسألة 4: یجوز استئجار الشجر لفائدة الاستظلال و نحوه]

______________________________

(1) هذا علی طبق القاعدة فانّ الاستظلال من فوائد الشجر فیجوز ایجاره لهذه الفائدة و لا ینافی جوازه مع جواز الاستظلال بشجر الغیر و لو مع عدم رضاه إذ مع اجارة الشجر للاستظلال لا یجوز له قطعه.

و بعبارة اخری: الأمر بید مالک الشجر و له قطعه و ابقائه فیجوز الایجار للفائدة المذکورة لوجود المقتضی و عدم المانع.

و بعبارة أوضح لا تنافی بین کون المنفعة المذکورة مملوکة لمالک الشجر و بین جواز الانتفاع بالظل اذ قد علم من الشرع جواز مثل هذا الانتفاع کما أنّ الاتکاء بجدار دار زید جائز مع کونه مملوکا له.

[مسألة 5: یجوز استئجار البستان لفائدة التنزّه]

(2) بلا اشکال و لا کلام فانّ التنزه من فوائد و منافع البستان فیجوز ایجاره لهذه الفائدة.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 162

فی التملک بالحیازة و المفروض أنّه لم یقصد کونه للمستأجر بل قصد نفسه و یحتمل القول بکونه للمستأجر لأنّ المفروض أنّ منفعته من طرف الحیازة له فیکون نیة کونه لنفسه لغوا و المسألة مبنیة علی أنّ الحیازة من الأسباب القهریة لتملک الحائز و لو قصد الغیر و لازمه عدم صحة الاستئجار لها أو یعتبر فیها نیة التملک و دائرة مدارها و لازمه صحة الاجارة و کون المحوز لنفسه اذا قصد نفسه و إن کان أجیرا للغیر و أیضا لازمه عدم حصول الملکیة له اذا قصد کونه للغیر من دون أن یکون اجیرا له أو وکیلا عنه و بقاؤه علی الاباحة الّا اذا قصد بعد ذلک کونه له بناء علی عدم جریان التبرع فی حیازة المباحاة و السبق الی المشترکات و إن کان لا یبعد جریانه أو أنها من الأسباب القهریة لمن له تلک المنفعة فان

لم یکن أجیرا یکون له و إن قصد الغیر فضولا فیملک بمجرد قصد الحیازة و إن کان أجیرا للغیر یکون لذلک الغیر قهرا و إن قصد نفسه أو قصد غیر ذلک الغیر و الظاهر عدم کونها من الأسباب القهریة مطلقا فالوجه الأول غیر صحیح و یبقی الاشکال فی ترجیح أحد الأخیرین و لا بد من التأمل (1).

[مسألة 6: یجوز الاستئجار لحیازة المباحاة]

اشارة

______________________________

(1) فی هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنّه یجوز استیجار الغیر لحیازة المباحات

کالاحتطاب و الاستقاء و أمثالهما و هذا علی طبق القاعدة الاولیة إذ الحیازة توجب تملک المحوز هذا من ناحیة و من ناحیة اخری انّ الحیازة للغیر مع طلب ذلک الغیر من الحائز مجانا أو بالعوض تجعل المحوز ملکا له اذا کان الحائز قاصدا الحیازة لذلک الغیر.

و لتوضیح الحال نقول: کون الحیازة مملکة للمحوز لا دلیل علیه شرعا و النصّ الذی یمکن الأخذ به لإثبات المدعی لا اعتبار به لاحظ ما رواه السکونی عن

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 163

______________________________

أبی عبد اللّه علیه السّلام أنّ أمیر المؤمنین علیه السّلام قال فی رجل أبصر طیرا فتبعه حتی وقع علی شجرة فجاء رجل فأخذه فقال أمیر المؤمنین علیه السّلام: للعین ما رأت و للید ما أخذت «1».

و الحدیث ضعیف سندا و علیه یکون الدلیل علی مملکیتها منحصرا فی السیرة العقلائیة الجاریة فی الخارج الممضاة عند الشارع فلا بد من ملاحظة سیرتهم و حدودها و فی بادی النظر تحتمل وجوه:

الوجه الأول: أن تکون الحیازة علی اطلاقها موجبة لتملک الحائز المحوز و لازمه أنّ مجرد حیازة شی ء مع الالتفات أو الغفلة فی حال النوم أو الیقظة الی غیرها من الحالات توجب کون الحائز مالکا للمحوز.

الوجه الثانی: أن تکون مملکة للحائز إذا کان قاصدا لها أعم من أن یکون قاصدا للتملک أم لا.

الوجه الثالث: أن تکون مملکة لمن تکون الحیازة له بلا احتیاج الی قصد التملک.

الوجه الرابع: أن تکون مملوکة لمن جعلت له و لو تبرعا.

الوجه الخامس: أن تکون مملکة للحائز فی صورة قصده تملکه و مملکة لمن یحوز له الحائز بطلبه مجانا أو مع الاجرة و حیث إنّ السیرة دلیل

لبی لا بد من الاقتصار فیها علی القدر المتیقن و فی کل مورد شک فی تحققها یکون مقتضی الاصل عدمها و النتیجة عدم التعدی عن المتیقن.

و الذی یختلج بالبال أنّه لا أثر للحیازة علی نحو الاطلاق بحیث لو حاز شیئا فی النوم أو غفلة أو بلا قصد یوجب الملکیة فالوجه الأول باطل و إذا قصد الحیازة و لم

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من أبواب الصید.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 164

______________________________

یقصد التملک کما لو حاز شیئا لأجل معرفته لا بقصد التملک لا یمکن الجزم بکونها مملکة فی نظر العقلاء فالوجه الثانی کالوجه الأول فی البطلان و أمّا الوجه الثالث و هو کونها مملکة لمن تکون الحیازة له بلا قصد التملک لمالکها بل و لو مع قصد تملک الحائز لنفسه فهو أیضا محل الاشکال و لا یمکن الجزم به فیکون کالوجهین السابقین فی البطلان.

و أمّا الوجه الرابع فهو أیضا مورد التردید إن لم یکن معلوم الفساد فلا یمکن القول به فیکون ملحقا بالوجوه السابقة و أمّا الوجه الخامس فالظاهر انّ السیرة علی کونها مملکة مستقرّة.

فتحصل أنّ الفرع الأول علی مقتضی القاعدة فالماء الذی یحوزه السقاء للمستأجر یکون له فاذا أتلفه متلف یکون ضامنا غایة الأمر علی مسلک المشهور یکون ضامنا لمثله إذ الماء من المثلیات و علی المسلک المنصور یکون ضامنا لنفس التالف و من باب الاقربیة تصل النوبة الی المثل و علی کلا التقدیرین لا وجه لضمانه بالقیمة.

الفرع الثانی: أنّ الأجیر لو قصد کون المحوز لنفسه تکون مملکة له لا للمستأجر

و الوجه فیه أنّ الحیازة بنفسها لا أثر لها بل الأثر مترتب علی قصدها و تملکها و المفروض أنّ الأجیر قصد تملک نفسه غایة الأمر فوت مال المستأجر فیکون ضامنا له.

إن قلت: کیف

یمکن أن تکون الحیازة مملوکة للمستأجر و المحوز یصیر ملکا للحائز؟

قلت: لا تنافی بین الأمرین فانّ الغاصب اذا غصب آلة الصید و صاد بها سمکة تکون تلک السمکة له و یکون ضامنا لمالک الآلة فلا تنافی بین الأمرین.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 165

الفرع الثالث: هل یجوز استیجار الغیر لنفع یرجع الیه لا الی المستأجر

______________________________

کما لو استأجره لکنس دار نفسه؟ الحق هو الجواز اذ یعتبر فی الاجارة تملک فائدة فی مقابل الاجرة و أمّا رجوع هذه الفائدة الی المستأجر فلا دلیل علیه و غایة ما یترتب علیه أنّه لا یکون فیه غرض عقلائی و هذا مضافا الی أنه لا یکون دائمیا لا یکون مضرا و موجبا للفساد.

الفرع الرابع: أنّه هل تجری الوکالة فی الحیازة

بحیث تکون حیازة الوکیل موجبة لتملک الموکل المحوز؟ الحق أن یقال: إنه لا اشکال فی أنّ الحیازة اذا کانت باستدعاء الغیر تکون مملکة لذلک الغیر علی ما تقدم و أمّا تحقق عنوان الوکالة التی تکون من العقود فجریانها فی المقام مشکل و لا دلیل علیها.

الفرع الخامس: أنّه هل یترتب علی النیابة فی الحیازة أثر أم لا؟

الظاهر أنّه لا أثر لها الا أن یرجع الی أن یطلب الغیر من الحائز أن یحوز له و لا اشکال فی ترتب الأثر علیها فی الفرض بل یترتب الأثر علی الحیازة الصادرة عن الحیوان کما لو حاز شخص من المباحات بسبب الکلب المعلم مثلا.

الفرع السادس: أنّه هل یترتب الأثر علی التبرع عن الغیر أم لا؟

الظاهر هو الثانی و قد تقدم فی صدر البحث ما یکون مؤثرا فی حصول المطلوب هذا کلّه علی تقدیر اسقاط الروایة المشار إلیها عن الاعتبار و لکن الظاهر بعد التأمل أنّه لا وجه لإسقاطها فانّ الکلینی قدّس سرّه یروی الحدیث عن القمی و هو عن والده إبراهیم بن هاشم و هو عن النوفلی و النوفلی عن السکونی و حیث إن النوفلی مذکور فی اسناد تفسیر القمی یکون موثقا لشهادة القمی و أمّا السکونی فهو منصرف الی اسماعیل بن أبی زیاد و الرجل وثق و یظهر الحال لکل من یراجع الرجال بشرط أن یکون خبرة فی هذا المجال فالحدیث تام سندا و أمّا من حیث الدلالة فیدل باطلاقه ان

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 166

(مسألة 7): یجوز استیجار المرأة للإرضاع بل للرضاع بمعنی الانتفاع بلبنها و إن لم یکن منها فعل مدة معینة و لا بدّ من مشاهدة الصبی الذی استؤجرت لإرضاعه لاختلاف الصبیان و یکفی وصفه علی وجه یرتفع الغرر و کذا لا بد من تعیین المرضعة شخصا أو وصفا علی وجه یرتفع الغرر نعم لو استؤجرت علی وجه یستحق منافعها أجمع التی منها الرضاع لا یعتبر حینئذ مشاهدة الصبی أو وصفه و إن اختلفت الأغراض بالنسبة الی مکان الارضاع لاختلافه من حیث السهولة و الصعوبة و الوثاقة و عدمها لا بد من تعیینه أیضا (1).

______________________________

المأخوذ

ملک لآخذه.

و بعبارة اخری: قد حکم أرواحنا فداه بأنّ للید ما أخذت فی مقابل الرؤیة أی تصیب العین الرؤیة و لکن تصیب الید ما أخذت و مقتضی اطلاق الأخذ عدم الفرق بین کون الآخذ قاصدا للملکیة و عدم قصده لها بل مقتضی الاطلاق عموم الحکم لکل آخذ و لو کان أخذه فی حال النوم و نحوه و بلا فرق بین کون الآخذ بالغا أو لم یکن سفیها أم لا فانّ المیزان الکلی المستفاد من الحدیث أنّ أخذ المباح یکون موجبا لصیرورة المحوز مالکا للحائز فلاحظ و اغتنم.

لکن فی المراجعة الثانیة قد ظهر عندنا أنّه لا یمکن الاعتماد بما ورد فی اسناد تفسیر القمی بعنوان کونه فی تلک الاسناد و التفصیل موکول الی مجال آخر.

[مسألة 7: یجوز استیجار المرأة للإرضاع بل للرضاع بمعنی الانتفاع بلبنها]

(1) ما أفاده علی طبق القاعدة فانّ الارضاع من الأفعال و الأعمال کالکنس و أمثاله فیجوز استیجار المرأة للإرضاع کما أنّه یجوز استیجارها للرضاع لوجود المقتضی للصحة و عدم المانع فتصح الاجارة وضعا کما تجوز تکلیفا غایة الأمر یلزم ایقاع عقد الاجارة علی نحو لا یلزم الغرر علی مسلکهم من کون الغرر مانعا عن الصحة و قد ناقشناهم و قلنا لا دلیل علی کون الغرر مانعا عنها.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 167

(مسألة 8): إذا کانت المرأة المستأجرة مزوجة لا یعتبر فی صحة استیجارها اذنه ما لم یناف ذلک لحق استمتاعه لأنّ اللبن لیس له فیجوز لها الارضاع من غیر رضاه و لذا یجوز لها اخذ الاجرة من الزوج علی ارضاعها لولده سواء کان منها أو من غیرها نعم لو نافی ذلک حقّه لم یجز الّا باذنه و لو کان غائبا فآجرت نفسها للإرضاع فحضر فی

أثناء المدة و کان علی وجه ینافی حقه انفسخت الاجارة بالنسبة الی بقیة المدة (1).

[مسألة 8: إذا کانت المرأة المستأجرة مزوجة لا یعتبر فی صحة استیجارها اذنه ما لم یناف ذلک لحق استمتاعه]

______________________________

(1) اذا فرضنا أنّها مزوجة فتارة لا تکون اجارتها للإرضاع منافیة مع حقّ الزوج و اخری تکون کذلک أمّا علی الأول فلا اشکال و لا کلام فی الصحة کما هو واضح و أمّا علی الثانی فتارة تکون باذن الزوج أو باجازته و اخری لا أمّا علی الأول فتصح الاجارة أیضا کما هو ظاهر و أمّا علی الثانی فلا بد من التفصیل بین أن تکون الاجارة مطلقة و بین أن تکون معلقة علی العصیان بأن یقال: إذا کانت مطلقة تکون فاسدة و أمّا اذا کانت معلقة علی العصیان تصحّ بلا اشکال و قد تقدم منّا أنّ التعلیق المذکور لا یکون مبطلا للعقد لأنّه تعلیق علی ما تتوقف علیه صحة العقد.

و أمّا ما أفاده من أنّ الزوج إذا کان غائبا و استأجرت نفسها للإرضاع و کانت الاجارة منافیة لحقّه تنفسخ الاجارة بالنسبة، فیرد علیه اولا: أنّ الاجارة الواحدة لا تنحل الی اجارات متعددة و لا تکون قابلة للانحلال کما تقدم منّا مرارا بل الأمر دائر بین الصحة و الفساد.

و ثانیا: أنّه علی فرض الانحلال یکشف عن الفساد من أول الامر فی المقدار المنافی و لا معنی للانفساخ.

و ثالثا: انّه لا بد من التفصیل بین کونها مطلقة و بین کونها معلقة علی العصیان بأن یقال: بالفساد فی الأول و بالصحة فی الثانی فلاحظ.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 168

[مسألة 9: لو کانت الامرأة خلیة فأجرت نفسها للإرضاع أو غیره من الأعمال ثمّ تزوّجت]

(مسألة 9): لو کانت الامرأة خلیة فأجرت نفسها للإرضاع أو غیره من الأعمال ثمّ تزوّجت قدّم حق المستأجر علی حقّ الزوج فی صورة المعارضة حتّی انّه اذا کان وطؤه لها مضرا بالولد منع منه (1).

______________________________

(1) الأمر کما أفاده إذ قبل الزواج یکون الاختیار بیدها

فاذا آجرت نفسها للإرضاع و کان منافیا مع حقّ الزوج قدمت الاجارة المتقدمة و لا یجب رعایة حقّ الزوج إذ المفروض أنّها تزوجت مسلوبة المنفعة فتکون نظیر بیع الدار بعد اجارتها من الغیر و هذا واضح و یترتب علیه أنه لو أضرّ الوطء بالولد منع منه و مقتضی المناسبة بین الحکم و الموضوع أنّ الوطء یکون منافیا لحقّ المستأجر.

و حیث انجر الکلام الی هنا یناسب أن نتکلم فی فرع و هو أنّه لو کان تصرف شخص فی ملکه موجبا لإضرار الغیر کما أنّه لو تصرف فی داره تصرفا یکون موجبا لإضرار الغیر فتارة یکون اضرارا مالیا بحیث یصدق أنّ المتصرف أتلف مقدارا کذائیا من مال جاره و اخری یکون اضرارا اعتباریا کما لو کان سلوکه علی نحو یکون موجبا لسقوط الطرف المقابل عن الانظار و ثالثة یکون تصرفه فی سلطانه موجبا لإیذاء الغیر و یقع فی الضرر البدنی من جهة عدم تحمله أمّا فی الصورة الأولی فالظاهر عدم الجواز بل یوجب الضمان لقاعدة من أتلف مال الغیر فهو له ضامن و أمّا القسمان الباقیان فالانصاف أنّ الحکم بالحرمة فی غایة الاشکال.

إن قلت: مقتضی حدیث نفی الضرر عدم الجواز فانّ مفاد الحدیث حرمة الاضرار بالغیر قلت: هل یمکن الالتزام بالاطلاق أینما سری و جری فان زیدا اذا کان مشتغلا بتحصیل العلوم و الکمالات و صار هذا سببا لسقوط احد أقربائه عن الاعتبار هل یمکن أن یقال بأنّ زیدا یرتکب الحرام؟

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 169

(مسألة 10): یجوز للمولی اجبار امته علی الارضاع اجارة أو تبرعا قنّة کانت أو مدبرة أو أمّ ولد و أمّا المکاتبة المطلقة فلا یجوز له اجبارها

بل و کذا المشروطة کما لا یجوز فی المبعضة و لا فرق بین کونها ذات ولد یحتاج الی اللبن أو لا لإمکان ارضاعه من لبن غیرها (1).

(مسألة 11): لا فرق فی المرتضع بین أن یکون معینا أو کلیا و لا فی المستأجرة بین تعیین مباشرتها للإرضاع أو جعله فی ذمتها فلو مات الصبی فی صورة التعیین أو الامرأة فی صورة تعیین المباشرة انفسخت الاجارة بخلاف ما لو کان الولد کلیا أو جعل فی ذمتها فانّه لا تبطل بموته أو موتها الّا مع تعذر الغیر من صبی أو مرضعة (2).

(مسألة 12): یجوز استیجار الشاة للبنها و الأشجار للانتفاع بأثمارها و الآبار للاستقاء و نحو ذلک و لا یضرّ کون الانتفاع فیها باتلاف الأعیان لأنّ المناط فی المنفعة هو العرف و عندهم یعدّ اللبن منفعة للشاة و الثمر منفعة للشجر و هکذا و لذا قلنا بصحة استیجار المرأة للرضاع و إن لم یکن منها فعل بأن انتفع بلبنها فی حال نومها أو یوضع الولد فی حجرها و جعل ثدیها فی فم الولد من دون مباشرتها

[مسألة 10: یجوز للمولی اجبار أمته علی الإرضاع إجارة أو تبرعا]

______________________________

(1) هذه المسألة و أمثالها لا تکون موردا للابتلاء فی أمثال زماننا و لذا لا نتعرض لها.

[مسألة 11: لا فرق فی المرتضع بین أن یکون معینا أو کلیا و لا فی المستأجرة بین تعیین مباشرتها للإرضاع أو جعله فی ذمتها]

(2) الأمر کما أفاده فان المقتضی للصحة فی الکلی موجود و المانع مفقود و أمّا فی المعین فما أفاده من الانفساخ فیشکل لعدم التعدد بل الانفساخ لا معنی له اذ علی تقدیر الموت یکشف عن البطلان من أول الامر فالحق أن یقال: إنّه فی صورة موت الولد یثبت ضمان ما شربه فلاحظ.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 170

لذلک فما عن بعض العلماء من اشکال الاجارة فی المذکورات لأنّ الانتفاع فیها باتلاف الأعیان و هو خلاف وضع الاجارة لا وجه له (1).

(مسألة 13): لا یجوز الاجارة لإتیان الواجبات العینیة کالصلوات الخمس و الکفائیة کتغسیل الأموات و تکفینهم و الصلاة علیهم و کتعلیم القدر الواجب من اصول الدین و فروعه و القدر الواجب من تعلیم القرآن کالحمد و سورة منه و کالقضاء و الفتوی و نحو ذلک و لا یجوز الاجارة علی الأذان نعم لا بأس بارتزاق القاضی و المفتی و المؤذّن من بیت المال و یجوز الاجارة لتعلیم الفقه و الحدیث و العلوم الادبیّة و تعلیم القرآن ما عدا المقدار الواجب و نحو ذلک (2).

[مسألة 12: یجوز استیجار الشاة للبنها و الأشجار للانتفاع بأثمارها و الآبار للاستقاء و نحو ذلک]

______________________________

(1) الأمر کما أفاده فانّ المقام کأمثاله داخل فی الاعتبارات التی تکون سهلة المئونة و لا مجال فیها للبحث العقلی.

و بعبارة واضحة: انّ الاجارة تملیک للمنفعة و المنفعة قد تکون من الأعیان و اخری لا تکون کذلک و ان شئت قلت: المحکم فی أمثال المقام هو العرف و سوق العقلاء فلا مجال لأن یقال: إن الفارق بین البیع و الاجارة أنّ الأول تملیک للعین الخارجیة و أمّا الثانی فتملیک لما یتعلق و یعرض العین کحیثیة السکنی مثلا فانّه لم ترد آیة أو روایة تدل علی هذا

التفریق فما أفاده فی المتن تام.

إن قلت: علی هذا یجوز اجارة الحیوان بلحاظ أولاده و هل یمکن الالتزام به و الحال أنّه مستنکر؟ قلت: اذا فرض استنکاره و هو المفروض فی السؤال نلتزم بعدمه و لا غرو فانّ الامور التعبدیة تحتاج الی الدلیل و المفروض قیام الدلیل علی عدم الجواز فی مفروض المسألة و اللّه العالم بحقائق الأمور.

[مسألة 13: لا یجوز الاجارة لإتیان الواجبات العینیة]

اشارة

(2) یقع الکلام حول الفرع المذکور فی مقامین:

المقام الأول فی مقتضی القاعدة الأولیة

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 171

______________________________

و المقام الثانی فی الوجوه المذکورة بعنوان الدلیل علی المدعی:

أمّا المقام الأول فلا نری مانعا عن الجواز إذ الاجارة عبارة عن تملیک المنفعة القائمة بالعین و من الظاهر أنّ الصلاة التی یصلیها المصلی من منافعه فیشمله دلیل الاجارة.

إن قلت: یلزم أنّ المستأجر ینتفع بالفائدة المملوکة بالاجارة و فی المقام لا تکون کذلک.

قلت یرد علیه أولا: أنّه ای دلیل دل علی الاشتراط المذکور و الرکن فی الرکنین الاجارة وجود فائدة قائمة بالعین و المفروض تحققها و ثانیا: أنّه ربما ینتفع المستأجر بصلاة الغیر و هل یمکن انکار الاستفادة بالنسبة الی من یرید هدایة الناس و ترغیبهم الی الاتیان بالوظائف الواجبة علیهم فالمقتضی للجواز و الصحة موجود و المانع مفقود.

و أمّا المقام الثانی: فما یمکن أن یذکر فی تقریب المدعی وجوه:
الوجه الأول: الاجماع.

و فیه أنّه محتمل المدرک إن لم یکن مقطوعه فلا یکون اجماعا تعبدیا کاشفا عن رأی المعصوم علیه السّلام.

الوجه الثانی: أنّ الواجبات الالهیة مملوکات له سبحانه

و لا یجوز التصرف فی مملوک الغیر. و یرد علیه أنّه ما المراد من الملکیة فانّ الملکیة لها معان و أقسام:

القسم الأول: الملکیة الحقیقیة المختصة بذاته المقدسة و ربما یعبّر عنها بالاضافة الاشراقیة و بعبارة اخری: تحقق طرف الاضافة بنفسها و لتقریب المدعی نقول: لا اشکال فی أنّ کل انسان یتصور فی نفسه امورا مثلا یتصور الضرائح المقدسة و أمثالها و بمجرد الذهول تنعدم تلک الصور الذهنیة حیث إنّ قوامها بالمتصور.

و صفوة القول: انّ قوام جمیع عوالم الوجود بارادته المقدسة و فاعلیته و من

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 172

______________________________

الظاهر أنّ هذه الاضافة لا تکون مانعة عن صحة الاجارة و الّا یلزم بطلان جمیع المعاملات إذ جمیع العالم و کلّ الخلائق بارادته و فاعلیته.

ازمة الامور طرا بیده و الکلّ مستمدة من مدده

القسم الثانی: الملکیة العرضیة التی تکون من الأعراض و تسمی بمقولة الجدة کهیئة الراکب علی المرکوب و هذا القسم لا یتصور فی ذلک الصقع المقدس جلّ جلاله.

القسم الثالث: الملکیة الاعتباریة التی قوامها بالاعتبار و هذا القسم یتحقق باعتبار المعتبر و لا دلیل علی کونه تعالی مالکا لشی ء بهذه الملکیة الّا فی سهم من أسهم الخمس حیث قال فی کتابه: وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَیْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ «1».

فهذا الوجه أیضا لا یکون قابلا لان یکون مستندا للحکم المذکور.

الوجه الثالث: أنّ الفعل الواجب یطالب قبل وقوع الاجارة علیه

فلا اثر للإجارة بالنسبة الیه.

و یرد علیه أنّ المطالبة من باب الأمر بالمعروف و کون هذه المطالبة مانعة عن صحة الاجارة أول الکلام و یحتاج الی الدلیل و لا دلیل علیه.

الوجه الرابع: أنّه تشترط القدرة فی متعلق الاجارة

و مع فرض الوجوب لا قدرة للأجیر و لذا تکون الاجارة علی الحرام فاسدة غایة الأمر فی الحرام غیر قادر علی الفعل و فی الواجب غیر قادر علی الترک.

و یرد علیه اولا بالنقض بما لو وقع فعل الواجب تلو الشرط أو الیمین أو النذر أوامر الوالد و نحوها و الحال أنّ القدرة شرط فی جمیع الامور المذکورة.

______________________________

(1) الانفال: 41.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 173

(مسألة 14): یجوز الاجارة لکنس المسجد و المشهد و فرشها و اشعال السراج و نحو ذلک (1).

______________________________

و ثانیا: نجیب بالحلّ و هو انّه لا اشکال فی أنّ القدرة التکوینیة موجودة فی الواجبات و الّا کیف تکون واجبة و أیضا القدرة الشرعیة موجودة فی فعل الواجب نعم الاجارة علی الترک فاسدة إذ لا اجرة للعصیان و لذا لا یجوز الاجارة علی ارتکاب الحرام.

الوجه الخامس: أنّه تعتبر فی العبادة القربة

و لا یمکن اجتماع قصد القربة مع الاتیان بها بقصد أخذ الاجرة.

و یرد علیه اولا بالنقض و ثانیا بالحلّ أمّا الأول فانّ کل شخص الّا ما قل و ندر اذا أتی بالعمل العبادی و یکون المحرک له أمرا من الامور الدنیویّة أو الاخرویة یلزم بطلان عبادته اذ یشترط فیها قصد القربة مضافا الی أنّ اتیان الأجیر بمورد الاجارة لا یکون بقصد استحقاق الاجرة اذ الاستحقاق یتحقق بنفس العقد لا بالعمل الخارجی نعم لو لم یأتی بالعمل یکون للمستأجر خیار الفسخ بلحاظ الشرط الضمنی و انّما یأتی به بلحاظ وجوب اداء و تسلیم حق الغیر.

و أمّا الثانی فانّ المعتبر فی العبادة أن یکون الداعی التقرب الی اللّه و هذا لا ینافی أن یکون الداعی الیه أمر دنیوی کزیادة رزقه أو قضاء حاجة من حوائجه أو

أمر اخرویّ من دخول الجنة أو الفرار من العذاب فهذا الوجه أیضا غیر قابل لأن یکون مانعا عن الجواز فالنتیجة أنّه لا مانع عن الأخذ لکن مقتضی الاحتیاط التورع و عدم الأخذ خروجا عن شبهة الخلاف.

[مسألة 14: یجوز الاجارة لکنس المسجد و المشهد و فرشها و اشعال السراج و نحو ذلک]

(1) بلا کلام و لا اشکال لوجود المقتضی و عدم المانع مضافا الی جریان السیرة علیه و علی أمثاله.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 174

(مسألة 15): یجوز الاجارة لحفظ المتاع أو الدار أو البستان مدة معینة عن السرقة و الاتلاف و اشتراط الضمان لو حصلت السرقة أو الاتلاف و لو من غیر تقصیر فلا بأس بما هو المتداول من اشتراط الضمان علی الناطور اذا ضاع مال لکن لا بدّ من تعیین العمل و المدة و الاجرة علی شرائط الاجارة (1).

(مسألة 16): لا یجوز استیجار اثنین للصلاة عن میت واحد فی وقت واحد لمنافاته للترتیب المعتبر فی القضاء بخلاف الصوم فانّه لا یعتبر فیه الترتیب و کذا لا یجوز استیجار شخص واحد لنیابة الحج الواجب عن اثنین و یجوز ذلک فی الحج المندوب و کذا فی الزیارات کما یجوز النیابة عن المتعدد تبرعا فی الحج و الزیارات و یجوز الاتیان بها لا بعنوان النیابة بل بقصد اهداء الثواب لواحد أو متعدد (2).

[مسألة 15: یجوز الاجارة لحفظ المتاع أو الدار أو البستان مدة معینة عن السرقة و الاتلاف]

______________________________

(1) ما أفاده فی صدر المسألة من جواز الاجارة علی القاعدة و الحقّ معه و أمّا ما أفاده فی الذیل من جواز اشتراط الضمان فغیر تامّ إذ الشرط المشار الیه خلاف المقرر الشرعی فلا یجوز و لا ینفذ نعم لا بأس باشتراط تدارک الخسارة و بعبارة اخری اشتراط الفعل جائز فلا تغفل.

[مسألة 16: لا یجوز استیجار اثنین للصلاة عن میت واحد فی وقت واحد لمنافاته للترتیب المعتبر فی القضاء]

اشارة

(2) فی هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنّه لا تجوز اجارة اثنین للصلاة عن میت واحد فی وقت واحد

لمنافاتها مع الترتیب المعتبر فی قضاء الصلوات بناء علی الالتزام به.

و لقائل أن یقول: تارة یقطع باشتراط الترتیب فی الواقع و نفس الامر و اخری یحتمل عدم الاشتراط فی الواقع و إن کان الدلیل قائما علیه فی مقام الظاهر أما علی الأول فیمکن أن یقال ببطلان الاجارة اذ معناه اجارة الغیر لما یکون تشریعا فی

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 175

______________________________

الحکم الشرعی فلا تجوز و أمّا علی الثانی فلا نری مانعا عن الصحة اذ مع احتمال الصحة و المحبوبیة لا مانع عن الاتیان رجاء فاذا جاز الاتیان تجوز الاجارة لأجل ذلک العمل الرجائی.

الفرع الثانی: انّه یجوز اجارة المتعدد للصوم من شخص واحد فی زمان واحد

و الوجه فیه أنّه لا ترتیب بین أیّام الصوم فیجوز الاتیان بها فی عرض واحد.

الفرع الثالث: أنّه لا تجوز اجارة شخص واحد لنیابة الحج الواجب عن شخصین

و الوجه فیه أنّ النیابة تحتاج الی الدلیل و لا دلیل بالنسبة الی المورد بل مستنکر عند ارتکاز المتشرعة.

الفرع الرابع: أنّه تجوز نیابة شخص واحد عن المتعدد فی الحج المندوب

و تدل علی المدعی جملة من النصوص منها خبر معاویة بن عمّار عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال:

قلت له اشرک أبوی فی حجتی؟ قال: نعم قلت اشرک اخوتی فی حجتی؟ قال:

نعم انّ اللّه عزّ و جلّ جاعل لک حجا و لهم حجا و لک أجر لصلتک ایاهم الحدیث «1».

الفرع الخامس: أنّه تجوز اجارة شخص واحد للنیابة عن المتعدد فی الزیارات

و الوجه فی جوازها أنّ النیابة عن المتعدد فی الزیارات مورد السیرة و بعد کونها جائزة تصح الاجارة علیها و ممّا ذکر قد ظهر الوجه فیما أفاده من جواز النیابة فی الحج و الزیارة تبرعا فانّ الظاهر أنّ السیرة قائمة علیها.

الفرع السادس: أنّه یجوز الاتیان بالحج و الزیارة اصالة و اهداء الثواب لواحد أو متعدد

و الشاهد علیه السیرة ان قلت: ما المراد من اهداء الثواب و الحال أنّ الاثابة بید المولی و علیه لا یکون معلوما کی یهدی الی الغیر بل مقتضی الأصل عدمه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب النیابة فی الحج الحدیث 2.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 176

(مسألة 17): لا یجوز الاجارة للنیابة عن الحی فی الصلاة و لو فی الصلوات المستحبة نعم یجوز ذلک فی الزیارات و الحج المندوب و اتیان صلاة الزیارة لیس بعنوان النیابة بل من باب سببیة الزیارة لاستحباب الصلاة بعدها رکعتین و یحتمل جواز قصد النیابة فیها لأنّها تابعة للزیارة و الأحوط اتیانها بقصد ما فی الواقع (1).

(مسألة 18): اذا عمل للغیر لا بأمره و لا اذنه لا یستحق علیه العوض و إن کان یتخیل أنّه مأجور علیه فبان خلافه (2).

______________________________

قلت: الأمر کما قلت لکن لا مانع عن الاهداء برجاء وجود الثواب و تحققه و بعبارة اخری: ینوی المهدی اهدائه علی تقدیر وجوده فلاحظ.

[مسألة 17: لا یجوز الاجارة للنیابة عن الحی فی الصلاة و لو فی الصلوات المستحبة]

(1) و الوجه فیه أنّ النیابة علی خلاف القاعدة الأولیة فلا تصح الاجارة لها و فی المقام حدیثان أحدهما ما رواه محمد بن مروان قال: قال أبو عبد اللّه علیه السّلام: ما یمنع الرجل منکم أن یبرّ والدیه حیین و میّتین یصلی عنهما و یتصدق عنهما و یحج عنهما و یصوم عنهما فیکون الذی صنع لهما و له مثل ذلک فیزید اللّه عزّ و جلّ ببرّه و صلته خیرا کثیرا «1».

و ثانیهما ما رواه علی بن أبی حمزة قال: قلت لأبی ابراهیم علیه السّلام أحج و أصلی و اتصدق عن الاحیاء و الأموات من قرابتی و أصحابی؟ قال: نعم تصدق عنه و صل

عنه و لک أجر بصلتک ایاه «2».

و کلاهما ضعیفان سندا فلا تصل النوبة الی ملاحظة دلالتهما و أما اذا ناب عن الحی فی الزیارة تکون صلاته أیضا بعنوان النیابة و هذا هو الظاهر من الدلیل.

[مسألة 18: اذا عمل للغیر لا بأمره و لا إذنه لا یستحق علیه العوض]

(2) ما أفاده علی وفق القاعدة فانّ الضمان یحتاج الی الدلیل و لا دلیل علیه فی

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب قضاء الصلوات الحدیث 1.

(2) نفس المصدر الحدیث 9.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 177

(مسألة 19): اذا أمر باتیان عمل فعمل المأمور ذلک فان کان بقصد التبرع لا یستحق علیه اجرة و إن کان من قصد الأمر اعطاء الاجرة و إن قصد الاجرة و کان ذلک العمل ممّا له اجرة استحقّ و إن کان من قصد الآمر اتیانه تبرعا سواء کان العامل ممّن شأنه أخذ الاجرة و معدّا نفسه لذلک أو لا بل و کذلک إن لم یقصد التبرع و لا أخذ الأجرة فان عمل المسلم محترم و لو تنازعا بعد ذلک فی أنّه قصد التبرع أولا قدّم قول العامل لأصالة عدم قصد التبرع بعد کون عمل المسلم محترما بل اقتضاء احترام عمل المسلم ذلک و ان اغمضنا عن جریان اصالة عدم التبرع و لا فرق فی ذلک بین أن یکون العامل ممّن شأنه و شغله أخذ الاجرة و غیره الّا أن یکون هناک انصراف أو قرینة علی کونه بقصد التبرع أو علی اشتراطه (1).

______________________________

المقام إذ المفروض أنه عمل للغیر بلا أمره و اذنه بل لو أمره أو اذن له لکن قاصدا المجانیة لا یوجب الضمان إذ مع فرض الأمر بعمل مجانا لو قام المأمور بالمهمة مع قصد المجانیة فلا مقتضی للضمان کما هو ظاهر

و إن قصد العوض فأیضا لا أثر له إذ المفروض أنّ قصد العوض من طرف واحد لا یوجب الضمان کما هو ظاهر.

[مسألة 19: اذا أمر باتیان عمل فعمل المأمور ذلک]

(1) لا اشکال فی عدم الضمان فی فرض کون قصد المأمور التبرع کما أنّه لا اشکال فی عدمه اذا کان أمر الآمر مقرونا بقرینة دالّة علی کون الآمر مریدا للمجانیة و أمّا اذا فرضنا أنّ هناک لم تکن قرینة علی المجانیة و المأمور لم یقصد التبرع فلا اشکال فی الضمان انّما الکلام فی مدرکه و الماتن تمسک علی الضمان بقاعدة احترام عمل المسلم.

و أورد علیه سیدنا الاستاد قدّس سرّه بأنّ اثبات المدعی بالقاعدة مشکل اذ المفروض أنّ الآمر لم یرتکب شیئا غیر أنّه أمر المأمور بالعمل و العامل باختیاره تصدی

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 178

(مسألة 20): کلّ ما یمکن الانتفاع به منفعة محللة مقصودة للعقلاء مع بقاء عینه یجوز اجارته و کذا کلّ عمل محلل مقصود للعقلاء عدا ما استثنی یجوز الاجارة علیه و لو کان تعلق القصد و الفرض به نادرا لکن فی صورة تحقق ذلک النادر بل الأمر فی باب المعاوضات الواقعة علی الأعیان أیضا کذلک فمثل حبّة الحنطة لا یجوز بیعها لکن اذا حصل مورد یکون متعلقا لغرض العقلاء و یبذلون المال فی قبالها یجوز بیعها (1).

______________________________

للمهمة و الاولی التمسک بالسیرة العقلائیة.

و یرد علیه أنّ دلیل احترام مال المسلم هی السیرة و لولاها بما ذا یمکن اثبات المدعی و کیف کان لا اشکال فی تحقق الضمان.

ثم إنّه لو تنازعا فادعی الآمر أنّ المأمور قصد التبرع و المأمور أنکره یکون القول قول المأمور و الضمان متحقق و ذلک لأنّ المقتضی للضمان موجود و المانع قصد

التبرع و هو منفی بالأصل.

و بعبارة اخری: الموضوع مرکب من الوجدان و الأصل و هل یمکن الحکم بالضمان مع قطع النظر عن الاصل المذکور؟ حکم الماتن به و ما أفاده مشکل إذ الشبهة موضوعیة و قد حقّق فی الاصول عدم جواز الأخذ بالدلیل فی الشبهة المصداقیة.

[مسألة 20: کلّ ما یمکن الانتفاع به منفعة محللة مقصودة للعقلاء مع بقاء عینه یجوز اجارته]

(1) ما أفاده مبنی علی اشتراط صحة المعاملة اجارة کانت أو بیعا بکون الغرض غرضا عقلائیا و الحال أنّه لا دلیل علیه بل الدلیل قائم علی عدمه فانّ مقتضی قوله تعالی: أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَیْعَ و کذا قوله تعالی: إِلّٰا أَنْ تَکُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ رفع الاشتراط و القید المذکور و قس علیه اطلاق دلیل الاجارة فلا وجه لما أفاده من الاشتراط.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 179

(مسألة 21): فی الاستیجار للحج المستحبی أو الزیارة لا یشترط أن یکون الاتیان بها بقصد النیابة بل یجوز أن یستأجره لإتیانها بقصد اهداء الثواب الی المستأجر أو الی میته و یجوز أن یکون لا بعنوان النیابة و لا إهداء الثواب بل یکون المقصود ایجادها فی الخارج من حیث إنّها من الأعمال الراجحة فیأتی بها لنفسه و لمن یرید نیابة أو اهداء (1).

______________________________

و إن شئت قلت: المحکم هو الاطلاق و لم یقم دلیل علی بطلان العقد السفهائی بل لا دلیل علی بطلان العقد الصادر عن السفیه و انّما الدلیل قائم علی المنع عن ایتاء السفیه ماله.

[مسألة 21: فی الاستیجار للحج المستحبی أو الزیارة لا یشترط أن یکون الاتیان بها بقصد النیابة]

(1) ما أفاده تام بالنسبة الی جمیع الأقسام المذکورة فی المتن لوجود المقتضی و عدم المانع نعم فی الاستیجار لإهداء الثواب ربما یستشکل بأنّ مورد الاجارة لا بد أن یکون امرا مقدورا و الاثابة بید المولی و لا شأن للعبد فیه فکیف یمکن استیجاره لإهدائه؟

و الجواب عن الشبهة المذکورة أنّ المراد من الاهداء أنّ الآتی بعمل مستحب یحتمل اثابته من قبل المولی و هو یهدی هذا الثواب الاحتمالی الی الغیر و بعبارة واضحة: یقدر الاهداء علی تقدیر وجود الثواب فینوی هکذا ان کانت لی مثوبة أنا اهدیها الی فلان

فلا تصل النوبة الی الاشکال بأنّ الاثابة مورد الشک اذ مع الاحتمال یمکن الاهداء التعلیقی.

أضف الی ذلک أنّه یمکن اثبات المثوبة بالاصل بتقریب: أنّه یشک فی أنّه هل هناک مانع عن المثوبة أم لا؟ الاصل عدمه فالمقتضی موجود بالوجدان و المانع مدفوع بالأصل.

لکن یرد علیه أنّ اثبات المثوبة بالأصل المذکور من مصادیق الاصل المثبت

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 180

(مسألة 22): فی کون ما یتوقف علیه استیفاء المنفعة کالمداد للکتابة و الابرة و الخیط للخیاطة مثلا علی المؤجر أو المستأجر قولان و الأقوی وجوب التعیین الّا اذا کان هناک عادة ینصرف الیها الاطلاق و إن کان القول بکونه مع عدم التعیین و عدم العادة علی المستأجر لا یخلو عن وجه أیضا لأنّ اللازم علی المؤجر لیس الّا العمل (1).

______________________________

الذی لا نقول به الّا أن یقال: ترتب الثواب معلوم انّما الکلام فی المانع و هو مدفوع بالأصل.

[مسألة 22: فی کون ما یتوقف علیه استیفاء المنفعة کالمداد للکتابة و الابرة و الخیط للخیاطة مثلا علی المؤجر أو المستأجر قولان]

(1) تارة تکون القرینة قائمة علی المراد و التعیین و اخری لا أما علی الأول فالأمر واضح و أمّا علی الثانی فالظاهر أنّ کل ما یتوقف علیه مورد الاجارة علی الأجیر فانّ عقد الاجارة یقتضی کون الاجرة علی المستأجر و کون العمل علی الأجیر و من ناحیة اخری یجب علی کلّ مدیون اداء دینه فیجب علی الأجیر تسلیم العمل فلو توقف علی أمر یجب علیه و لا فرق بین الأعمال و لذا لا مجال للتفصیل بین کون الواجب و مورد الاجارة عملا محضا کالحجّ و الصلاة مثلا و بین ما یکون اثره باقیا فی الموضوع الخارجی کالبنایة و الخیاطة فانّ الحج لا یبقی شی ء منه فیجب علی الأجیر تهیئة مقدماته و کذلک الصلاة و

أمّا البنایة و أمثالها و الجامع بین الکل أن یکون مورد الاجارة الهیئة الحاصلة فی المحل ففصل سیدنا الاستاد قدّس سرّه و قال فی القسم الأول یکون علی الأجیر و فی القسم الثانی یکون علی المستأجر بتقریب: أنّ القسم الأول واجب علی الأجیر فیجب مقدماته و أمّا القسم الثانی فالواجب علیه ایجاد الهیئة فی الموضوع فلا تجب علیه مقدماته و التفصیل المذکور لا یرجع الی محصل صحیح و المیزان الکلی ما ذکرنا و علیه لا فرق بین القسمین فلاحظ.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 181

(مسألة 23): یجوز الجمع بین الاجارة و البیع مثلا بعقد واحد کأن یقول بعتک داری و آجرتک حماری بکذا و حینئذ یوزع العوض علیهما بالنسبة و یلحق کلّا منهما حکمه فلو قال آجرتک هذه الدار و بعتک هذا الدینار بعشرة دنانیر فلا بد من قبض العوضین بالنسبة الی البیع فی المجلس و اذا کان فی مقابل الدینار بعد ملاحظة النسبة أزید من دینار أو أقلّ منه بطل بالنسبة الیه للزوم الربا و لو قال آجرتک هذه الدار و صالحتک علی هذا الدینار بعشرة دنانیر مثلا فان قلنا بجریان حکم الصرف من وجوب القبض فی المجلس و حکم الربا فی الصلح فالحال کالبیع و الّا فیصح بالنسبة الی المصالحة أیضا (1).

[مسألة 23: یجوز الجمع بین الإجارة و البیع مثلا بعقد واحد]

اشارة

______________________________

(1) فی هذه المسألة جهات من البحث:

الجهة الأولی: أنّه یجوز الجمع بین عقدین

کالبیع و الاجارة فی مقام الانشاء و هذا علی طبق القاعدة الاولیة اذ مقتضی اطلاق الادلة عدم الفرق.

الجهة الثانیة: أنّه یترتب علی کلّ واحد منهما حکمه

فلو فرضنا أنّ البیع کان بیع صرف أو سلم یلزم القبض فی المجلس و کذلک لو کان ربویا یکون حراما و لا أثر للانضمام فی مقام الانشاء انّما المؤثر الضمیمة علی المبیع لا ضمّ عقد الاجارة علی عقد البیع.

و صفوة القول: انّ ما أفاده موافق مع القاعدة فانّ مقتضی اطلاق ادلة صحة البیع و الاجارة عدم الفرق بین کون کلّ منهما منفکا عن الآخر و بین کونهما متقارنین و یترتب علی کلّ واحد منهما حکمه فلو فرض تحقق الربا بالنسبة الی البیع یحکم بفساده و یحکم بصحة العقد الآخر أی الاجارة.

إن قلت: کیف یحکم بالفساد مع أنّ الضمیمة توجب رفع الحرمة؟ قلت: المراد من الضمیمة التی توجب رفع الحرمة ضم شی ء علی المبیع لا ضم عقد علی عقد

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 182

(مسألة 24): یجوز استیجار من یقوم بکلّ ما یأمره من حوائجه فیکون له جمیع منافعه و الاقوی أنّ نفقته علی نفسه لا علی المستأجر الّا مع الشرط أو الانصراف من جهة العادة و علی الأول لا بد من تعینها کما و کیفا الّا أن یکون متعارفا و علی الثانی علی ما هو المعتاد المتعارف و لو انفق من نفسه أو انفقه متبرع یستحق مطالبة

______________________________

آخر و المقام کذلک اذ المفروض أنّه جمع بین البیع و الاجارة.

الجهة الثالثة: هل یحکم بفساد الصلح اذا جمع العاقد بین الاجارة و الصلح فیما یکون الصلح ربویا؟

الأمر کما أفاده الماتن أی ان قلنا بجریان الربا فی غیر البیع و یکون موجبا للحرمة علی الاطلاق و لا یختص بالبیع یکون الکلام هو الکلام أی لو جمع بین الاجارة و الصلح یکون الربا موجبا لحرمة الصلح و أما اذا لم نقل بذلک و قلنا باختصاص الحکم بالبیع یحکم بالصحة فی

الصلح کما یحکم بها فی الاجارة.

و یظهر من بعض النصوص عدم الاختصاص لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن أبی عبد اللّه قال: قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام: أ یجوز قفیز من حنطة بقفیزین من شعیر؟ فقال: لا یجوز الّا مثلا بمثل ثم قال: إنّ الشعیر من الحنطة «1».

و ما رواه أبو بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: الحنطة و الشعیر رأسا برأس لا یزاد واحد منهما علی الآخر «2».

فانّ مقتضی اطلاق الحدیث عدم الاختصاص بالبیع و لقائل أن یقول: الحدیث وارد فی الحنطة و الشعیر و لا وجه لإسراء الحکم الی غیرهما و التفصیل موکول الی محله هذا بالنسبة الی الربا و أما حکم بیع الصرف فلا اشکال فی أنّه یختصّ بالبیع فتصح المصالحة فی مفروض الکلام.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الربا الحدیث 2.

(2) نفس المصدر الحدیث 3.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 183

عوضها علی الأول بل و کذا علی الثانی لأنّ الانصراف بمنزلة الشرط (1).

[مسألة 24: یجوز استیجار من یقوم بکلّ ما یأمره من حوائجه]

______________________________

(1) الأمر کما أفاده فانّه لا اشکال فی جواز مثل هذه الاجارة و علیها السیرة الخارجیة الجاریة بین العقلاء الممضاة من قبل الشارع الأقدس انّما الکلام فی أنّ نفقة الأجیر علیه أو علی المستأجر و حیث إنّه لا نص فی المقام الّا حدیث واحد رواه سلیمان بن سالم قال: سألت أبا الحسن علیه السّلام عن رجل استأجر رجلا بنفقة و دراهم مسماة علی أن یبعثه الی ارض فلمّا ان قدم أقبل رجل من أصحابه یدعوه الی منزله الشهر و الشهرین فیصیب عنده ما یغنیه عن نفقة المستأجر فنظر الأجیر الی ما کان ینفق علیه فی الشهر اذا هو لم یدعه

فکافأه به الذی یدعوه فمن مال من تلک المکافأة أمن مال الأجیر أو من مال المستأجر؟ قال:

ان کان فی مصلحة المستأجر فهو من ماله و الّا فهو علی الأجیر.

و عن رجل استأجر رجلا بنفقة مسماة و لم یفسر شیئا علی أن یبعثه الی ارض اخری فما کان من مئونة الأجیر من غسل الثیاب و الحمام فعلی من؟

قال: علی المستأجر «1».

و الرجل غیر موثق فلا یعتد بالحدیث فلا بد من العمل علی طبق القاعدة و مقتضاها أن یقال: ان کان دلیل علی کون النفقة علی المستأجر و لو کان الدلیل القرائن العامة فلا اشکال فی وجوبها علیه إذ تکون النفقة داخلة فی الاجرة و یجب علی المستأجر أداء الاجرة الی الأجیر و أمّا إذا لم تقم قرینة و لم یکن دلیل علیه تکون علی رقبة نفس الأجیر و لا مقتضی لکونها علی المستأجر.

بقی شی ء و هو أنّه لو اشترط الاجیر علی المستأجر أن تکون النفقة علیه فما هی الوظیفة؟ الحق أن یقال: إذا کان علی نحو شرط النتیجة بأن تکون ذمة المستأجر

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الاجارة.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 184

(مسألة 25): یجوز أن یستعمل الأجیر مع عدم تعیین الاجرة و عدم اجراء صیغة الاجارة فیرجع الی اجرة المثل لکنّه مکروه و لا یکون حینئذ من الاجارة المعاطاتیة کما قد یتخیّل لأنّه یعتبر فی المعاملة المعاطاتیة اشتمالها علی جمیع شرائط تلک المعاملة عدا الصیغة و المفروض عدم تعیین الاجرة فی المقام بل عدم قصد الانشاء منهما و لا فعل من المستأجر بل یکون من باب العمل بالضمان نظیر الاباحة بالضمان کما اذا اذن فی أکل طعامه بضمان العوض

و نظیر التملیک بالضمان کما فی القرض علی الأقوی من عدم کونه معاوضة فهذه الأمور عناوین مستقلة غیر المعاوضة و الدلیل علیها السیرة بل الأخبار أیضا و أمّا الکراهة فللأخبار أیضا (1).

______________________________

مشغولة بها یکون الشرط باطلا لأنّه خلاف المقرر الشرعی فانّ اشتغال الذمّة بلا سبب أمر غیر موافق للشرع و أمّا اذا کان علی نحو شرط الفعل یکون جائزا و تجب علی المستأجر النفقة وجوبا تکلیفیا و أمّا الوضعی فلا نعم یکون للشارط اجبار المشروط علیه علی العمل بالشرط فانّه حقه.

[مسألة 25: یجوز أن یستعمل الأجیر مع عدم تعیین الأجرة و عدم اجراء صیغة الإجارة]

(1) ما أفاده علی طبق القاعدة الأولیة فانّ استدعاء عمل حلال من الغیر أمر جائز و کذلک یجوز للطرف المقابل القیام به و هذا من الواضحات الأولیة و علیه السیرة من لدن آدم الی زماننا و أمّا الضمان فهو أیضا ثابت بمقتضی السیرة العقلائیة و أمّا عدم کونه داخلا فی الاجارة المعاطاتیة فهو أیضا ظاهر واضح فانّ العمل الخارجی فی المقام لا یکون إنشاء و قبولا للإیجاب کما هو ظاهر انّما الکلام فی أنّه هل یکون مکروها أم لا؟

و الذی یمکن أن یستند به علی المدعی ما رواه سلیمان بن جعفر الجعفری قال:

کنت مع الرضا علیه السّلام فی بعض الحاجة فأردت أن انصرف الی منزلی فقال لی

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 185

(مسألة 26): لو استأجر ارضا مدة معینة فغرس فیها أو زرع ما لا یدرک فی تلک المدة فبعد انقضائها للمالک أن یأمره بقلعها بل و کذا لو استأجر لخصوص الغرس أو لخلوص الزرع و لیس له الابقاء و لو مع الاجرة و لا مطالبة الأرش مع القلع لأنّ التقصیر من قبله نعم لو استأجرها مدة یبلغ الزرع

فاتفق التأخیر لتغیّر الهواء أو غیره أمکن

______________________________

انصرف معی فبت عندی اللیلة فانطلقت معه فدخل الی داره مع المغیب فنظر الی غلمانه یعملون فی الطین أواری الدواب و غیر ذلک و اذا معهم أسود لیس منهم فقال: ما هذا الرجل معکم قالوا یعاوننا و نعطیه شیئا قال: قاطعتموه علی اجرته قالوا: لا هو یرضی منا بما نعطیه فاقبل علیهم یضربهم بالسوط و غضب لذلک غضبا شدیدا فقلت: جعلت فداک لم تدخل علی نفسک؟ فقال:

انّی قد نهیتهم عن مثل هذا غیر مرة أن یعمل معهم أحد حتی یقاطعوه علی اجرته و اعلم أنّه ما من أحد یعمل لک شیئا بغیر مقاطعة ثم زدته لذلک الشی ء ثلاثة أضعاف علی اجرته الّا ظن أنّک قد نقصته اجرته و اذا قاطعته ثمّ اعطیته اجرته حمدک علی الوفاء فان زدته حبّة عرف ذلک لک و رأی انّک قد زدته «1».

و ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: من کان یؤمن باللّه و الیوم الآخر فلا یستعملن اجیرا حتّی یعلم ما اجره و من استأجر أجیرا ثم حبسه عن الجمعة یبوء بإثمه و إن هو لم یحبسه اشترکا فی الاجر «2».

و هذان الحدیثان لا یرتبطان بالمقام إذ المستفاد منهما انّه لا بد من المقاطعة علی الاجرة فی عقدها و المقاطعة فی المقام لا معنی لها لأنّ الاجرة فی مثله اجرة المثل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الاجارة الحدیث 1.

(2) نفس المصدر الحدیث 2.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 186

أن یقال بوجوب الصبر علی المالک مع الأجرة للزوم الضرر الّا أن یکون موجبا لتضرر المالک (1).

[مسألة 26: لو استأجر ارضا مدة معینة فغرس فیها أو زرع ما لا یدرک فی تلک المدة]

اشارة

______________________________

(1) قد ذکر فی هذه المسألة أقساما

من استیجار الأرض:

القسم الأول: أنّه لو استأجر ارضا مدة معینة فغرس فیها أو زرع ما لا یدرک یکون للمالک الأمر بقلعها

و الأمر کما أفاده اذ الناس مسلطون علی أموالهم.

القسم الثانی: ما لو استأجر لخصوص الزرع أو الغرس و فی هذا القسم أیضا لا یکون له حقّ الابقاء و لو مع الاجرة

و لا یکون له الأرش مع القلع و الأمر کما أفاده لعین الملاک.

القسم الثالث: لو استأجر الأرض للغرس أو الزرع مدة یبلغ و اتفق عدم البلوغ

فهل یمکن أن یقال بوجوب الصبر علی المالک مع الاجرة للزوم الضرر الا أن یکون موجبا لضرر المالک.

أقول: تارة نتکلم علی مسلک من یری أنّ المستفاد من القاعدة حرمة الاضرار و اخری نتکلم علی مسلک من یری أنّ المستفاد منها نفی الأحکام الضرریة و أنّ القاعدة حاکمة علی ادلة الأحکام.

أمّا علی الأول، فلا وجه لوجوب الصبر علی المالک إذ لا دلیل علی وجوب الصبر فی مقابل التصرف من قبل الغیر تصرفا عدوانیا و المفروض فی المقام أنّ الابقاء غیر مجاز و بعبارة اخری: لا یمکن أن یقال: إن اضرار الغیر حرام علی الاطلاق و إن استلزم سلب السلطنة و توجه الضرر مضافا الی أنه لا وجه للتفریق بین القسمین الأولین و القسم الثالث لوحدة الملاک.

و بعبارة واضحة: انّ الاضرار بالغیر انّما یکون حراما فیما یکون تعدیا علیه و إن شئت قلت: وجوب تحمل التضرر من الغیر بتقریب حرمة الاضرار خلاف ضرورة المذهب بل خلاف مسلمات الدین بل خلاف ارتکاز جمیع عقلاء العالم

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 187

______________________________

و أنّه لو کان من الدین لذاع و شاع و لم یکن تحت الستار بحیث یحتاج فیه البحث إذ هو مورد ابتلاء العام، و أمّا اذا لاحظنا مسلک المشهور فی مفاد القاعدة و قلنا إنّ المستفاد منها کونها حاکمة علی ادلة الأحکام و نافیة للأحکام الضرریة فایضا لا یمکن مساعدة الماتن إذ یرد علیه اولا: أنّه لا وجه للتفریق بین الأقسام و ثانیا: أنّه یلزم جواز التصرف فیما یتعلق بالغیر عند استلزام الترک الضرر و هو کما تری.

و ثالثا: انّ

المالک أیضا یتضرر فانّ حرمان المالک عن السلطة علی مملوکه و عدم امکانه من المنع ضرر علیه فیقع التعارض بین الضررین و بعد السقاط یکون دلیل حرمة التصرف فی مال الغیر بلا اذنه محکما فلاحظ.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 188

[فصل فی التنازع]

[مسألة 1: إذا تنازعا فی أصل الإجارة قدّم قول منکرها مع الیمین]

اشارة

فصل فی التنازع (مسألة 1): إذا تنازعا فی أصل الاجارة قدّم قول منکرها مع الیمین فان کان هو المالک استحق اجرة المثل دون ما یقوله المدعی و لو زاد عنها لم یستحق تلک الزیادة و إن وجب علی المدعی المتصرف ایصالها إلیه و إن کان المنکر هو المتصرف فکذلک لم یستحق المالک الّا اجرة المثل و لکن لو زادت عمّا یدعیه من المسمّی لم یستحق الزیادة لاعترافه بعدم استحقاقها و یجب علی المتصرف ایصالها الیه هذا اذا کان النزاع بعد استیفاء المنفعة و إن کان قبله رجع کل مال الی صاحبه (1).

______________________________

(1) تتصور فی المقام صور:

الصورة الأولی: أن یکون النزاع قبل التصرف و قبل استیفاء المنفعة

و الأمر کما أفاده فانّ القول قول منکر الاجارة اذ البینة علی المدعی و الیمین علی من أنکر.

الصورة الثانیة: و هی ما لو کان النزاع بعد التصرف أن یکون المالک منکرا للإجارة و الطرف الآخر یدعی الاجارة

________________________________________

قمّی، سید تقی طباطبایی، الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، در یک جلد، انتشارات محلاتی، قم - ایران، اول، 1423 ه ق الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة؛ ص: 188

و فی هذه الصورة تارة تکون اجرة المثل مطابقة مع الاجرة المسماة و اخری تکون اکثر و ثالثة تکون أقلّ أمّا علی الأول فلا نزاع لعدم ترتب اثر علی الخلاف و کلاهما متفقان علی أمر واحد و أمّا علی الثانی فیکون القول قول منکر الاجارة و اللازم دفع اجرة المثل و أمّا علی الثالث

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 189

(مسألة 2): لو اتفقا علی أنّه اذن للمتصرف فی استیفاء المنفعة و لکن المالک یدّعی أنّه علی وجه الاجارة بکذا أو الاذن بالضمان و المتصرف یدعی أنّه علی وجه العاریة ففی تقدیم أیهما وجهان بل قولان من اصالة البراءة بعد فرض کون التصرف جائزا و من اصالة احترام مال المسلم الذی لا یحل الّا بالاباحة و الاصل عدمها فتثبت اجرة المثل بعد التحالف و لا یبعد ترجیح الثانی و جواز التصرف أعمّ من الاباحة (1).

______________________________

فاللازم علی المتصرف دفع الزائد لاعترافه به و اللازم علی المالک عدم أخذه لاعترافه بعدمه.

الصورة الثالثة: أن یکون المالک مدعیا للإجارة و المتصرف منکرا لها

و تجری فی هذه الصورة أیضا الشقوق المتقدمة و الکلام فیها هو الکلام و لا یحتاج الی الاعادة.

[مسألة 2: لو اتفقا علی أنّه أذن للمتصرف فی استیفاء المنفعة و لکن المالک یدّعی أنّه علی وجه الإجارة بکذا]

(1) لا اشکال فی أنّه لو احرز و شخص المدعی و میز عن المنکر یکون المدعی مؤاخذا باقامة البینة و علی تقدیر عدم الاقامة تصل النوبة الی یمین المنکر و الاصل الاولی معه.

و بعبارة اخری: انّ مقتضی قاعدة انّ البینة علی المدعی و الیمین علی من أنکر أنّ اقامة البینة علی المدعی و أمّا تعریف المدعی و المنکر فأمر راجع الی العرف و لم یعرف فی الشرع الأقدس و علیه یکون کبقیة المفاهیم العرفیة التی المرجع فیها هو العرف و علی هذا الاساس نقول: قد علم من السیرة العقلائیة أنّ التصرف فی مال الغیر و استیفاء المنفعة منه اذا لم یکن باذن المالک بأن یأذن أن یتصرف فی ماله مجانا، یکون موجبا للضمان هذا من ناحیة و من ناحیة اخری انّه لا اشکال فی أنّه لو تصرف أحد فی مال غیره و استوفی منه الفائدة ثم ادعی أنّه کان باذن المالک مجانا

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 190

(مسألة 3): اذا تنازعا فی قدر المستأجر قدّم قول مدعی الاقلّ (1).

(مسألة 4): اذا تنازعا فی ردّ العین المستأجرة قدّم قول المالک (2).

(مسألة 5): اذا ادّعی الصائغ أو الملاح أو المکاری تلف المتاع من غیر تعدّ و لا تفریط و أنکر المالک التلف أو ادّعی التفریط أو التعدی

______________________________

و المالک ینکر الاجازة و الاذن المدعی یرون المتصرف ضامنا و لا یمکن أن یقال إنّه یشک فی ضمانه و عدمه و الأصل عدمه فانّه غیر مسموع عند العقلاء کما أنّه خلاف ارتکاز المتشرعة و هذا العرف ببابک.

و

إن شئت قلت: یرون المتصرف مدعیا و مما یدل علی ما نقول أنّه لو تصرف احد فی دکان غیره أو داره أو بستانه عشر سنوات ثم یدعی بأن تصرفی کان باذن المالک و کان اذنه مبنیا علی المجانیة و التبرع و المالک ینکر الدعوی هل یمکن أن تکون الدعوی المذکورة مسموعة فی المحاکم العرفیة و السوق العقلائی؟ کلّا ثمّ کلّا.

[مسألة 3: اذا تنازعا فی قدر المستأجر قدّم قول مدعی الأقلّ]

(1) تارة یکون المستأجر مدعیا لاستیجار تمام الدار و المؤجر ینکر و اخری یکون الأمر بالعکس أمّا فی الصورة الأولی فلا اشکال فی أنّ القول قول المؤجر و علی المستأجر اقامة البینة و أمّا فی الصورة الثانیة و هی ما لو ادعی المؤجر اجارة تمام الدار و المستأجر ینکر و یقول استأجرت نصف الدار فقال سیدنا الاستاد: هذا لیس داخلا فی باب المدعی و المنکر بل یکون داخلا فی تعارض الاعترافین.

و لا أدری ما الوجه فی خروج المورد عن تحت تلک الکلیة فانّ المؤجر یدعی اشتغال ذمة المستأجر بدینار و المستأجر ینکر اشتغال ذمته بالزائد علی النصف فیکون داخلا تحت تلک الکبری کالقسم الآخر.

[مسألة 4: اذا تنازعا فی ردّ العین المستأجرة قدّم قول المالک]

(2) الأمر کما أفاده فانّ المستأجر مطالب بردّ العین و هو یدعی الردّ و قوله خلاف الاصل فلا بدّ من اقامة البینة و هذا واضح.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 191

قدّم قولهم مع الیمین علی الأقوی (1).

[مسألة 5: اذا ادّعی الصائغ أو الملاح أو المکاری تلف المتاع من غیر تعدّ و لا تفریط]

اشارة

______________________________

(1) لا اشکال نصّا و فتوی فی أنّ الأجیر لا یکون ضامنا الّا مع التعدی أو التفریط و لذا اشتهر بین القوم بأنّه لیس علی الأمین الا الیمین و بعبارة اخری: ید الأجیر ید امانة فلا ضمان علیه الّا أن تخرج یده عن الامانیة و تعنونت بالید العادیة أو اتلف مال المؤجر فانّه یصیر ضامنا بقاعدة الید فی الأول و بقاعدة الاتلاف فی الثانی.

و صفوة القول: إنّ المستفاد من جملة من الروایات انّه لا ضمان علی الأمین و من تلک النصوص ما رواه محمد بن قیس عن أبی جعفر علیه السّلام قال: قال أمیر المؤمنین علیه السّلام فی حدیث و لا یغرم الرجل اذا استأجر الدابة ما لم یکرهها أو یبغها غائلة «1».

و لکن فی المقام نصوص یستفاد منها التفصیل

اشارة

و لا بد من ملاحظتها و هذه النصوص علی أقسام:

القسم الأول: ما یدلّ علی ضمان العامل علی الاطلاق

و من هذا القسم ما رواه الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال فی الغسال و الصباغ ما سرق منهم من شی ء فلم یخرج منه علی امر بیّن أنّه قد سرق و کلّ قلیل له أو کثیر فان فعل فلیس علیه شی ء و إن لم یقم البینة و زعم أنّه قد ذهب الذی ادعی علیه فقد ضمنه ان لم یکن له بینة علی قوله «2».

القسم الثانی: ما یدل علی عدم الضمان کذلک

و من هذا القسم ما رواه معاویة بن عمار عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: سألته عن الصباغ و القصّار فقال: لیس

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من أبواب الاجارة الحدیث 1.

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب الاجارة الحدیث 2.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 192

______________________________

یضمنان «1».

القسم الثالث: ما یفصل بین المأمون و غیر المأمون

فحکم علیه السّلام فی الأول بعدم الضمان و فی الثانی به و من هذا القسم ما رواه الحلبی عن أبی عبد اللّه قال: کان أمیر المؤمنین علیه السّلام یضمن القصّار و الصائغ احتیاطا للناس و کان أبی یتطول علیه اذا کان مأمونا «2».

و ما رواه أبو بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: کان علی علیه السّلام یضمن القصّار و الصائغ یحتاط به علی أموال الناس و کان أبو جعفر علیه السّلام یتفضل علیه اذا کان مأمونا «3».

و مقتضی الصناعة تقیید کل من القسم الأول و الثانی بالقسم الثالث مثلا لو قال المولی فی دلیل یجب اکرام العلماء و فی دلیل آخر قال: لا یجب اکرام العلماء و فی دلیل ثالث قال: العالم إن کان عادلا یجب اکرامه تکون نسبة الدلیل الثالث الی کلا القسمین الاولین نسبة الخاص الی العام و بمقتضی الصناعة یخصصان بالقسم الثالث فالنتیجة هو التفصیل بین کونه مأمونا فلا ضمان علیه و الّا یکون ضامنا الّا أن یقیم علی براءته البینة.

و ربما یقال: هو مخیر بین استحلافه و مطالبة البینة منه و الدلیل علیه جملة من النصوص منها ما رواه بکر ابن حبیب قال: قلت لأبی عبد اللّه علیه السّلام: أعطیت جبة الی القصار فذهبت بزعمه قال: ان اتهمته فاستحلفه و إن لم تتهمه فلیس علیه

______________________________

(1) نفس المصدر الحدیث

14.

(2) نفس المصدر الحدیث 4.

(3) نفسا لمصدر الحدیث 12.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 193

(مسألة 6): یکره تضمین الأجیر فی مورد ضمانه من قیام البینة علی اتلافه أو تفریطه فی الحفظ أو تعدیه أو نکوله عن الیمین أو نحو

______________________________

شی ء «1».

و منها ما رواه ابن حبیب أیضا عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: لا یضمن القصار الّا ما جنت یداه و ان اتهمته احلفته «2».

و منها ما رواه أبو بصیر یعنی المرادی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: لا یضمن الصائغ و لا القصّار و لا الحائک الا أن یکونوا متهمین فیخوف بالبینة و یستحلف لعله یستخرج منه شیئا، و فی رجل استأجر جمّالا فیکسر الذی یحمل أو یهریقه فقال: علی نحو من العامل ان کان مأمونا فلیس علیه شی ء و إن کان غیر مأمون فهو ضامن «3».

و الحدیثان الأولان مخدوشان سندا و الحدیث الثالث یستفاد منه أنّه یخوف بالاستحلاف و اقامة البینة و بعبارة اخری: الظاهر من الحدیث أنّه یخوف قبل تقدیمه امام الحاکم فلا یرتبط بالمقام و الّا یلزم وجوب اجتماع کلا الامرین علیه و الظاهر أنّه لم یقله أحد.

و إن شئت قلت لا یستفاد التخییر بل المستفاد منه اجتماع کلا الامرین من الحلف و اقامة البینة و هو کما تری و یستفاد من ذیل الحدیث التفصیل بین کون الأجیر مأمونا و ما لم یکن بأن یقال ان کان أمینا و غیر متهم لا یکون ضامنا و الّا یکون ضامنا.

______________________________

(1) نفس المصدر الحدیث 16.

(2) نفس المصدر الحدیث 17 و 11.

(3) نفس المصدر الحدیث 11 و 17.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 194

ذلک

(1).

(مسألة 7): اذا تنازعا فی مقدار الأجرة قدّم قول المستأجر (2).

(مسألة 8): إذا تنازعا فی أنّه آجره بغلا أو حمارا أو آجره هذا الحمار مثلا أو ذاک فالمرجع التحالف و کذا لو اختلفا فی الاجرة أنّها عشرة دراهم أو دینار (3).

(مسألة 9): إذا اختلفا فی أنه شرط أحدهما علی الآخر شرطا أولا فالقول قول منکره (4).

[مسألة 6: یکره تضمین الأجیر فی مورد ضمانه من قیام البینة علی اتلافه أو تفریطه فی الحفظ أو تعدیه أو نکوله عن الیمین أو نحو ذلک]

______________________________

(1) الظاهر أنّه لا دلیل علیه نعم یمکن أن یقال بأنّ الاغماض عنه مستحب فانّه نحو احسان.

[مسألة 7: إذا تنازعا فی مقدار الأجرة قدّم قول المستأجر]

(2) ما أفاده تام فانّ الأصل مع المستأجر فلا بد من اقامة البینة من قبل المدعی و هو المؤجر حیث یدعی الأکثر.

[مسألة 8: إذا تنازعا فی أنّه آجره بغلا أو حمارا أو آجره هذا الحمار مثلا أو ذاک فالمرجع التحالف]

(3) الظاهر أنّ ما أفاده تام اذ کلّ من الطرفین یدعی ما ینکره الآخر و هذا هو المراد بالتداعی و بعبارة واضحة: کلّ منهما یدعی شیئا و ینکر مدعی الآخر و هذا واضح.

[مسألة 9: إذا اختلفا فی أنه شرط أحدهما علی الآخر شرطا أو لا فالقول قول منکره]

(4) الأمر کما أفاده إذ هما متفقان علی وقوع العقد و انّما الخلاف فی وجود الشرط فیکون المدعی للشرط مدعیا و المنکر ایاه منکرا.

و لقائل أن یقول: إن المقام داخل فی باب التداعی و لیس من باب المدعی و المنکر و الوجه فیه أنّ الشرط فی ضمن العقد لا یکون عبارة عن ضمّ شرط الی العقد کی یقال اصل العقد معلوم و متفق علیه بین الطرفین فانّ مثل هذا الشرط لا یکون شرطا و لا اثر له إذ الشرط عبارة عن ارتباط أحد الأمرین بالآخر فالمراد بالشرط فی ضمن العقد أنّ العقد معلق علی التزام الطرف المقابل بامر مثلا اذا فرضنا أنّ زیدا باع داره من بکر و اشترط علیه أنّه یزور عنه الحضرة المقدسة

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 195

(مسألة 10): اذا اختلفا فی المدة أنها شهر أو شهران مثلا فالقول قول منکر الأزید (1).

(مسألة 11): اذا اختلفا فی الصحة و الفساد قدّم قول من یدعی الصحة (2).

______________________________

یکون مرجعه الی تعلیق بیع الدار علی التزام الطرف بالزیارة.

لا یقال: التعلیق مبطل للعقد فانّه یقال: التعلیق علی الأمر الموجود المعلوم بین الطرفین لا یکون مبطلا و المفروض أنّ الالتزام حاصل و محرز عند المتعاقدین فعلی هذا الاساس المدعی للاشتراط یدعی وقوع العقد معلقا و المنکر له یدعی وقوع العقد منجزا فکلاهما یدعیان لکن مدعی کل غیر مدعی الآخر و هذا هو التداعی.

[مسألة 10: إذا اختلفا فی المدة أنها شهر أو شهران مثلا فالقول قول منکر الأزید]

(1) الأمر کما أفاده فانّهما متفقان فی مقدار الاجرة و الاختلاف فی المدة فیکون القول قول منکر الزیادة و هذا ظاهر.

[مسألة 11: إذا اختلفا فی الصحة و الفساد قدّم قول من یدعی الصحة]

(2) تارة تکون ارکان العقد و شرائطه تامّة و انّما یدعی مدعی الفساد أنّ الطرف المقابل لم یراع شرائط الصحة و أفسد العقد باهماله و اخری الأرکان و الشرائط غیر محرزة کما لو شک فی بلوغ البائع مثلا أو فی عقله أمّا علی الأول فلا اشکال فی أنّ مقتضی السیرة العقلائیة الحکم بالصحة فمن یدعی الفساد یکون قوله خلاف الأصل الاولی و یتوقف اثباته علی اقامة البینة و أمّا علی الثانی فالأمر ینعکس أی یکون مقتضی الأصل هو الفساد لأنّه یشک فی کون العقد جامعا للأرکان و الشرائط و الأصل عدمه.

و الوجه فیه أنّ اصالة الصحة الجاریة فی فعل الغیر لا تکون مدلولة لدلیل لفظی کی یؤخذ بعمومه أو اطلاقه بل الدلیل منحصر فی السیرة و حیث إنّها دلیل لبی لا بد أن یقتصر فیها علی القدر المتیقن.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 196

(مسألة 12): إذا حمل المؤجر متاعه الی بلد فقال المستأجر استأجرتک علی أن تحمله الی البلد الفلانی غیر ذلک البلد و تنازعا قدّم قول المستأجر فلا یستحق المؤجر اجرة حمله و ان طلب منه الردّ الی المکان الأول وجب علیه و لیس له ردّه الیه اذا لم یرض و یضمن له أن تلف أو عاب لعدم کونه امینا حینئذ فی ظاهر الشرع (1).

[مسألة 12): إذا حمل المؤجر متاعه إلی بلد فقال المستأجر استأجرتک علی أن تحمله الی البلد الفلانی غیر ذلک البلد و تنازعا]

اشارة

______________________________

(1) فی هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: انّ الأجیر لو حمل متاع المستأجر الی بلد و وقع التنازع بین الأجیر و المستأجر

فقال المستأجر: استأجرتک للحمل الی البلد الفلانی لا الی هذا البلد و أنکر الأجیر یقدم قول المستأجر.

و الوجه فیه: انّ المستأجر مالک فی ذمة الأجیر أن یحمله الی کربلاء مثلا و الأجیر یدعی اداء دینه و قول المالک موافق للأصل أی اصالة عدم تسلمه مملوکة و بعبارة واضحة أن الأجیر یدعی براءة ذمته و هذا یحتاج الی الاثبات فما أفاده فی المتن تام و یکون المقام داخلا فی کبری المدعی و المنکر.

إن قلت لم لا یکون داخلا فی باب التداعی حیث إنّ کلّ واحد من الطرفین یدعی امرا وجودیا و ینکر مورد دعوی الآخر؟ قلت: لا اشکال فی أنّ المستأجر داین بالنسبة الی الأجیر و کون الأجیر مدیونا و هو متفق علیه بینهما و الاجیر یدعی افراغ ذمته بالاداء و المستأجر ینکر الدعوی فعلی الأجیر اقامة البینة علی دعواه.

الفرع الثانی: أنّه یجب علی الأجیر ردّ العین الی المکان الأول.

و الوجه فیه أنّه یدعی الاذن فی النقل و المستأجر ینکر دعواه فقول المستأجر موافق للأصل فنقله بلا اذن و بمقتضی السیرة العقلائیة الجاریة عندهم یجب الرد کما لو استدان شخص مقدارا فی بلد کذائی یجب علیه الرد الیه فی نفس ذلک البلد و لیس له الرد فی مکان آخر الّا مع رضی الدائن و فی المقام المفروض أنّ الأجیر نقل العین الی مکان غیر

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 197

(مسألة 13): إذا خاط ثوبه قباء و ادعی المستأجر أنّه أمره بأن یخیطه قمیصا فالأقوی تقدیم قول المستأجر لأصالة عدم الاذن فی خیاطته قباء و علی هذا فیضمن له عوض النقص الحاصل من ذلک و لا یجوز له نقضه اذا کان الخیط للمستأجر و ان کان له کان له و یضمن

النقص الحاصل من ذلک و لا یجب علیه قبول عوضه لو طلبه المستأجر کما لیس علیه قبول عوض الثوب لو طلبه المؤجر هذا و لو تنازعا فی هذه المسألة و المسألة المتقدمة قبل الحمل و قبل الخیاطة فالمرجع التحالف (1).

______________________________

مأذون فیه فیجب علیه الرد.

الفرع الثالث: أنّه لو ردّه بلا اذن المستأجر

یکون ضامنا فی صورة التلف أو العیب. و الوجه فیه أنّ فی الفرض المذکور یده عادیة و قاعدة الید تقتضی الضمان و لا أدری لم عبّر بقوله لعدم کونه أمینا فی ظاهر الشرع و الحال أنّه لا یکون أمینا واقعا إذ مع عدم الاذن فی الردّ یکون خائنا واقعا الّا أن یکون المراد من الکلام انّه ان تلف أو عاب یکون ضامنا و لو مع عدم النقل و حیث إنّه یحتمل صدق کلامه فی أنّ مورد الاجارة البلد الذی هو یدعیه یکون غیر أمین فی الظاهر.

الفرع الرابع: أنّ الأجیر لا یستحق الاجرة للحمل المذکور

إذ المفروض انّه لم یکن علی مقتضی الاجارة و أیضا لم یکن باذن المستأجر فلا شی ء له نعم یستحق الاجیر الاجرة المسماة بنفس الاجارة غایة الأمر یکون للمستأجر خیار الفسخ.

[مسألة 13: إذا خاط ثوبه قباء و ادعی المستأجر أنّه أمره بأن یخیطه قمیصا فالأقوی تقدیم قول المستأجر]

اشارة

(1) فی هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنّه لو خاط ثوبه قباء و ادعی المستأجر أنّه أمره أن یخیط ثوبه قمیصا

فالقول قول المستأجر و الوجه فیه ما تقدم طابق النعل بالنعل فلا وجه لتقریب الاستدلال ثانیا و صفوة القول انّ الاصل مع المستأجر و الاجیر علیه اقامة البینة.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 198

(مسألة 14): کلّ من یقدم قوله فی الموارد المذکورة علیه الیمین للآخر (1).

الفرع الثانی: أنّ الأجیر ضامن للنقص الحاصل فی الثوب

______________________________

لأنّه اتلف مالیة ثوبه بهذا المقدار و بمقتضی قاعدة الاتلاف یکون ضامنا.

الفرع الثالث: أنّ الخیط اذا کان للمستأجر لا یجوز للأجیر نقضه

و لا حق له أن یتصرف فی مال الغیر و هذا ظاهر و أمّا اذا کان الخیط للأجیر فله النقض و أخذ خیطه لأنّه مسلط علی ماله غایة الامر یجب علیه الغرامة لأجل النقص الذی یحصل فی الثوب و لا یجب علیه قبول العوض لو أراد منه المستأجر کما أنّه لا یجب علی المستأجر قبول عوض الثوب لو طلب منه الأجیر لعین الملاک فانّ کلّ شخص مسلط علی ماله و نفسه، و لا یخفی انّ المستأجر لو لم یکن راضیا بتصرف الأجیر فی الثوب لا یجوز له التصرف فی مملوک المستأجر بدون رضاه فاذا لم یقع التصالح و المراضاة بین الطرفین تصل النوبة الی دخالة الحاکم الشرعی و اتمامه فانّه ولیّ الممتنع.

الفرع الرابع: أنّه لو کان النزاع فی هذه المسألة أو فی المسألة السابقة قبل الخیاطة و قبل الحمل

یدخل النزاع فی باب التداعی لأنّ کلّ واحد منهما یدعی امرا غیر ما یدعیه الآخر و کلاهما خلاف الأصل فیتوقف اثبات قول کلّ واحد منهما علی اقامة البینة.

[مسألة 14: کلّ من یقدم قوله فی الموارد المذکورة علیه الیمین للآخر]

(1) و الوجه فیه أنّ المستفاد من الشرع الأقدس أنّ الیمین علی المنکر فاذا فرض کون أحد الطرفین منکرا تکون الیمین علیه فلاحظ.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 199

[خاتمة فیها مسائل]

[الأولی: خراج الأرض المستأجرة فی الأراضی الخراجیة علی مالکها]

خاتمة- فیها مسائل- الأولی: خراج الأرض المستأجرة فی الأراضی الخراجیة علی مالکها و لو شرط کونه علی المستأجر صحّ علی الأقوی و لا یضر کونه مجهولا من حیث القلة و الکثرة لاغتفار مثل هذه الجهالة عرفا و لإطلاق بعض الأخبار (1).

______________________________

(1) ما أفاده من کون الخراج علی المؤجر علی طبق القاعدة لأنّ الخراج علی من یتقبل الأرض و هو المؤجر و هذا ظاهر.

ثم إنّ الماتن حکم بأنّه لو شرط کونه علی المستأجر صحّ و یرد علیه أنّه لو کان المراد من الشرط شرط النتیجة أی یکون بحسب الوضع علی المستأجر کان الشرط المذکور مخالفا للشرع و یکون باطلا لأنّ المستفاد من الشرع أنّ الخراج علی المتقبل و ان کان المراد به شرط الفعل یکون صحیحا و یجب علیه بمقتضی قانون کلّ شرط لازم و الجهالة الناشئة من قبل الشرط لا توجب فساد عقد الاجارة إذ لا دلیل علی کونها مخلة بالعقد.

مضافا الی أنّ اطلاق بعض النصوص یقتضی الصحة لاحظ حدیث داود بن سرحان عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فی الرجل تکون له الأرض علیها خراج معلوم و ربما زاد و ربما نقص فیدفعها الی رجل علی أن یکفیه خراجها و یعطیه مائتی درهم فی السنة قال: لا بأس «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب المزارعة الحدیث 1.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 200

الثانیة: لا بأس بأخذ الأجرة علی قراءة تعزیة سید الشهداء و سائر الأئمة

صلوات اللّه علیهم و لکن لو أخذها علی مقدماتها من المشی الی المکان الذی یقرأ فیه کان أولی (1).

الثالثة: یجوز استیجار الصبی الممیز من ولیه الاجباری أو غیره کالحاکم الشرعی لقراءة القرآن و التعزیة و الزیارات بل الظاهر جوازه لنیابة الصلاة عن الأموات بناء علی الأقوی من شرعیة عباداته (2).

[الثانیة: لا بأس بأخذ الأجرة علی قراءة تعزیة سید الشهداء و سائر الأئمة صلوات اللّه علیهم]

______________________________

(1) لوجود المقتضی و عدم المانع و أمّا کون الأخذ لأجل المشی و المقدمات أولی لم افهم المراد منه اذا تارة یؤجر نفسه للمقدمات بلا اشتراط القراءة فلا تکون القراءة واجبة علیه و هل یمکن أن یوقع المستأجر العقد علی مجرد المشی و اخری یوجر نفسه للمشی مع الشرط المذکور و فی هذه الصورة نسأل أی فارق بین ایقاع الاجارة عن نفس القراءة و بین ایقاعها علی المقدمة مع الاشتراط المذکور فلاحظ.

[الثالثة: یجوز استیجار الصبی الممیز من ولیه الاجباری أو غیره کالحاکم الشرعی لقراءة القرآن و التعزیة و الزیارات]

(2) الأمر کما أفاده اذ بعد البناء علی شرعیة عباداته یجوز نیابته عن الغیر و قال سیدنا الاستاد قدّس سرّه علی ما فی تقریره الشریف- إنّه لا دلیل علی صحة نیابة غیر البالغ عن المیت فلا تجوز اجارته لها کما أنّه لا تکفی صلاته علی المیت عن غیره إذ المفروض أنّه غیر مکلف و الوجوب الکفائی المتوجه الی البالغین لا یسقط بعمل من لا یکون مکلفا.

و بتقریب آخر: مقتضی الاطلاق بقاء الوجوب و لو مع الاتیان بها من قبل من لا یکون واجبا علیه و هو غیر البالغ.

أقول: اذا فرضنا شرعیة عبادة الصبی کما هو المفروض فهل یکون مستحبا علیه أن ینوب عن المیت أم لا؟ الظاهر أنّه لا وجه لعدم الاستحباب فلو فرض کونها مستحبّة علیه أو کونها محبوبة منه فکیف لا تجزی و لا تکفی فطبعا اجارته علیها جائزة و أمّا بالنسبة الی صلاته علی المیت فاولا یرد علیه النقض بأنّه لو

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 201

الرابعة: إذا بقی فی الأرض المستأجرة للزراعة بعد انقضاء المدة اصول الزرع فنبتت فانّ لم یعرض المستأجر عنها کانت له و إن أعرض عنها و قصد صاحب الأرض تملکها

کانت له و لو بادر آخر الی تملکها ملک و إن لم یجز له الدخول فی الأرض الّا باذن مالکها (1).

الخامسة: اذا استأجر القصاب لذبح الحیوان فذبحه علی غیر الوجه الشرعی بحیث صار حراما ضمن قیمته بل الظاهر ذلک اذا أمره بالذبح تبرعا و کذا فی نظائر المسألة (2).

______________________________

اعتقد أحد البالغین عدم الوجوب و مع ذلک تصدی للصلاة علی المیت یلزم علی کلامه أن لا تکفی اذ المفروض أنه غیر مکلف إذ مع القطع بعدم الوجوب لا یعقل البعث و هل یلتزم هو بعدم الکفایة؟ الظاهر انّه لا یلتزمه.

و ثانیا: انّه لو فرض کون الصلاة محبوبة بالنسبة الیه فکیف لا تکفی مع انّا نعلم انّ الواجب الکفائی یکفی وجود فرد منه و قیام واحد به فما أفاده فی المتن تام.

[الرابعة: إذا بقی فی الأرض المستأجرة للزراعة بعد انقضاء المدة أصول الزرع فنبتت]

(1) الظاهر انّ ما أفاده تام فانّ النبات تابع للحبّ کما أنّ البیض تابع للدجاج و الفرخ تابع لأمه و هکذا ففی حد نفسه یکون لمالک الاصل و أما اذا فرضنا انّه اعرض یکون لمن تملکه أما کون الاعراض مخرجا عن الملک فبالسیرة العقلائیة فانّ الکوز اذا انکسر و صاحبه جمع القطعات و جعلها فی الوعاء المعد لجمع الفضلات کما هو المتعارف فی البلدان یری العقلاء انها خارجة عن ملکه و اذا حازها احد و تملکها لا یرون حقا للمعرض أن یرجع فیها و یرون هذا الامر مستنکرا و هذا السوق العقلائی ببابک نعم لا یجوز دخول الدار لأخذ المعرض عنه الّا برضی مالکها لتوقف جواز التصرف فی ملک الغیر علی اذن مالکه.

[الخامسة: اذا استأجر القصاب لذبح الحیوان فذبحه علی غیر الوجه الشرعی]

(2) الأمر کما أفاده فانّ مقتضی قاعدة الاتلاف ضمان القصاب و لا فرق فی هذه

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 202

السادسة: اذا آجر نفسه للصلاة عن زید فاشتبه و أتی بها عن عمرو فان کان من قصده النیابة عن من وقع العقد علیه و تخیل أنّه عمرو فالظاهر الصحة عن زید و استحقاق الاجرة و إن کان ناویا النیابة عن عمرو علی وجه التقیید لم تفرغ ذمة زید و لم یستحق الاجرة و تفرغ ذمة عمرو ان کانت مشغولة و لا یستحق الاجرة من ترکته لأنّه بمنزلة التبرع و کذا الحال فی کل عمل مفتقر الی النیة (1).

السابعة: یجوز أن یؤجر داره مثلا الی سنة بأجرة معینة و یوکل المستأجر فی تجدید الاجارة عند انقضاء المدة و له عزله بعد ذلک و إن جدد قبل أن یبلغه خبر العزل لزم عقده و یجوز أن یشترط فی ضمن

العقد أن یکون وکیلا عنه فی التجدید بعد الانقضاء و فی هذه الصورة لیس له عزله (2).

______________________________

الجهة بین الاجارة و الأمر.

[السادسة: اذا آجر نفسه للصلاة عن زید فاشتبه و أتی بها عن عمرو]

(1) الأمر کما أفاده فان الخطاء فی التطبیق لا یغیر الواقع فالصادر عنه صادر عن أهله واقع فی محله و أمّا اذا کان علی نحو التقیید فیصح عن المنوب عنه إن کانت ذمته مشغولة و فی عین الحال لا یستحق الاجرة إذ لم یکن العمل بأمر أحد و الأجیر ذمته مشغولة بالصلاة إذ المفروض أنّه لم یأت بها و أمّا استحقاق الاجرة فهو بنفس العقد نعم للمستأجر خیار الفسخ لعدم تسلمه ما ملکه فی ذمة الأجیر.

[السابعة: یجوز أن یؤجر داره مثلا الی سنة بأجرة معینة و یوکل المستأجر فی تجدید الاجارة عند انقضاء المدة و له عزله بعد ذلک]

اشارة

(2) ذکر فی هذه المسألة فروعا:

الفرع الأول: جواز اجارة داره و توکیل المستأجر تجدید الاجارة بعد انقضاء المدة

و ما أفاده تامّ فانّ اجارة الدار جائزة بدلیل جوازها و وکالته فی الاجارة الثانیة أیضا نافذة بدلیل نفوذها.

الفرع الثانی: أنّ الموکل یجوز له عزل الوکیل

و لکن لو جدد الوکیل الاجارة

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 203

الثامنة: لا یجوز للمشتری ببیع الخیار بشرط ردّ الثمن للبائع أن یؤجر المبیع أزید من مدة الخیار للبائع و لا فی مدة الخیار من دون اشتراط الخیار حتی اذا فسخ البائع یمکنه أن یفسخ الاجارة و ذلک لأنّ اشتراط الخیار من البائع فی قوة ابقاء المبیع علی حاله حتی یمکنه الفسخ فلا یجوز تصرف ینافی ذلک (1).

التاسعة: اذا استؤجر لخیاطة ثوب معین لا بقید المباشرة فخاطه

______________________________

قبل وصول خبر العزل الیه یصح عقده و هذا أیضا تام إذ الوکیل لا یعزل الّا بعد وصول خبر العزل الیه.

الفرع الثالث: أنّه یجوز اشتراط توکیله فی التجدید فی ضمن عقد الاجارة

و فی هذه الصورة لا یجوز عزله عن الوکالة و هذا أیضا تام إذ مرجعه الی کون الاجارة مشروطة بالوکالة و حیث إنّ الوکالة تتحقق بالنحو المذکور لعدم لزوم لفظ خاصّ و صیغة مخصوصة تتحقق الاجارة و الوکالة کلتاهما و بعد تحقق الوکالة بالنحو المذکور لیس للموجر عزل المستأجر عن الوکالة إذ المفروض أنّ الوکالة تحققت بالشرط و المؤمن عند شرطه لا ینفک عنه و لا تنافی بین کون الوکالة عقدا جائزا فی حدّ نفسه و بین کونها لازمة بالشرط فما افید فی المتن تام.

[الثامنة: لا یجوز للمشتری ببیع الخیار بشرط ردّ الثمن للبائع أن یؤجر المبیع أزید من مدة الخیار للبائع]

(1) تارة یشترط البائع علی المشتری عدم التصرف و اخری یشترط علیه عدم کونه ذا حقّ علیه و بعبارة اخری: تارة یکون متعلق الاشتراط الفعل و اخری النتیجة أمّا فی الصورة الاولی فالشرط صحیح لکن الشرط المذکور لا یوجب قصر سلطنة المشروط علیه و یکون تخلفه صحیحا وضعا و حراما تکلیفا لأنّ الحکم التکلیفی لا یستلزم الوضع کما حقق فی محله و أمّا فی الصورة الثانیة فالشرط فاسد لأنّه خلاف المقرر الشرعی و لکن لا یفسد العقد إذ قد حقق فی محله أنّ فساد الشرط لا یقتضی فساد العقد فلاحظ.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 204

شخص آخر تبرعا عنه استحق الاجرة المسماة و إن خاطه تبرعا عن المالک لم یستحق المستأجر شیئا و بطلت الاجارة و کذا إن لم یقصد التبرع عن أحدهما و لا یستحق علی المالک اجرة لأنه لم یکن مأذونا من قبله و إن کان قاصدا لها أو معتقدا أنّ المالک أمره بذلک (1).

[التاسعة: اذا استؤجر لخیاطة ثوب معین لا بقید المباشرة فخاطه شخص آخر تبرعا عنه]

اشارة

______________________________

(1) فی هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنّه لو استؤجر لخیاطة ثوب لا بقید المباشرة فخاطه غیره تبرعا عنه

استحق الاجرة المسماة و الوجه فیه: أنّ المفروض أنّ مورد الاجارة أعم من المباشرة و من ناحیة اخری قصد اداء دین الاجیر و اداء دین الغیر جائز لکن التعبیر باستحقاق الاجرة غیر تام إذ الاستحقاق یتحقق بنفس عقد الاجارة فالصحیح أن یقال لا یبقی مجال للخیار للمستأجر.

الفرع الثانی: أنّه لو خاطه تبرعا عن المالک لم یستحق الاجیر شیئا

و یلزم فیه التفصیل بأن یقال: تارة یکون تبرع الغیر عن المالک علی نحو لا یکون الأجیر قادرا علی الخیاطة و اخری یکون قادرا لکن لم یقم بالمهمة و بالنتیجة صار غیر قادر.

و إن شئت قلت: تارة عدم القدرة ناش من عدم سعة الزمان و اخری یکون ناشیا عن التأخیر و عدم المبادرة أمّا فی الصورة الاولی فتکون الاجارة باطلة إذ ینکشف أنّ متعلق الاجارة لم یکن مقدورا للأجیر و مع عدم القدرة لا تصح الاجارة و أمّا فی الصورة الثانیة فلا وجه للبطلان بل یکون المستأجر بالخیار بین ابقاء العقد بحاله و أخذ اجرة المثل و بین فسخه.

الفرع الثالث: أن یقوم الغیر بالمهمة بلا قصد التبرع عن أحد

و فی هذه الصورة لا یستحق شیئا إذ لم یکن عمله بأمر احد و أمّا بالنسبة الی الأجیر فالکلام هو الکلام طابق النعل بالنعل و لا وجه للإعادة.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 205

[العاشرة: إذا آجره لیوصل مکتوبه الی بلد کذا الی زید مثلا فی مدة معینة فحصل مانع فی أثناء الطریق أو بعد الوصول الی البلد]

اشارة

العاشرة: إذا آجره لیوصل مکتوبه الی بلد کذا الی زید مثلا فی مدة معینة فحصل مانع فی أثناء الطریق أو بعد الوصول الی البلد فان کان المستأجر علیه الایصال و کان طیّ الطریق مقدمة لم یستحق شیئا و إن کان المستأجر علیه مجموع السیر و الایصال استحق بالنسبة و کذا الحال فی کل ما هو من هذا القبیل فالاجارة مثل الجعالة قد تکون علی العمل المرکب من أجزاء و قد تکون علی نتیجة ذلک العمل فمع عدم حصول تمام العمل فی الصورة الأولی یستحق الاجرة بمقدار ما أتی به و فی الثانیة لا یستحق شیئا و مثل الصورة ما اذا جعلت الاجرة فی مقابلة مجموع العمل من حیث المجموع کما اذا استأجره للصلاة أو الصوم فحصل مانع فی الأثناء من اتمامها (1).

______________________________

(1) تصور الماتن فی المقام صورا:

الصورة الأولی: أن تکون الاجارة واقعة علی ایصال الکتاب

فاذا فرض عدم تحققه لمانع تکون الاجارة باطلة إذ مع عدم امکان تحقق المستأجر علیه لا تصح الاجارة.

الصورة الثانیة: أن تکون الاجارة واقعة علی مجموع السیر و الایصال

و تحقق السیر و لم یتحقق الایصال لوجود المانع و الماتن حکم بصحة الاجارة بالنسبة الی المقدمة و بطلانها بالنسبة الی ذیها للمناقشة فی هذه المقالة مجال إذ یتوقف المدعی علی الالتزام بانحلال العقد بانحلال الأجزاء و هل یمکن الالتزام به مع استلزامه تحقق العقود التی لا تتناهی فالحق أن یقال: إنّه فی الفرض یکون مقتضی القاعدة ثبوت اجرة المثل.

هذا ما یختلج بالبال و لکن یظهر من کلام الأصحاب التسالم علی رعایة النسبة و تقسیط الاجرة المسماة بالنسبة.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 206

الحادیة عشرة: إذا کان للأجیر علی العمل خیار الفسخ فان فسخ قبل الشروع فیه فلا اشکال و إن کان بعده استحق اجرة المثل و إن کان فی أثنائه استحق بمقدار ما أتی به من المسمی أو المثل علی الوجهین المتقدمین الّا إذا کان المستأجر علیه المجموع من حیث المجموع فلا یستحق شیئا و إن کان العمل ممّا یجب اتمامه بعد الشروع فیه کما فی الصلاة بناء علی حرمة قطعها و الحج بناء علی وجوب اتمامه فهل هو کما إذا فسخ بعد العمل أو لا؟ وجهان أوجههما الأول هذا اذا کان الخیار فوریا کما فی خیار الغبن ان ظهر کونه مغبونا فی أثناء العمل و قلنا إنّ الاتمام مناف للفوریة و الّا فله أن لا یفسخ الّا بعد الاتمام و کذا الحال إذا کان الخیار للمستأجر الّا أنّه إذا کان المستأجر علیه المجموع من حیث المجموع و کان فی أثناء العمل یمکن أن یقال: إنّ الأجیر یستحق بمقدار ما عمل

من اجرة المثل لاحترام عمل المسلم خصوصا إذا لم یکن الخیار من باب الشرط (1).

الصورة الثالثة: أن تکون الاجارة فی مقابل مجموع العمل

______________________________

من حیث المجموع فلو حصل مانع عن الاتمام أثناء العمل تکون الاجارة باطلة و لا شی ء للأجیر إذ المفروض أنّه آجر نفسه لعمل غیر مقدور له فما وقعت الاجارة علیه غیر مقدور و ما أتی به لا یرتبط بالمستأجر.

[الحادیة عشرة: إذا کان للأجیر علی العمل خیار الفسخ]

اشارة

(1) فی هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنّه لو کان للأجیر خیار الفسخ و فسخ قبل العمل

فلا اشکال فانّ العقد ینفسخ و لا شی ء لأحد الطرفین علی الآخر.

الفرع الثانی: أنّه لو کان للأجیر الخیار و فسخ بعد تمام العمل

تکون له اجرة

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 207

______________________________

المثل إذ الفسخ یوجب انحلال العقد من الأصل فلا یبقی موضوع للأجرة المسماة فتصل النوبة الی اجرة المثل.

و فی المقام اشکال و هو أنّه لو فرضنا أنّ اجرة المثل مساویة للأجرة المسماة أو کانت أقلّ فلا اشکال و أمّا اذا فرضنا أنّ اجرة المثل کانت أکثر لا سیما إذا کانت الزیادة کثیرة کما لو آجره لخیاطة ثوبه بعشرة دراهم مع الخیار و کانت اجرة المثل ماءة دینار فبأی تقریب یمکن اثبات وجوبها علی المستأجر فانّ المستأجر انّما التزم باداء عشرة دراهم و یصرح بعدم التزامه بأکثر من هذا المقدار و لم یصدر منه أمر فبما ذا یستحق الأجیر المقدار الکثیر و هذه الشبهة جاریة فی ما اذا کان عقد الاجارة فاسدا و واقعا فی مقابل اجرة زهیدة و کانت اجرة المثل أزید بکثیر فلا بد إمّا من الالتزام بعدم الوجوب و إمّا من اقامة دلیل علی المدعی.

و لقائل أن یقول: المفروض أنّ العمل وقع علی نحو الضمان هذا من ناحیة و من ناحیة اخری انّ الاجرة المقررة بالعقد لم تبقی سالمة بل زالت بزوال العقد فبالطبع تصل النوبة الی اجرة المثل.

و بعبارة واضحة: الاقدام علی المعاملة و العمل مبنی علی الضمان علی ما هو المقرر عند العقلاء و المفروض أنّ المقرر عندهم کذلک فلا مجال لأن یقال: ان المستأجر لم یقدم علی الأزید من الاجرة المسماة فانّ هذه المقالة مردودة بکونه أقدم علی العقد مع جعل الخیار الذی مرجعه الی ازالته و فرضه کالعدم فطبعا قدم علی ما هو المقرر

فلا اشکال هذا کله علی مسلک من یری أنّ الفسخ من الأصل کما علیه سیدنا الاستاد و أمّا علی ما سلکناه من أن الفسخ من الحین فلا موضوع له إذ المفروض أنّه تمت المدة.

و صفوة القول انّ وزان الفسخ وزان الطلاق فکما ان الطلاق یزیل الزوجیة من

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 208

______________________________

الحین کذلک الفسخ فی بابی البیع و الاجارة یزیل العقد من حین الفسخ و الدلیل علی ذلک أنه لو باع زید داره من بکر و بعد مضی شهر فسخ البیع ینفسخ العقد من الحین و الّا یلزم أن یکون المشتری ضامنا لأجرة المثل فی المدة التی سکن الدار و هل یمکن الالتزام به بل الحکم المذکور یقرع الاسماع و لکن لا تنافی بین القول بأنّ الفسخ من الحین و بین بقاء الخیار بعد تمام العمل کما أنّ الامر کذلک فی البیع و بعبارة اخری:

بالفسخ ینهدم العقد فلا بد من رجوع کلّ من العوضین الی مالکه و حیث إنّ المنفعة غیر قابلة للإرجاع تصل النوبة الی اجرة المثل.

الفرع الثالث: أنّه لو فسخ الأجیر أثناء العمل هل یستحق الاجرة بالنسبة من الاجرة المسماة أو یستحق اجرة المثل للمقدار الذی أتی به من العمل؟

الحقّ أنّه یستحق اجرة المثل اذ الفسخ یوجب انحلال العقد من الاصل فلا یبقی موضوع للأجرة المسماة.

و لسیدنا الاستاد قدّس سرّه کلام فی المقام و هو التفصیل بین الخیار الشرعی و بین الخیار الجعلی الاشتراطی فان کان الخیار من القسم الأول یکون اعماله موجبا لانحلال العقد من الاصل و تصل النوبة الی استحقاق اجرة المثل و أمّا اذا فرض من القسم الثانی فبمقتضی الحکم العقلائی یکون الفسخ من الحین و ذلک لا من باب تبعض العقد الواحد الی عقود عدیدة کی یقال بأنّ العقد الواحد غیر قابل للانحلال و لا مجال

لجعل الخیار لبعضه بل من باب الالتزام بتعدد العقود مثلا لو استأجر دارا سنة بمائة و عشرین دینار و جعل الخیار لنفسه علی رأس ستة أشهر و فسخ فی ذلک التاریخ معناه أنّ المستأجر استأجر کل شهر بعشرة دنانیر فالخیار لتمام العقد لا لبعضه.

أقول: أولا: یلزم أنّه لو فسخ بعد مضی ساعة من ستة أشهر یکون فسخه

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 209

______________________________

صحیحا إذ العقد متعدد و بعبارة واضحة: اذا فرض أنه جعل الخیار لنفسه فی جمیع الأزمنة یکون له الخیار فی کل دقیقة و آن فیلزم تعدد العقد بتعداد الدقائق و هل یلتزم بهذا اللازم؟

و ثانیا: انّ لازم کلامه تعدد العقود الی ما لا یتناهی و کذلک الخیار و بعبارة واضحة: ما أفاده یتوقف علی الالتزام بتعدد العقود غیر المتناهیة و هل یلتزم به؟

فالحق عدم الفرق بین الخیار الشرعی و بین الخیار الجعلی فانّ الفسخ فی کلا الموردین یوجب انفساخ العقد من أصله هذا علی مسلکه و أما علی ما قلناه یکون الفسخ موجبا لانحلال العقد من الحین و علیه لا تصل النوبة الی أخذ اجرة المثل لکن یبقی سؤال و هو أنّه بای تقریب نلتزم بالتقسیط مع فرض وحدة العقد و الجواب عن هذا السؤال أنّ الظاهر من کلام الاصحاب کما تقدم هو التقسیط بالنسبة قال فی الحدائق- فی جملة کلام له- الثالثة أن یکون التلف بعد القبض و استیفاء بعض المنفعة و الحکم فیها أنّه یصح فیما قبضه و یبطل فیما بقی و مثله ما لو تجدد فسخ الاجارة و الحال کذلک و یرجع من الاجرة ما قابل المتخلف و یقسط المسمی علی جمیع المدة «1» انتهی

موضع الحاجة من کلامه و قال سید المستمسک قدّس سرّه فی ذیل المسألة الخامسة من الفصل الثالث من کتاب الاجارة: فانّه ذکر فی الشرائع أنّه لو تجدد فسخ صح فیما مضی و بطل فی الباقی و لم یتعرض فی الجواهر و المسالک و غیرهما فی شرح العبارة المذکورة لشبهة أو اشکال و کذا ذکر فی الارشاد فیما لو انهدم المسکن ففسخ أنّه یرجع بنسبة المتخلف و لم یتعرض فی مجمع البرهان للإشکال فیه و کذا ذکره فی الحدائق من دون نقل خلاف أو اشکال و لم اقف علی من تعرض لخلاف فیه بل یظهر من کلماتهم أنه من المسلمات و قد ادعی بعض

______________________________

(1) الحدائق ج 21 ص 585.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 210

______________________________

الأعیان ظهور اتفاقهم علیه «1» الی آخر کلامه رفع فی علو مقامه.

الفرع الرابع: أنه لو فرض أن العمل الذی یکون مورد الإجارة ما یجب اتمامه کالصلاة و الحج

بناء علی وجوب اتمامه بعد الشروع فیه- فلو فرضنا أنّ الاجیر کان مغبونا و قلنا بکون خیاره فوریا و الأجیر فسخ العقد أثناء الصلاة فهل یکون فسخه أثناء العمل فی الفرض المذکور کالفسخ بعد العمل أی یستحق اجرة المثل بالنسبة الی تمام العمل أو لا؟

حکم قدّس سرّه بکونه ذا وجهین و الا وجه هو القول بکونه کالفسخ بعد العمل و أفاد سیدنا الاستاد قدّس سرّه فی المقام بأنّ القاعدة تقتضی کونه کالفسخ بعد العمل و ذلک لأنّ الأجیر بعد دخوله فی العمل لا یمکنه شرعا رفع الید و الممتنع شرعا کالممتنع عقلا فکما أنّه لو استأجره للنزول فی البئر أو الغوص فی البحر و الأجیر فی قعر البحر أو قعر البئر فسخ العقد یکون المستأجر ضامنا للأجرة بالنسبة الی المجموع لاستلزام الدخول فی البئر و

الغوص فی البحر للخروج تکوینا و المفروض أنّ دخوله بأمر من المستأجر یکون بحکم السیرة العقلائیة ضامنا له فکذلک فی المقام.

و یرد علیه: أنّ المفروض أنّ الاجارة واقعة علی العمل فاذا فسخ انحل العقد و تصل النوبة الی تقسیط الاجرة و ملاحظة النسبة و أمّا وجوب الاتمام علیه فهو تکلیف شرعی لا یرتبط بالمستأجر کما أنّ استلزام الدخول الخروج لا یقتضی خروج العمل عن الاختیار فانّ الأجیر باختیاره آجر نفسه للدخول و المستأجر لم یأمره بالدخول بل الدخول مقتضی الاجارة و بعد الفسخ لا مقتضی للضمان بالنسبة الی الخروج و علیه فالأوجه بل المتعین هو الثانی و لا مجال للالتزام بالأوجهیة فی أحدهما اذ لا بد من اختیار أحد الطرفین هذا کلّه فی فرض فوریة الخیار و أمّا علی

______________________________

(1) مستمسک العروة: ج 12 ص 51.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 211

الثانیة عشرة: کما یجوز اشتراط کون نفقة الدابة المستأجرة و العبد و الاجیر المستأجرین للخدمة أو غیرها علی المستأجر اذا کانت معینة بحسب العادة أو عیّناها علی وجه یرتفع الغرر کذلک یجوز اشتراط کون نفقة المستأجر علی الأجیر أو المؤجر بشرط التعیین أو التعیّن الرافعین للغرر فما هو المتعارف من اجارة الدابة للحج و اشتراط کون تمام النفقة و مصارف الطریق و نحوها علی المؤجر لا مانع منه اذا عینوها علی وجه رافع للغرر (1).

______________________________

القول بعدم الفوریة فلو أخّر الفسخ الی ما بعد الاتمام فالامر ظاهر.

الفرع الخامس: أنّ الفروع المتقدمة و الصور المذکورة تجری فی حقّ المستأجر

و الماتن حکم بأنّ الاجارة اذا کانت واقعة علی مجموع العمل و المستأجر أعمل الخیار فی الأثناء یکون ضامنا للمقدار المأتیّ به من العمل من باب احترام عمل المسلم خصوصا اذا لم یکن الخیار

من باب الشرط.

و الظاهر أنّ وجه الخصوصیة أنّ الخیار إذا کان بالاشتراط یکون الأجیر باختیاره مقدما علی الضیاع.

و یرد علیه: أنّ احترام مال المسلم کاحترام عمله فکما أنّ عمل الأجیر محترم کذلک مال المستأجر محترم فما وجه الترجیح؟ و الحلّ أنه لا مقتضی للضمان اصلا اذ المفروض أنّ الاجرة وقعت علی المجموع و المفروض أنّ المستأجر له الخیار فما ثبت بالاجارة انعدم بالفسخ و ما أتی به لم تقع علیه الاجارة فالحقّ انّه لا شی ء علی المستأجر و لا یکون ضامنا و اللّه العالم.

[الثانیة عشرة: کما یجوز اشتراط کون نفقة الدابة المستأجرة و العبد و الاجیر المستأجرین للخدمة أو غیرها علی المستأجر کذلک یجوز اشتراط کون نفقة المستأجر علی الأجیر أو المؤجر]

(1) ما أفاده علی طبق القاعدة فانّه شرط جائز اذ المراد من الاشتراط وقوعه علی الفعل لا أن یکون علی نحو النتیجة فاذا لم یکن الاشتراط علی اشتغال الذمة یکون جائزا هذا علی تقدیر الالتزام باشتراط عدم الغرر فی العقد و أمّا علی تقدیر

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 212

الثالثة عشرة: اذا آجر داره أو دابته من زید اجارة صحیحة بلا خیار له ثم آجرها من عمرو کانت الثانیة فضولیة موقوفة علی اجازة زید فان اجاز صحت له و یملک هو الاجرة فیطالبها من عمرو و لا یصح له اجازتها علی أن تکون الاجرة للمؤجر و ان فسخ الاجارة الاولی بعدها لأنه لم یکن مالکا للمنفعة حین العقد الثانی و ملکیته لها حال الفسخ لا تنفع الّا اذا جدد الصیغة و الّا فهو من قبیل من باع شیئا ثمّ ملک و لو زادت مدة الثانیة عن الاولی لا یبعد لزومهما علی المؤجر فی تلک الزیادة و أن یکون لزید امضاؤها بالنسبة الی مقدار مدة الاولی (1).

______________________________

عدم القول به خصوصا اذا کان الغرر ناشیا عن الاشتراط و

لا یکون غرر فی متن العقد فالأمر أوضح.

[الثالثة عشرة: اذا آجر داره أو دابته من زید إجارة صحیحة بلا خیار له ثم آجرها من عمرو کانت الثانیة فضولیة]

(1) اذا آجر داره من زید شهرا مثلا ثم آجر تلک الدار من عمرو شهرا تکون الاجارة الثانیة فضولیة و تحتاج الی اجازة المستأجر الأول فان أجاز الاجارة الثانیة تصح و الّا فلا و هذا المقدار ظاهر انّما الکلام فی أنّ المستأجر الذی لا بد من اجازته یجیز الاجارة الثانیة لنفسه أو للمالک قال الماتن اجازته لنفسه صحیحة و أما اذا أجاز للمالک لا تصح.

و الظاهر انّ الوجه فیه لزوم دخول العوض فی کیس من یخرج عنه المعوض و حیث إنّ المالک للمنفعة المستأجر الأول لا بد من دخول الاجرة الثانیة فی کیسه.

أقول: یرد علیه أولا: أنّه لا دلیل علی لزوم المعاملة و المعاقدة علی هذا النحو بل یجوز الخروج من کیس شخص و دخول المعوض فی کیس شخص آخر و لذا قلنا إنّه یجوز أن یشتری أحد رغیفا للسائل من الخباز و أیضا یجوز أن یعطی أحد دینارا لشخص و یوکّله أن یشتری لنفسه شیئا و ثانیا: أنّه اذا فرضنا لزوم الشرط

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 213

______________________________

المذکور فهل یتم الأمر و تکون الاجرة للمستأجر الأول باجازته؟ الحق عدم تمامیة المدعی اذ العقود تابعة للقصود فکیف یمکن أن یقصد بالاجارة الثانیة تملک المالک الاجرة و بالاجازة تصیر مملوکة للمستأجر الأول.

و إن شئت فقل: ما قصد لم یقع لکون العقد فضولیا و الاجازة لم تقع فی محلها أی و ما أجیز لم یقصدان قلت الفضولی یقصد المالک و یجعل نفسه مالکا قلت: هذا علی خلاف الواقع فان الفضولی یقصد نفسه و هذا واضح.

ثم إنّه لو فسخ المستأجر الأول عقد الاجارة هل یمکن

القول بکون الاجارة الثانیة للمالک بتقریب: أنّه مالک فی الحال أم لا؟ الحق انّه لا تصح اذ فی زمان العقد الثانی لم یکن مالکا و بعد الفسخ لا عقد فلا بد من عقد جدید فیدخل المقام فی کبری من باع شیئا ثم ملک.

و بعبارة واضحة: العقد الثانی صدر عن غیر المالک و من الظاهر أنّه یشترط فی الاجارة أن یکون المؤجر مالکا للمنفعة و المفروض أنّ المؤجر لم یکن مالکا حین العقد ففی زمان الاجارة و العقد لم یکن مالکا و فی زمان کونه مالکا لا یکون عقد فالنتیجة أنّه فی الاجارة الثانیة لو کانت المدة أزید من المدة فی الاولی لا تکون الاجارة صحیحة لا بالنسبة الی المقدار الزائد و لا بالنسبة الی المقدار المستأجر و لا تصح حتی مع اجازة المالک اجارة الزائد و الوجه فیه أنّه لا تبعض فی العقد الواحد فلا مجری للصحة أصلا.

ثم انّ الماتن قدّس سرّه أفاد بانّ مدة الاجارة الثانیة اذا کانت أزید من المدة الاولی تکون الاجارة بالنسبة الی المقدار الزائد تامة صحیحة و بالنسبة الی المقدار الباقی فضولیة تحتاج الی الاجازة.

أقول: تارة تکون الاجارة بحسب واقع الامر متعددة و انّما الوحدة فی مقام

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 214

الرابعة عشرة: اذا استأجر عینا ثم تملکها قبل انقضاء مدة الاجارة بقیت الاجارة علی حالها فلو باعها و الحال هذه لم یملکها المشتری الّا مسلوبة المنفعة فی تلک المدة فالمنفعة تکون له و لا تتبع العین نعم للمشتری خیار الفسخ اذا لم یکن عالما بالحال و کذا الحال اذا تملک المنفعة بغیر الاجارة فی مدة ثم تملک العین کما اذا تملکها بالوصیة أو

بالصلح أو نحو ذلک فهی تابعة للعین اذا لم تکن مفروزة و مجرد کونها لمالک العین لا ینفع فی الانتقال الی المشتری نعم لا یبعد تبعیتها للعین اذا کان قاصدا لذلک حین البیع (1).

______________________________

الانشاء و اخری تکون الاجارة اجارة واحدة واقعة علی المجموع أمّا القسم الأول فلا اشکال فیه و ما أفاده تامّ و أمّا القسم الثانی فیشکل الحکم بالصحة بالنسبة الی الزائد إذ المفروض أنّه لا تبعض فی العقد الواحد نعم فی بیع ما یملک و ما لا یملک ورد النصّ الخاصّ الدالّ علی الحکم بالصحّة بالنسبة الی المملوک و عدمها بالنسبة الی غیر المملوک فان قلنا بعدم الفرق بین المقامین یتم ما أفاده فی المتن و لکن هل یمکن الجزم بعدم الفرق؟

و صفوة القول: انّه یشک بالجزم بالصحة بالنسبة الی ما زاد بل یشکل الحکم بالصحة باجازة المستأجر الأول بالنسبة الی ما یکون مملوکا له إذ لو فرضنا أنّ الاجارة الواحدة لا تنحل الی اجارات متعددة یشکل اذ ما أجیز لا یکون مورد عقد الاجارة و ما وقع علیه العقد مرکب من المملوک و غیر المملوک و المرکب من الداخل و الخارج خارج.

[الرابعة عشرة: إذا استأجر عینا ثم تملکها قبل انقضاء مدة الإجارة بقیت الإجارة علی حالها]

(1) فرّق قدّس سرّه فی تبعیة المنفعة للعین بین تملک البائع المنفعة بالتبعیة و بین تملکها بالاستقلال و حکم فی القسم الثانی بعدم تبعیتها للعین الّا مع القصد و مع عدم القصد التزم بعدمها و تحقق الخیار للمشتری.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 215

______________________________

و أورد علینا سیدنا الاستاد قدّس سرّه بأنّ الأمر دائر بین الصحة و عدم الخیار و بین البطلان اذ البائع اذا قصد بیع الدار مقیدة بعدم المنفعة و المشتری قبل الایجاب بهذا

النحو یکون البیع صحیحا و لا خیار للمشتری لعدم المقتضی له و ان باع البائع مقیدا بالعدم و المشتری قبل مقیدا بالوجود یکون العقد باطلا لعدم التطابق بین الایجاب و القبول.

و یرد علیه أولا بالنقض بأن نقول: لو فرضنا أنّ الدار المستأجرة بیعت و المشتری بعد البیع علم بأنّ العین مسلوبة المنفعة هل یکون له الخیار أو یکون البیع باطلا و الحال أنّه لا فرق بین المقامین و أمّا الحل فنقول: الجزئی الخارجی غیر قابل للتقیید مثلا لو باع العبد بعنوان کونه کاتبا لا یکون المبیع العبد المقید بالکتابة الّا أن یکون المبیع کلیا و أمّا العبد الخارجی الجزئی فلا مجال لتقییده بکونه کاتبا فانّ الجزئی الخارجی لا یقید و علیه نقول: العقد یقع علی نفس الذات غایة الأمر بمقتضی الشرط الارتکازی اذا کانت مسلوبة المنفعة یکون للمشتری خیار تخلف الشرط و علی هذا الاساس نقول اذا کانت المنفعة تابعة لتملک العین بلا فرق بین موارده یکون مقتضی القاعدة تبعیتها للعین و إن قلنا بالتفریق فلا بدّ من الالتزام به.

و سید المستمسک قدّس سرّه جزم بعدم الفرق و علیه لا بد من الالتزام بها و تکون النتیجة أنّ المالک لو باع العین تکون منفعتها تابعة لها و تنتقل الی المشتری بالتبع الّا مع قصد البائع ابقاء المنفعة فی ملکها و نقل العین مسلوبة المنفعة الی المشتری فان کان المشتری عالما یصح العقد بلا خیار و إن کان جاهلا یصح مع خیار تخلف الشرط فلاحظ.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 216

الخامسة عشرة: إذا استأجر أرضا للزراعة مثلا فحصلت آفة سماویة أو ارضیة توجب نقص الحاصل لم تبطل و لا یوجب ذلک

نقصا فی مال الاجارة و لا خیارا للمستأجر نعم لو شرط علی المؤجر ابراءه من ذلک بمقدار ما نقص بحسب تعیین اهل الخبرة ثلثا أو ربعا أو نحو ذلک أو أن یهبه ذلک المقدار إذا کان مال الاجارة عینا شخصیة فالظاهر الصحة بل الظاهر صحة اشتراط البراءة علی التقدیر المذکور بنحو شرط النتیجة و لا یضره التعلیق لمنع کونه مضرا فی الشروط نعم لو شرط براءته علی التقدیر المذکور حین العقد بأن یکون ظهور النقص کاشفا عن البراءة من الاول فالظاهر عدم صحته لأوله الی الجهل بمقدار مال الاجارة حین العقد (1).

[الخامسة عشرة: إذا استأجر أرضا للزراعة مثلا فحصلت آفة سماویة أو أرضیة توجب نقص الحاصل لم تبطل]

______________________________

(1) أمّا ما أفاده بالنسبة الی صحة الاجارة و عدم البطلان و عدم نقصان فی مال الاجارة و عدم الخیار و عدم مانع من الاشتراط فلا اشکال فی کلامه أمّا صحة الاجارة فلوجود المقتضی فانّ العوارض الخارجیة المانعة عن الاستیفاء الکامل من العین لا توجب بطلان الاجارة و ممّا ذکر ظهر عدم الخیار لعدم المقتضی له و کذلک ظهر وجه عدم النقصان فی الاجرة و أما جواز اشتراط الابراء فلأنّ الابراء أمر جائز کما أنّ الهبة کذلک و بعد فرض الجواز یجب و یلزم بالشرط کما هو ظاهر.

و أمّا اشتراط البراءة بنحو شرط النتیجة بأن یتحقق الابراء زمان العقد فیمکن أن یقال إنّه أی دلیل دلّ علی جواز الابراء بهذا النحو و مع الشک فی جوازه یکون مقتضی الأصل عدم المشروعیة.

و أفاد فی ذیل الکلام انّه اذا کان الاشتراط عبارة عن کون النقص کاشفا عن البراءة من أول الأمر یکون العقد باطلا لأوله الی کون الاجرة مجهولة و الحال أنّ العلم بالاجرة شرط فی الصحة.

و أورد علیه سیدنا الاستاد فی تقریره الشریف و

فی حاشیته علی المتن بأنّ البراءة فرع الاشتغال فلا تکون الاجرة مجهولة.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 217

السادسة عشرة: یجوز اجارة الأرض مدة معلومة بتعمیرها و اعمال عمل فیها من کری الانهار و تنقیة الآبار و غرس الأشجار و نحو ذلک و علیه یحمل قوله علیه السّلام: لا بأس بقبالة الأرض من أهلها بعشرین سنة أو أکثر فیعمرها و یؤدی ما یخرج علیها و نحوه غیره (1).

السابعة عشرة: لا بأس بأخذ الأجرة علی الطبابة و إن کانت من الواجبات الکفائیة لأنّها کسائر الصنائع واجبة بالعوض لانتظام نظام معایش العباد بل یجوز و إن وجبت عینا لعدم من یقوم بها غیره و یجوز اشتراط کون الدواء علیه مع التعیین الرافع للغرر و یجوز أیضا مقاطعته علی المعالجة الی مدة أو مطلقا بل یجوز المقاطعة علیها بقید البرء أو بشرطه اذا کان مظنونا بل مطلقا و ما قیل من عدم جواز ذلک

______________________________

و الظاهر أنّ ما أورده علیه تام و الأمر کما قال فانّ البراءة فرع الاشتغال و قد فرض مقدار الاجرة و بعد الاشتغال بها یتحقق الابراء فلا جهل بالاجرة نعم تحقق الابراء مجهول و جهله غیر ضارّ نعم الاشکال ما تقدم منّا و هو عدم الدلیل علی صحة اسقاط ما لم یجب و مع عدم الدلیل علیه یکون مقتضی الاصل بطلانه.

[السادسة عشرة: یجوز إجارة الأرض مدة معلومة]

(1) ما أفاده تام و مقتضی القاعدة الأولیة فانّ المقتضی للجواز و الصحة موجود و المانع مفقود مضافا الی النصّ الخاصّ الوارد فی المقام لاحظ ما رواه الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: إنّ القبالة أن تأتی الأرض الخربة فتقبلها من أهلها عشرین سنة أو أقلّ من ذلک

أو أکثر فتعمرها و تؤدی ما خرج علیها فلا بأس به «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب المزارعة الحدیث 2.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 218

لأنّ البرء بید اللّه فلیس اختیاریا له و أنّ اللازم مع ارادة ذلک أن یکون بعنوان الجعالة لا الاجارة فیه أنّه یکفی کون مقدماته العادیة اختیاریة و لا یضرّ التخلف فی بعض الأوقات کیف و الّا لم یصح بعنوان الجعالة أیضا (1).

[السابعة عشرة: لا بأس بأخذ الأجرة علی الطبابة و إن کانت من الواجبات الکفائیة]

______________________________

(1) لوجود المقتضی و عدم المانع و کونها من الواجبات الکفائیة لا یکون مانعا عن الصحة بل الوجوب العینی لا یکون مانعا فکیف بالوجوب الکفائی و الوجه فیه أنّه تارة یرید الشارع العمل من المکلف مجانا و بعبارة اخری: لو کان العمل فی مقابل الاجرة حراما تفسد الاجارة علیه و الّا فلا.

ثم انّه تجوز الاجارة علیها مع اشتراط کون الدواء علی الاجیر اذا کان علی نحو لا یکون غررا بقاء علی اشتراط الصحة بعدمه و یجوز أیضا مقاطعته علی الطبابة مدة معینة أو مطلقة بنحو یکون معلوما بحسب المتعارف.

و هل یجوز التقیید بالبرء أم لا؟

أقول: تارة یشترط المستأجر البرء و اخری یقید العلاج بالبرء أمّا الاشتراط فلا مانع منه اذ مرجعه الی جعل الخیار فی صورة عدم البرء و هذا لا مانع منه لوجود المقتضی و بعبارة اخری: لا مانع من جعل الخیار و أمّا لو کان علی نحو التقیید و ایقاع العقد علی الحصة الخاصة فاستشکل فیه سیدنا الاستاد قدّس سرّه بتقریب:

أنّ القید اذا لم یکن مقدورا للأجیر کما هو المفروض فی المقام لأنّ البرء بید اللّه و تحت قدرته و لا یکون مقدورا للعبد لا تجوز اجارة المقید بذلک القید الذی

لا یکون مقدورا اذ یشترط فی مورد الاجارة أن یکون تحت القدرة فلا یجوز تملیکه الّا معلقا و التعلیق یفسد العقد فلا بد من القول بالبطلان و ان أغمضنا النظر عن الغرر و یرد علیه اولا: أنّ الذی أفاده اخصّ من المدعی إذ یمکن أنّ الأجیر و الطبیب یعلم بالبرء و مع العلم لا تعلیق کی یفسد العقد مثلا لو آجر نفسه لأن یعمل عملا کذائیا

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 219

الثامنة عشرة: اذا استؤجر لختم القرآن لا یجب أن یقرأه مرتبا بالشروع من الفاتحة و الختم بسورة الناس بل یجوز أن یقرأ سورة فسورة علی خلاف الترتیب بل یجوز عدم رعایة الترتیب فی آیات

______________________________

فی یوم الجمعة لا اشکال فی جواز الاجارة مع أنّ یوم الجمعة لا یکون تحت قدرة العبد و ثانیا: أنّ التعلیق علی ما یتوقف علیه صحة العقد غیر مضرّ بالعقد مثلا لو قال البائع ان کانت هذه العین مملوکة لی فقد بعتک ایاها هل یکون باطلا و المقام کذلک أی تکون الاجارة معلقة علی المقدوریة و المفروض أنّ القدرة شرط لصحة الاجارة.

و بعبارة واضحة: انّ البرء کیوم الجمعة أی یکون المقید به تحت قدرة الأجیر فلا وجه لما أفاده و ممّا ذکرنا یظهر أنّه لا مجال للإشکال من حیث الغرر إذ لا غرر اصلا لأنّ الأجیر یعلق مورد الاجارة علی البرء فعلی تقدیر البرء یحصل المطلوب فلا غرر و علی تقدیر عدمه لم تکن الاجارة صحیحة فلا موقع للغرر کما هو یظهر بالتأمل.

بقی فی المقام أمران: الأول أنّه أفاد الماتن قدّس سرّه بأنّ التخلف فی بعض الأحیان غیر مضر.

و یرد علیه أنّ التخلف فی صورة الاشتراط

غیر مضرّ کما أفاد و نتیجته الخیار و أمّا مع التقیید فلا یمکن القول بأنّ التخلف لا یضرّ کیف و انّ الاجارة واقعة علی المقید و مع تخلف القید ینکشف بطلان الاجارة.

الثانی: حکمه بالمساواة بین الاجارة و الجعالة و الحال أنّ الاجارة من العقود و یشترط فیها ما یشترط فیها و أمّا الجعالة فهی ایقاع و التزام لشی ء فی مقابل عمل و لذا لا یشترط فیها ما یشترط فی العقود من عدم الغرر و العلم بامکان المتعلق الی غیرها فلاحظ.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 220

السورة أیضا و لهذا اذا علم بعد الاتمام أنّه قرأ الآیة الکذائیة غلطا أو نسی قراءتها یکفیه قراءتها فقط نعم لو اشترط علیه الترتیب وجب مراعاته و لو علم اجمالا بعد الاتمام أنّه قرأ بعض الآیات غلطا من حیث الاعراب أو من حیث عدم اداء الحرف من مخرجه أو من حیث المادة فلا یبعد کفایته و عدم وجوب الاعادة لأنّ اللازم القراءة علی المتعارف و المعتاد و من المعلوم وقوع ذلک من القارئین غالبا الّا من شذّ منهم نعم لو اشترط المستأجر عدم الغلط اصلا لزم علیه الاعادة مع العلم به فی الجملة و کذا الکلام فی الاستیجار لبعض الزیارات المأثورة أو غیرها و کذا فی الاستیجار لکتابة کتاب أو قرآن أو دعاء أو نحوها لا یضرّ فی استحقاق الأجرة اسقاط کلمة أو حرف أو کتابتهما غلطا (1).

[الثامنة عشرة: اذا استؤجر لختم القرآن لا یجب أن یقرأه مرتبا]

اشارة

______________________________

(1) فی هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنّه اذا استوجر لختم القرآن لا یجب علیه الترتیب

و ما أفاده مشکل فانّ المتبادر و المتعارف بین الناس رعایة الترتیب فیلزم مراعاته و لا وجه لما أفاده.

الفرع الثانی: انّه لو اشترط علیه الترتیب تجب رعایته

و هذا ظاهر لأنّ العمل بالشرط واجب.

الفرع الثالث: أنّه لو علم بوقوع الغلط أو النقصان بعد الاتمام بالمقدار المتعارف لا تجب الاعادة

فان المتعارف الخارجی یوجب انصراف العقد الیه فلا یکون مضرا و الأمر کما أفاده.

الفرع الرابع: أنّه لو اشترط عدم الغلط و عدم النقص حتی بالمقدار المتعارف و علم بهما

یجب التدارک لوجوب العمل بالشرط.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 221

التاسعة عشرة: لا یجوز فی الاستیجار للحج البلدی أن یستأجر شخصا من بلد المیت الی النجف و شخصا آخر من النجف الی مکة أو الی المیقات و شخصا آخر منها الی مکة اذ اللازم أن یکون قصد المؤجر من البلد الحج و المفروض أنّ مقصده النجف مثلا و هکذا فما أتی به من السیر لیس مقدمة للحج و هو نظیر أن یستأجر شخصا لعمرة التمتع و شخصا آخر للحج و معلوم أنّه مشکل بل اللازم علی القائل بکفایته أن یقول بکفایة استیجار شخص للرکعة الأولی من الصلاة و شخص للثانیة و هکذا یتمم (1).

الفرع الخامس: انّ ما أفید بالنسبة الی القرآن یجری بالنسبة الی الزیارات و الادعیة

______________________________

و الأمر کما أفاده لوحدة الملاک.

[التاسعة عشرة: لا یجوز فی الاستیجار للحج البلدی أن یستأجر شخصا من بلد المیت الی النجف و شخصا آخر من النجف الی مکة]

(1) ما أفاده فی أصل المطلب تامّ لا خدش فیه و الأمر کما أفاده و الوجه فیه: أنّ المقدمة عبارة عن أمر یترتب علیه ذو المقدمة و بعبارة اخری: المقدمة ما یکون فی طریق الوصول الی ذیها و من الظاهر أنّ ذهاب زید من مشهد الرضا الی النجف الاشرف لا یرتبط بذهاب بکر من النجف الی مکة.

و إن شئت قلت: إنّه من قبیل ضمّ الحجر الی جنب الانسان و لا یخفی أنّ الذی نقول لا یرتبط بالقول باختصاص الوجوب بالمقدمة الموصلة بل لا یرتبط باصل ایجابها فانّ الوجه فی عدم الکفایة عدم کون عمل واحد مقدمة لعمل شخص آخر ثم إنّه قدّس سرّه أفاد فی ذیل کلامه بأنّ لازم القول بالکفایة أن نقول: یکفی استیجار شخص للرکعة الأولی من الصلاة و استیجار شخص آخر للرکعة الثانیة.

و أورد علیه سیدنا الاستاد قدّس سرّه بأنّ القیاس مع الفارق اذ الرکعة الاولی بلا ضم الثانیة الیها باطلة کما أنّ الثانیة بلا تقدیم الأولی کذلک فکلتا الرکعتین باطلتان.

و یرد علیه أنّه یمکن تصویر الأمر علی نحو لا یتوجه الیه ما أفاده و هو أن

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 222

العشرون: اذا استؤجر للصلاة عن المیت فصلّی و نقص من صلاته بعض الواجبات غیر الرکنیة سهوا فان لم یکن زائدا علی القدر المتعارف الذی قد یتفق أمکن أن یقال لا ینقص من اجرته شی ء و إن کان الناقص من الواجبات و المستحبات المتعارفة أزید من المقدار المتعارف ینقص من الاجرة بمقداره الّا أن یکون المستأجر علیه الصلاة الصحیحة المبرئة للذمة و نظیر ذلک اذا استؤجر للحج فمات بعد الاحرام

و دخول الحرم حیث إنّ ذمة المیت تبرأ بذلک فان کان المستأجر علیه ما یبرئ الذمة استحق تمام الاجرة و الّا فتوزع و یسترد ما یقابل بقیة الأعمال (1).

______________________________

یستأجر شخصا لأن یصلی رکعتین الرکعة الأولی من زید و الثانیة لعمرو و شخصا آخر کذلک فلا تکون الصلاتان باطلتین لکن مع ذلک لا یصح لعدم الدلیل علی الصحة علی هذا النحو فلاحظ.

[العشرون: إذا استؤجر للصلاة عن المیت فصلّی و نقص من صلاته بعض الواجبات غیر الرکنیة سهوا]

(1) تارة یکون النقصان بالمقدار المتعارف و اخری بالاکثر من ذلک المقدار ففی الصورة الاولی لا ینقص من الاجرة شی ء اذ المفروض أنّ ذلک المقدار مغتفر و أمّا فی الصورة الثانیة فان کانت الصلاة صحیحة و مبرئة للذمة فان کانت الاجارة علی الابراء فلا تنقص من الاجرة أیضا إذ المفروض أنّ الأجیر اتی بما علیه و أمّا ان کانت الاجارة علی المرکب لکن بشرط الاکمال یکون للمستأجر خیار تخلف الشرط و أمّا إن کانت الاجارة علی الکامل بهذا القید یکون للمستأجر خیار فسخ العقد کما أنّه یکون له ابقاء العقد بحاله و أخذ اجرة المثل إذ علی فرض وقوع الاجارة علی المجموع من حیث هو أی علی نحو العام المجموعی لم یأت الأجیر به فللمستأجر الخیار بین الأمرین و علی جمیع التقادیر لا مجال لنقص الاجرة.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 223

[خاتمة [لمسألة السرقفلیة]

اشارة

______________________________

قد ألحق سیدنا الاستاد فی منهاج الصالحین بمسائل الاجارة مسألة السرقفلیة المتداولة بین الناس و حیث إنّ هذه المسألة مورد الابتلاء و یترتب علیها الأثر المهم نتعرض لها ان شاء اللّه تعالی و اللّه ولی التوفیق.

فنقول لتصحیح ما یکون متداولا فی الخارج قد ذکرت وجوه:

الوجه الأول: أنّ المالک له حق الایجار و یجوز له أن ینقل هذا الحق الی الغیر بعوض

و مقتضی قوله تعالی: إِلّٰا أَنْ تَکُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ جواز هذه المعاملة و التجارة و یمکن أیضا نقل الحقّ المذکور بالمصالحة و بعد هذا النقل و تحقق العقد یلزم بمقتضی وجوب الوفاء بالعقود کما أنّه لو شرط الانتقال المذکور فی ضمن عقد یصح و یلزم بدلیل لزوم الشرط فاذا انتقل هذا الحقّ الی الطرف المقابل یجوز له نقله الی الغیر کما أنّه لو مات ینتقل الی وارثه بدلیل الارث.

و یرد علیه أولا أنّا لا نعلم حقا نسمیه بحقّ الایجار کی نقول بجواز نقله فانّ حقّ الایجار کحقّ البیع و هل یمکن لأحد نقل حقّ بیعه لداره الی الغیر و بعبارة واضحة:

حقّ الایجار عبارة عن أنّ المالک للعین لو آجر العین تکون اجارته صحیحة و لا تکون فضولیة کما أنّه لو طهر و غسل یده النجسة تطهر و هکذا و ببیان اوضح انّ ایجاره موضوع للحکم الشرعی و صفوة القول: انّه لا حقّ للمالک نسمیة بحقّ الایجار.

و ثانیا: أنّه لو شک فی وجود مثل الحق المذکور یکون مقتضی الأصل عدمه.

و ثالثا: أنّه لو فرض وجود الحقّ فای دلیل دلّ علی جواز نقله الی الغیر و کونه قابلا للنقل و مع الشک یحکم بعدم انتقاله.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 224

______________________________

و رابعا: أنّه نفرض قابلیته للنقل لکن لا مجال للأخذ بآیة التجارة اذ الاستدلال بها یتوقف

علی صدق العنوان علی غیر البیع و هو أول الکلام و الاشکال و قد ذکرنا فی محله أنّ مقتضی القاعدة تخصیص التجارة بخصوص البیع.

و خامسا: أنّه اذا مات المؤجر لا یکون الحقّ باقیا فیلزم علی القول بجواز النقل أن یلتزم بانتهاء الأمر بموت المؤجر.

و سادسا: انّه أی دلیل علی انتقال الحقّ الی الوارث بالارث و الحال أنّه لا دلیل معتبر علی انتقال الحقوق بالارث.

الوجه الثانی: أنّ المستأجر فی ضمن الاجارة یشترط مع المؤجر أن لا یزاحمه فی کل ما یرید أن یعمل

و الشرط نافذ فیجوز له أن یسلم العین الی الغیر مع السرقفلیة.

و یرد علیه أولا: انّه لو مات المالک و انتقل المال الی وارثه لا یکون اثر للشرط اذ المفروض أنّه بعد موته یکون اجنبیا عن العین فلا أثر للشرط.

و ثانیا: أنّه لو مات المستأجر لا یکون لوارثه حقّ التصرف إذ المفروض أنّ الشرط کان للمستأجر الّا أن یقال إنّه یمکن أن یشترط علیه عدم المزاحمة حتی مع الوارث.

و ثالثا: أنّه لا أثر للشرط المذکور الّا وجوب الوفاء به و عدم المزاحمة و أمّا من حیث الوضع فالامر بید المالک فلو عصی و زاحم لا یجوز للمستأجر التصرف و بعبارة واضحة اختیار العین بید مالکها.

الوجه الثالث: أن یشترط المستأجر علی المالک أن یعمل علی طبق نظر المستأجر،

و یرد علیه أولا أنّه مجرد حکم تکلیفی لا وضعی.

و ثانیا: أنّه لو مات المالک ینتهی الأمر و الامر بید وارثه.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 225

______________________________

و ثالثا: أنّه لو مات المستأجر لا دلیل علی انتقال ما للمستأجر الی وارثه.

الوجه الرابع: أن یوکل المالک المستأجر فی ضمن عقد الاجارة فی اجارة العین بای نحو یرید

و حیث إنّ الوکالة واقعة ضمن العقد یلزم بمقتضی وجوب الوفاء بالعقود و بمقتضی دلیل الشرط.

و یرد علیه اولا: أنّ الوکالة تبطل بموت الموکل.

و ثانیا: أنّها تبطل بموت الوکیل و اشتراط انتقال الوکالة الی الوارث من الشروط الباطلة فانّ دلیل الشرط لا یکون مشرعا الّا أن یوکل ضمن عقد الاجارة المستأجر فی توکیله وارثه عن المالک و هو یوکل وارثه فیکون الوارث وکیلا بالاصالة عن المالک و هل یخطر ببال أحد هذا المعنی؟ کلّا.

الوجه الخامس: أنّ هذه المعاملة رائجة و دارجة فی الخارج فیؤخذ الموضوع من العرف

و یستدل علیه بآیة التجارة.

و یرد علیه أولا: أنّه لو عامل العرف بالنسبة الی حق البیع فهل یمکن القول بجواز نقل حقه بحیث یقع اختیار البیع بید الطرف المقابل.

و ثانیا: أنّه قد تقدم أنّه لا حقّ و مع الشک یحکم بعدمه.

و ثالثا: أنّه قد تقدم أنّه لا مجال للأخذ بآیة التجارة فلاحظ.

الوجه السادس: أنّ المالک یشترط فی ضمن العقد اذنه فی تصرفات المستأجر و بالشرط یلزم.

و یرد علیه أولا: أنّه بموته تبطل الوکالة.

و ثانیا: أنّ بموت المستأجر تبطل الّا أن یکون اذنه للمورث و الوارث.

الوجه السابع: أنّ المالک یمکنه أن یؤجر دکانه کل شهر بمائة تومان بالاضافة الی ملیون تومان

و یشترط علی نفسه للمستأجر أن لا یزاحمه و یکون له حقّ

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 226

______________________________

الایجار ما دام یرید و لا یزید علی مال الاجارة و اذا أراد المستأجر الاجارة من الغیر یکون له هذا الحق و یعامل المالک مع المستأجر الثانی کما عامل مع المستأجر الأول فاذا کان کذلک یکون للمستأجر الأول أن یرفع یده عن العین فی قبال مقدار السرقفلیة و یتم الأمر.

و یرد علیه أولا: أنّ جعل حق الایجار للمستأجر الأول خلاف السنة اذ لا نجد و لا نفهم مفهوما صحیحا لحقّ الایجار و علی فرض تسلمه لا مجال لجعله بالشرط اذ لا ندری أنّ الحق المذکور قابل للانتقال الی الغیر أم لا و مقتضی الأصل عدمه.

إن قلت: یرجع هذا الی التوکیل قلت: الوکالة تبطل بموت الموکل و کذلک تبطل بموت الوکیل و أمّا شرط عدم المزاحمة فهو شرط فعل و لا أثر لاشتراطه الّا من حیث التکلیف مضافا الی أنّ مجرد عدم المزاحمة لا أثر له بل لا بد من صدور العقد من المالک مباشرة أو تسبیبا.

و ثانیا: أنّ شرط الایجار من المستأجر الثانی شرط فعل علی المالک و لا أثر للشرط المذکور وضعا بل یکون أثره مجرد الوجوب التکلیفی فلو عصی و لم یعمل بالشرط لا یحصل الّا خیار تخلف الشرط.

الوجه الثامن: أنّ مقتضی دلیل الحبس جواز أن یجعل کل مالک حقّ السکنی للغیر

و علیه یجوز أن یجعل هذا الحقّ فی ضمن العقد و بعبارة اخری: یتحقق علی نحو الشرط و علی هذا الاساس یمکن جعله تارة لخصوص الطرف المقابل و اخری یمکن جعله للأعم منه ای للطرف المقابل و لکلّ من یعامل معه الطرف و حیث انّه قد فرض وقوعه علی نحو الشرط یلزم

للزوم الشرط.

فنقول: اللازم أولا التعرض للنصوص الواردة فی باب الحبس کی نری مقدار دلالتها ثم النظر فی أنّه هل یستفاد حکم ما یکون واقعا فی الأسواق العقلائیة أم لا

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 227

______________________________

فنقول من تلک النصوص ما رواه حمران قال: سألته عن السکنی و العمری فقال:

إنّ الناس فیه عند شروطهم ان کان شرطه حیاته سکن حیاته و إن کان لعقبه فهو لعقبه کما شرط حتی یفنوا ثم یردّ الی صاحب الدار «1».

و المستفاد من هذه الروایة أنّ للمالک حبس مملوکه لغیره و لعقبه ما دام حیاة من جعل له و بعد وفاته یرجع الملک الی المالک أی الحابس و من الظاهر انّ مفاد الحدیث لا ینطبق علی ما فی الخارج فانّ الدارج فی الخارج انتقال الحق الی الوارث و یکون للطرف المقابل نقله الی الغیر و الحال أنّه لا یستفاد من الحدیث جواز نقله الی الغیر.

و منها ما رواه أبو الصباح عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: سئل عن السکنی و العمری فقال: ان کان جعل السکنی فی حیاته فهو کما شرط و إن کان جعلها له و لعقبه من بعده حتی یفنی عقبه فلیس لهم أن یبیعوا و لا یورثوا ثم ترجع الدار الی صاحبها الأول «2» و الکلام فیه هو الکلام.

و منها ما رواه الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: سألته عن دار لم تقسم فتصدق بعض اهل الدار بنصیبه من الدار قال: یجوز قلت: أ رأیت ان کانت هبة قال: یجوز قال: و سألته عن رجل أسکن رجلا داره حیاته قال: یجوز له و لیس له أن یخرجه قلت: فله و لعقبه

قال: یجوز و سألته عن رجل أسکن رجلا و لم یوقّت له شیئا قال: یخرجه صاحب الدار اذا شاء «3» و الکلام فیه هو الکلام.

______________________________

(1) الکافی: ج 7 ص 33 الحدیث 21.

(2) الکافی: ج 7 ص 33 الحدیث 22.

(3) نفس المصدر ص 34 الحدیث 24.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 228

______________________________

و منها ما رواه الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام فی الرجل یسکن الرجل داره و لعقبه من بعده قال: یجوز و لیس لهم أن یبیعوا و لا یورثوا قلت: فرجل أسکن داره رجلا حیاته قال: یجوز ذلک قلت فرجل أسکن رجلا داره و لم یوقّت قال: جائز و یخرجه اذا شاء «1» و الکلام فیه هو الکلام.

و منها ما رواه الحسین بن نعیم عن أبی الحسن موسی علیه السّلام قال: سألته عن رجل جعل دارا سکنی لرجل ابّان حیاته أو جعلها له و لعقبه من بعده قال: هی له و لعقبه من بعده کما شرط قلت: فان احتاج یبیعها؟ قال: نعم، قلت: فینقض بیعه الدار السکنی قال: لا ینقض البیع السکنی کذلک سمعت أبی علیه السّلام یقول:

قال أبو جعفر علیه السّلام: لا ینقض البیع الاجارة و لا السکنی و لکن یبیعه علی أنّ الذی یشتریه لا یملک ما اشتری حتی ینقضی السکنی علی ما شرط و الاجارة قلت: فان ردّ علی المستأجر ماله و جمیع ما لزمه من النفقة و العمارة فیما استأجره قال: علی طیبة النفس و یرضی المستأجر بذلک لا بأس «2» و الکلام فیه هو الکلام.

و منها ما رواه خالد بن رافع البجلی عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: سألته عن رجل جعل لرجل

سکنی دار له حیاته یعنی صاحب الدار فلمّا مات صاحب الدار أراد ورثته أن یخرجوه ألهم ذلک؟ قال: فقال: أری أن تقوّم الدار بقیمة عادلة و ینظر الی ثلث المیت فان کان فی ثلثه ما یحیط بثمن الدار فلیس للورثة أن یخرجوه و إن کان الثلث لا یحیط بثمن الدار فلهم أن یخرجوه قیل له أ رأیت إن مات الرجل الذی جعل له السکنی بعد موت صاحب الدار یکون السکنی

______________________________

(1) نفس المصدر الحدیث 25.

(2) الکافی: ج 7 ص 38 الحدیث 38.

الغایة القصوی فی التعلیق علی العروة الوثقی - کتاب الإجارة، ص: 229

______________________________

لعقب الذی جعل له السکنی قال: لا «1».

و الروایة ضعیفة بخالد مضافا الی أنّه لا یستفاد من الحدیث حقّ النقل لمن حبس له فالمتحصل ممّا تقدم أنّ هذه النصوص لا تفی بالمقصود و من ناحیة اخری انّ مقتضی الاصل الاولی عدم صحة ما یشک فی صحته و فساده فالنتیجة أنّ المتداول فی الخارج محکوم بالفساد.

______________________________

(1) نفس المصدر الحدیث 39.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.